عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 08-08-2008, 08:19 PM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

· اعلم تماماً أن دينك صلبه المعتقد ، وأن فائدة تعلم المعتقد ليس مجرد قضايا نظرية وليس مجرد قضايا كلامية بل هى سلامة قلب بها تنتظم فى صف الموحدين 0 وإن لم يكن إلا هذه الفائدة وأحقق السلامة التى جعلها الله سبحانه وتعالى شرط النجاة يوم القيامة حيث قال :
" يوم لا ينفع مالُُ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم " فهذه نعمة عظيمة جداً يسعى لها وإليها كل عاقل ويُبذل لها كل غالٍ فضلاً عن الرخيص 0لكن أضف الى هذه الفائدة فائدة أخرى وهى : -
أولاً : أن العبد بالعقائد ينتظم فى صف المؤمنين الموحدين - يحقق مقتضى سلامة القلب ويدخل فى الفريق الناجى 0
ثانياً : أنه لا صلاح للعبد فى مسالكه إلا بإصلاح تصوراته ، الذى يريد أن يكون صالحاً فهذا لا يكون " بالدروشة " ولا يكون بالتسبيح ( فهناك الكثير من الأمور التى يمكن أن يتصنعها الإنسان ويعملها بالقلب أو باللسان أو اليد ومع هذا لا تـُثمر فى قلبه زيادة إيمان ، ولا تـُصلح ما فسد فى قلبه من حب الدنيا أو النفاق أو رقة فى الدين أو غربة عن الارتباط بالآخرة 00) فأنت تعرف أنه من أعظم مقتضيات سعادة العبد ( ارتباطه بالآخرة ) فيكون ماشياً على الأرض وهو يحسب : هذا سيجعلنى أمام ربى (ناقص) ، وهذه ستجعلنى أمامه فى حرج شديد ، وهذا سيرضيه عنى ، وهذه ستجعلنى عند ربى 00 وهذه أجرها كبير جداً 00 وهذا ممكن أن يكفر من ذنوبى 00 الخ ماشى وكأنه يرى مقامه فى الآخرة 00 هذه الصلة بالآخرة يفقدها كثير منا 00 لماذا ؟ " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون " 00 فتراه يحب الآخرة ومؤمن بها - إيماناً مجملاً - وليس عنده شك أو ريب ، ولكن ليس هناك ارتباط 00 وهو يمشى فى الشارع ، وعند البيع والشراء ، وعند جماع الزوجة ، عند الطعام والشراب 00 ولكنه يتذكر الآخرة إذا رأى ميت أو رأى حادثة أو عندما يصاب بمصاب كبير ، أو عندما يحيط به خوف شديد أو كرب يلتف حوله .. أشياء من هذا القبيل تجعله يتذكر الآخرة... أما المؤمنين فمن أخص خصائصهم ومن أخص علاماتهم يقينهم وإيمانهم بالغيب 00 فعندما وصف الله تعالى المؤمنين فى تقسيمه للخلق فى أوائل سورة البقرة قال عز من قائل:
" ألـــم 0 ذلك الكتاب لاريب فيه هدىً للمتقين 0 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدىً من ربهم وأولئك هم المفلحون 00 " بدأ فى وصف المتقين 00 من هم ؟
المتقين وصف مجمل ، أعطى شياً من التفصيل لشأنهم مما يدل على وصفهم " الذين يؤمنون بالغيب " أول علامة بدأ بها : والغيب هو كل ما غاب عنك ، وجزء كبير منه " اليوم الآخر " : وبالآخرة هم يوقنون " بدأ بها وختم بها لأنها من أخص خصائص المؤمنون 00 لا يمكن أبداً أن ينصلح حالك إلا إذا ارتبطت بالآخرة : هذا يقول لك حرام عليك : فتمسك ، هذا يقول لك ينوبك ثواب : تجد نفسك أقدمت ، هذا يقول لك هذا فيه أجر : تجد نفسك تعمله 00 كل يوم ترتبط بالآخرة ، ولكن إذا غفلت عن هذا فستجد نفسك تخوض وتخوض حتى إذا ما أصابك أمر عظيم فتندم وتقول ياويلى لقد مكثت كذا سنة خربان ، إنما الارتباط بالغيب لا يمنع الخراب تماماً ويحولك ( مَــلـَــكْ ) ولكنه يعمل نوع من الجبر 00 حتى إذا خربت نصف ساعة فتكون النصف ساعة التى بعدها " أدفع بالتى هى أحسن "
" والذين إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا 00 " ، " والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا
أنفسهم ذكروا الله 00 "
