عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 07-05-2008, 10:10 PM
محمد عجيل محمد عجيل غير متواجد حالياً
عضو جديد
 



I15 الرد على من رد على الدكتور محمود عبد الرازق في موضوع أسماء الله الحسنى

 

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ، وأصلي وأسلم على النبي الأمي الأمين خاتم المرسلين والنبيين ، محمد بن عبد الله عليه وعلى كل المرسلين والنبيين الصلاة والسلام أجمعين .
أما بعد :
لقد أثار كتاب ( أسماء الله الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة ) لفضيلة الدكتور محمود عبد الرازق الرضواني ردود فعل مختلفة ، وجدال ونقاش حول تلك القضية والتي لا أحسبها تنتهي ولا بعد عشرات السنين ، والدكتور محمود عبد الرازق لم يكن مبتدعا في فيما ذهب إليه فقد سبقه الكثير منهم فضيلة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - حيث جمع خمسة وتسعين اسما من أسماء الله الواردة في القرآن الكريم أو في صحيح السنة مخالفا لما ألفه الناس من أسماء ذكرها الوليد بن مسلم في القرن الثاني الهجري وأدرجت في رواية الإمام الترمذي ( إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة ) وذلك لا يخفى على أهل العلم .
لكن الذي أثار الضجة وزاد الجدال أن الدكتور محمود عبد الرازق نحسبه ذا همة عالية ونشاط كبير فأخذ يدعو بما يعتقده بكل ما أوتي من قوة - وذلك ليس قدحا فيه وإنما نغبطه على ذلك – فاكتسب مؤيدين مناصرين له من بعض أهل العلم ( سرا أو علنا ) والكثير من طلبة العلم الذين يعتقدون اعتقاده ، كما جلب على نفسه معارضين من أهل العلم أحسبهم أكثر من المناصرين ولعل منهم الدكتور ياسر البرهامي ، والدكتور محمد المسير والشيخ محمد جبر حفظهم الله جميعا وغيرهم كثير . ولقد قرأت ودرست ما كتب، وما يقول ، وقرأت ما كتبوا ، وسمعت ما قالوا ، فوجدت ما ذكروه وكأنه كأكاة الدجاج حول طبق من الطعام لا يأكلون منه فيستفيدون ، ولا تركوه ليستفيد منه غيرهم. هذا حتى تاريخ كتابتي في غرة رجب 1429هـ
ولعل هذا ما دعاني للتأمل فترة ، ثم للكتابة في هذه القضية التي وصفها الشيخ خالد الجندي بأنها ( أخطر قضية في هذا القرن )." برنامج القاهرة اليوم سنة 2006 " وأحسبه محقا في ذلك . ولقد رأيت أن الدكتور محمود عبد الرازق محقا في كثير مما ذهب إليه وجانبه التوفيق في بعض ما ذهب إليه ، وأحب أن أسجل حبي وتقديري لفضيلة الدكتور محمود فهو أول من فتح لي طريق دراسة العقيدة وأحسب أنه له الفضل بعد الله عز وجل في تبصرتي بأمور كثيرة كنت أجهلها فهو شيخي وأستاذي وليس بدعا أن يلاحظ الطالب على معلمه شيئا ، وليس منكرا أن يخالف التلميذ أستاذه ، والأمثلة في التاريخ كثيرة تشهد بذلك ، ولا يعمي الحب الحبيب أن يرى في محبوبه ما خالفه التوفيق فيه ، فنحن جميعا- كما قال الشيخ الألباني رحمه الله –( أسرى في أيدي الشريعة) . إن هوانا للحق متجه ، وقلوبنا للحق تهفو وتميل ، لا تميل عنه لحب ولا لكره .
