عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 07-18-2010, 02:18 PM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

الدرس الخامس والعشرون
=========
الشهادة بالجنة
م / وَنَشْهَدُ لِلْعَشَرَةِ بِالْجَنَّةِ, كَمَا شَهِدَ لَهُمْ اَلنَّبِيُّ  فَقَالَ (( أَبُو بَكْرٍ فِي اَلْجَنَّةِ, وَعُمَرُ فِي اَلْجَنَّةِ, وَعُثْمَانُ فِي اَلْجَنَّةِ, وَعَلِيُّ فِي اَلْجَنَّةِ, وَطَلْحَةُ فِي اَلْجَنَّةِ, وَالزُّبَيْرُ فِي اَلْجَنَّةِ, وَسَعْدٌ فِي اَلْجَنَّةِ, وَسَعِيدٌ فِي اَلْجَنَّةِ, وَعَبْدُ اَلرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي اَلْجَنَّةِ, وَأَبُو عُبَيْدَةَ ِبْنِ اَلْجَرَّاحِ فِي اَلْجَنَّةِ ، وكل من شهد له النبي  بالجنة شهدنا له كقوله : الحسن والحسين سيدا شباب الجنة ، وقوله في ثابت بن قيس : إنه من أهل الجنة ، ولا ننزل أحداً من أهل القبلة جنة ولا ناراً إلا من نزله رسول الله  ، لكن نرجو للمحسن ونخاف على المسيء)) .
----------------------------------
من عقيدة أهل السنة الشهادة بالجنة لمن شهد له الرسول  بعينه ، أما من عداهم فلا يشهد لأحد بجنة أو نار لكن نرجو للمحسن الثواب ونخاف على المسيء العقاب .
فممن شهد لهم الرسول بالجنة : العشرة المبشرين بالجنة .
وسموا بذلك لأنهم جاءوا بحديث واحد مجتمعين .
عن عبد الرحمن بن عوف . قال : قال رسول الله  ( أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد في الجنة ، وسعيد في الجنة ، وأبو عبيدة في الجنة ) رواه الترمذي .
• الحسن والحسين .
لحديث أبي سعيد . قال : قال رسول الله  ( الحسن والحسين سيدا شباب الجنة ) رواه الترمذي .
• عُكاشة بن محصن .
لما ذكر الرسول  السبعين الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ، فقال عكاشة بن محصن : ( ادع الله أن يجعلني منهم ، قال : أنت منهم ) متفق عليه .
• بلال بن رباح .
لحديث أبي هريرة . قال : قال رسول الله  لبلال ( يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام ، فإني سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة ) متفق عليه .
• عبد الله بن سلام .
لحديث سعد . قال ( ما سمعت رسول الله  يقول لأحد يمشي على الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سَلام ) رواه البخاري .
• ثابت بن قيس .
لحديث أنس قال ( لما نزلت (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) جلس ثابت في بيته ، وقال : أنا من أهل النار ، واحتبَس عن النبي ، فسأل النبي  عنه ، فلما أخبر بخبره ، قال : بل هو من أهل الجنة ) رواه مسلم .

حارثة .
كما جاء في حديث أنس ( أن أم حارثة أتت النبي  فقالت : يا رسول الله ! ألا تحدثني عن حارثة – وكان قد قتل يوم بدر – فإن كان من أهل الجنة صبرت ، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء ، فقال : يا أم حارثة ! إنها جنان وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى ) رواه مسلم .
• جعفر .
لحديث أبي هريرة . قال : قال رسول الله  ( رأيت جعفراً يطير في الجنة مع الملائكة ) رواه الترمذي .
• وغيرهم :
كزوجاته  ، وفاطمة .

حكم مرتكب الكبيرة
م / وَلَا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ اَلْقِبْلَةِ بِذَنْبٍ, وَلَا نُخْرِجُهُ عَنْ اَلْإِسْلَامِ بِعَمَلٍ .
---------------------
• معتقد أهل السنة والجماعة أن فاعل الكبير [ غير الشرك ] أنه لا يخرج من الإسلام وهو مؤمن ناقص الإيمان .
ولهم أدلة كثيرة على ذلك :
قال تعالى (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) .
استدل أهل السنة بهاتين الآيتين على أن المؤمن لا يكفر بارتكابه الكبائر ، لأن الله أبقى عليه اسم الإيمان مع ارتكابه لمعصية القتل ، ووصفهم بالأخوة وهي هنا أخوة الدين .
