عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 10-16-2010, 12:26 PM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي


الدرس السادس


ثالثاً : عـدم الإحصــــاء

الإحصاء : هو الإحاطة ، والإحاطة هى العلم بالشئ على تمامه وهو غير العلم .


سؤال : ما الفرق بين الإحصاء والعلم ؟

الإجابة : الإحصاء وقد عرفته ، أما العلم : فهو إدراك الشئ على ماهو عليه فى الواقع إدراكاً جازماً ، وهو بخلاف الجهل ، والعلم هو معرفة أى قدر أو أى معلومة . فإذا علم مسألة واحدة أو أكثر يقول : عندى علم بمسألة كذا ولا يقول : أحطتُ بها ، لأن كما ذكرنا الإحاطة تمام العلم ، وهذا فيه نظر .
وقوله صلى الله عليه وسلم " لا أُحصـى " أى لا يستطيع أن يعلم الشئ على تمامه ، أى لا يعلم تمام ما إتصف الله به ولا يستطيع أن يعرف أوجه المحامد التى تليق برب العالمين إلا بما علّـمه الله ، فالنبى صلى الله عليه وسلم علم كثير من الأسماء والصفات ولم تُذكر فى القرآن ولكنه يعلم فقط ولا يُحصى .. فتنبّـه .. وهذا يعنى أن لله أسماء وصفات لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى حتى الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلمها على التمام وهو أعلم الخلق فيكون باقى الخلق أيضاً لا يستطيعون ذلك .
وعدم إحصـاء أوجه المحامد من جهتين :
الجهة الأولـى
مدلول ما عرفنا الله به من ألفاظ الثناء
الجهة الثانية
ألفاظ الثناء وجملة الأسماء والصفات
والإحصـاء نوعـان :
(1) إحصاء مثبت : وهذا مثل ما ذكره البخارى " إن لله تسعة وتسعين إسماً من أحصاها دخل الجنة " وهو القدر التكليفى
(2) إحصاء منفى : وهو مثل حديث عائشة رضى الله عنها " اللهم إنى أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصى ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك " وهذا النوع هو التمام والكمال ، وهو الذى نفاه النبى صلى الله عليه وسلم عن نفسه وعن غيره .

سؤال : كيف يكون لله تسعة وتسعين إسماً من أحصاها دخل الجنة والحديث الثانى يقول لا أحصى ثناءً عليك . فهل هناك تعارض بين الحديثين أم ماذا ؟

الإجابة : لا يوجد أى تعارض البتة ولكن صيغة " إن لله .." لا تدل على الحصر وإثبات الملكية فى البعض لا ينفى الملكية فى غير المذكور ، بمعنى إذا قلت إن لى مائة درهم أعددتها للصدقة فهذا لا يعنى إننى ليس عندى غير هذه الدراهم أو أنى لن أتصدق بغير هذه المائة . ولله المثل الأعلى . فإن لفظ " إن لله تسعة وتسعين إسماً " لا ينفى أن لله أسماء أخرى فلا يفيد هذا اللفظ الحصر ولكن إذا قلت " ليس له إلا.." كان هذا للحصر. كما أن هذا يؤيد أن بعض الأسماء أفضل من بعض ، فهذه التسعة والتسعين لها فضل عن سائر الأسماء . فما هو هذا الفضل ؟ ما جاء فى بقية الحديث : " من أحصاها دخل الجنة " فهذه التسعة والتسعين لها فضل عن سائر الأسماء وليس معناه أن هذه هى كل الأسماء .

سؤال : ما الذى يدل على أن لله أسماء أخرى غير التسعة والتسعين ؟

الإجابة :
(1) يدل على ذلك الحديث المتقدم : " لا أحصى ثناءً عليك "
(2) حديث " اللهم إنى أسألك بكل إسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته فى كتابك أو علمته أحد من خلقك أو إستأثرت به فى علم الغيب عندك .." هو حديث صحيح وهو جزء من حديث ابن مسعود رواه أحمد وبيّن ابن القيم أهميته فى الفوائد ص 24-29 .
(3) يدل على ذلك أيضاً حديث الشفاعة وهو حديث طويل فى آخره أن النبى صلى الله عليه وسلم يستأذن ربه بعد أن يأتيه الناس فيقول : أنا لها فيسجد تحت العرش يقول : فيفتح الله علىّ بأنواع من المحامد لم أكن أعلمها من قبل ... وهذا يوضح أن هناك من الأسماء والصفات ما لم يتعلمها بعد وأن الله عز وجل سيفتح بها عليه مما سيكون سبباً لقبول شفاعته صلى الله عليه وسلم .
ملحوظة وتتمة فى مسألة الأسماء والصفات :
[1] إعلم أن كثرة الخوض والتعمق فى البحث فى آيات الصفات وكثرة الأسئلة فى هذا الموضوع من البدع التى يكرهها السلف .
[2] أن مبحث آيات الصفات دلّ القرآن العظيم أنه يتركز على ثلاثة أسس من جاء بها كلها فقد وافق الصواب وكان على الإعتقاد الذى كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه والسلف الصالح ، ومن أخلّ بواحد من تلك الأسس الثلاثة فقد ضلّ ، وهى :
1 - تنزيه الله جل وعلا من أن يشبه شئ من صفاته صفات المخلوقين ، يدل عليه قوله تعالى { ليس كمثله شئ } الشورى 1 ، وقوله تعالى { ولم يكن له كُفواً أحد } الإخلاص 4 .
2 - الإيمان بما وصف الله به نفسه لأنه لا يصف الله أحد أعلم بالله من الله ، يدل على ذلك قوله تعالى { ءأنتم أعلم أم الله } البقرة 140 ، وكذلك الإيمان بما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم الذى قال سبحانه فى حقه { وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يُوحى } النجم 3-4 ، ولأن هناك أسماء لم ترد فى القرآن سمى الرسول بها ربه مثل ( الشافى ) قال النبى صلى الله عليه وسلم " إشفِ أنت الشافى " و ( الرب ) قال " أما الركوع فعظموا فيه الرب " ، والله سبحانه وتعالى قال { وهو السميع البصير } بعد قوله { ليس كمثله شئ } فيجب إثبات السمع والبصر لله سبحانه وتعالى لكن على أساس ليس كمثله شئ .
3 - قطع الطمع من إدراك حقيقة الكيفية لأن إدراك حقيقة الكيفية مستحيل .
فلا يشكل عليكم بعد هذا صفة نزول ولا مجئ ولا صفة يد ولا أصابع ولا عجب ولا ضحك لأن هذه الضفات كلها من باب واحد فما وصف به نفسه منها فهو حق وهو لائق بكماله وجلاله لايشبه شيئاً من صفات المخلوقين . فأعلم أن نزول الله حقيقى وكذلك كل شئ كان الضمير يعود فيه الى الله فهو ينسب إليه حقيقةً فالمراد بالنزول فى الحديث هو نزول الله نفسه وليس أمره أو رحمته ، ولكن يجب قطع الطمع عن إدراك حقيقة كيفية نزول الرب لأنه مستحيل لقوله تعالى { ولا يُحيطون به علماً } طه 110 .



[3] صفات الله تعالى تنقسم الى قسمين : ( أ ) ثبوتيــة
( ب ) سـلبيـة
أ – الثبــوتية : ما أثبته الله تعالى لنفسه فى كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكلها صفات كمال لا نقص فيها بوجه من الوجوه فيجب إثباتها لله تعالى حقيقةً على الوجه اللائق به .
ب – السـلبيـة : هى ما نفاه الله سبحانه وتعالى عن نفسه فى كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وكلها صفات نقص فى حقه كالموت والنوم والجهل والنسيان والعجز والتعب ، فيجب نفيها عن الله تعالى مع إثبات ضدها على الوجه الأكمل ، وذلك لأن ما نفاه الله تعالى عن نفسه المراد به بيان إنتفائه لثبوت كمال ضده لا لمجرد نفيه ، لأن النفى ليس بكمال إلا أن يتضمن ما يدل على الكمال ، وذلك لأن النفى عدم والعدم ليس بشئ فضلاً عن أن يكون كمالاً ، ولأن النفى : * قد يكون لعدم قابلية المحل له فلا يكون كمالاً كما لو قلت الجدار لا يظلم فهذا ليس كمالاً ..* وقد يكون للعجز عن القيام به فيكون نقصاً ، فإذا كانت الصفة نقصاً لا كمال فيها فهى ممتنعة فى حق الله تعالى ، أما إذا كانت الصفة كمالاً فى حال ونقص فى حال : لم تكن جائزة فى حق الله ولا ممتنعة على سبيل الإطلاق فلا تثبت له إثباتاً مطلقاً ولا تنفى عنه نفياً مطلقاً ، بل لابد من التفصيل ، وذلك كالمكر والكيد والخداع والإنتقام ونحوها .. فهذه الصفات تكون كمالاً إذا كانت فى مقابلة من يعاملون الفاعل بمثلها لأنها حينئذٍ تدل على أن فاعلها قادر على مقابلة عدوه بمثل فعله بل وأشد ، وتكون نقصاً فى غير هذه الحال ولهذا لم يذكرها الله تعالى على سبيل الإطلاق وإنما ذكرها فى مقابلة من يعاملونه بها . قال تعالى : { ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين } الأنفال 30 ، وقوله { إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً } الطارق 15-16 ، وقوله { إن المنافقون يخادعون الله وهو خادعهم } النساء 142 ، ولهذا لم يذكر الله أنه خان من خانوه فقال تعالى { وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم } الأنفال 71 ، ولم يقل فخانهم لأن الخيانة خدعة فى مقام الإئتمان وهى صفة ذم مطلقاً ، ولذا من يقول من العوام ( خان الله من يخون ) فهذا قول منكر فأحسن يجب النهى عنه .