الارتباط بالآخرة هو الذى يصنع هذا 0 فتمشى على الأرض وأنت تعد : ذهبت لدرس علم ، والعلم من أرفع العبادات به أزداد إيماناً - أحسن لى من قيام الليل - أحسن لى من صيام عام - يمكن أن ينصلح بذلك قلبى 00 يمكن أن يعمنى ربنا برحمة ويتغمدنى برحمة ويدفع عنى عذاب ، دائماً مرتبط بالآخرة 00 فالذى يرتبط بالآخرة يحسب كما يحسب التاجر مكسبه وأرباحه بالدرهم والدينار ، والذى يرتبط باليوم الآخر يحسب التسبيحة والتهليلة وغض البصر ، والكف عن السوء والتذكر بالآخرة ، ترك الظلم ، ترك المنكرات ، فعل البر ، فعل الطاعات ، دائماً يحسبها ويكرر وهو يومياً مرتبط ، حتى لو حصل ذلة ، حتى لو حصل كسرة ، حتى لو حصل غفلة : فلن يدوم هذا سنين 0

· إذن الثمرة الثانية : لا ينصلح حال العبد إلا بالمعتقد لأن المعتقد معناه استقرار المعانى العقدية فى القلوب 00 هناك آخرة 00 هناك يوم حساب 00 الميزان بمثاقيل الذرة 00 الكلمة ستحاسب عليها ، الغلطة ، الغضبة ، الغفلة، ستحاسب عليه والبر محسوب لك والخير والكلمة محسوبة لك 00 هذا يصلحك ، ولا تكون مجرد لحظات تقليد للخير00لا00
بل يكون صلاح داخلى يصلح نفسك وينتقل معك الصلاح إلى الغير ، حتى أنك تصلح نفسك وتصلح غيرك كما قال ربنا عز من قائل : " ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إننى من المسلمين 00" الآية بدأت بالأعلى إلى الأدنى فالترتيب يكون:
(1) أسلم : " إننى من المسلمين "
(2) حسُن إسلامه وصلح قلبه " وعمل صالحاً "
(3) لما أدمن الصلاح أثر فى الآخرين " دعا إلى الله " أصبح همه ومناه أن يصلح غيره ، التحى فيتمنى لغيره أن يلتحى ، صلى فيتمنى لغيره أن يصلى ، استقام على الصدق يتمنى لغيره أن يصدق ، ترك الحرام واستقام على الحق والحلال يتمنى غيره أن يهتدى ممن يشابهه أو ممن كان يفعل مثل فعله00 فثمرة تعلم العقائد تتلخص فى هذين :
1) الانتظام فى صف أصحاب العقائد ، وفى نفس الوقت
2) ينصلح حالك وتستقيم أمورك 00 فلابد أن تعرف أن سلامة المسلك فرع عن سلامة التصور 00 فإذا أعتقد شخص ما أن هذا الحجر ينفع أو يضر وأنه لو تمســّـح به نال البركة ( من غير أن يقول له أحد ) ستجده يجاهد ويحاول بكل طريق أن يتمســّـح به ويجاوره ويلتصق به 00 وإذا شخص آخر أعتقد أن هذا الحجر مجرد حجر لا ينفع ولا يضر أنه شأن أى حجارة ملقاة سيمر عليه لا يلتفت إليه ولا يتعلق به وغير ذلك 00
· ما الفرق بين الشخصين ؟ ما عندهم من تصور 0 من معتقد 00 مع الجهل والغفلة والتلبيس ممكن أن يتسرب إليك عقائد باطلة ( مثلاً بأن هذا الولى بركة ونفسه طاهر ويشفع عند رب العالمين وأن هؤلاء الأولياء قد أختارهم الله واصطفاهم ) وكثير من العقائد الباطلة التى ما أنزل الله بها من سلطان 00 وهذا هو الذى يدفعه بشدة أن يشد إليها الرحال وينفق من أجلها الأموال ويصبر على المعاناة فى الموالد ويبيت فى الطرقات ، كل هذا يفعله وهو فى تصوره أن هذا مجلبة للبركة وسبب لشفاعة (الولى أو المقبور ) عند الله 0 هذا تصوره ، فى حين أن الشخص الآخر يستخفّ بهذا الكلام ويحتقر هذه الأمور ويسخر من فاعليها 00 لماذا ؟ لأنه مؤمن حقاً ، مؤمن بحق ، عقيدته حق ، ويعرف أن هذه الأمور تحدث بسبب الجهل وما أنزل الله بها من سلطان 00 وما جعل الله هذه قربات ، وما جعل رضاه يُنال بهذه السـُـبل 00 فيسخر 00 فترى شخص هيموّت نفسه حتى يعملها بجهله وغفلته وسؤ معتقده ، وترى الآخر يسخر منها وينأى عنها وينهى عنها ولو استطاع أن يمنع فاعليها لفعل 00
سبحان الله : الاثنين مسلمين أو منتسبين للإسلام أو الاثنين بيتصرفوا باسم الإسلام : الفارق بينهما العقائد التى فى القلوب ، العقائد تحكم التصرفات لا إرادياً ، ولذلك كانت دعوة النبى صلى الله عليه وسلم لإصلاح أمة الإسلام ولإصلاح الصحابة - قبل أن يصبحوا صحابة -