وقال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ....... ) .
قال ابن الجوزي : دل قوله تعالى [ من أخيه ] على أن القاتل لم يخرج من الإسلام .
ومن الأدلة نصوص صريحة في خروج من دخل النار من الموحدين .
عن أنس . قال : قال رسول الله  ( يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله ، وفي قلبه وزن شعيرة من خير ، ويخرج من النار من قال : لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير ، ويخرج من النار من قال : لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من
إيمان ) متفق عليه .
وعن أبي سعيد . قال : قال رسول الله  ( يدخل أهل الجنة الجنة ، وأهل النار النار ، ثم يقول الله تعالى : أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ، فيُخرجون منها قد اسودوا .... ) متفق عليه .

• وهناك نصوص صريحة فيها التصريح ببقاء الإيمان مع ارتكاب الكبائر .
كحديث عمر . ( أن رجلاً على عهد النبي  كان اسمه عبد الله وكان يلقب حماراً وكان يُضحك رسول الله  قد جلده في الشراب ، فأتيَ به يوماً فجلد ، فقال رجل من القوم ، اللهم العنه ، ما أكثر ما يؤتَى به ! فقال النبي  : لا تلعنوه ! فوالله ما علمت إنه يحب الله ورسوله ) رواه البخاري .
فالحديث صريح ببقاء محبة الله ورسوله ، وهي من أعظم أصول الإيمان القلبي مع تكرار شربه للخمر .
قال الحافظ ابن حجر : وفيه الرد على من زعم أن مرتكب الكبيرة كافر لثبوت النهي عن لعنه ، والأمر بالدعاء له .
• وهناك نصوص فيها التصريح بعدم دخول الموحد النار أو خلوده فيها – إن دخل – مع ارتكابه الكبائر .
كحديث أبي ذر . عن النبي  أنه قال ( أتاني جبريل فبشرني : أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ،
قلت : وإن زنى وإن سرق ، قال : وإن زنى وإن سرق ) متفق عليه .
قال النووي : وأما قوله [ وإن زنى وإن سرق ] فهو حجة لمذهب أهل السنة أن أصحاب الكبائر لا يقطع لهم بالنار ، وأنهم إن دخلوها أخرجوا منها وختم لهم بالخلود بالجنة .
وهناك أدلة كثيرة جداً ، لكن ما ذكرته يكفي .
• ففاعل الكبيرة عند أهل السنة إذا مات – من غير توبة – فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه كبقية المسلمين .
• فمن شرب الخمر أو سرق أو قتل نفساً بغير حق فإنه يعتبر مؤمن ناقص الإيمان ويغسل ويكفن ويصلى عليه .
• الكبيرة : هي كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب .
• خالفت في ذلك الخوارج قالوا : إن فاعل الكبيرة كافر مخلد في النار .
وقولهم مردود ترده الأحاديث الصحيحة كما سبق .
وهم استدلوا بنصوص الوعيد ، كحديث ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ) .
والجواب عند أهل السنة : أن المعنى أنه حين يسرق يكون ناقص الإيمان ، جمعاً بين النصوص .
وكذلك قوله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) .
والجواب عن هذا : أن معنى خالداً فيها : المراد المكث الطويل ، جمعاً بين النصوص .
وسبب ضلال هذه الطائفة أنها أخذت بأحاديث الوعيد فقط .







طاعة ولي الأمر في غير المعصية
م / وَنَرَى اَلْحَجَّ وَالْجِهَادَ مَاضِيَيْنِ مَعَ طَاعَةِ كُلِّ إِمَامٍ, برًا كَانَ أَوْ فَاجِرًا .
ومن السنة السمع والطاعة لأئمة المسلمين وأمراء المؤمنين ، برهم وفاجرهم ، ما لم يأمروا بمعصية الله ، فإنه
لا طاعة لأحد في معصية الله .
ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس ورضوا به ، أو غلبهم بسيفه صار خليفة وسمي أمير المؤمنين
وجبت طاعته وحرمت مخالفته والخروج عليه .
-------------------------
براً : البر كثير الطاعة . فاجراً : كثير العصيان .
من عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم يرون الطاعة للأمير ولو كان فاسقاً ، ويرون عدم الخروج عليه ، لما يترتب على ذلك من المفاسد الكثيرة من سفك للدماء ، وزهق للأرواح ، ونهب للأموال ، واستحلال للمحارم ، بل في الصبر على جوْرهم تكفير السيئات ومضاعفة للأجور .
