الموضوع: نصيحة للشباب
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-12-2009, 12:02 PM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




I15 نصيحة للشباب

 

إنَّ الْحَمْدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ َسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ له، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صلي الله عليه وعلى آله وسلم.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران:102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70-71].

أَمَّا بَعْدُ
:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.

أَمَّا بَعْدُ:
فإنّه عشيَّةَ بدايةِ العامِ الدِراسي لا نجدُ في النُّصْحِ أفضل من قولِ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم, عشّية الإقبالِ على الاختلاطِ المفتوح, والتسيُّبِ المفضوح, واللامبالاة التي لا حِسابَ لها, والرَّتعِ في شهواتٍ لا نهاية لحدِّها، عشيَّةَ ذلكَ كُلِّه لا يجدُ الإنسانُ خيراً من كلامِ نبيِّهِ صلى الله عليه وعلى آلِه وسلَّم تذكيراً للشباب, وحضّاً لهم على الأخذِ بموفورِ الوقارِ, والبُعدِ عن مواطِنِ الزَلل؛ لأنَّ الأُمّة قد عقدت مناطَ رجائِها عليهم, وأسلَمَت زِمامَ قيِادِها إليهم؛ فأصبحوا مأمونينَ على أمانةٍ جليلةٍ مِن أجلِ إخراجِ الأُمَّةِ مما هي فيه من تخلُّفها, وبُعدِها عن الركبِ الذي أصبَحَ قائداً البشريّة إلى وهدةٍ في حضيضٍ هابطٍ إلى أسفلَ سافليِنَ؛ من لذّاتٍ, وشهواتٍ أُطلِقَت من عِقَالِها بحيثُ لا يحبسُها حابِس ولا يردُّها راد.
إنّ الأمة اليوم تعقدُ رجاءها بأمرِ ربِّها جلّت قدرته على شبابِها الذي يُؤمِنُ بربِّهِ جلّت قُدرَتُه؛ من أجلِ أن يعودَ الأمر مُصَحّحَا إلى سبيلِهِ السَوِيّ, وطرِيقِهِ المرضِّي بعيداً عن عسفِ الشهواتِ, وتخبُّطِ اللذات, وبعيداً عن الخبطِ في أوديةِ الضلالاتِ, ورجوعاً إلى النهجِ الأحمدِ والصِّراطِ المُستقيم.

