عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-08-2008, 05:15 PM
أبو الحارث الشافعي أبو الحارث الشافعي غير متواجد حالياً
.:: عفا الله عنه ::.
 




افتراضي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ثم أما بعد ...

ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" لا تسافر المرأة يومين من الدهر إلا ومعها ذو محرم منها أو زوجها "

وعند مسلم من حديثه أيضا رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر سفرا يكون ثلاثة أيام فصاعدا
إلا ومعها أبوها أو ابنها أو زوجها أو أخوها أو ذو محرم منها "

وعليه فلا بأس بسفرك هذا إذا كان مع ابنك البالغ المُميِّز ،
إذا كان وجوده سيدفع عنك تطلعات الرجال وتربصهم ،
فإذا لم يتحقق ذلك فلا يجوز لك السفر إلا مع زوج أو ذي محرم يكون قاطعا لتطلعات الرجال وتربصهم بكِ ،

فإذا كان الغالب على أهل هذا المكان العمل بمعصية الله ،
كتعري النساء وتكشفهن أمام الأجانب فلا يجوز السفر إليه بحال من الاحوال ،



فروىالإمام مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلىالله عليه وسلم قال :
" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ،
فإن لم يستطع فقلبه وذلك أضعف الإيمان "


قال ابن رجب رحمه الله في " جامع العلوم والحكم " :
( فتبين بهذا أن الإنكار بالقلب فرض على كل مسلمفي كل حال ،
وأما الإنكار باليد واللسان فبحسب القدرة )

فإذا تبين أن إنكار المنكر بالقلب فرض على كل مسلم في كل حال
فاعلمي يا رحمك الله أن تغيير المنكر بالقلب يستلزم هجرانأماكن المنكر والبعد عن أهله ،

قال تعالى : " واللذين لا يشهدون الزور وإذامروا باللغو مروا كراما "


قال الحسن البصري حمه الله : اللغو : المعاصيكلها ،
قال القرطبي رحمه الله في " الجامع " :
( وهذا – أي : قول الحسن - جامع ،
و "كراما " : معناه معرضين منكرين ، لا يرضونه ، ولا يمالئون عليه ، ولا يجالسون أهله)

وقال هبة الله الطبري رحمه الله :
( وإذا خالط أهل المعروف أهلالمنكر بغير إنكار عليهم كانوا كالراضين به ، المؤثرين له ،
فنخشى من نزول سخط اللهعلى جماعتهم فيعم الجميع ، نعوذ بالله من سخطه )
نقله ابن القيم رحمه الله فيأحكام أهل الذمة .

وقال تعالى " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آياتالله يكفر بها ويستهزأ بها
فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم "

قال القرطبي رحمه الله :
( فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذاظهر منهم منكر ؛
لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم )


ثم قال رحمه الله :
( فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء ،
وينبغي أن ينكرعليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها ،
فإذا لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أنيقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية )

وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره :
( قال ابن عطية رحمه الله :
والإجماع منعقد على أن النهي عن المنكر فرض لمنأطاقه وأمن الضرر على نفسه وعلى المسلمين ،
فإن خاف فينكر بقلبه ويهجر ذا المنكرولا يخالطه ) اهـ


وأما فيما يتعلق باجتماع الأسرتين في منزل واحد ،
فاعلمي رحمنا الله وإياكي أن النساء قد أُمِرْن بإدناء الجلباب والاحتجاب
عند خروجهن من بيوتهن ،
وذلك في قوله تعالى :
" يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن
ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين "

وأُمِرْن بإرخاء السُتُر والكلام مع الرجال الأجانب من وراء حجاب في داخل بيوتهن ،
وذلك في قوله تعالى :
" وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن "

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع فتواه ( 15 / 448 ) :
( فآية الجلابيب في الأردية عند البروز من المساكن ، وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن )

ووجه التفريق بين الحجاب عند المخاطبة في المساكن والحجاب عند الخروج منها :
أن الغالب على المرأة في بيتها الابتذال ،
وعدم التحفظ في ستر يدها وقدمها وشعرها في معظم الأحوال ،
مع ما يصاحب ذلك من التنزل في القول والكلام ،
بخلاف خطابها في خارج بيتها مع عامة الخلق والأنام ،
ولما كان ذلك داعية إلى افتتان الرجال بالنساء أمر الله بارخاء الستور وإقامة الحُجُب
عند الكلام معهن للحاجة ، وبين جل وعلا أن ذلك أطهر لقلوبهم وقلوبهن ،

قال القرطبي رحمه الله في تفسيره :
( قوله تعالى: (ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)
يريد من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء ، وللنساء في أمر الرجال ،
أي : ذلك أنفى للريبة ، وأبعد للتهمة ، وأقوى في الحماية ،
وهذا يدل على أنه لا ينبغي لاحد أن يثق بنفسه في الخلوة مع من لا تحل له ؛
فإن مجانبة ذلك أحسن لحاله ، وأحصن لنفسه ، وأتم لعصمته.) اهـ

إذا تقرر ذلك فاعلمي رحمك الله أن اجتماع الأسرتين في بيت واحد إذا كان مصحوبا باحتجاب النساء عن الرجال ، مع عدم الكلام معهن إلا للحاجة ومن وراء حجاب فلا شيء فيه ،
إما إذا كان هذا الاجتماع مصحوبا بالاختلاط ، والتوسع في الكلام من غير حاجة فلا يجوز ،
لأنه ذريعة لإثارة الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء ، وللنساء في أمر الرجال .

هذا والله تعالى أعلى وأعلم .