• الأدلة على وجوب طاعة ولي الأمر في غير المعصية :
قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) .
وعن أبي هريرة . قال : قال رسول الله  ( من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصى أميري فقد عصاني ) متفق عليه .
وعن ابن عمر . قال : قال رسول الله  ( السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ) متفق عليه .
وعن أبي ذر . قال : قال رسول الله  ( إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبداً حبشياً مجدع الأطراف ) رواه مسلم ، وعند البخاري ( ولو لحبشي كأن رأسه زبيبة ) .
وعن ابن عباس . قال : قال رسول الله  ( من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر ، فإنه من فارق الجماعة شبراً فمات فميتته جاهلية ) متفق عليه .
وعن عوف بن مالك . قال : قال رسول الله  ( خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ، وتصلون عليهم ويصلون
عليكم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم ، وتلعنونهم ويلعنونكم ، فقلنا يا رسول الله ! أفلا ننابذهم بالسيف عند ذلك ؟ قال : لا ، ما أقاموا الصلاة فيكم ، ألا من وليَ عليه والٍ ، فرآه يأتي شيئاً من معصيته فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً من طاعة ) رواه مسلم .
• فأهل السنة يرون الصلاة والحج مع الأمراء وإن كانوا فجاراً .
ففي صحيح البخاري أن عبد الله بن عمر كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف ، وكذا أنس بن مالك ، وكان الحجاج فاسقاً ظالماً .
وصلى ابن مسعود خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيْط وكان يشرب الخمر .
وفي صحيح البخاري أن النبي  قال ( يصلون لكم ، فإن أصابوا فلكم ولهم ، وإن أخطأوا فلكم وعليهم ) .
• وقد بيّن النبي  منهج المسلم في هذا الأمر :
فعن ابن مسعود . قال : قال رسول الله  ( إنكم سترون بعدي أثرة وأموراً تنكرونها ، قالوا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : أدوا إليهم حقهم ، وسلوا الله حقكم ) متفق عليه .
• ويحرم طاعتهم في المعصية .
لقوله  ( لا طاعة في معصية الله ، إنما الطاعة في المعروف ) متفق عليه .
ثم ذكر المصنف كيفية اختيار الخليفة ، ويكون بثلاثة أمور :
أولاً : أن ينص الإمام الذي قبله .
كما في خلافة عمر ، فإنها نص من أبي بكر الصديق .
ثانياً : اتفاق أهل الحل والعقد عليه .
كإمامة أبي بكر الصديق ، فإنها لإجماع أهل الحل والعقد .
وكما في خلافة عثمان ، فإنها باجتماع من أهل الحل والعقد المعينين من قِبَل عمر .
ثالثاً : أن يغلب بسيفه حتى يصير خليفة .
قال بعض العلماء : من هذا القبيل قيام عبد الملك بن مروان على ابن الزبير وقتله إياه في مكة على يد الحجاج بن يوسف فاستتب له الأمر .
فضل الصحابة وما جرى بينهم .
م / وَمِنْ اَلسُّنَّةِ تَوَلِّي أَصْحَابِ رَسُولِ اَللَّهِ  وَمَحَبَّتُهُمْ, وَذِكْرُ مَحَاسِنَهُمْ, وَالتَّرَحُّمُ عَلَيْهِمْ, وَاعْتِقَادُ فَضْلِهُمْ, وَمَعْرِفَةُ سَابِقَتِهِمْ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى : (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) وَقَالَ اَلنَّبِيُّ  ( لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي, فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا, مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ, وَلَا نَصِيفَهُ ).
----------------------
الصحابي : هو من لقي النبي  مؤمناً به ومات على ذلك ولو تخللت ردة .
سبق أن الصحابة أفضل الأمة .
• السنة حب الصحابة وتعظيمهم وأنهم عدول .
قال تعالى (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) .
هذه الآية ظاهرة الدلالة على تزكية الله لهم تزكية لا يخبر ولا يقدر عليها إلا الله ، وهي تزكية بواطنهم وما في قلوبهم .
قال جابر ( كنا ألفاً وأربعمائة ) رواه البخاري .
وقال تعالى (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) .
وقال تعالى (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) .
هذه الآية اشتملت على أبلغ الثناء على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
وقال تعالى (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) .
