عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 03-18-2011, 06:09 AM
عبد الملك بن عطية عبد الملك بن عطية غير متواجد حالياً
* المراقب العام *
 




افتراضي

ي - بعض الجوانب الاجتماعية
من الفروق بين المسلمين وغيرهم داخل الدولة الإسلامية بعض الفروق الاجتماعية ، وسنقتصر على بعضها ، ومنها :

أولا - عدم ابتداء الكافر بالسلام
للحديث الذي أخرجه مسلم رحمه الله من حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام ،وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه " *قال النووي - رحمه الله - : "‏واختلف العلماء في رد السلام على الكفار وابتدائهم به , فمذهبنا تحريم ابتدائهم به , ووجوب رده عليهم بأن يقول : وعليكم , أو عليكم فقط , ودليلنا في الابتداء قوله صلى الله عليه وسلم ( لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام ) وفي الرد قوله صلى الله عليه وسلم ( فقولوا : وعليكم ) وبهذا الذي ذكرناه عن مذهبنا قال أكثر العلماء وعامة السلف , وذهبت طائفة إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام , روي ذلك عن ابن عباس وأبي أمامة وابن أبي محيريز , وهو وجه لبعض أصحابنا حكاه الماوردي , لكنه قال : يقول : السلام عليك , ولا يقول : عليكم بالجمع . واحتج هؤلاء بعموم الأحاديث , وبإفشاء السلام , وهي حجة باطلة لأنه عام مخصوص بحديث ( لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام ) وقال بعض أصحابنا : يكره ابتداؤهم بالسلام , ولا يحرم , وهذا ضعيف أيضا , لأن النهي . للتحريم . فالصواب تحريم ابتدائهم . وحكى القاضي عن جماعة أنه يجوز ابتداؤهم به للضرورة والحاجة أو سبب , وهو قول علقمة والنخعي . وعن الأوزاعي أنه قال : إن سلمت فقد سلم الصالحون , وإن تركت فقد ترك الصالحون . وقالت طائفة من العلماء : لا يرد عليهم السلام , ورواه ابن وهب وأشهب عن مالك , وقال بعض أصحابنا : يجوز أن يقول في الرد عليهم : وعليكم السلام , ولكن لا يقول : ورحمة الله . حكاه الماوردي , وهو ضعيف مخالف للأحاديث والله أعلم ."شرح االنووي على صحيح مسلم - كتاب السلام - باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم .

ملاحظات :
1 - أفتى بعض العلماء بجواز ابتداء الكافر بالتحية عموما كقول صباح الخير أو كيف حالك ؟ وغير ذلك ، أما الذي يحرم فهو الابتداء بالسلام ، ومنع بعض العلماء الابتداء بالسلام أو التحية مطلقا .
2 - إذا سلم الكتابي وجب الرد عليه ، وأما كيفية الرد ، فإن هناك ثلاث حلات :
* حالة تتيقن منها أنه نطق باللام أي قال " السلام عليكم " فهنا يجوز لك أن تقول له " وعليكم السلام "
* حالة تتيقن منها أنه لم ينطق باللام ، بل قال : " السام عليكم " فهنا يجب عليك أن تقول له : " وعليكم " أو عليكم فقط .
* حالة تشك فيها وهذه الحالة كسابقتها فتقول له وعليكم أو عليكم .
3 - يجوز الابتداء بالسلام على قوم فيهم مسلمون وكفار ، ويقصد بسلامه المسلمين.
4 - معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : " وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه " أي لا تفسحوا له ، بمعنى إذا كان هناك طريق لا يتسع إلا لرجل واحد ، وكان هناك مسلم وكافر ، فإنه يقدم المسلم ، وليس معنى الحديث أنه يضيق على الكافرمن الأصل أو غير هذا من الفهم الخطأ للحديث .

ثانيا : تشميت العاطس الكافر بقول يهديكم الله ويصلح بالكم
للحديث الذي رواه الترمذي وقال حسن صحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال : " كان اليهود يتعاطسون عند النبي صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم يرحمكم الله . فيقول : يهديكم الله ويصلح بالكم "
أما إذا عطس المسلم فكما هو معلوم يقال له : يرحمكم الله .

ثالثا : عدم جواز تهنئة الكفار على أعيادهم الكفرية
وهذه من الفروق أيضا بين المسلمين والكفار ، فتشرع تهنئة المسلمين بعيديهم ، فعن جبير بن نفير رضي الله عنه قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد ، قال بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك .
أما تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية فمحرمة بالإجماع :
قال ابن القيم - رحمه الله - :
" وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه ، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات ، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب ، بل ذلك أعظم إثما عند الله ، وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه " ( أحكام أهل الذمة لابن القيم ج1 ص154 طبعة دار الحديث )
ملاحظات :
1 - إذا كانت مجرد التهنئة بالأعياد الكفرية محرمة بل كبيرة من الكبائر فكيف بحضورالأعياد ؟
2 - لا يجوز قبول الهدايا من الكفار يوم عيدهم ، إذا كان سبب الهدية هذا العيد ، أما إن وافق العيد مناسبة أخرى ، ولم تكن الهدية سببا للعيد ، جاز قبولها والله أعلم .
3 - هذا الحكم بالنسبة لتهنئتهم بأعيادهم الكفرية ، أما التهنئة بغير ذلك من الأمور المباحة كالزواج والنجاح ...إلخ فجائز .