فشيخنا لم يضع قواعد جديدة لم يسبق إليها للتعرف على أسماء الله الحسنى ،كما ادعى البعض ولكن هي نفسها القواعد التي ذكرها ابن عثيمين رحمه الله في كتابه القواعد المثلى ، ولم يعترض عليه أحد !! ولكنه وضعها بصيغة مبسطة حتى يفهمها العامة من الناس ( على حد قول الدكتور محمود ) ؛ فبدلا من أن يقول أسماء الله توقيفية ، قال : أن يرد الاسم في القرآن أو السنة . أسماء الله الحسنى ص :
ثم إن الدكتور المسير عندما وضع القاعدة الذهبية في للتعرف على أسماء الله الحسنى ألم يضع قاعدة لم يسبق إليها ؟!! وأرى أنها غير صحيحة وله رد قادم إن شاء الله تعالى .
وأخذوا عليه أنه لا يقول بالاشتقاق بينما هم يجيزون الاشتقاق مدام في حدود الجلال والكمال والتعظيم ،وأنها لا توهم نقصا ، وهذا خطأ من وجهين أولهما : أن الأسماء توقيفية على النص كما يقر الجميع فالاشتقاق يتعارض مع التوقيف . فمثلا قوله تعالى : (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الحشر:23) ورد اسم الله عز وجل ( الملك – القدوس – السلام – المؤمن – المهيمن – العزيز – الجبار – المتكبر ) وردت هذه الأسماء الحسنى موقوفة بهذا النص فلا اعتراض على تسمية الله عز وجل بها لأنه سبحانه هو الذي سمى بها نفسه . أما من سمى الله بالمعز والمذل فلا نص عليها ، فمن أين أتى بذلك ؟ إنه اشتقها من قوله تعالى : ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:26) فهل هذا الاشتقاق توقيف أم أنه من باب تسمية الله بما لم يسم به نفسه سبحانه وتعالى ؟ ومن يتحمل مسؤولية ذلك أمام الله عز وجل ؟!
ثم إن الدكتور محمود جمع أكثر من سبعين وثلاثمائة فعل وطلب من الدكتور المسير وغيره أن يشتق منها أسماء الله الحسنى ويتحمل تبعة الأمة الإسلامية ليوم القيامة أمام الله عز وجل !
فالاشتقاق يتعارض مع التوقيف .ثم إن الاشتقاق يعطي الحق للمخلوق أن يسمي الخالق بما لم يسم الخالق به نفسه ، ولم يسمه به رسوله صلى الله عليه وسلم . ولقد ذكر الدكتور ياسر البرهامي أن الأمة أجمعت على جواز الاشتقاق . ونقول له من الأمة التي تقصدها ؟! اذكر لنا خمسة أسماء فقط أجمعت على جواز الاشتقاق ! وأود التنبيه أن الاشتقاق لغة لا يتعرض فيه إنسان مع إنسان بمعنى أن أشتق اسم فاعل مثلا من فعل فهذا لغة جائز كأن نقول كاتب من كتب وقارئ من قرأ ، ولكن أن نسمي الله عز وجل بكاتب أو قارئ من ( إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) (يّـس:12) ، (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (القيامة:18) فهذا شرعا لا يجوز .
الوجه الثاني :
الوجه الثاني من الذي يحدد إطار الجلال والكمال والتعظيم ؟! أيترك ذلك للمخلوق الضعيف الذي تتنازعه الأهواء والميول والرغبات ؟! أيترك تسمية الله عز وجل للبشر وهم فرق شتى ، كل فرقة تعتقد أنها على جادة الطريق ، وغيرها تنكب بها المسير ، فانحرفت ولم تهتد ؟! فإذا اشتق فريق اسما لله عز وجل ، يرى فريق آخر اسما غيره ، ويرى فريق ثالث اسما غيرهما وهكذا تتعدد الأسماء بتعدد الفرق والأهواء وكل منها يتصور أن هذا الاسم في إطار الجلال والكمال والتعظيم !