وعن عمران بن حصين . قال : قال رسول الله  ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم .. ) .
ففي هذا الحديث إثبات الخيرية لجميع الصحابة ، وأنهم مقدمون في الفضل على من جاء بعدهم .
وعن أبي سعيد . قال : قال رسول الله  ( لا تسبوا أصحابي ، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفَه ) متفق عليه .
ففي هذا الحديث بيان لفضل أصحاب رسول الله  ، فقد نهى عن سبهم ، ووصفهم بالصحبة ، وأضافها إلى نفسه تنويهاً لفضلهم وبيان لشرف منزلتهم .
فلو أن أحداً من غير الصحابة من المؤمنين أنفق مثل جبل أحد ذهباً في سبيل الله لا رياء ولا سمعة خالصاً لوجه الله ، ما بلغ في الثواب والأجر والفضل مثل المدِّ من الطعام الذي يتصدق به صحابي ، ولا نصف المد .
وعن ابن عباس قال ( لا تسبوا أصحاب محمد  ، فلمقام أحدهم ساعة – يعني مع النبي  - خير من عمل أحدهم أربعين سنة ) رواه ابن بطة بإسناد صحيح .
وعن جابر قال : قيل لعائشة : إن ناساً يتناولون أصحاب رسول الله  حتى أبا بكر وعمر ، فقالت : وما تعجبون من هذا ؟ انقطع عنهم العمل ، فأحب الله أن لا يقطع عنهم الأجر .
• سب الصحابة أو تكفيرهم يستلزم أموراً خطيرة :
أولاً : الطعن في الصحابة ، وهذا واضح .
ثانياً : يلزم من هذا أمر من أمرين ، إما نسبة الجهل إلى الله – تعالى عما يصفون – أو العبث في هذه النصوص التي أثني بها على الصحابة .
فإن كان الله – تعالى عن قولهم – غير عالم بأنهم سيكفرون ومع ذلك اثنى عليهم ووعدهم بالحسنى فهو جهل ، والجهل عليه تعالى محال ، وإن كان الله عالماً بأنهم سيكفرون فيكون وعده لهم بالحسنى ورضاه عنهم عبث ، والعبث في حقه محال .
ثالثاً : الطعن في حكمة الله سبحانه وتعالى حيث اختارهم واصطفاهم لصحبة نبيه  فجاهدوا معه وآزروه ونصروهم واتخذهم أصهاراً ، حيث زوج ابنتيه ذا النورين ( عثمان ) ، وتزوج ابنتي أبي بكر وعمر ، فكيف يختار لنبيه أنصاراً وأصهاراً مع علمه بأنهم سيكفرون ؟؟
رابعاً : يستلزم ذلك الطعن في القرآن وفي الشريعة ، وذلك لأن الطعن في النقلة طعن في المنقول ، إذ كيف نثق بكتاب نقله إلينا الفسقة والمرتدون والعياذ بالله .

• الإمساك عما شجر بينهم .
قد جاء في الحديث ( وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا ) رواه أحمد وصححه الألباني .
والمراد بالإمساك : عدم الخوض فيما وقع بينهم من الحروب والخلافات على سبيل التوسع وتتبع التفصيلات ونشر ذلك بين العامة أو التعرض لهم بالتنقص لفئة ، والانتصار لأخرى .
فنحن لم نؤمر بذلك ، بل أمرنا بالاستغفار لهم ومحبتهم ونشر محاسنهم وفضائلهم .
• وما وقع بين الصحابة من حروب وغيرها فينبغي الاعتقاد :
أن بعضها كذب ، فلا يلتفت إليه .
وبعضها زيد فيه ونقص وغيّر عن وجهه الصريح ، فينبغي التثبت والتأكد من الصحيح .
والصحيح منه فهم مجتهدون ، إما مجتهدون مصيبون ( والمجتهد إن أصاب فله أجران ) وإما مجتهدون مخطئون ( والمجتهد إن أخطأ فله أجر واحد ) .
