عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 04-04-2008, 12:03 AM
أبومالك أبومالك غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الله المستعان...

كن على جادة السلف الصالح:
كن سلفياً على الجادة، طريق السلف الصالح من الصحابة رضى الله عنهم، فمن بعدهم ممن قفا أثرهم في جميع أبواب الدين، من التوحيد، والعبادات، ونحوها، متميزاً بالتزام آثار رسول -الله صلى الله عليه وسلم-وتوظيف السنن على نفسك، وترك الجدال، والمراء، والخوض في علم الكلام، وما يجلب الآثام، ويصد عن الشرع.
هذا من أهم ما يكون أن الانسان يكون على طريقة السلف الصالح فى جميع أبواب الدين ، من التوحيد والعبادات والمعاملات وغيرها ، كذلك يترك الجدال والمراء ، لأن الجدال والمراء هو الباب الذى يقفل طريق الصواب ، فإن الجدال والمراء يحمل المرء على أن يتكلم وينتصر لنفسه فقط ، حتى لو بان له الحق تجده : إما أن ينكره ، وإما أن يؤوله على وجه مستكره انتصاراً انفسه وارغاماً لخصمه على الأخذ بقوله ، فإذا رأيت من أخيك جدالاً ومراء ، بحيث يكون الحق واضحاً ولكنه لم يتبعه ففر منه فررارك من الأسد . وقل : ليس عندى إلا هذا ، اتركه .
وكذلك الخوض فى علم الكلام مضيعة للوقت ، لأنه يخوض فى أشياء من أوضح الأشياء ، مرَّ عليَّ اليوم فى دراسة بعض الطلبة . يقول : ما هو العقل ؟ .
عرفه لى لغة واصطلاحاً وعرفا وشرعا !! هذا ما له تعريف ، لكن علم الكلام أدخل علينا الأشياء هذه ، يجد الواحد مرة : إيش العقل ؟ سبحان الله !!
الظاهر أن الذى يقعد يفكر فى تعريف الغقل صار مجنوناً لأن هذا أمر واضح ما يحتاج الى تعريف ، لكن هؤلاء –أهل الكلام- صدوا الناس عن الحق وعن المنهج السلفى البسيط بما يوردونه من الشبهات والتعريفات والحدود وغيرها . وانظر كلام شيخ الاسلام ابن تيمية –رحمه الله- فى الرد على المنطقيين ، يتبين لك الأمر ، أو فى "نقض المنطق" وهو مختصر وأوضح لطالب العلم ، يتبين لك ما هم عليه من الضلال .
ما الذى حمل علماء جهابذة على أن يسلكوا باب التأويل فى باب الصفات ؟ ! إلا علم الكلام . لو كان كذا لكان كذا ، لو كان يُرى لزم أن يكون فى جهة ، ولو كان فى جهة لكان جسماً وهلم جره ... يعطونك من هذا الكلام الذى يضيعك ، وهم يظنون أنهم يهدونك سواء السبيل .
فإذاً من المهم لطالب العلم أن يترك الجدال والمراء ، وأن يترك ما يرد على ذهنه من الايرادات ، اترك هذه الأشياء ، لا تتنطع ، اجعل علمك سهلا ميسراً .
يعنى الأعرابى يأتى ببعيره يسأل النبى –صلى الله عليه وسلم- عن مسائل الدين ، ثم ينصرف بدون مشقة ، لأنه ليس عنده إلا التصديق أما المناقشات والمراء والجدال ، فهذا يضر الانسان ، الشيخ بكر –جزاه الله خيراً- ألمح الى هذا الأمر ، وما يجلب الآثام ويصد عن الشرع .

قال الذهبي رحمه الله تعالى :
“وصح عن الدارقطني أنه قال: ما شيء أبغض إلي من علم الكلام. قلت: لم يدخل الرجل أبداُ في علم الكلام ولا الجدال، ولا خاض في ذلك، بل كان سلفياً” ا هـ.
يبغضه مع أنه لم يدخل فيه ، لكن لما فيه من مسالب آثار سيئة ، وتطويل بلا فائدة ، وتشكيك لما هو متيقن وإرباك للأفكار وهجر للآثار ولهذا ليس شئ فيما أرى أضر على المسلمين فى عقائدهم من علم الكلام والمنطق ، وكثير من علماء الكلام الكبار أقروا فى آخر حياتهم أنهم على دين العجائز ورجعوا الى الفطرة الأولى ، لما علموا من علم الكلام .
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فى (( الفتوى الحموية )) : وأكثر من يخاف عليهم الضلال ، هم المتوسطون من علماء الكلام ، لأن من لم يدخل فيه فهو فى عافية منه ، ومن دخل فيه وعرف غايته فقد عرف بطلانه وفساده ورجع . اهـ .