أقول لقد وجدت الصواب مع الدكتور محمود عبد الرازق في كثير مما ذهب إليه ولعل أهم ذلك ما التزم به في إحصاء الأسماء الحسنى بأن يرد الاسم في كتاب الله ،أو في صحيح سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن الأسماء الحسنى توقيفية على النص ، ولا ينكر ذلك أحد . في مجلة التبيان الصادرة عن الجمعية الشرعية الرئيسية في العدد السابع والأربعين كتب فضيلة الأستاذ الدكتور محمد سيد أحمد المسير بعنوان : " بيان للناس حول كتاب الأسماء الحسنى " موضحا رأيه في عدم موافقته لما جاء في الكتاب المذكور ولي بعض الملاحظات على هذا المقال أوجزها في هذه النقاط حتى نحق الحق ونعطي لكل ذي حق حقه وإنصافا لصاحب الكتاب مع احتفاظي ببعض الملاحظات على الكتاب والنتائج التي توصل إليها صاحبه وسأعرضها بمشيئة الله بعد انتهائي من إعداد البحث الخاص بها قريبا بإذن الله تعالى .
الملاحظة الأولى : قال الدكتور المسير في مقاله ( الضجة التي افتعلها المؤلف تتلخص في رفض تسعة وعشرين اسما ظن أن فيها مخالفات شرعية ) وذكر هذه الأسماء ثم قال : ( وأضاف المؤلف بديلا عنها ..) وذكر الأسماء الأخرى وفي ذلك تضليل للقارئ حيث يفهم القارئ أن القضية تلخصت في رفض بعض أسماء الله الحسنى ووضع أسماء أخرى مكانها . وهذا غبن للمؤلف وللقارئ المسلم معا حيث كانت الأمانة العلمية تقتضي أن يذكر فضيلته لماذا كان الرفض ؟! ولماذا كان البديل ؟! حتى لا يظن الظان أن المسألة مسألة هوى وليست مسألة عقيدة واعتقاد تتعلق بعلم من أشرف العلوم ؛ وهو العلم بأسماء الله تعالى الحسنى . ونقول إن سبب الرفض – كما رأى الدكتور محمود عبد الرازق صاحب الكتاب – هو عدم قيام دليل على هذه الأسماء التسعة والعشرين من القرآن الكريم ولا من صحيح سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما أورده من الأسماء أقام عليها الدليل من القرآن الكريم أو من صحيح سنة الرسول صلى الله عليه وسلم . أفي ذلك عيب أو قدح في ما وصل إليه ؟! لا يظن أحد ذلك . وعلينا أن نذعن للدليل ما لم يأت أحد بدليل على ما يخالفه . فالمؤلف يقول قال الله وقال رسوله ، أيقول أحد قال فلان وقال غيره ؟!!
الملاحظة الثانية : جاء في المقال : ( مادام الأمر محل اجتهاد فلا مجال للتجريح وادعاء الأخطاء الشرعية والتطاول على سلف الأمة وخلفها .. ) وأقول إن المؤلف – حفظنا الله جميعا – لم يجرح ولم يتطاول على سلف الأمة ولا على خلفها فهو يلتزم الحيدة التامة لأنه يعرض كما قلنا لعلم من أشرف العلوم ؛ حيث يكون شرف العلم بشرف المعلوم ، والمعلوم هنا أسماء الله (عز وجل ) الحسنى . فلا يليق بإنسان هذا ديدنه أن تكون الإساة سبيله ، واقرأ معي هذا الجزء من الفقرة الأخيرة من صفحة 170 ( ومن ثم فإن أهل العلم السابقين الذين اجتهدوا في إحصاء الأسماء الحسنى التسعة والتسعين وجمعها وتعريف الناس بها مهما كانت نتيجة أبحاثهم فهم أهل العلم والسبق والفضل .. ) فأين الإساة ؟! وأين التطاول ؟!!
