المهدي المنتظر
^
^
بسم الله الرحمن الرحيم
تـذكير البشـر بأخبـارالمهـدي المنتظـر
أولاً : اسمه
عن ابن مسعود قال : قال رسول الله:
( لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجل من أهل بيتي
يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ) .
رواه أبو داود وعن ابن مسعود أيضاً قال :قال رسول الله
( لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي ) .
رواه الترمذي
-------------------------
في هذا الحديث دلالة واضحة على أن اسم المهدي
يوافق اسم نبينا محمد ويوافق اسم أبيه أيضاً .
قال ابن كثير في نهاية الفتن والملاحم ( 1/55 ) :
” هو محمد بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني “ .
قال المبارك فوري في تحفة الأحوذي ( 6/402 ) : ” قوله( لا تذهب الدنيا )
أي لا تفنى ولا تنقضي ، وقوله ( يواطئ ) أي يوافق ويطابق ،
وقوله ( العرب ) قال القاري : ويمكن أن يقال : ذكر العرب لغلبتهم في زمنه ،
أولكونهم أشرف ، أو هو من باب الاكتفاء ومراده العرب والعجم “ .
ثانياً : نسبه :
عن أم سلمة قالت : قال رسول الله ( المهدي من عترتي من ولد فاطمة ) .
رواه أبو داود
قوله ( عترتي ) قال ابن الأثير في النهاية : ” عترة الرجل : أخص أقاربه “ .
وقال ابن كثير في النهاية في الفتن والملاحم :
” هو محمد بن عبد الله العلوي الفاطمي الحسني “ .
قال السفاريني في لوامع الأنهار :
” قال بعض حفاظ الأمة وأعيان الأئمة :إن كون المهدي من ذريته تواتر عنه ذلك
فلا يسوغ العدول عنه ولا الالتفات إلى غيره “ .
قال ابن القيم في ترك المنار المنيف ( 151 ) :
” وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف ، وهو أن الحسن الخلافة لله فجعل الله من ولده
من يقوم بالخلافة الحق المتضمنة للعدل الذي يملأ الأرض ، وهذه سنة الله في عباده
أنه من ترك لأجله شيئاً أعطاه الله أو أعطى ذريته أفضل منه ، وهذا بخلاف الحسين
فإنه حرص عليها وقاتل فلم يظفر بها “ .
ثالثاً : حتمية خروجه :
عن علي رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً ) .
رواه أبو داود
قال السفاريني في لوامع الأنهار البهية :
” وقد كثرت الروايات بخروجه حتى بلغت حد التواتر المعنوي ،
وشاع ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم “ .
وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي :
” اعلم أن المشهوربين الكافة من أهل الإسلام على ممر الأعصار أنه لا بد من آخر الزمان
من ظهور رجل منأهل البيت يؤيد الدين ويظهر العدل ويتبعه المسلمون “ .
رابعاً : لقبه :
سبق حديث : ( المهدي من عترتي ) .
الثابت منها : المهدي .
وهو من الهداية ، وسمي بذلك لأنه يهدي الناس هداية إرشاد إلى الحق .
خامساً : صفاته الخلقية .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله
( المهدي مني أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ،
يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ) .
رواه ابو داود . قال ابن القيم : ” بإسناد جيد “
---------------------
قوله ( أجلى الجبهة ) هو انحسار الشعر عن الجبهة ،وهي مقدم الرأس .
قوله ( أقنى الأنف ) أي طول الأنف مع دقة أرنبته وحدب في الوسط .
( وأرنبة الأنف أعلاه الذي من جهة خارج الوجه ) .
غير ذلك من الأوصاف لايصح منها شيء .
سادساً : تهيئته للخلافة .
عن علي رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( المهدي منّا أهل البيت يصلحه الله في ليلة ) .رواه ابن ماجه
----------------------
قوله ( يصلحه الله في ليلة )
قال الشيخ حمود التويجري في اتحاف الجماعة ( 2/277 ) :
” يحتمل معنيين :
أحدهما : أن يكون المراد بذلك أن الله يصلحه للخلافة ، أي يهيئه لها .
والثاني : أن يكون متلبساً ببعض النقائص فيصلحه الله ويتوب عليه “ .
قال ابن كثير مؤيداً هذا القول :
” أي يتوب عليه ويوفقه ويفهمه ويرشده بعد أن لم يكن كذلك “ .
سابعاً : أشياء تكون قبل خروجه .
1- انتشار الظلم والجور في الأرض .
عن أبي مسعود الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لتملأن الأرض جوراً وظلماً ، فإذا ملئت الأرض جوراً وظلماً يبعث الله
رجلاً منّي فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً ) . رواه البزار
2- الاختلاف بين الناس والزلازل .
:عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( أبشركم بالمهدي يبعث على اختلاف من الناس والزلازل فيملأها قسطاً وعدلاً ).
3- اقتتال ثلاثة عند كنز كلهم ابن خليفة .
عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ، ثم لا يصير إلى واحد منهم
ثم تطلع الرايات السود قبل المشرق ) . رواه ابن ماجه . قال ابن كثير :
” إسناده قوي صحيح
-------------------------
قال ابن كثير في النهاية ( 55) :
” والظاهر أن المراد بالكنز في هذا السياق كنز الكعبة يقتل عنده ليأخذه ثلاثة
من أولاد الخلفاء حتى يكون آخر الزمان فيخرج المهدي “ .
قال الشيخ حمود التويجري في إتحاف الجماعة :
” وفي هذا نظر ، والأقرب أن يكون الكنز المذكور في حديث ثوبان رضي الله عنه
أنه الكنز الذي يحسر عنه الفرات وقد يكون غيره “ .
ثامناً : مكان خروجه .
حديث ثوبان السابق :
( ... ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق ، ثم يقاتلونكم قتالاً لم يقاتله قوم ،
فإذا رأيتموه فبايعونه ولو حبواً على الثلج فإنه خليفة الله المهدي ) .
--------------------------------
قال ابن كثير في النهاية ( 55 ) :
” فيخرج المهدي ويكون ظهوره من بلاد المشرق لا من سرداب سامراء
كما تزعمه جهلة الرافضة من أنه موجود الآن وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان ،
فإنه نوع من الهذيان وقسط كبير من الخذلان ، وهوس شديد من الشيطان ،
إذ لا دليل عليه ولا برهان من كتاب ولا من سنة ولا من معقول صحيح ولا استحسان ... “
إلى أن قال : ” وهذه الرايات السود ليست هي التي أقبل بها أبو مسلم الخراساني فاستهلب
بها دولة بني أمية في سنة (132) بل رايات سود أخر ، تأتي بصحبة المهدي
وهو محمد بن عبد الله العلوي الحسني ، ويؤيد بناس من أهل المشرق ينصرونه
ويقيمون سلطانه ويشدون أركانه وتكون راياتهم سود وهو زي عليه الوقار ،
لأن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء يقال لها : العقاب ،
وقد كانت عذاباً على الكفرة من نصارى الروم والعرب ... “ .
إلى أن قال : ” والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان
يكون أصل خروجه وظهوره من ناحية المشرق ويبايع عند البيت
كما دلّ على ذلك نص الحديث “ .
تاسعاً : نزول عيسى في عهده وصلاته خلف المهدي
:عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( كيف أنتم إذا نزل ابن مريم وإمامكم منكم ) .
رواه البخاري ومسلم
وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ،
قال : فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم : تعال صلّ لنا ، فيقول : لا ،
إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة ) . رواه مسلم
----------------------------
قال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله في عقيدة أهل السنة في المهدي ( 23-24 ) :
” فهذه الأحاديث التي وردت في الصحيحين تدل على أمرين :
أحدهما : أنه عند نزول عيسى بن مريم عليه السلام
يكون المتولي لإمرة المسلمين رجل منهم .
والثاني : أن حضور أميرهم للصلاة وصلاته بالمسلمين وطلبه من عيسى عليه السلام
عند نزوله أن يتقدم ليصلي لهم يدل على صلاح في هذا الأمير وهدى .
وهي وإن لم يكن فيها التصريح بلفظ المهدي إلا أنها تدل على صفات رجل صالح
يؤم المسلمين في ذلك الوقت .
وقد جاءت الأحاديث دالة على أن ذلك الرجل الصالح هو المهدي :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي : تعال صلّ بنا فيقول : لا ،
إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة ) .
رواه الحارث بن أبي سلمة ، قال ابن القيم : إسناده صحيح
عاشراً : كيفية خروجه على الناس
:عن أم سلمة – رضي الله عنها – قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة ،
فيأتيهم ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ،
ويُبعث إليه بعث من الشام فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة ،
فإذا رأى الناس ذلك أتاها أبدال الشام وعصائب العراق فيبايعونه ) .
رواه أبو داود
----------------------------
قال قال في عون المعبود ( 11/253 ) :
” عند موت خليفة : أي حكمية وهو الحكومة السلطانية بالغلبة التسليطية .
قوله ( فيخرج رجل من أهل المدينة ) : أي كراهية لأخذ منصب الإمارة ،
أو خوفاً من الفتنة الواقعة فيها .
قوله ( هارباً إلى مكة ) لأنها مأوى كل من إلتجأ إليها ومعبد كل من سكن فيها ،
قال الطيبي : وهو المهدي بدليل إيراد هذا الحديث أبو داود في باب المهدي .
قوله ( فيأتيه ناس من أهل مكة ) : أي بعد ظهور أمره ومعرفة نور قدره .
قوله ( فيخرجونه ) أي من بيته .
قوله ( وهو كاره ) إما بنية الإمارة ، وإما خشية الفتنة .
قوله ( بين الركن ) أي الحجر الأسود ( والمقام ) أي مقام إبراهيم .
قوله ( ويبعث إليه ) أي يرسل إلى حربه وقتاله ( بعث ) أي جيش .
قوله ( فإذا رأى الناس ذلك ) أي ما ذكر من خرق العادة ،
وما جعل للمهدي من العلامة .
قوله ( أتاه أبدال الشام ) قال في النهاية : ” هم الأولياء ، والعباد الواحد بدل ،
سموا بذلك لأنهم كلما مات منهم واحد بدل بآخر .</I>
وقد جاء خبر هذا الجيش الذي يخسف به في الصحيحين :
عن عائشة – رضي الله عنها – قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم ،
قالت : قلت : يا رسول الله ،
كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم ؟
قال : يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم ) .
رواه البخاري ومسلم
قوله ( يغزو جيش ) الله أعلم ما هذا الجيش ؟
لكن ظاهر الأحاديث أنه الجيش الذي يبعث لقتال المهدي .
قوله ( ببيداء ) قال النووي : ” البيداء كل أرض ملساء لا شيء بها “ .
قال النووي في شرحه على مسلم ( 18/7 ) :
” وفي هذا الحديث من الفقه التباعد من أهل الظلم والتحذير من مجالستهم
ومجالسة البغاة ونحوهم من المبطلين لئلا يناله ما يعاقبون به ،
وفيه أن من كثر سواد قوم جرى عليه حكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا “ .
الحادي عشر : مدة حكمه
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( المهدي مني أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، ... يملك سبع سنين ) .
رواه أبو داود
--------------------------
اختلف في مدة حكمه
فقيل : سبع سنوات . وقيل : ثمان سنوات . وقيل : تسع سنوات .
وأشهرها : أنه يملك سبع سنين ، ويجزم به المبارك فوري في تحفة الأحوذي ( 6/404 ) .
الثاني عشر : المهدي من المجددين
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ) .
رواه أبو داود
--------------------------
قال في عون المعبود ( 11/260 ) :
” قوله ( على رأس كل مائة سنة ) إذا قلَّ العلم والسنة وكثر الجهل والبدعة .
قوله ( له ) أي لهذه الأمة .
قوله ( دينها ) أي يبين السنة من البدعة ، ويكثر العلم وينصر أهله ،
ويكسر أهل البدعة ويذلهم .
قوله ( أمر دينها ) قال المناوي في فيض القدير :
” أي ما اندرس من الأحكام الشرعية ،
وما ذهب من معالم السنن وخفي من العلوم الدينية الظاهرة والباطنة ،
فكان في المائة الأولى عمر بن عبد العزيز ،والثانية الشافعي ... “ .
قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة ( 4/42 ) :
” ... إن النبي صلى الله عليه وسلم بشر المسلمين برجل من أهل بيته ووصفه
بصفات بارزة ، أهمها أنه يحكم بالإسلام وينشر العدل بين الأنام ، فهو في الحقيقة من
المجددين الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة كما صح عنه صلى الله عليه وسلم “ .
الثالث عشر : مهدي الشيعة
قال ابن تيمية في منهاج السنة :
” ومن حماقاتهم – أي الشيعة – أيضاً أنهم يجعلون للمنتظر عدة مشاهد ينتظرونه فيها ،
كالسرداب الذي بسامراء الذي يزعمون أنه غائب فيه ، ومشاهد أخر ،
وقد يقيمون هناك دابة إما بغلة وإما فرساً وإما غير ذلك ليركبها إذا خرج ،
وفيهم من يقوم فيها أوقات دائماً لا يصلي خشية أن يخرج وهو في الصلاة
فيشتغل بها عن خروجه وخدمته ... “ .
وقال رحمه الله أيضاً : ” فإنهم يدعون أنه الغائب المنتظر محمد بن عبد الحسن
الذي دخل سرداب سامراء سنة (260) أو نحوها ولم يعد ، بل كان عمره سنة
وإما سنتين وإما ثلاثاً وإما خمساً أو نحو ذالك ،وله الآن على قولهم أكثر
من (400) سنة ولم ير له عين ولا أثر ، ولا سمع له حس ولا خبر “
.
وقال ابن القيم رحمه الله في المنار المنيف ( 152 ) :
” وأما الرافضة فلهم قول وهو أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري المنتظر ،
الحاضر في الأمصار ، الغائب عن الأنظار ، دخل سرداب سامراء طفلاً صغيراً
من أكثر من ( 500 ) سنة ، فلم تره بعد ذلك عين ، ولا يُحس فيه بخبر ولا أثر .
ولقد أصبح هؤلاء عاراً على بني آدم ، وضحكة يسخر منها كل عاقل “ .
وقال ابن كثير في النهاية عنهم ( 55 ) :
” فإن هذا نوع من الهذيان ، وقسط كثير من الخذلان ، وهوس شديد من الشيطان “ .
والله أعلم
وصلى الله على نبينا محمد
الشيخ / سليمان بن محمد اللهيميد
رحمكِ الله ياقرة عيني