عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 12-28-2009, 10:57 PM
أم سلمى أم سلمى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

هذا الحديث فيه قضايا مهمة وسنقسمها إلى عدة وحدات :

الوحدة الأولى : فيما يتعلق بخلق الإنسان :
هذا الحديث يدل على أن الجنين يمر بعدة أطوار :
1)النطفة ( الماء ) عندما يلتقى ماء الرجل بماء المرأة ويأذن الله سبحانه وتعالى بأن يتكون جنين من إلتقاء الماءين ، وحينئذٍ تبدأ الأربعين يوم الأولى
2)ثم يتحول هذا الماء إلى دم لمدة 40 يوماً أخرى
3)ثم يتحول هذا الدم إلى العلقة ( قطعة اللحم ) 40 يوماً أخرى ثم يبدأ تكوين العينين والأُذنين ويبتبيّـن خلقه ... وبعد المائة وعشرين يوماً يُنفخ فيه الروح بإذن الله تعالى
وهذه الأطوار ذكرها أيضاً ربنا جل وعلا فى سورة المؤمنون {ولقد خلقنا الإنسان من سلالةٍ من طين ثم جعلناه نُطفةً فى قرارٍ مكين ثم خلقنا النُطفة علقة فخلقنا العلقة مُضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} سلالة من طين : هذا أصل تكوين الإنسان عندما خلق الله آدم ، قرار مكين : الرحم
إذاً خلْق الإنسان لا يكون دفعة واحدة وإنما يمر بأطوار يُقدرها الله تبارك وتعالى لحكمة أرادها الله جل وعلا ظهر منها بعض هذه الحكم ولا زال خافياً شئ من الحِكَم

نفخ الروح :
متى يكون الجنين حياً ؟
ظاهر الحديث بعد 120 يوماً يُرسَل إليه المَلك فينفخ فيه الروح
بعد نفخ الروح هذا هو الحد الفاصل بين ما يجوز فيه إسقاط الجنين وما لا يجوز فيه إسقاط الجنين ، بعد 120 يوم لا يجوز بأى حال من الأحوال أن يُسقط الجنين .. لماذا ؟
لأنه أصبح كائن حى فلا يجوز إزهاق هذه الروح لأنه إزهاق لنفس عصمها الله سبحانه وتعالى .. وينبنى على هذا أنه إذا سقط بعد نفخ الروح فيه فإنه يُسمّى و يُغسّل ويُكفّن ويُصلى عليه ويُدفن فى مقابر المسلمين لأنه صار إنساناً
ومن هذا الحديث نعلم أن الله تبارك وتعالى إستأثر بعلم عدة أشياء منها علم ما فى الأرحام .
طيب :العلم الآن بعد فترة يستطيع أن يعرف ما فى رحم هذه المرأة هل ذكر أم أنثى ، فهل هذا يُنافي هذا ؟
ذكر أهل العلم أنه بعد نفخ الروح فإن ذلك لا يُنافى ، أما قبل نفخ الروح فلا يستطيع أحد أن يعرف .. أما بعد نفخ الروح فإن الله سبحانه وتعالى جعل الإنسان قادراً على أن يعرف ، فهو سبحانه وتعالى الذى قدّر أن يعلم الأطباء نوع الجنين وإن كان مشوه أو غير مشوه سوي أو غير سوي .. فكل شئ بقدر الله عز وجل ، وأطوار خلق الإنسان تدلنا على عظمة الخالق سبحانه وتعالى { فتبارك الله أحسن الخالقين }
لكن برغم علمهم نوع الجنين هل يستطيعون أن يعلموا رزقه ؟؟ هل يستطيعون أن يعلموا شقىٌ أم سعيد ؟؟ هل يستطيعون أن يعرفوا متى أجله ؟؟
كلا وألف كلا .. لا يعلم هذا إلا الله سبحانه وتعالى

الوحدة الثانية : القَــــدر :
بيّن النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الحديث أنه عند نفخ الروح يؤمر المَلك بكتابة أربعة كلمات :
1) رزقه 2) عمله 3) أجله 4) شقى أم سعيد ؟
هذا التقدير لكل إنسان ، وهذا من التقدير الخاص ،
وهناك تقديرات أخرى ، منها : التقدير العام :
فالله سبحانه وتعالى قدّر الأشياء قبل وقوعها ، وكتبها فى اللوح المحفوظ قبل خلق الناس كما جاء فى الحديث الصحيح : " إن أول ما خلق الله القلم فقال له أُكتب .. فقال : ما أكتب ؟ قال : أُكتب ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ""
فكل شئ فى هذه الدنيا مُقدر ، قد علمه الله سبحانه وتعالى ثم كتبه ثم شاءه ثم أوْجده ، فهى أربعة مراتب :
1) العلم 2) الكتابة فى اللوح المحفوظ 3) المشيئة 4) الإيجاد والخلق

وهناك تقديرات خاصة منها ما ذُكر فى هذا الحديث : لكل إنسان تقدير خاص أثناء نفخ الروح فيه
وهناك تقدير للسنة ، وهو ما يكون ليلة القدر ، قال تعالى { فيها يُفرق كل أمرٍ حكيم }
وهناك تقديرٌ يومي كما قال تعالى { كل يومٍ هو فى شأن }
إذاً هذه التقديرات التى يُقدّرها الله سبحانه وتعالى على عموم الناس
الخلاصة :
أن ما يعمله الإنسان وأن رزقه وعمره وأجله وشقاوته أو سعادته فى الدنيا والآخرة مكتوبةٌ عند الله سبحانه وتعالى
وهذه حقيقة يجب أن تستقر فى ذهن الإنسان تصديقاًَ لما جاء عن الله عز وجل ولما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

رد مع اقتباس