رابعا : عدم جواز بيع العبد المسلم للكافر لقوله تعالى : " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " ( النساء 141)
* قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الاّية الكريمة: " وقد استدل كثير من العلماء بهذه الاّية الكريمة على أصح قولي العلماء وهو المنع من بيع ( العبد المسلم ) للكافرين لما في صحة ابتياعه من التسليط له عليه والإذلال ، ومن قال منهم بالصحة يأمره بإزالة ملكه عنه في الحال ، لقوله تعالى : " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " انتهى كلامه
أما بيع العبد الكافر للمسلم فجائز بالإجماع .
ملاحظة : ألحق بعض العلماء بذلك المهن الحقيرة وحقارة المهنة راجعة إلى العرف ، فكل ما كان في عرف الناس يعد امتهانا ، فلا يجوز للمسلم أن يعمله للكافر .

خامسا : لا يتزوج الكافر من مسلمة
لقوله تعالى : : " و لا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا " ( البقرة 221 )
* قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الاّية الكريمة : "أي لا تزوجوا الرجال المشركين النساء المؤمنات كما قال تعالى : " لا هن حل لهم و لا هم يحلون لهن " انتهى كلامه
أما المسلم فيجوز له أن يتزوج من النصرانية واليهودية فقط ؛ لقوله تعالى : " والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم " ( المائدة 5 ) ولكن يجوز ذلك بشرطين :
1 - أن تكون عفيفة ؛ لتنصيص الاّية على ذلك ، وذلك في قوله : " والمحصنات " وهن العفيفات .
2 - أن لا تكون حربية ، لأن هذا رأي ابن عباس رضي الله عنهما .
سادسا : الصداقة والحب لا تكون إلا للمؤمن
فلا يجوز للمسلم أن يصاحب كافرا أو يحبه ، وهذا لا دخل له بالمعاملة الحسنة ، فهي مطلوبة ، أما الحب فهو أمر قلبي ، فعلى المسلم أن يبغض الكافر و لا يحبه وكيف يحبه وقد كفر بربه عز وجل وكذب رسوله صلى الله عليه وسلم ؟؟
والأدلة على لك كثيرة منها :
* " يا أيها الذين اّمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض " ( المائدة 51 )
* " يا أيها الذين اّمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق " ( الممتحنة 1 )
* ما رواه أبو داود بسند حسن من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تصاحب إلا مؤمنا و لايأكل طعامك إلا تقي "
قال صاحب عون المعبود : " لا تصاحب إلا مؤمنا ) ‏
: أي كاملا , أو المراد النهي عن مصاحبة الكفار والمنافقين لأن مصاحبتهم مضرة في الدين , فالمراد بالمؤمن جنس المؤمنين ‏
( ولا يأكل طعامك إلا تقي ) ‏
: أي متورع . والأكل وإن نسب إلى التقي ففي الحقيقة مسند إلى صاحب الطعام , فالمعنى لا تطعم طعامك إلا تقيا . ‏
قال الخطابي : إنما جاء هذا في طعام الدعوة دون طعام الحاجة , وذلك أن الله سبحانه قال { ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا } ومعلوم أن أسراءهم كانوا كفارا غير مؤمنين ولا أتقياء , وإنما حذر عليه السلام من صحبة من ليس بتقي وزجر عن مخالطته ومؤاكلته , فإن المطاعمة توقع الألفة والمودة في القلوب . ‏" عون المعبود شرح سنن أبي داود - كتاب الأدب - باب من يؤمر أن يجالس
.

*أما قوله تعالى : " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من ديارهم أن تبروهم وتقسطوا إليهم " ( الممتحنة 8 )
فلا يفهم من هذه الاّية جواز مصاحبة أوحب الكافر المسالم ، إنما المقصود جواز الإحسان إليهم بحسن المعاملة والعدل معهم ، وكما قلنا فالحب أمر قلبي لا دخل له بالمعاملة .
أما المحبة الفطرية كمحبة الإنسان لزوجته الكتابية ، أو لابنه أو أبيه الكافر ، فهذه لا دخل للمرء بها ، ولكن لا بد أن يجتمع معها البغض على الدين .

سادسا : عدم جواز مناداة الكافر بألقاب فيها تعظيم له
للحديث الذي أخرجه أبو داود بسند صحيح من حديث بريدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقولوا للمنافق سيدا ، فإنه إن يك سيدا فقد أسخطتم ربكم عز وجل "
فلا يجوز أن يقال للكافر السيد فلان ، و لا Mr فلان و لا صاحب الفخامة أو السمو .....إلخ
لكن يجوز أن ينادى الكافر بمهنته كأن يقال الأستاذ فلان إذا كان يعلم الناس شيئا ، أو الدكتور فلان ، أو المهندس فلان ، أو الرئيس فلان .....إلخ ؛ لأن هذا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم فكان في رسائله يقول إلى هرقل عظيم الروم وغير ذلك.

وبعد أيها الأحباب فهذا اّخر ما تيسر لي أن أسطره ، أسأل الله الكريم المنان أن يجعل ما كتبناه في موازين حسناتنا يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه والتابعين .
رد مع اقتباس