عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 04-14-2008, 05:08 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

هذه بعض ثمرات العلم النافع:
الثمرة الأولى
أن العلم فيه رفعة لصاحبه في الدنيا والآخرة.
يقول الله تعالى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر:9].
ويقول الله تعالى:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[المجادلة:11].
ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول( العلماء فوق المؤمنين مائة درجة، ما بين الدرجة والأخرى مائة عام ).

إنما العلم منحة *** ليس فيها منازع
هو للنفس لذة *** وهو للقدر رافع.


ولهذا يقول الله عز وجل:{وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ}[الإسراء:55]، يقول العلماء( فضلهم الله عز وجل في العلم ).

هناك مواقف كثيرة تدل على رفعة العلم لأصحابه حتى في الدنيا:

- في صحيح مسلم أن نافع بن عبد الحارث خرج في استقبال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى عسفان، فالتقاه عمر فقال: من استخلفت على أهل مكة؟(وكان نافع والي مكة)،قال: استخلفت عليهم ابن أبزى، فقال: من ابن أبزى؟ فقال: رجل من موالينا؛ فقال عمر: استخلفت عليهم مولى؟ فقال: إنه قارئ لكتاب الله، عالم بالفرائض يقضي بين الناس، فقال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال:[ إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ].

الناس من جهة التمثيل أكفاء *** أبوهم آدم والأم حواء
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم *** والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلم تعش به حيا أبدا *** فالناس موتى وأهل العلم أحياء.


- القاضي محمد بن عبد الرحمن الأوقس: عندما نقرأ في سيرته نجد أن العلماء يقولون: كان فقيرا، لم يكن حسن الصورة، كان له منكبان عاليان، وكان الناس يعيرونه بأنه ليس له رقبة، فكان يوما من الأيام يدع عند الكعبة يقول:"اللهم اعتق رقبتي من النار" فالتفتت إليه امرأة وقالت: يا ابن أخي أي لك رقبة هذه التي تريد عتقها من النار، فقالت له أمه: يا بني لا تكون في قوم إلا كنت المضحوك منه المسخور به فعليك بتعلم العلم، فتعلم العلم وناله، وأصبح قاضيا، فكان الخصوم إذا وقفوا أمامه يرتعدون من شدة هيبته رحمه الله رحمة واسعة.

العلم يرفع بيتا لا عماد له *** والجهل يهدم بيت العز والشرف
العلم يسمو بقوم ذروة الشرف *** وصاحب العلم محفوظ من التلف.


- طائر الهدهد قد خلد الله عز وجل ذكره في القرآن الكريم، ارتفع وسما لأنه كان لديه من العلم ما ليس لدى نبينا سليمان -عليه السلام-، فقال:{لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (21) َفمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ}[النمل:21-22]، يفتخر على سيد زمانه وأعلم أهل الأرض في زمانه بأنه أحاط من العلم ما لم يحط به سليمان -عليه السلام-.

الثمرة الثانية
العلم حياة للروح.
الله عز وجل يقول:{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }[الأنعام:122].
ما هو هذا النور؟
- قيل هو الإسلام.
- وقيل هو القرآن الكريم.
- وقيل متابعة النبي صلى الله عليه وسلم.
يجمعها لنا أن نتعلم هذا العلم الشرعي.
يقول الله تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }[النحل:97].
والذي يدلك على أن العلم فيه حياة القلوب الحديث العظيم عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام:[ مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت الكلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ].
ولهذا ابن القيم -رحمه الله- له كلام نفيس جدا في هذا الحديث في الرسالة "التبوكية" وأيضا في كتاب "مفتاح دار السعادة".
ولهذا يقول الغمام الأندلسي -رحمه الله- في قصيدته الماتعة النافعة التي أرسلها إلى ابنه وفيها:

فقوت الروح أرواح معاني *** وليس بأن طعمت ولا شربتا
جعلت المال فوق العلم جهلا *** لعمرك في القضية ما عدلتا
وبينهما بنص الوحي بَيْنٌ *** ستعلمه إذا طه قرأتا.


الثمرة الثالثة
أن طلب العلم الشرعي طريق لنيل الإمامة في الدين التي قال الله عز وجل:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ}[السجدة:24]، وقال الله تعالى:{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}[الفرقان:74].

الثمرة الرابعة
أنه طريق إلى تقوى الله عز وجل.
يقول أحد السلف( والله لو أعلم أن الله تقبل مني حسنة واحدة لتمنيت بعده الموت، قالوا: لم؟ قال: لأن الله تعالى قال:{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[المائدة:27] فإذا تقبل الله مني فهذا دليل على أني من المتقين، ومعنى ذلك:{إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً }[النبأ:31] ).