[4] إعلم أن صفة الخالق لائقة بذاته ، وصفة المخلوق مناسبة لعجزه وافتقاره ، وكما أن هناك فارق بين الذات والذات كان هناك فرق بين الصفة والصفة ، ونضرب مثلاً واحداً من آيات الصفات وبالتالى ينسحب هذا على الجميع إذ لا فرق بين الصفات لأن الموصوف بها واحد وهو جل وعلا لا يشبهه شئ من خلقه فى شئ من صفاته البتة ، وهذا المثال على صفة الإستواء التى كثر الخوض فيها ونفاها كثير من الناس بفلسفة منطقية وأدلة جبلية فقالوا : لو كان مستوياً على عرشه لكان مشابهاً للخلق ولكنه غير مشابه للخلق ، ينتج عن هذا أنه غير مستو على عرشه ..!!.. وهذه النتيجة باطلة لمخالفتها صريح القرآن ، وقبل بيان الدليل على بُطلانها أود أن أُنبّـه على أمر مهم وأنصح نصيحة مشفق وهى أن كل هذا الشر إنما جاء من مسألة هى تنجُّس القلب وتلطـُّخه وتدنُـسه بأقذار التشبيه فإذا سمع ذو القلب المتنجس بأقذار التشبيه صفة من صفات الكمال التى أثنى الله بهاعلى نفسه كالنزول والإستواء وغير ذلك : أول ما يخطر فى ذهن المسكين أن هذه الصفة تشبه صفة الخلق ، فهو لا يُـقدّر الله حق قدره ولا يُعظم الله حق عظمته حيث يسبق الى ذهنه أن صفة الخالق تشبه صفة المخلوق فيكون أولاً نجس القلب متقذر بأقذار التشبيه فيدعوه هذا الى أن ينفى صفة الخالق جل وعلا عنه بإدعائه أنها تشبه صفات المخلوق ، فيكون أولاً مشبهاً وثانياً مُعطلاً ضآلاً .. فأعلموا أن صفات الله كلها صفات مدح وكمال تمدّح بها رب السموات والأرض ، وفى مثالنا هذا ما يدل على أنها صفة كمال وجلال أن الله ما ذكرها فى موضعٍ من كتابه إلا مصحوبة بما يُبهر العقول من صفات جلاله وكماله ، ومثال ذلك من الآيات ما يلى :
أ ) قوله { إنَّ ربكمُ الله الذى خلقَ السمواتِ والأرضَ فى ستة أيامٍ ثم استوى على العرشِ يُغشى الليلَ النهارَ يَطلُبُهُ حثيثاً والشمسَ والقمرَ والنجومَ مُسخراتٍ بأمرِه ألا لهُ الخلق والأمرُ تباركَ اللهُ ربُ العالمينَ } الأعراف54
ب) وقوله تعالى { إنّ ربكمُ اللهُ الذى خلقَ السمواتِ والأرضَ فى ستةِ أيامٍ ثم استوى على العرشِ يُدبّرُ الأمر مامِن شفيعٍ إلا من بعدِ إذنهِ ذلكمُ الله ربكُم فأعبدوه أفلا تذكّـرون } يونس 3
ج) وقوله تعالى { اللهُ الذى رفعَ السمواتِ بغيرِ عمدٍ ترونها ثم استوى على العرشِ وسخّر الشمسَ والقمرَ كلٌ يجرى لأجلٍ مسمىً يُدبّرُ الأمرَ يُفصّل الآياتِ لعلكم بلقاءِ ربكم تُوقنون } الرعد 2
د) وقوله تعالى { الرحمنُ على العرشِ استوى له ما فى السمواتِ وما فى الأرضِ وما بينهما وما تحتَ الثرى وإن تجهَـر بالقولِ فإنه يعلمُ السرَّ وأخفى اللهُ لا إلهَ إلا هوَ لهُ الأسماءُ الحُسـنى } طه 5-8
وغير ذلك من المواضع كثير ، والشاهد أن هذه الصفة التى يظن الجاهلون أنها صفة نقص وصف الله نفسه بها مع أن الله تمدّح بها وجعلها من صفات الجلال والكمال ،ويدل على ذلك ما أوردناه من آيات مقرونة بهذه الصفة تُبهر العقول وتسجد لله كل مخلوقاته لعظمته وجلاله ، فاللهم أرنا الحق حقاً وأرزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وأرزقنا إجتنابه ..
وأخيراً نقول قول ابن القيم رحمه الله : لفظة ( رأس ) هذه الكلمة أضفها الى المال وأضفها الى الوادى وأضفها الى الجبل قل : رأس المال ، رأس الوادى ، رأس الجبل فأنظر ما صار من الإختلاف بين هذه المعانى بحسب هذه الإضافات ، هذا فى مخلوق ضعيف مسكين فما بالك بالبون الشاسع الذى بين صفة الخالق جل وعلا وصفة المخلوق .
وختاماً : ينبغى للمؤولين أن ينظروا فى قوله تعالى لليهود { وقولوا حطة } البقرة 58 – فإنهم زادوا فى هذه اللفظة المنزلة ( نوناً ) فقالوا : حنـطة فسمى الله هذه الزيادة تبديلاً فقال : { فبدّل الذين ظلموا قولاً غير الذى قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون } البقرة 59 ، وكذلك المؤولون للصفات قيل لهم استوى فزادوا ( لاماً ) فقالوا : استولى .. فأنظر ما أشبه لامهم هذه التى زادوها بنون اليهود التى زادوها !!