· لم يعالجهم بأوراد التسبيح ، ولم يعالجهم بأوراد التهليل والذكر بأن يكرروا سبحان الله 7000 مرة أو يقولوا : اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد 700 مرة أو ما شابه ، إنما ظل يربى فيهم إصلاح التصورات فى مقابل التصورات التى كانت موجودة فيهم مما ورثوه عن الآباء والأجداد ، ناس كان ماءهم الخمر ، وكانت سلواهم الزنا ، وكان مالهم الربا وعبادتهم للأحجار والأشجار يسجدون لها ويتقربون إليها بكل ما يستطيعون 00 كان تحاكمهم إلى الجبت والطاغوت وكانت أعمالهم كلها باطلة على تمام البطلان كلها كفر وشرك وليس مجرد بدع ، وبعض معاصى ، وبعض ضالات يسيرة 00 لا 00 قمة فى الباطل والعياذ بالله 00 لم يصلحهم بأوراد ولم يصلحهم بتسابيح ولا بتلاوات ولا بأعمال جارحية 00 ولا بكثرة صيام وصلاة 00 فالصلاة لم تكن هى البداية 00 لكن أصلحهم بالمعتقد 00
{ ظل ثلاثة عشر عاماً يدعوهم للعقيدة ويصلح فى تصوراتهم ويربطهم باليوم الآخر } إذن مسألة زيادة الإيمان ونقصانه مسألة عقدية الفائدة فيها :
أ ) فائدة تعلم ذلك وأننى أنضبط فى صف الموحدين أصحاب العقيدة الحق 0
ب) إذا عرفت أن الإيمان يزيد فأجاهد نفسى فى زيادته ، وإذا وجدت أن حالى ردئ أعرف أن هذا ترجمة لما عندى من إيمان { الإناء ينضح بما فيه } اعلم أن قلبك لو علا إيمانه لانعكس ذلك فى إيمانك شئت أم أبيت 00 لأن المرء بأصغريه ، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول :" ألا إن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله" وعلماء اللغة يقولون إذا سقطت الأداة يدل على لزوم الترتيب وليس هناك أى احتمالات : إذا صلحت : صلح الجسد وليس إذا صلحت سيصلح الجسد / ثم ينصلح الجسد / فينصلح الجسد ليس هناك أداة وهذا يدل على التلازم 00 وكل إنسان فطن يعرف قيمة دينه يبحث عن نجاته عند ربه لابد أن يصلح من نفسه من موطن الإصلاح ألا وهو القلب 0 وصلاح القلب هو : انتظام القلب على المعانى العقدية التى بسط الله بيانها فى الكتاب والسنة 0 والله عندما أثنى على المؤمنين جعل من أخص علاماتهم : " يحبهم ويحبونه 00 أذلة على المؤمنين 00 أعزة على الكافرين 00" الله يعلمنا الحق " يقول الحق وهو يهدى السبيل " إن تعلمك لدينك لتنجو هو الهدف الأساسى ، فعندما يغيب شرع الله وتعلوا الجاهلية ويعلو الباطل تكون وكأننا فى طوفان 00 كأننا فى محيط 00 كأننا نغرق وكل إنسان عند الطوفان وعند الغرق يبحث عن أى قشة يتعلق بها فعند الغرق لا يفكر المرء فى طعام يحبه أو ملابس يلبسها 00
عندما تعلو يعلو الحق
· الحق فى ذاته علىّ لأنه من عند الأعلى سبحانه وتعالى ، ولكن فى نفوس الناس يرخص وتصيبه الغربة بسبب قلة الأتباع ، وأصبح تعامل الناس معه بنظرة ( تدنية ) وليس نظرة شرف ، وهناك أمور مستقرأة دليل غربة الإسلام دليل دنو الحق فى نفوس الناس حتى أنه صار الحق ( جرم ) فأنت تخاف أن تلتحى لأن الظروف المحيطة بك تحاربك 00 فالغرق ينذر الفرد لأن ينجو 00 وإياك أن تفكر أنك ستنجو على مفهوم الدعاة الذين رخصوا الإسلام أو على مفهوم أننا كلنا سواسية ووحدة وطنية ، هذا لا ينجى إنما يزداد به العبد غرقاً 00 هذا كأنك ترى كرة حديدية تنزل ومتعلق بها سلسلة فتتعلق أنت بالسلسلة فطبعاً سيكون مصيرك أن تنزل فى القاع ، لكن النجاة تكون على السبيل الذى رسمه الله تبارك وتعالى 0 والله تعالى رسم سبيل النجاة فى قوله :
" تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون فى سبيله بأموالكم وأنفسكم "
ولا يمكن أن يكون هناك سبيل آخر للنجاة غير هذا 00 عقيدة 00 ومجاهدة 00 وكل مدافعة مع الباطل مجاهدة 0 أنت الآن تجاهد رغم عدم وجود الكرّ والفرّ والعسكر وليس معك سلاح ولكنك تجاهد دون دينك 00 دون نفسك 00 تجاهد دون عرضك 00 يريدون أن يجعلوا إبنتك متبرجة ، يريدون أن يجعلوا زوجتك خائنة ، يريدون أن يجعلوا ابنك مدمن ، يريدون أن يجعلوا أختك فاجرة 00 وأنت تجاهد : تصرخ وتضرب وتنصح ، هم يجتذبوهم من ناحية وأنت تجذبهم من ناحية أخرى 0 مجاهدة فليس الجهاد فقط بالسلاح ( وطبعاً هذا قمة الجهاد ) ولكن كل مناصرة للحق ومنافحة ، وكل بذل فى الطاعة يسمى مجاهدة ، لذلك قال تعالى :
" إصبوا وصابروا ورابطوا 000 " كل هذه مقتضيات مجاهدة ، كلها مقتضيات صبر ومصابرة ورباط..