فالمهم أن نعلم أن القتال الذي حصل بين الصحابة لم يكن على الإمامة ، فإن أهل الجمل وصفين لم يقاتلوا على نصب إمام غير علي ولا كان معاوية يقول إنه الإمام دون علي ولا قال ذلك طلحة والزبير ، .... وإنما كان القتال فتنة عند كثير من العلماء – بسبب اجتهادهم في كيفية القصاص من قاتلي عثمان رضي الله عنهم –
ومما يؤكد ذلك :
( أنه جاء أبو مسلم الخولاني وأناس إلى معاوية ، وقالوا : أنت تنازع علياً أم أنت مثله ؟ فقال : لا والله ، إني أعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر مني ، ولكن ألستم تعلمون أن عثمان قتل مظلوماً ، وأنا ابن عمته ، والطالب بدمه ، فائتوه فقولوا له ، فليدفع إليّ قتلة عثمان ، وأسلّم له ، فأتوا علياً فكلموه ، فلم يدفعهم إليه ) وفي رواية ( فعند ذلك صمم أهل الشام على القتال مع معاوية ) .
• جمهور الصحابة وجمهور أفاضلهم لم يدخلوا في هذه الفتنة .
عن محمد بن سيرين . قال ( هاجت الفتنة وأصحاب رسول الله  عشرة آلاف فما حضرها منهم مائة ، بل لم يبلغوا ثلاثين ) .
قال ابن تيمية : وهذا الإسناد أصح إسناد على وجه الأرض ، ومحمد بن سيرين من أورع الناس في منطقه ، ومراسيله من أصح المراسيل .
• مما ينبغي على المسلم أن يعلمه حول ما وقع بين الصحابة ، هو حزنهم الشديد وندمهم لما جرى .
فهذه أم المؤمنين كما يروي عنها الزهري أنها قالت ( إنما أريد أن يحجز بين الناس مكاني ، ولم أحسب أن يكون بين الناس قتال ، ولو علمت ذلك لم أقف ذلك الموقف أبداً )
وكانت إذا قرأت ( وقرن في بيوتكن ) تبكي حتى يبتل خمارها .
وأما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فيقول الشعبي ( لما قتل طلحة ورآه علي مقتولاً ، جعل يمسح التراب على وجهه ويقول : عزيز عليّ أبا محمد أن أراك مجدلاً تحت نجوم السماء ، ثم قال : إلى الله أشكو عجزي وبجري [ همومي
وأحزاني ] وبكى عليه هو وأصحابه وقال : ياليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة ) .
ويقول  ( يا حسن يا حسن : ما ظن أبوك أن الأمر يبلغ إلى هذا ، ودّ أبوك لو مات قبل هذا بعشرين سنة ) .
ومع ذلك فأهل السنة لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره ، بل تجوز عليهم الذنوب في الجملة ، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر .[ ابن تيمية ] .
• حكم سب الصحابة .
سب الصحابة فيه تفصيل :
أولاً : من سب الصحابة بالكفر والردة أو الفسق جميعهم أو معظمهم ، فلا شك في كفر هذا ، لأمور :
- أن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنة كفار أو فساق ، وبذلك يقع الشك في القرآن والأحاديث ، لأن الطعن في النقلة طعن في المنقول .
- لأن في ذلك إيذاءً له  ، لأنهم أصحابه وخاصته ، فسب أصحاب المرء وخاصته والطعن فيهم يؤذيه ولا شك ، وأذى الرسول  كفر .
- أن في هذا تكذيباً لما نص عليه القرآن من الرضى عليهم والثناء عليهم .
قال ابن تيمية : .... وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله  إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً أو أنهم فسقوا عامتهم ، فهذا لا ريب أيضاً في كفره ، لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم ، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين .
ثانياً : من سب بعضهم سباً يطعن في دينهم كأن يتهمهم بالكفر أو الفسق وكان مما تواترت النصوص بفضله
( كالخلفاء ) فذلك كفر على القول الصحيح .
لأن في هذا تكذيباً لأمر متواتر .
وذهب بعض العلماء إلى عدم كفره ، لكن أعتبروا ذلك من كبائر الذنوب وصاحبه يستحق التعزير والتأديب .
ثالثاً : إن سب صحابياً لم يتواتر النقل بفضله سباً يطعن في الدين .
فجمهور العلماء على عدم كفره ، وذلك لعدم إنكاره معلوماً من الدين بالضرورة .
رابعاً : إن سب بعضهم سباً لا يطعن في دينهم وعدالتهم، فلا شك أن ذلك يستحق التعزير والتأديب، لكنه لا يكفر.

===
ماهي الكبيرة؟ وما حكم فاعل الكبيرة في معتقد اهل السنة؟
===
على الفاضلة ام مريم استخلاص فوائد هذا الدرس
وجزاها وجزاكم الله خيرا