لا يجدُ المرءُ في النصيحةِ خيراً من كلامِ ربِّهِ, ومن وحيه إلى نبيِّه صلى الله عليه وعلى آلِهِ وسلَّم {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [النور : 33], ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث المتفق على صِحَتِهِ من روايةِ عبد اللهِ بنَ مسعودٍ رضي الله عنه أنّه سمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (يا معشرَ الشباب من استطاعَ منكمُ الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وِجاء), وذكرَ الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك عِدلاً بعِدل ومثلاً بمِثْل, وأتى بفوائد مما يتحصَّلُ عليهِ المرءُ في حينِ زواجِهِ على منهجِ ربِّه وسنةِ نبيّه صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم (فإنّه أغَضُّ للبصرِ وأحصنُ للفرجِ), فإذا لم يستطع فإنه يأتي بالعِدْلِ والمِثْلِ كِفاءاً بكِفاء, وأخذاً بما جاءَ به خير الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله وسلم (فعليه بالصوم فإنه له وجاء), والوِجاءُ الذي كانوا يصنعونه في فحولِ إبِلِهم: أن يأتي الواحدُ منهم بحجرين يرضُّ الخُصيتين - خصيتي الفحلِ - بينهما رَضاً من أجلِ قطعِ مادةِ الشهوةِ وقتلِ نوازِعِ اللذات، فأخذَ الرسولُ صلى الله عليه وعلى آله وسلّم ذلك فجعله واقعاً, ثم جعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم السبيلَ إليه مسلوكاً, والنهجَ إليه محموداً وواضحاً, فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلّم: (فعليه بالصوم).
إذًا؛ هُما أمرانِ في كِفتين إذا ما لم يستطع المرء أن يأتيَ بأحدِهما؛ فلديهِ الآخر (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة, فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر, وأحصن للفرج, ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء).
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم حضَّ الشبابَ على ما يُمكنُ أن يكونَ برحمةِ الله ربِّ العالمين عاصماً للشابِ من أن يتلوث شبابُهُ بما يشيِنهُ, وأن يتوَّرَط في معصيةٍ من معاصي اللهِ جلّ وعلا بإطلاقِ البصر, والبطشِ باليدِ, والسعيِ بالرجل اقترافاً للزِّنا وإن لم يستوجب حداً, فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم يقول: (كُتب على ابنِ آدم حظُّه من الزنا فهو مُدركٌ ذلك لا محالة، العينان تزنيان وزناهما النظر، واليدان تزنيان وزناهما البطش، واللسانُ يزني وزناهُ الكلامُ، والأذنان تزنيان وزناهما الاستماعُ، والرِّجلان تزنيان وزناهما السعي، والفرج يُصَدِّقُ ذلك أو يكذِّبه).
فسمى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلّم ذلكَ كُلَّهُ زِنا, وبيّنَ لنا نبيُّنا صلى الله عليه وعلى آله وسلّم أنه مكتوب حظاً على كُلِّ من كانَ من نسلِ آدم منسولاً إلا من اتقى الله ربَّ العالمين, وأخذَ بما أمرَ به النبي الأمين صلى الله عليه وعلى آله وسلّم؛ فحبَسَ مادة الشهوة من أصلها, وجفف في منابِعها؛ حتى لا تسريَ الدماء, وحتى لا تشتعل الغرائزُ بثورةٍ عارِمةٍ قد لا تُكفُّ إلا بالوقوعِ في الحرامِ, والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلّم يتكلّم بالوحي, وينطقُ بالغيب, والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلّم كأنما ينظر إلى الآتي من خلالِ سترٍ شفيف يُبينُ عمّا وراءه؛ فيضعُ الحواجِزَ, ويضبطُ القيودَ, ويجعلُ للإنسانِ المُسلمِ ما يُمكنُ أن يكونَ حياطةً له بأمر الله جلّ وعلا عشيّةَ العامِ الدراسي, عشيّة الاختلاط المُبهم المُدمدمِ بثورةِ اللذات, والبعدِ عن الأخذِ بالذي ينبغي أن يكون حياطةً للنفس عن الوقوعِ في اللذاتِ, وإثارةِ الشهواتِ, والإقبالِ على الرسالة التي عقدت الأمة رجاءها في اللهِ ربِّ العالمينَ على تحقيقها من خلالِ شبابِها, بإقبالهم على العلم, وتوفرهم بجهدهم عليه في الأصباح والأمساء, وبذلِ المجهود, وإعانةِ المكدودِ, والأخذِ بما أمرَ به الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلّم من تحصيلِ القوة إعداداً؛ لأن الله رب العالمين أمر الأمة في القرآن العظيم بإعداد ما استطاعوا من القوة, ومن رباطِ الخيلِ؛ لأن الله ربَّ العالمين لا يُحِبُّ التواني, ولا يُحبُّ الكَسَلَ, ولا يُحبُّ العجز, وإنما ملّك الله رب العالمين الإنسان الأسبابَ؛ من أجلِ أن يكونَ بها آخذاً, ولها آتياً, وبها في كونِ اللهِ عاملاً، فإذا ما وقع التفريطُ في الأخذِ بالأسبابِ؛ فلا يلومنّ امرءٌ إلا نفسَه, ولا تلَومَنَّ أمُّةَ إلا نفسها.
فعَشيَّةَ العامِ الدِّراسِيِّ لا نجدُ نُصحاً لشبابنا المُقْبِل على عاِمِه الدِّراسي الحميدِ - إنْ شاءَ اللهِ جلَّ وعلا - إقبالاً على العلمِ بنَهَمٍ لا يَكَادُ يشبَعُ منه المرء مهما أُوتِي من علمٍ, كما بَيَّنَ النبيُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلّم: (منهومانِ لا يشبعان: طالبُ علمٍ, وطالبُ مال).
إن الأمّة التي عقدت رجاءها على ربِّها بأخذِ شبابها بأسبابِ القوّة تحصيلاً وإعمالاً لها في كونِ الله رب العالمين؛ لتعودَ للأمَّةِ ريادتُها, وليعودَ للأمَّةِ سَبْقُها بفضلِ ربِّها, لأن الضعيف العاجِزَ يُؤَثَّرُ فيه ولا يُؤَثِّر, ويتأثَّرُ ولا يُؤثِّر, لأن الضعيف العاجزَ يكونُ الطمع فيه قائماً, ولأن الشرّ متى ما وَجَدَ الحَقَّ متهاوناً؛ عدا عليه بجُنْدِهِ ورَجْلِهِ وخَيْلِهِ, وحَاولَ أن يَئِدَهُ في مَهدهِ, ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله العلي العظيم.
إنَّ الله ربَّ العالمينَ أمرَنا بإعدادِ ما نستطيعُ من قوةٍ ومن رِباطِ الخيلِ - أمرنا ربُّ العالمين -, والأمرُ في القرآنِ العظيم متى ما أتى من غير قرينةٍ صارفةٍ عن الوجوبِ فهو على أصلِهِ للوجوب؛ فهو إذاً أمرٌ واجبٌ حتمٌ إذا ما فرَّطَتْ فيهِ الأمَّةُ عاقبها الله رب العالمين في الدنيا بُذُلٍّ وخسفٍ ومهانةٍ وإحباطٍ, وعاقبَها اللهُ ربُّ العالمينَ في الآخرةِ جزاءً وفاقاً لما فرَّطَتْ فيهِ من حملِ الأمانةِ والأخذِ بتنفيِذِ الأمرِ الذي أمر به الله رب العالمين.

يتبع...
رد مع اقتباس