إذن العبد يتعلم الحق ليثمر 00
· يقول فى الكتاب : " إذا كان ظاهر النصوص يدل على زيادة الإيمان ونقصه فلا داعى للخروج عن هذا الظاهر " بعد أن تكلم عن الفارق بين مفهوم أبو حنيفة وغيره ، مفهوم المرجئة عموماً وغيرهم
· فلا فائدة من التأويل ولا ثمرة فى الخلاف - على أن الأمر أهم من ذلك { والأولى أن يقول : على أن ما يتفرع من ذلك } أن يتعهد المؤمن إيمانه ويحاسب نفسه فيه إن كان زاد أو نقص وأن ينظر فى أسباب نقصانه إن كان نقص فيتحاشاها ويبتعد عنها ويلتمس أسباب الزيادة والنماء وصلاح القلب كما كان يفعل الصحابة رضوان الله عليهم : معاذ بن جبل - علم من أعلام الصحابة وعالم من علماء الصحابة ، فالصحابة فيهم علماء بالنسبة لبعضهم ، ولكنهم كلهم علماء بالنسبة لنا فليس كل الصحابة كأبى بكر أو عمر بل كان منهم الصفوة وفيهم الأقل - كان له صاحب يسمى الأسود بن هلال كان يقول له : اجلس بنا نؤمن ساعة : إذن هم كانوا يعلمون أن الإيمان ينقص ولابد من دفع النقص بالزيادة ، وأن الإيمان ليس ( لزقة بغراء ) تلتصق بالجلد ، وإنما هو فى ذهابه كالريح ، وفى الإتيان به كالإتيان بالوحوش الضارية 00 فأنت تحتاج طاعة هذه الطاعة فيها إخلاص وليس فيها شوائب ، خالية من الرياء ، خالية من المبطلات ، خالية من شبهة نقص العمل ، فيها مقتضى قبول عند الله تعالى حتى يورثك بها نور فى قلبك 00 فالقلوب الى الله ويملكها الله : أنا أصلى وأصوم وأذكر وأتفكر فى خلق السموات والأرض وأتفكر فى الغيب ، كل هذا حتى ينور قلبى ، وأنا أرفعها إلى الله عز وجل حتى يعطينى من رفعها ( عطاء ) يعطينى نكتة بيضاء فى قلبى ، فالذى ينكت القلوب البيضاء هو الله سبحانه وتعالى ، وأنت تصلى أو تصوم أو تتصدق أو تذكر بالحق أو تذكر بالعظيم أو تفعل من البر : لابد أن تعرف أنك تصطاد أسد من الغابة ، فلابد أن تكون صياداً ماهراً 0
· فالإنسان يمكن أن يتعاطى عبادة يمكن أن تسبب له سواد فى قلبه بسبب دخول شيء من الكبر أو العجب معها أو أن يصاحبها قدر من الرياء ، هذه الطاعة تكون سبب فى سواد وليس تبييض القلب ، نسأل الله العافية والسلامة 00 أنظر واحد من علماء الصحابة يقول ذلك ، وغيره كثير من الصحابة : كان بن مسعود يجتمع بأصحابه يقول : " نجلس نزداد إيمان " ثم يقول :
· ومن أهم أسباب زيادة الإيمان ما يلى : -
أولاً : العلم : فإن الاستزادة منه سبباً فى زيادة اليقين والمعرفة 00 قال جندب بن عبد الله بن عمرو وغيرهما : تعلمنا الإيمان ، تعلمنا القرآن ثم تعلمنا القرآن فزدنا إيماناً 00
والمقصود فى هذا المقام العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله وآياته سبحانه وتعالى 00 والعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الأخلاق والمناهج والتشريعات وسيرته فى عبادته وجهاده ومعاملاته ، والعلم بكتاب الله وما فيه من الأخبار والأمثال والحكم والعبر والفرقان 00
لابد أن تعرف : الدين أصلاً عبارة عن ملومة 0 ما هو الدين ؟ الدين الآية والحديث 0 فالدين ليس مشروب أو مأكول أو ملبوس ولا خشب ولا حديد ولا ذهب ولا فضة ، إنما هو عبارة عن معلومات 0 فعندما أريد زيادة دينى - والدين عبارة عن علم - وكلما أراد الإنسان أن يستزيد من دينه فليبدأ من الاستزادة من مكونه وهو العلم ، فكلما حصـّـل العبد العلم كلما حصـّـل فى قلبه كثير من مقتضيات الدين سواء تعلقت هذه المقتضيات بشأن رب العالمين فى العلم به وبربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ، أو التعلق باليوم الآخر أو بالعبادات 00 أو تتعلق بالحلال والحرام فى المعاملات .. المهم كلما حصـّـل كلما وقف على مقتضى الدين0 إذن البداية بالعلم لأن العلم يجعلك ترى حقيقة الدين ، المقرب إلى ربه الذى يريد أن يُرضى ربه لو لم يكن عنده المعلوم الذى من خلاله يعرف ما يُرضى الله ومالا يرضيه : قد يذهب ليُرضى الله عز وجل فيغضبه : فيبتدع أو يُحدث فى الدين ما ليس منه ، أو يقول على الله بغير علم - مع أن قصده إرضاء الله 00 مخلص 00 والعلماء يقولون أن أهل البدع قد يكون فيهم الكثير من الإخلاص ولكن فسدت أمورهم : من معتقد ، من عمل ، من جهة العلم ، من جهلهم ، ولم يقوموا على مقتضى الشرع فضلوا من هذا الباب 00
· إذن أول أسباب الزيادة فى الدين هو العلم ، وهو القيام على مقتضى ما يرضى الرب مما لا يُرضيه 0 هذا العلم 00 ما معناه ؟
· هذا العلم معناه أخذ المعلوم أو الوقوف على ما تصح تسميته ( علم ) فلو أنك سمعت بعض الكلام الباطل المنسوب إلى الدين سمعت من يفترى على الله كذباً ، سمعت من يبتدع ويضل : هل هذا يُسمى علم ؟ لا يسمى علم حتى لو أعتبره الذى عرضه علماً 00 العلم هو الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة 00 وهذا معناه البحث عن الكتاب والسنة وليس البحث عن فهم سلف الأمة 00 بمعنى آخر : البحث عن الكتاب والسنة عن طريق سلف الأمة 0 قال مالك:
" كلُُ يؤخذ من كلامه ويُرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم " مما يعلمك أن العلم ليس كلام السلف 00 لا 00 العلم هو الكتاب والسنة ، وهذا العلم علمُُ راقى ، وعقولنا المجردة وفهومنا المجردة لا تقوى على إدراك هذا العلم الراقى ، فمن خلال من فهموه فهماً سليماً ، لكن المقصود : الكتاب والسنة ، فاليوم نحن مبتلون بكثير من الأقاويل والفتاوى والمواعظ التى بُدل فيها الكتاب والسنة 00 لماذا ؟ لأن مقاصدنا فى البحث وفى الدين لم تعد الكتاب والسنة فنحن متعودين 00 ومن الممكن أن تجد رجل بدوى ، أمى ، يبصم لا يكتب ولا يحسن من أمور الدنيا شيء لكن مربى على هذه الأصول العقدية 00: عندما تخبره بأى شيء يسألك : هل النبى قال هذا ؟ يخاصمك بأصل أصيل فى إثبات الدين 00 لا يعرف أن يقول غير هذا 00 وتربى على أن لا يقبل الدين إلا ذا قاله النبى صلى الله عليه وسلم ، لكننا اليوم : (س) فى الشريط قال كذا ، (س) فى الخطبة قال كذا ، (ص) قال كذا 00 فلان الفلانى قال كذا ، وتاهت فى هذه الغابة معايير الكتاب والسنة 00 وإذا قلت الآية البينة القاطعة : تـُـخاصم فى المقابل بكلام فلان وكلام فلان ‍‍‍‍‍‍‍‍‍!!!!