الثمرة الخامسة
أن العلم الشرعي يكشف لك الشبهات.
الصحابة -رضي الله عنهم- حينما ذهبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: يا رسول الله، إنه ليأتي في ذهن أحدنا من الكلام ما لو تحدث به لخشي على نفسه، فقال النبي عليه الصلاة والسلام:[ أوقد وجدتموه؟ ] قالوا: نعم، قال:[ ذاك صريح الإيمان ].
ابن دقيق العيد -رحمه الله- يقول( أصابني وسواس المعتقد في بداية حياتي، فشكوت ذلك إلى أهل العلم فقالوا عليك بطلب العلم، فقال: فطلبت العلم فأذهبه الله عز وجل من نفسي ).

الثمرة السادسة
أن هذا العلم الشرعي مخرج للإنسان من الفتن والشهوات.
لهذا لما قام قارون بمظهريته الجوفاء وبأمواله التي تنوء العصبة بحملها قال الناس:{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }[القصص:79]، ولكن أهل العلم قالوا:{وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ }[القصص:80].

الثمرة السابعة
أنه طريق إلى الخشية من الله عز وجل.
يقول الله تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء}[فاطر:28].
عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- يقول(ليس العلم بكثرة الرواية ولكن العلم ما وقر في القلب).
وكذلك لو قرأنا كتاب "التوحيد" فإن آخر باب فيه (وما قدروا الله حق قدره)، فإن الإمام محمد عبد الوهاب -رحمه الله- ختم بهذا الباب ليقول لنا: إن العلم وعلم التوحيد الذي تعلمناه يجب أن يقودنا إلى أن نعظم الله تعالى وأن نخشاه وأن نخافه سبحانه وتعالى.

الثمرة الثامنة
أنه طريق إلى الجنة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:[ من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ].

الثمرة التاسعة
أنه في حد ذاته عبادة.
يعني حتى ولو لم تصل إلى شيء فأنت كنت تتعبد الله عز وجل وتتقرب إليه بهذا العلم.

الثمرة العاشرة
أن العلم الشرعي حل عظيم للمأزق الذي يقع فيه الناس: مآزق سياسية واقتصادية واجتماعية.

الثمرة الحادية عشرة
أنه طريق صحيح للتعبد.

الثمرة الثانية عشرة
أنه علامة على إرادة الله تعالى بعبده الخير.

الثمرة الأخيرة
أنه طريق لكسب الأخلاق الحميدة.

العنصر الرابع
أدب الطلب
في جميع كتب التي تتحدث عن طلب العلم تجد أنهم يفيدون فيها مبحثا خاصا عن أدب المحدث، ومبحثا خاصا عن أدب الفقيه وعن أدب طالب العلم، لأن طالب العلم يجب أن يكون على هذا الأدب العظيم.
* تعريف الأدب:
لغة: هو حسن الأخلاق وفعل المكارم.
له منزلة عظيمة في هذا الدين:
- يقول ابن القيم -رحمه الله-( الأدب هو الدين كله ).
وإن تأملنا في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نجد أنه كثيرا ما يحث على مكارم الأخلاق وعلى حسن الآداب، والنبي عليه الصلاة والسلام لخص دعوته ورسالته بقوله:[ إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ]، ويقول عليه الصلاة والسلام:[ ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة ]، ويقول عليه الصلاة والسلام:[ أكمل المؤمنين إيمانا أحاسنهم خلقا ].
ولهذا فإن أعظم الناس خلقا هو إمام العلماء محمد صلى الله عليه وسلم الذي زكاه الله عز وجل في كتابه فقال:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم:4].
عائشة -رضي الله عنها- سئلت عن خلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت( كان خلقه القرآن ).
الإمام الشاطبي -رحمه الله- في كتابه "الاعتصام" بين ما معنى ( كان خلقه القرآن ) قال: وإنما كان صلى الله عليه وسلم خُلُقه القرآن لأنه حَكّم الوحي على نفسه حتى صار في علمه وعمله وقوله على وفق الوحي الذي أتى من الله سبحانه وتعالى.


نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يأخذ بنواصينا إلى البر والتقوى، وأن يرزقنا الحسنى وأن يجنبنا سبل الهوى والردى إنه عز وجل جواد كريم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



وباقي المحاضرات تأتي تباعا بحول الله وعونه.
رد مع اقتباس