وصدق رحمه الله ، وهذا هو الذى يخاف فى كل علم ، يخاف من الأنصاف الذين ما عرفوا الطريق لأنهم لم يروا أنفسهم أنهم لم يدخلوا فى العلم فتركوه لغيرهم ، ولم يبلغوا غاية العلم والرسوخ فيه فيضلون ويضلون .
لكن علم الكلام خطير لأنه يتعلق بصفات الرب وذاته ولأنه يبطل النصوص تماماً ويحكم العقل ، ولهذا كان من قواعدهم : أن ما جاء فى النصوص من صفات الله ينقسم الى ثلاثة أقسام :
الأول : قسم أقره العقل ، فهذا نقره بدلالة العقل لا بدلالة السمع .
الثانى : قسم نفاه العقل ، فيجب علينا نفيه دون تردد لأن العقل نفاه ، ولكن عقل من ؟! .
قال الامام مالك رحمه الله : ليت شعرى بأى عقل تنكر الكتاب والسنة ، أو ما كلما جاءنا رجل أجدل من رجل أخذنا بقوله ، وتركنا الكتاب والسنة ، هذا لا يمكن .
الثالث : قسم لم يرد العقل بنفيه ولا باثباته ، فمن قال : إن شرط الاثبات دلالة العقل . قال :يرد ، لأن العقل لم يثبته ، ومن قال : إن من شرط قبوله أن لا يرده العقل . قال : يقبل . وأكثرهم يقول : إنه يرد ولا يقبل ، لأن من شرط إثباته أن يدل عليه العقل .
وبعضهم يتوقف . قالوا : إذا لم يثبته العقل ولم ينفه ، فالواجب علينا أن نتوقف وكل هذه قواعد ما أنزل الله بها من سلطان ، ضلوا بها وأضلوا والعياذ بالله ، وارتبكوا بها وشكوا وتحيروا ، لذلك أكثر الناس شكاً عند الموت هم أهل الكلام .
يترددون : هل الله جوهر أم عرض ؟ هل هو قائم بنفسه أو بغيره ؟ هل يفعل أم لا يفعل ؟ هكذا... عند الموت فيموت وهو شاك . نسأل الله السلامة والعافية لكن إذا كان الطريق ، طريق السلف الصالح سهل عليه الأمر ولم يرد على قلبه شك ولا تشكيك ولا تردد .
وهؤلاء هم (أهل السنة والجماعة) المتبعون آثار رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهم كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
“وأهل السنة: نقاوة المسلمين، وهم خير الناس للناس” اهـ.
فالزم السبيل (ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله).
اعلم أن من المتأخرين من قال : إن أهل السنة ينقسمون إلى قسمين : مفوضة ومؤولة ، وجعلوا الأشاعرة . والماتريدية . وأشباههم من أهل السنة وجعلوا المفوضة هم السلف ، فأخطئوا فى فهم السلف وفى منهجهم . لأن السلف لا يفوضون المعنى إطلاقاً ،
بل قال شيخ الاسلام ابن تيمية : إن القول بالتفويض من شر أقوال أهل البدع ، والالحاد ، واستدل بذلك بأننا اذا كنا لا ندرى معانى ما أخبر به الله عن نفسه من أسماء وصفات ، جاءنا الفلاسفة وقالوا : أنتم جهال ، نحن الذين عندنا العلم ، ثم تكلموا بما يريدون وقالوا : ان المراد بالنص كذا وكذا . ومعلوم أن معنىً للنص خير من التوقف فيه وأنه ليس له معنى . فانتبهوا لهذا ، لأن بعض الناس يرى أن أهل السنة والجماعة يدخل فيهم المتكلمون من الأشاعرة والماتريدية وغيرهم ثم يقول –من العجب العجاب- أن طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم . سبحان الله!! .
وكيف تكون طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم وهل يمكن أن تكون أعلم وأحكم وليست أسلم ؟ بل يلزم من كون طريقة السلف أعلم وأحكم أن تكون أسلم بلا شك . لأن شخصاً يقول : إن هذا النص له معنىً وأنا مؤمن به ، أعلم بلا شك وأحكم من شخص يقول : لا أدرى . فلا سلامة إلا بالعلم والحكمة . فهذا تناقض عظيم ، ولهذا كان القول الصحيح فى هذه العبارة :
أن طريقة السلف أعلم وأسلم وأحكم .
ويلزم من كوننا نحث الطلبة على منهج السلف ، يلزم من ذلك تحريضهم على معرفة منهج السلف ، فنطالع الكتب الؤلفة فى ذلك كـ ((سير أعلام النبلاء )) وغيرها حتى نعرف طريقهم ،
ونسلك هذا المنهج العظيم .
(رحم الله الشيخين رحمةً واسعة)
رد مع اقتباس