فإذا قلت يا إخوانى : الله تعالى يقول :" قل لنساءك وبناتك ونساء المؤمنين يُدنين عليهن من جلابيبهن 00 " هل هذه الآية خاصة بزوجات النبى صلى الله عليه وسلم ؟ فلان الفلانى يقول الحجاب خاص بنساء النبى ، فلانة الفلانية تقول الحجاب كان زمان وأنتهى ، فلان الفلانى يقول الحجاب فضيلة ولكنه فرض على زوجات النبى عليه الصلاة والسلام 00
والله يقول :" قل لأزواجك و بناتك و نساء المؤمنين " فتجد من يقول : نحن لسنا مؤمنين ، نحن كافرين ، نسأل الله العافية والسلامة - عنده استعداد يطلع من النص بأى وسيلة حتى لو يطلع من الدين ، المهم أن لا يكون داخل النص ، هو أخذ على التحايل ،، لكن أنت هذه الأمور بالنسبة لك حياة أو موت ، بها تكون وبغيرها لا تكون 0 ألم يقل السلف ( الحسن البصرى ) : دينك دينك لحمك دمك ، وكان الحسن البصرى واعظاً وعالماً حتى أنه إذا وعظ فى البصرة : كانت كلها تذهب لسماعه ويغلقوا الحوانيت ، فالدين مادة الموت والحياة وليس حاجة كمالية 00 إذا كبرت وأصبحت على المعاش روح الجامع ، إذا حصلت لك مصيبة وتفشل فى التعليم وتصبح بلا عمل عندئذٍ اجلس فى الجامع وتديـّـن!!
نسأل الله العافية والسلامة 00 لم يعودونا لأويفهمونا أن الدين هو الشرف ، وأن الذى انتصر على نفسه واستقام على الدين هو المـُـشرّف المكرم الذى كرمه الله بكرامة التقوى 0
{ يقولون أن الدين لوثة ، وشغل الذى لا شغل له ، وعمل الذى فشل فى التعليم أو العمل - نسأل الله العافية والسلامة } المهم : السلف كانوا فاهمين ، المهم دينك : دينك دينك لحمك دمك 0 هذا هو المعنى 0 فاليوم إذا أردت أن أتقرب إلى الله بغير علم ، فوارد أن أقول على الله ، وبالتالى لابد من العلم 0 ما هو العلم ؟ الكتاب والسنة 0
نحن فى غابة كلام ، وضربنا مثال بحجاب النساء ، نساء المؤمنين ، ماذا يفعلون ؟
" يدنين عليهن من جلابيبهن 00" وهذه الآية من أكبر الأدلة الموجبة للنقاب 00 ولولا المعارضات لاتفقت الأمة على وجوب النقاب 00 لأنه قال : يُدنين عليهن ، والشنقيطى له مبحث فى " أضواء البيان " يُرجى مراجعته وقراءته يقول : فى (على ) و ( الاستعلاء ) وحقيقة ( على ) فى اللغة :
وقد اعتبروا أن هذه الآية مُثبتة للإلزام بالعلى ، وقالوا صرف الوجوب - ولم يلغيه - ولكن البعض قالوا : هـناك نصوص صرفت ، فوقع الخلاف فى ذلك 00 القصد : إن أصل الوجوب ________ من هذه الآية : فمثلاً : إذا قلت لك ضع ملاية على المنضدة هل ستغطيها كلها أم تترك جزء منها يظهر ؟
ستغطيها كلها ولا تظهر منها شيء 0 لأن ( على ) تفيد الاستعلاء 00 يدنين عليهن : يعنى من فوق لتحت وبالتالى لم يستثنى جزء لا وجه ولا كفين 00 ولهذا عندما سُئل كثير من السلف عن :" ولا يببدين زينتهن إلا ما ظهر منها " فجمع كفيه على وجهه وأبدى العين اليسرى ، والبعض قال الخلخال والقرط والشنقيطى قال : " إلا ما ظهر منها " ولم يقل إلا ما أظهرت ، وهناك فرق بين الزينة المظهرة والزينة الظاهرة 0
· أما الزينة المظهرة : فهى ما يُكشف بعد ستر : فإذا امرأة أخرجت يدها أو ساقها أو شعرها نقول إنها ( أظهرت ) وهذا ما نـُـهيت عنه وهو الإظهار ، أما ما يظهر منها بغير إذنها [ وقد أول بعض السلف هذا بحجم الثياب ولونها ] فإذا كانت المرأة بدينة وتلبس جلباب فلابد أن تظهر بدينة ، وإذا كان لون الجلباب بنى سيظهر بنى ، وهى ليس لها حيلة فى هذا 00 إذن يكون هذا ما ظهر 00 فإذا أوضحت هذا وقلت : هذا الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ، تجد من يقول : هذا سيُضايق المرأة ويخنقها ويعذبها ويعقدها 0 !! وهذا أيضاً ما يحدث فى أحكام الربا : -
