عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 04-12-2012, 04:00 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي


قبل متابعة السلسلة أود أن أوضح مقصودي بالتدرج في تطبيق الشريعة حتى لا يحصل لبس. فبعد الحلقات الثلاثة الأولى جاءتني استفسارات واعتراضات يتلخص كثير منها في:

الاستدلال بشواهد صحيحة من الشريعة والسيرة على التدرج غير الشرعي المطروح هذه الأيام.

فالإخوة المعترضون يسمون هذه الشواهد تدرجا ويستدلون بها على صحة التدرج المطروح. وكأنني برفضي للتدرج أخالف هذه الشواهد التي يأتون بها.


بتفصيل أكثر:

مجمل ما يورده الإخوة من شواهد ويعتبرونه دليلا على التدرج إما أنه في الواقع دليل على ترتيب للأولويات في عرض الشريعة وبيانها للناس، أو دليل على وقف لحكم شرعي معين عملا بالشريعة، لأن شروط هذا الحكم الشرعية لم تتحقق فوجب العمل بحكم آخر.


أما ترتيب الأولويات في عرض الشريعة وبيانها فكاستدلالهم بحديث إرسال النبي معاذا إلى اليمن وتوجيهه أن يدعو الناس إلى الشهادتين أولا ثم الصلاة ثم الزكاة.


وأما وقف الحكم الشرعي عملا بالشريعة، فكوقف حد السرقة في حق السارق الجائع الفقير، أو كإسقاط بعض أشكال إنكار المنكر عن الحكومة الإسلامية لعجزها عنه وعدم قدرتها.


إخواننا يسمون ذلك تدرجا ثم يستدلون به على صحة التدرج المطروح في الساحة الإسلامية. ثم يقولون لي ما مفاده: إن كنت تنكر التدرج المطروح فأنت:


1)
تنكر مراعاة ترتيب الأولويات في عرض الشريعة
2)
تنكر وقف العمل بأحكام إسلامية عند عدم وجود شروطها
3)
تنكر سقوط وجوب أحكام على الدولة لعدم قدرتها على تنفيذها

فتوضيحا لإخواني أود أن أبين أني لا أنكر أيا من هذه الأمور الثلاثة بل سأبين مشروعيتها في الحلقات القادمة بإذن الله. أنا لا أقول أن على الدولة الإسلامية الناشئة أن تبني المجتمع بناء إسلاميا في اليوم الأول وتقضي على المنكرات كلها بجرة قلم وتدخل في صراع على كل الجبهات دفعة واحدة.


لكنني في الوقت ذاته أقول: كل ما يطرحه إخواني ليس دليلا على التدرج غير الشرعي المطروح.

لأن التدرج المطروح والذي ننتقده ونقول بعدم مشروعيته في هذه السلسلة قد تحقق فيه واحد أو أكثر من المشاكل التالية:


1)
لا تعلن فيه السيادة للشريعة بحيث تعتبر المرجعية العليا الحاكمة على القوانين من البداية أو

2)
يُستأذن فيه مجلس الشعب في تطبيق الشريعة أو

3)
تُقر فيه مرحليا قوانين وضعية مخالفة لأحكام الشريعة أو

4)
تنفذ فيه قوانين مخالفة لأحكام الشريعة موروثة من الحكم غير الإسلامي أو

5)
يقال فيه بالتدرج في التشريع وكأن الشريعة تتنزل من عند الله تعالى من جديد أو

6)
يربط فيه تطبيق الشريعة بحل مشاكل الناس الاقتصادية أو الأمنية أولاً أو

7)
يقال فيه أن علينا ترسيخ العقيدة والأخلاق الإسلامية لدي الناس قبل تطبيق الشريعة أو

8)
يُربط فيه تطبيق الشريعة برضا القوى الداخلية أو الخارجية المعارضة للشريعة أو

9)
يقدم فيه الإسلاميون في سبيل الوصول إلى الحكم تنازلات ستبقى آثارها وتمنعهم من تطبيق الشريعة إن وصلوا إلى الحكم

هذه هي المشاكل في التدرج المطروح.
وسنفرد حلقة خاصة لبيان عدم مشروعية كل منها بإذن الله.

تبقى هنا نقطة:


موضوعنا هذا ضخم ومتشعب للغاية. فلا بد من تفكيكه لعناصر صغيرة للرد على الشبهات واحدة تلو الأخرى ومن ثم بيان الحل الشرعي الذي على الأمة أن تنتهجه. وأنا الآن أسير بخطة معينة لذلك. فأتمنى على إخواني الذين يوردون الاعتراضات أن يناقشوا الجزئية التي أطرحها تحديدا بدلا من أن يستعجلوا الأمور بإيراد شبهة جديدة. فمثلا، في الحلقة الأولى بينت أنه لا يمكن حل مشاكل المجتمع قبل تطبيق الشريعة. هل هناك خلاف على ذلك؟ أتوقع ممن سيناقشني أن يناقش هذه النقطة بالذات، بأن يقول لي –مثلا-: (ما أوردته من أدلة لا يشهد لصحة استنتاجك، بل هناك ما يدل على أنه يمكن حلها قبل تطبيق الشريعة). لكن إخواني يتركون هذه النقطة ويقولون: (لكن عمر رضي الله عنه عطل حد السرقة عام المجاعة). إخواني هذه شبهة أخرى تماما سيأتي دورها إن شاء الله. إن ناقشتها مع المعترض على شكل رد مجتزأ فلن نوفي الموضوع حقه وسيختل الترتيب ويخرج القطار عن السكة!


كذلك في الحلقة الثانية بينت أن القول بحل المشاكل قبل تطبيق الشريعة فيه غض من قيمة الشريعة. هل طرحي هذا كان خاطئا؟ دعونا نناقش هذه الجزئية.

في الحلقة الثالثة بينت أن الذي يصل إلى الحكم لن يصل إلى فراغ بل سيحتاج إلى إنفاذ أحكام اجتماعية واقتصادية وسياسية وجنائية. فإن حكم بأحكام موافقة للشريعة في بعض ذلك فهو في المقابل سيحكم بغير ما أنزل الله في البعض الآخر. أتوقع من المعترض أن يناقش هذه الجزئية بالذات.


إخواني بغير ذلك لن نصل إلى عرض مرتب متكامل مؤسس على أسس صحيحة. وللمستعجلين جدا أقول: كنت قديما قد خطبت في سلسلة بعنوان (فقه التنازلات)، والسلسلة موجودة على موقع الفرقان. فللأخ المتعجل أن يرجع إليها وإن كانت لا تغطي جميع ما أود عرضه، لكنها قد تطمئنه إلى أن هناك جوابا لما يورد من شبهات.


إخواني الموضوع متعلق بأزمة الأمة وسبيل خلاصها وتحقيق عبوديتها لله بإخضاع الحياة لشرعه...المسألة متعلقة بسعادة الدارين. فتستحق منا بذل الجهد وطول النفس بارك الله فيكم.


فخطتنا المرحلية للحلقات القادمة بإذن الله أن نوضح أولا أن ما يطرحه إخواننا المدافعون عن التدرج هو في الحقيقة دليل على ترتيب للأولويات في بيان الشريعة أو سقوط أحكام شرعية معينة وعمل بأحكام شرعية أخرى من الشريعة، وليست أدلة على التدرج الذي يدافعون عنه. ثم نبين نقاط الخلل في التدرج المطروح نقطة بقطة بإذن الله.


والسلام عليكم ورحمة الله.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 09-29-2012 الساعة 09:18 PM
رد مع اقتباس