عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07-06-2015, 03:00 AM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي




استكمالًا لما سبق إيجازه
من ذكرياتِ ... شهر الخير .. شهر رمضان .. زماااان زماااااان

يظلُّ حديثنا معًا عن اللونين المتضادَّيْن:
الأبيـض
و الأســود

ويظلُّ الحديث أيضًا مرتبطًا بالقلوب وألوانها، طبقًا لأصنافها وأنواعها التي أفضلها وأنفعها قوله سبحانه:

{ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } الشعراء: 88 ، 89

قال الإمام البغوي رحمه الله:

( بقلب سليم )
أ
ي: خالص من الشرك والشك، فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد.
قال سعيد بن المسيب: القلب السليم هو الصحيح ، وهو قلب المؤمن لأن قلب الكافر والمنافق مريض. قال الله تعالى :
"في قلوبهم مرض" البقرة: 10،
قال ابن عثمان النيسابوري: هو القلب الخالي من البدعة المُطمئِنّ على السُنّة.
أ.هـ

رزقنا الله وإياكم بالقلب السليم في الدنيا ويوم العرض عليه سبحانه وتعالى.

فالقلـب السليم؛ سَالِمٌ مُعَافَى و القلـب السَّقيم؛ عَلِيلٌ مَرِيض

و شتَّــــــانٌ بيــــن هــــذا و ذاك!!
قَلْبٌ أبْيَـضٌ و قَلْبٌ أَسْــوَدٌ

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"
تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا ، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ ،
حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ؛
عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا ، فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ،
وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا ، لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا ، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا ، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ
" [1]

وقال صلى الله عليه وسلم:
"
إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ،
وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ:
{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} " [2]


قَلْبَيْــنِ مُتضَــادَّيْـــنِ
.............
أبْيَـــضٌ ؛ بإنكار الفتن والشهوات والإعرض عنها و أَسْـــوَدٌ ؛
مُشرَّبٌ بالفتن وحب الشهوات والإغراق فيها


أبْيَـضٌ و أسْــوَدٌ
طَـــاعَـــةٌ و مَعْصِيَةٌ
عملٌ
صالِحٌ و عَملٌ طَالحٌ
و بحسب العمل؛ فالإيمان
يــزيــد و ينقــص

ولايتحقق الإيمان إلا بالعمل، وأفضل الأعمال عند الله تعالى هي أعمال القلوب

فما أحوجنا جميعًا إلى زيادة الإيمان.. في شهر رمضان.. شهر الصوم والقرآن
نصوم فيه بقلوبنا، ونزداد في العمل الصالح بقلوبنا، والأهم هو اغتنام أيام الخيرات في تدريب نفوسنا على أعمال القلوب، التي منها:

المحبة ، الإخلاص ، الإخبات ، التسليم ، الإنابة ، الخشية ، الخشوع ، التوكل...

ولنتعرف أكثر على ما يتعلق بصوم القلب، وللفائدة؛
يرجى قراءة هذا الموضوع وباقي الملحق به، على موقع إسلام ويب:
هنــا






والآن، وبعيدًا عن أحد الضدَّيْن من الألوان؛ فلنترك الحديث عن اللون الأسود، ونجعل كلامنا عن اللون الأبيض كأفضل عنوان..
فالأبيض إشراقةٌ للنفوس وإشراقات، يأملها كل عبد في شهر الخيرات والبركات
والأبيض ضياء للقلب ونور، يسعى له كل عبد شكور، يرجو رحمة ربه الرحيم الغفور


الآن، وبعد ما مضى من أيام وليالي رمضان؛ فلنحرض كل الحرص على اغتنام ما بقي من شهر القرآن

ومن هنا أنصح نفسي أولا ثم أنتم -أعزَّكم الله جميعًا- بالتمسك بكل دقيقة من الوقت في طاعة وعبادة وتقرب إلى الله تعالى بخصال الخير،
ولنحرص جميعًا على تجديد العهد والنية الخالصة لله تعالى أن نخرج من شهر رمضان بنفس الهِمَّة والعزيمة، وأن نضع أمام أعيننا وفي قلوبنا
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديثين السابقين

ابحثوا عن مواضيع ومحاضرات أعمال القلوب واقرأوها جيدًا، واجعلوا لأنفسكم برنامجا تدريبيا على تحقيق أعمال القلوب،
اجعلوا هدفكم في الحياة الدنيا هو سلامة قلوبكم يوم العرض على ربنا تبارك وتعالى
أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، واعلموا أن الحياة الدنيا مهما بلغنا فيها من تحقيق آمالنا الدنيوية فهي زائلة لا محالة ولا قيمة لها!