تقول الربا حرام ، يقولوا لك : الاقتصاد 00 البنك التأمينى 00 خطاب الضمان 00 المعاملات البنكية .. الاستيراد والتصدير 00 هذا شيء لا بد منه 0 وبالتالى تضيع أحكام الربا ، ولهذا نشأ أجيال - أبى وأبيك - نشأوا على جيل مبدل : اللحية ( هذه سنة ) ، الحجاب ( أمك لابسة الطرحة ومحتشمة ) ، البنوك والربا ( هذا اقتصاد ) ، الاختلاط (وإيه يعنى هو هياكلها ) ، الصور حرام ( يقول لك : هو إحنا هنعبدها ) ، الأغانى ( يقول لك : دة فرح - دى حاجة بسيطة ) ، السجاير ( يقول لك ليه حرام ) 000 وبهذا ضاع الدين مع هذا الجيل 00 فإذا قلت الكتاب والسنة : ستجد زمرة ابتلانا بها الله تعارض وتعترض فى سرعة فائقة وفوراً ، وستجد لهم كتب وشرائط وأسطوانات ، وبكل هذا يفتتون ( يفكون ) ما تصرخ أنت به من كلام تنصر به الحق وتحيي به الدين وتعمق به ما قاله الله تعالى وقاله رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإذا أنت تكلمت فى أمر ما يقولون لك : الشيخ فلان قال مفيش مشكلة ، والشيخ فلان قال : ذى الفل 00 فإذا سألنى سائل : ما هو هدفك فى دعوتك ؟ إقامة شرع ربنا وحكم شرع الله ؟ أقول له : هذا حلم لا أستطيع أن أحلم به 00أنا أملى فى دعوتى فى محيطى الذى هو أعمق من المحيط الهندى أن نخرج على الشاطئ أنا وعدد قليل معى ، هذا هو الذى بيدى الآن ، وإذا وجدت على الشاطئ فريق أو جاء بعد منى دُعاة ولو بعد مئات السنين أو أقل حسب علم الله يطلبون ممن على الشاطئ أن يعملوا ما يلزمهم لأنهم ليسوا غرقى ، فهم على الشاطئ متماسكين ، فإذا قال قائل : أقم شرع الله 0 يجب أن نغير نظام الحكم !! أقول له : نظام حكم إيه !! دة أنا بأغرق وبأنزل فى القاع، وهذا التفكير وأنت تغرق لا يتناسب وحالك إطلاقاً 0 " ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها " 00 إذن الهدف هو الارتباط بالعلم لأنه هو أول مراحل زيادة الدين ، والعلم ليس أقوال فلان أو علان ، صدق من قال وهو الشافعى رحمه الله :" العلم ماقيل فيه حدثنا - يعنى الآية والحديث - الآيات جائتنا بالأسانيد ( بالتواتر ) والأحاديث الصحيحة جائتنا بالأسانيد وكذلك الأحاديث الضعيفة عرفناها بالأسانيد ، ودائماً كانوايقولون " الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة " هم الهدف ، أما الآن فقد ذهب الكتاب والسنة 0
· إذن أول مقتضيات زيادة الإيمان هو الإرتباط بالعلم ، وليس المقصود بالعلم أقوال زيد أوعبيد ، إنما المقصود بالعلم هو الكتاب والسنة على ما فهمه سلف الأمة - الفهم المضئ الذى عُرض به الحق (حق) والفهم الذى عُرض به الباطل ( باطل ) ، السلف كانوا حريصين جداً من شدة الإتباع أن يحيوا كما حيا النبى صلى الله عليه وسلم ، وهذا مجرد تذكير وليس إلزام 00 محمد بن أسلم : ولد له مولود فأعطى غلامه دينارين ليصنع عقيقة فأتى بدقيق ونخله وصنع منه خبر العقيقة فلما علم محمد بن أسلم قال : هذه بدعة ولا أحب أن يكون فى العقيقة بدعة ، لأنهم لم يكونوا ينخلون الدقيق ، وأمره أن يشترى دقيقاً غيره وألا ينخله0 هذا الكلام ليس إلزام لك بعدم نخل الدقيق ، وإنما أريد أن تعرف دقة التمسك ، ودقة التفريط ، نحن نفرط بدقة : اللحية تضيع ، الحجاب يضيع ، حتى الحج يضيع 000
· إذن زيادة الإيمان تكون بالعلم ، وعرفنا حقيقة العلم ، ولا ينبغى أن يكون هذا الكلام المتعلق بالعلم مايتوهمه كثير منا من أنه علم وهو ليس بعلم 00 ولا ينبغى أيضاً أن يُخالط بين حقيقة العلم وكثير من الأقوال التى يمكن أن تكون بعيداً عن العلم 0 وكما قلت : بُعد الناس عن العلم ينشأ بذلك جيل منفك عن حقيقة الدين تاركاً كثير من مقتضيات الإيمان بسبب ___________ فكثير من المسلمين قد يكون سبب بعدهم عن الحق والخير هو الجهل وليس العناد والإستكبار عن الحق ، فقطاع يسير من المؤمنين هو الذى يمكن أن يقع فى براثن العند والإستكبار ، لكن القطاع العريض من المسلمين يقع فى الضلال بسبب الجهل ، وهذا يعنى أنهم لو عُلـّـموا لصاروا على الحق 0 وأنت كذلك : أنا وأنت : يتحقق فينا مثل قول الله تعالى : " كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليكم 00 " المعنى أنك كنت جاهلاً ولازال عندك قدر من الجهل ، عندما يزول هذا الجهل تصيب الحق من منطلق حبك لربك وحبك لدينك ورضاك بالله عز وجل رباً وبالإسلام ديناً ، هذا موجود بداخلك 00 ولكن الذى يمنعك عن إتباع الحق أو الذى كان يمنعك عن الإلتزام بالحق كان السبب الأساسى هو الجهل ، لأنك عندما تعلمت قمت على كثير من مقتضيات الحق 0 يقول : ذلك أن أصل الإيمان هو الإقرار بإلهية الله وما يليق به من الصفات والأعتراف برسالة محمد صلى الله عليه وسلم وبكل ما جاء به من عند ربه بصورة إجمالية وهى المتمثلة بالشهادتين ، فمن قالها معتقداً بها فقد حاز أصل الإيمان ، ولكنه لا يستوى مع من علم معناهما ومقتضياتهما بالتفصيل ، فلا يستوى من علم بالتفصيل ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت من السؤال والعذاب والنعيم وممن لا يعلم بذلك ، وإن كان هذا يدخل بصورة إجمالية فى شهادة أن محمد رسول الله 0
· وكذلك لا يستوى من علم أحوال الآخرة بما يكون فيها من بعث ونشور وعرض وقراءة الصحف وحساب وأهوال وحوض وصراط وجنة ونار ، مع من آمن باليوم الآخر إجمالاً من غير تفصيل 00
· وكذلك من علم بالتفصيل سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وما فيها من كمال ، لا يستوى معه من لا يعرفها إلا بالإجمال 0 ولذا قال سبحانه وتعالى :
" إنما يخشى الله من عباده العلماء 00 " يعنى : إنما يخشى الله من العباد صنف العلماء ، هم أشد الناس خشية وأكثر الناس خشية وتتفاوت خشيتهم بحسب علمهم 00
وقال : " قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون 00 "
هذه الفقرة مهمة جداً ، هذه الفقرة تثير قضية مهمة جداً من قضايا الإيمان من حيث تحصيل العبد له ، فالإيمان من حيث حقيقته عرفناه ، ومن حيث حده ودخول الأعمال فيه القول والعمل عرفناه ، ومن حيث كونه أنه يزيد وينقص عرفنا 00 لكن هنا يضيف فى هذه الفقرة قضية جديدة وهى : أن الإيمان من حيث تحصيل العبد له ينقسم الى :
أ - إيمان مجمل ب - إيمان مفصـــّــل
فالعبد عندما يكون على الكفر - والعياذ بالله - أو يكون على غير الإسلام - والعياذ بالله - ثم يأتى مسلماً يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، آمنت بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد رسولاً للعالمين 0 هذا الرجل يكون دخل فى الإسلام ويكون حصـّـل قدر من الإيمان ، لكن هذا القدر الذى حصـّـله فى هذه اللحظة { لحظة الانتقال من الكفر للإيمان }
إيمان مجمل 00 عرف الله إجمالاً ، وعرف الرسول عليه الصلاة والسلام إجمالاً ، وعرف اليوم الآخر إجمالاً ، وعرف أن هناك حساب إجمالاً ، وعرف أن هناك مؤاخذة إجمالاً ، لم يعرف لذلك تفصيل ثم تعلم يوماً بعد يوم فيزداد بذلك إيمان ويتفصل عنده ذلك الإجمال 0
هل يستوى صاحب الإيمان المجمل وصاحب الإيمان المفصل ؟ لا يستويان 00 لأن التفصيل نوع من النور بعد النور المجمل 00 نوع من البيان بعد البيان المجمل 00 نوع من الوضوح بعد قبول القضية إجمالاً 00 صاحب الإيمان المجمل إيمانه صحيح ، ولو مات قبل أن ينكفىء أو يرتد على أعقابه : مات على إيمان صحيح ولكن مرتبته دنيا، ولكنه مات على الإيمان 00 متى يصح الإيمان المجمل ؟ يعنى متى ينفعه عند الله ، ويصح منه كدين ؟ : ينفع الإيمان المجمل صاحبه بشروط :
(1) أن يقبلها بجملتها دون اشتراط أو استثناء 0 يعنى آمنت بالله : آمنت بالله وحده وليس معه آخر ، آمنت بالرسول : وليس على أنه رسول العرب ، لا يشترط ولا يستثنى 00
(2) أن لا يخوض فيما لا يعلمه من تفاصيل بباطل : فإذا قال له قائل " الله عز وجل له عين أو له يد " يقول له : لا أعرف لأنه يعرف الله المنزه الكبير المتعالى إجمالاً ، ولا يقول له هذا كلام فارغ ويخوض فيما لا يعلم 00 هذا هو التفصيل بباطل ، وهنا لم ينفعه الإيمان المجمل لأنه كذّب بالتفصيل ولم يبلغه
(3) أن يقبل بنفس درجة قبول الإجمال ( كل تفصيل يأتى ) لأن الإيمان المجمل نفعه باعتبار أنه قابل لكل ما بداخله من تفصيل ، فإذا قيل له : اعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام لابد أن يكون أحب إليك من نفسك التى بين جنبيك ومن والدك وولدك والناس أجمعين ، لا يقول لأ 00 إلا هذا 00 صحيح أننى قبلت محمد رسول الله قبلتها مجملاً ولم أعترض ولم أستثنى ، ولكن عند التفصيل يقول إلا هذا ، فإن قال هذا يكون قد نقض الإيمان المجمل 0 لأن الصحابة رضوان الله عليهم عندما آمنوا ولم يكن من الإيمان إلا " لا إله إلا الله " هل كان إيمانهم مجمل أم تفصيلى ؟ كان مجملاً ، لكن كامل لأنهم حققوا الثلاثة شروط :
(1) آمنوا إيماناً مجملاً بدون أى تفصيل 0
(2) ولم يخوضوا فى أى شيء بباطل 0
(3) وكلما جاءت سنة قالوا : سمعنا وأطعنا ، يقبلوا مباشرة بنفس درجة الإيمان المجمل 0
هذا التفصيل كان يأتيهم بالوحى ، أما نحن فيأتينا بالعلم 0
· إذن ألإيمان المجمل نافع لصاحبه يوم القيامة بهذه الشروط ، ولكن هذه الشروط يمكن للجاهل أن يخرمها ، فبجهله يمكن أن يقول على الله بغير علم ، أو ينكر معلوم من الدين بالضرورة ، أو إذا جاءه تفصيل يقوم بعرضه على عقله وجهله 0
· أما بالنسبة لمن يمشى على قاعدة الإيمان :" وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً
( التفصيل ) أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " - " إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله
( التفصيل ) ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا " وهذا شرط الإيمان ولا يصح الإيمان إلا بذلك 0 وأى شخص منا الأصل أن يكون إيمانه ( مجمل ) ولكن كيف يصبح إيماننا مفصل ؟ بالعلم
فأنت مثلاً : إذا قلت لأى شخص فى أى مكان ( جبل / سحراء / جزيرة 00 ) وقلت له إن الله
يقول :" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " فإن أول سؤال سيسأله لك : كيف أعبده ؟ وهذا يأتى بالعلم 0 والله سبحانه وتعالى أمر بالتعلم وأثنى على من تعلم وبين أن أرفع مقامات الدين والعباد هو التعلم ، وأن أرفع العباد هم العلماء ، وأرفع طبقة فى العلماء هم الأنبياء لأنهم يتعلمون من ربهم 00 ثم يتعلم منهم العلماء ، ولهذا جُـعلوا ورثتهم 00
ومن يطلب العلم ويجتهد فى تحصيله يكون معرضاً لأن يلتبس عليه الأمر أو يتأول أو يجتهد فيخطئ أو لم يبلغه إلا ذلك هذا آخر وسعه ، هذا بينه وبين ربه 0 ولكن الإيمان المجمل له عيب خطير جداً : أنه يجعل مقام الإنسان فى الدين ضعيف 00 يقول الله تعالى :
" ومن الناس من يعبد الله على حرف 00 " طالما لم تصبه أى هزة أو ابتلاء يكون طيب وابن حلال ، وأول ما تصيبه هزة ينقلب على عقبيه " خسر الدنيا والآخرة " لماذا ؟
الله قال :" ومن الناس من يعبد الله " ولم يقل يعبد الشيطان : إذن كان عندهم دين ، ولكنه دين مجمل ، أول ما تعرض لابتلاء لم يفهم ودخلت عليه الشبهة فجعلته يقول : الله ليس عادل 0 فعل الله يظلم 00 - والعياذ بالله - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، وقوله هذا يهلكه ، أما من عمل لنفسه مساحة كبيرة من الاحتياط من التفصيل والدلائل العلمية : إذا أصابته هزة فإنه يكون واقفاً على أرض صلبة راسخة حتى إذا إنكفأ فإنه ينكفئ فى مكانه ولا ينزل فى الهاوية 0 فالعيب الخطير فى الإيمان المجمل أن صاحبه إذا رُيـّــبَ إرتاب ، وإذا شـُـكك شكّ ، فمثلاً : إذا قلت للناس : القيامة ستقوم بعد إسبوع : ماذا ستجد من الناس ؟ سيسألك بعضهم هل هذا صحيح ؟ ومارأيك فى هذا الكلام ؟ و00 و00 لأنه ليس عنده علم أما المتعلم سيقول لك : هذا هراء ، هذا دجل 00 لماذا ؟ لأنه سيفصل ويقول : أولاً لايعلمها إلا الله ، ثانياً : عُلمنا من السنة أن لها آيات لم تظهر منها آية واحدة بغض النظر عن الترتيب ، ثالثاً : أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : بُعثت والساعة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى، وأنبأهم بقربها ، وكان هذا منذ 1400 عام 000

******************************

التعديل الأخير تم بواسطة أم سُهَيْل ; 06-20-2012 الساعة 02:03 AM
رد مع اقتباس