الملاحظة الثالثة : جاء في المقال : ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد المسلم إلى تجميع عدد يساوي تسعة وتسعين يفهم معناها ويتعبد الله بها ولم يلزمه بأسماء خاصة في الحديث الشريف " إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة " نقول : من يفهم من الحديث السابق أن للمسلم أن يجمع أي تسعة وتسعين اسما يسمي بها ربه ولو في إطار الجلال والكمال والتعظيم فقد أخطأ خطأ لا يقع فيه العامي فضلا عن كونه أستاذا للعقيدة !!! .
إن الذي يفهمه الناس - العلماء وغيرهم – من هذا الحديث أن الله عز وجل قد تعرف إلى عباده بهذه الأسماء التسعة والتسعين وعلينا إحصاؤها لا اختراعها ولا اشتقاقها من فعل أو وصف أخبرنا به الله في كتابه أو أخبرنا به رسولنا في صحيح سنته صلى الله عليه وسلم . وإن فعل أحد ذلك يكون قد سمى الله بما لم يسم به نفسه، وبما لم يسمه به رسوله صلى الله عليه وسلم . هذا مع الإيمان بأن الله عز وجل له من الأسماء الكلية مالا يعرفه بشر ولا ملك مقرب فصح عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم فدعاء الكرب " .. أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك .." قد دل ذلك على أن أسماء الله الكلية غير محصورة في عدد معين ( راجع بدائع الفوائد لابن القيم ، والمحلى لابن حزم ، وغيرهما كثير ) بهذا يكون انتفى التناقض الذي زعمه الدكتور المسير في مقاله عن كتاب أسماء الله الحسنى .
الملاحظة الرابعة : يقول الدكتور المسير في مقاله غير المنصف عن الدكتور محمود عبد الرازق :( كيف أخذت عن الوليد وقد ذهبت إلى أنه كثير التدليس !! ).
وأقول إن المؤلف لم يأخذ عنه بل أخذ ما ثبت له دليل في الكتاب أو صحيح السنة فيجب أن نكون منصفين ونضع الأمور في نصابها الصحيح لأن هذا الأمر ليس بالهين وبالأخص إذا ظهر على لسان شخص يراه الناس أحد العلماء المبرزين في هذا العصر!! .
الملاحظة الخامسة : يقول الدكتور المسير في مقاله غير المنصف :( إن الأسماء التي أثبتها المؤلف ليست أولى ولا أقوى ولا أكمل من الأسماء التي أسقطها ..!! هل المسعر أكمل من ذي الجلال والإكرام ؟! .. وهل المعطي أقوى من المغني ؟! )
وأقول : يا فضيلة الدكتور ليست المسألة مسألة هوى كما قلنا ولسنا في معرض المفاضلة ، فنحن لا نختار بين عدد من الخيارات الأقوى والأكمل والأولى ، نحن أمام إحصاء أسماء رب العزة والجلال ولسنا في (سوق للخضار) نشتري الأقوى والأولى !! وليس ذلك رد علمي ينسب إلى عالم له مجهوداته ومواقفه التي يشهد له فيها المؤيد والمعارض معا !!
وإذا كنتم ترفضون القواعد أو الشروط الخمسة التي افترضها الدكتور محمود عبد الرازق فقد قال بمثلها ابن عثيمين رحمه الله تعالى في كتابه القواعد المثلى ولم يعترض عليه أحد !! كما ذكرنا من قبل . ثم إنكم وضعتم قاعدة في أسماء الله الحسنى وأسميتموها القاعدة الذهبية وجاء فيها (.. وكل ما جاز أن ينسب في حق الله تعالى عقلا ...) فهل العقل مقدم على النقل في مثل هذه المسائل التوقيفية على النص ؟!! وقد ذكر الدكتور المسير أكثر من مرة في إذاعة القرآن الكريم ( أن المؤلف قد أتى بقواعد لم يسبق إليها ) وهل القاعدة الذهبية التي وضعها قد سبقه إليها أحد ؟!!
رد مع اقتباس