ومع اقتراب العشر الأواخر وتحرِّي ليلة القدر -رزقنا الله وإياكم بقيامها إيمانًا واحتسابًا لننال أجرها-، أهمس في أذن كل باغٍ للخير:
لا تجعل الدنيا أكبر همِّك في دعائك، واجعل همَّك كله في الدعاء بطلب العفو، كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فمن ذكرياتي
في مرحلة شبابي مع رمضان زمان من غير ألوان، أعرض عليكم هذه الهمسة للتذكرة والنصح لله سبحانه..
ففي أحد ليالي شهر رمضان الوترية، وفي الثلث الأخير من الليل، حيث سواد السماء يتخلله بياض بعض السحب
(
أبيض و أسود) أيضًا،
التمست ليلة القدر، فأُريتها بتوفيق الله لي، واجتهدت في الدعاء بين النقيضين؛ طلب للدنيا وطلب للآخرة، متطلعًا إلى السماء بين وقت وآخر..

أما طلب الآخرة؛ فهو ماورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:
اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي، وهذا طلب يرجوه ويأمله كل عبد،
لكنَّ طلب الدنيا كان للدنيا فقط!
طلبٌ اجتهدت فيه لشدة تعلق قلبي به
، فاستجاب الله لي من فضله، إلا أنني لم أقوى على بذل المجهود للمحافظة عليه!!

ضاع مني ماتمنيته وحققه الله لي، بسبب أعباء العمل وضغوطه اليومية، فأدركت وتعلمت جيدًا حقيقة الأمر..
أنَّ الدعاء والطلب والرجاء من الله تعالى في أمر دنيوي مشروع لا غُبار عليه، بل نحن مُطالبون به؛ لكنَّ التعلق الشديد بأمور الدنيا لا يصِحّ!






رمضان زمان من غير ألوان
و رمضان الآن بكــل الألوان
ويظل اللونان هما العنوان
أبْيَـضٌ
و أسْــوَدٌ
تعلقٌ بالآخرة
و تعلقٌ بالدنيا

ومقياس العنوان هو التلفاز؛ ليس لأهميته، بل لشدة خطورته ..
زمــان
و الآن
أبيض وأسود زمان و كل الألوان الآن

فالهدف واضح من زمان .. بتكثيف الإلهاء في رمضان؛ لكنه ازداد وضوحًا الآن، مع تلوّن الشياطين بكل الألوان
شياطين من الإنس، أشكال وألوان، هدفهم واحد في فتنة الناس وإغوائهم، يفخرون بأنهم فنَّانون مُفتِنون ضالّون مُضِلّون، ويظنُّون أنهم مُبدعون!
لكنهم أفَّاقون مُنافقون، يُرائون ويخدعون..
أصيبوا بعمى الألوان، فلم يعودوا
بين الحق والباطل يُميّزون أو يُفرقون؛ فأصابهم الله بسواد قلوبهم، وصاروا تائهون!!

فهل نُصاب بعمى الألوان نحن أيضًا ، و لا نُميّز بين الألوان في هذا الزمان؟!

أيليقُ بنا أن ننساق وراء من جاهروا بالعداء الصريح للإسلام، ونتابع أعمالهم المنحرفة عن مبادئ الدين الحنيف،
وعن الأعراف التي كانت سائدة بيننا؟!


بالله عليك يا من تعلق قلبك بالتلفاز وهؤلاء، بعدما عرفت حقيقتهم، وشاهدت أعمالهم الحقيرة الساقطة
هل مازلت تقبل على نفسك مشاهدة أعمالهم، في رمضان وفي باقي أشهر العام؟!!


أبْيَـضٌ
و أسْــوَدٌ
تعلقٌ بالآخرة
و تعلقٌ بالدنيا
إِغْتِنَـامٌ للوَقْتِ وانْتِـهــازٌ لِلْفُرْصَـة ، أو اسْتِهَانةٌ بالْوَقْتِ وإِهْمالٌ لِلْوَاجِب

فلنجتهد جميعًا إن شاء الله على اغتنام كل أوقاتنا في الأيام والليالي القادمة، وبخاصة في الليالي، حيث الدعاء مع القيام وتلاوة القرآن
وفقنا الله وإياكم لبلوغ ليلة القدر وقيامها إيمانًا واحتسابًا، وجعلنا وإياكم من عتقائها من النار،
وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال




__________________________
[1] رواه الإمام مسلم في صحيحه-رقم: 144، من رواية مُطَوَّلة ذكر فيها:
وقال: قَالَ أَبُو خَالِدٍ: فَقُلْتُ لِسَعْدٍ: يَا أَبَا مَالِكٍ ، مَا أَسْوَدُ مُرْبَادًّا ؟
قَالَ: شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ ، قَالَ : قُلْتُ: فَمَا الْكُوزُ مُجَخِّيًا ؟ قَالَ: مَنْكُوسًا.
[2] رواه الإمام الترمذي في سننه- رقم: 3334، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ


التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس