عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 04-07-2012, 01:29 AM
أم كريم أم كريم غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

معنى كلمة قِبْطي

السؤال:
هل معنى كلمةقِبْطي: مصريٌّ أو مسيحيٌّ؟

وإن كان معناها: مصريًّا - كما قرأتُ - فهلنقولُ على مسلمي مصر: أقباطًا، أو لا نقول؟


الجواب:

الحمدُ لله،والصلاةُ والسلامُ على رسول الله - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]- وبعد:
فكلمة "قِبط" صورةٌ مختَصَرةٌمن لفظة "إِيجِيبْتُوس"Aegyptos، وهى لَفْظةٌ أَطْلَقَها البِيزَنْطِيُّون على أهلمصرَ، وهي مَأْخُوذة منَ العِبارة المِصْرِيَّة القديمة (حت - كا - بتاح) (Het - Ke - Path)، أو (ها - كا - بتاح)، أو (بيت - كا (روح) - بتاح)، وهو اسمٌ لِمَعْبدمِصْرِيٍّ قَدِيمٍ في مدينة "منف"، أو "ممفيس"، التى كانتْ عاصمة مصرالقديمة.

وقد حَوَّرَ الإغريقُ - ومِنْ بعدِهم البيزنطيون - نُطْقَ هذهالعبارة إلى "هي جي بنو"، ثم أضافوا حرف السِّين، وهو يُساوي الضَّمَّة فيلُغَتِهم، ويُضاف حرفُ السِّين دائمًا إلى نهاية الأسماء، وبِمُرُورِ الزَّمَنأَطْلَقُوا اسم "هيجبتس"، أو "إيجيبتوس"، ومنها جاءت كلمة EGYPT في اللُّغةالإنجليزيَّة، وفي باقي اللُّغات الأوربيَّة، مثل: اللُّغة الفَرَنْسيَّة L, EGYPTE، وفي الإِيطَالِيَّة: L, EGITTO، وفي الألمانية AGYPTEN:
وكلمةُ قبطيٍّشاعَتْ عندما كانتْ مصرُ تحت الحُكْم البِيزنطيِّ، وهذه الكلمةُ يُقْصَدُ بهاسُكَّان مصرَ مِن أهْلِها الأصليينَ، مهما اختلفتْ دِيانَتُهم.

وما يَسْعىإليه البعضُ مِن تخصيص هذا الإطلاق على نصارى مصرَ، يُخالِف الحَقِيقةَالتَّاريخيَّة المُثْبَتة لِمَا ذَكَرْنا؛ وإنما كان هَدَفُهم من ذلكَ إثباتُ أنَّالمُسلِمينَ غزاةٌ مُحْتلُّونَ، اغْتَصَبُوا مصرَ منَ النَّصارى.

وحقيقةُالقولِ: أنَّه عندما فَتَح المُسلمونَ العربُ مصرَ، كان معظمُ المِصْريينَ نصارى؛نتيجةً لأنها كانتِ الدِّيانة الرَّئيسة في مصر قبل دخول الإسلام فيها؛ وكنتيجةٍللاحْتِلال الرُّومانيِّ، الذي كان يُجْبِرُ شَعْبَ مصرَ على اعْتِناقالنَّصْرانيَّة؛ حيث كانوا يَرْسُفُون في أغلالِ الاحتلال الرُّومانِي وضَرَائِبهوقَسْوَتِه.

ويُثْبِتُ الذي ذَكَرْناهُ ما تَنَاقَلَتْهُ كُتُب اللغة،ومعاجمُها المُعْتَمَدة:
قال الفَرَاهيدي في "العين": "القِبْط: أهلُ مِصْرَوبُنْكُها - أَي: أَصلُها وخَالِصُها - والنِّسبةُ إليهم: قِبْطيٌّ،وقِبْطيَّة".اهـ.
وقال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة": "القِبطُ: أهلُ مصر،والنِّسبة إليهم قِبطيٌّ".اهـ.
وقال الصَّاحب بن عَبَّاد في "المحيط فياللُّغة": "القِبْطُ: هم بُنْكُ مِصْرَ، والنّسْبَةُ إليهم قِبْطِي".اهـ.
وقالابن دُرَيد في "جمهرة اللُّغة": "والقِبْط: جيلٌ منَ الناس معروفٌ".اهـ.
وقالالجوهري في "الصِّحاح": "القِبْطُ: أهل مصرَ".اهـ.
وقال الأَزْهَرِي في "تهذيباللغة": "قال اللَّيث: القِبطُ: هم أهل مصرَ وبُنْكُها، والنِّسبة إليهم: قِبْطِيٌّ".اهـ.
وفي "لسان العرب"؛ لابن منظور: "والقِبْطُ: جِيل بمصر، وقيل: همأَهْلُ مصر وبُنْكُها، ورجل قِبْطِيٌّ".اهـ.

هذا هو معنى القبط، أمانَسَبُهم، فكما قال الزَّبِيدي في "تاج العَرُوس": "واخْتُلِفَ في نَسَبِ القِبْط،فقِيلَ: هو القِبْطُ بنُ حَام بن نُوح - عليه السلام - وذَكَر صاحبُ الشَّجَرَةِأنَّ مِصْرَايِم بن حام أَعْقَبَ من لوذيم، وأَنَّ لوذيم أَعْقَب قِبْطَ مِصْرَبالصَّعِيدِ، وذَكَرَ أَبو هاشِم - أَحْمَد بنُ جَعْفَر العَبَّاسي الصَّالِحِيّالنَّسَّابَة - قِبْطَ مِصْرَ في كِتابِه، فقال: هم وَلَدُ قِبْط بن مِصْرَ بنِقُوطِ بنِ حام، كذا حَقَّقَهُ ابنُ الجَوَّانِي النَّسَّابَةُ في "المُقَدِّمةِالفاضلِيَّةِ"، وإِليهم تُنْسَبُ الثِّيَابُ القُبْطِيَّة بالضَّمِّ، على غَيْرِقِيَاسٍ".اهـ.

هذا هو معنى كلمة قبطي في الأصل، وهذا هو نسبهم، وإنماذكرناه؛ لِتَبْيينِ لنا حقيقة تاريخيَّة، يُريدُ البعض أنْ يَطْمِسَها، أويُشَوِّهَها، أو يُغَالِط فيها؛ لِيَتَوَصَّلَ بذلك إلى إثبات أنَّ هُويَّة مصرَنصرانيَّة في عقيدتِها وشريعتها، مع أنَّ الأدِلَّة تُنادِي بِخِلافِذلكَ.

ومع هذا فقد دَرَج عُرْف الناس في العُصُور المتأخرَّة على تخصيصنَصَارَى مصرَ بهذه اللَّفْظة، بحيثُ إذا قيل: القبطي، فَهِمَ السَّامعُ أنالمُتَكَلِّمَ يَقْصُدُ بها النصراني من أهل مِصْرَ، واشْتُهرَ ذلك بين كثيرٍ منَالناس، حتى أصبح التَّفْريق فيها بين الصَّواب والخطأ عزيزًا، لا يعلمُه إلاَّطائفةٌ محدودةٌ منَ الناس، وقد درج على هذا النَّقل العُرْفي لمعنى الكلمةالفَيُّومِيُّ؛ حيث قال في "المصباح المنير": "القِبْطُ - بالكسر -: نصارى مصر،الواحد: (قِبْطِيٌّ)، على القياس".اهـ.

لكن واضعي "المعجم الوسيط" أرادُواأن يَزْدَادَ الأمر وضوحًا، فَجَمَعُوا بين المعنيينِ: اللُّغويِّ والعُرْفِيِّ؛لِيَتَنَبَّه الناسُ للحقيقة الثابتة، مع إحاطتهم بالمعنى العرفيالمشهور.

جاء في "المعجم الوسيط": "القِبْطُ: كلمةٌ يونانيَّة الأصل، بمعنىسُكَّان مصر، ويُقْصَد بهم اليوم المسيحِيُّون منَ المصريينَ، جمعها: أقباط".اهـ.

بَقِيَ بعد ذلك أن نُبَيِّنَ حُكْمَ تخصيص النَّصارى من أهلِمصرَ بهذا الاسم، وحُكْمَ إِطْلاق هذا الاسم على أهل مصرَ جميعًا.

والجوابُ: أنَّ هذه الكلمة: "القبطي"، صارَتْ كلمةً مُشتركةً، تُطْلَقُ على صِنْفَيْنِ مِنبني آدم: المصريينَ جميعًا، ونصارى مصر خاصة، وذلك عند طائفةٍ من المُثَقَّفينَوالمُتَعَلِّمينَ، وصَارَتْ ذات معنًى واحدٍ عند عوامِّ الناس ودَهْمَائِهم، فلايُفْهَمُ منها لدى العوام سِوى نصارى مصرَ.

ولَمَّا كان اللَّفْظُمُشتَرَكًا عند البعض، وموهِمًا عند البعض الآخر، كان الراجحُ مِن جهة النَّصوالعقلِ: أنَّ المسلمَ المصريَّ لا ينبغي له أن يقول عن نفسه: إنه قبطي، ويَقْتَصرُعلى ذلك؛ إلاَّ إذا كان السامع يَفْهَمُ ما يَقْصُد مِن قوله، وهو أنه مسلم، ينتمِيإلى أصول مصريَّة، أو يُتْبِع ذلك بقوله: مسلم، فيقول: قِبْطي مُسْلم؛ وذلك لِغلبةِالعُرف في استعمال هذه الكلمة عند العوام، بِخُصُوص النَّصرانيِّ المصري، والحقيقةُالعُرفيَّةُ إذا غَلَبتْ في الاستعمال، قُدِّمَت على غيرها منَ الحقائقالأخرى.

وقد نَهَى الله - تعالى - المُؤمنينَ عن مُشابَهَة الكافرين فيالنُّطق بِبَعض الكلمات المشتَرَكة في المعنى، المُتَّحِدة في اللَّفظ؛ وذلكفِرارًا من هذا المعنى المُوهِم، وهذا مِن كمال الوَلاَء والبَرَاء، وما نحنبِصَدَدهِ أَوْلَى من ذلك؛ لأنَّ اللَّفظة التي نَتَكَلَّم عنها صارَتْ عند جمهورالناس منَ الألفاظ الخاصَّة بِغَير المسلمين، وليستْ مشتركةً فحَسْب، كمايَفْهَمُها كثيرٌ منَ المُثَقَّفينَ والمُتَعَلِّمينَ.

قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَاوَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 104]، قال الحافظ ابن كثير (1/148): "نَهَى الله - تعالى - عبادَه المؤمنينَ أن يَتَشَبَّهُوا بالكافرينَ فيمقالِهم وفعالِهم؛ وذلك أنَّ اليهودَ كانوا يعانونَ منَ الكلام ما فيه تورية؛ لِمَايقصدونه منَ التَّنقيصِ - عليهم لَعَائنُ الله - فإذا أرادوا أن يقولوا: "اسمعلنا"، قالوا: "راعنا"، ويورون بالرعونة؛ كما قال - تعالى -: {مِنَ الَّذِينَهَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَاوَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْوَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْوَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُبِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 46].

وقال شيخُالإسلام عند هذه الآية ما مُخْتَصَره (ص: 22):
"
قال قتادة وغيره: كانتِ اليهودتَقُوله استهزاءً، فَكَرِهَ اللهُ للمؤمنينَ أن يقولوا مثل قولِهم، وقال أيضًا: كانتِ اليهودُ تقول للنبي - [IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/Mahmoud/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/07/clip_image001.gif[/IMG]-: راعنا سمعكَ، يستهزِئُون بذلك، وكانتفي اليهود قبيحة، فهذا يُبَيِّنُ أنَّ هذه الكلمة نُهِيَ المسلمونَ عن قولها؛ لأناليهود كانوا يقولونها، وإن كانت منَ اليهود قبيحة".اهـ.
التوقيع

https://www.facebook.com/salwa.NurAl...?ref=bookmarks

رد مع اقتباس