رابعـاً : نوع النـفى فى كلمـة لا أُحصـى

النفى هنا ( نفى كمال ) وأوضحنا ذلك بأن أعلم الخلق لا يُحصى ألفاظ الثناء على الله ولا يُحصى تمام مراد الله من ألفاظ الثناء ، فالنفى هنا ( نفى كمال ) وليس ( نفى جنس ) فهو لا ينفى الثناء ، فإن نفى الثناء ونفى الجنس هنا فى هذا الموطن كفر والعياذ بالله .
قوله : وكيف نحصى خصائص إسم لمسماه كل كمال على الإطلاق ...
وعلمنا ما فى الإحصاء ، وهنا نقول ( وكيف نحصى ) فالمعنى هنا الإحصاء وليس العلم فإننا مثلاً نعلم أن الله حكيم لكن هل نستطيع أن نحصى معنى حكيم كاملة ، ونعلم أن الله رحيم ولكن مهما عرفنا فلن نبلغ إلا البعض، فإن كل ما أدركناه بالتعقل والتفهم والتفكر ورؤية آثار رحمته عز وجل فهو بعض مقتضى الإسم بدليل أن هناك أمور لا نعرف لها كيفية مثل إستواءه على العرش ، ونزوله الى السماء الدنيا ، وغير ذلك ،وهذا وجه من وجوه عدم الإحصاء ..
خصائص : المقصود هنا خصائصه المعنوية وليست اللفظية أو اللغوية .
إســم : ما يُقال فى الإسم يُقال فى غيره من الأسماء والصفات
لمسماه : المقصود الله سبحانه وتعالى .

وهنا سؤال : لماذا هنا تكلم عن المسمى فى حين أننا نذكر خصائص الإسم وليس المسمى ؟

الإجابة : لأن الإسم هو المسمى فى حق الله سبحانه وتعالى ، وأن أسماءه هى هو وليست غيره كما أوضحنا آنفاً .
كمال على الإطلاق : أى لا ينتهى حده ولا حدود له ، والكمال هو ما لا يُتصور معه نقص .. واعلم أن كل كمال لمن سوى الله هو كمال مقيد بمعنى : إذا قلت فلان ( كريم ) فهو مهما بلغ من الكرم ولو بلغ الكمال فهو كمال مقيد له حد لأنه كمال يليق بالمخلوق ، وسمة المخلوق النقص ، فهو له حد ينتهى عنده ..
أما الكمال فى شأن الله عز وجل فهو كمال مطلق لاحد له ، يليق به سبحانه وتعالى .
قوله : وكل مدح وحمد....
المدح هو ذكر المحاسن ، وهو الثناء بذكر الجميل ، والمدح لا يستلزم المحبة ، فقد نقول أمريكا بلد قوية بما لديها من أسلحة ، أو نقول النصارى لديهم إنضباط فى المواعيد ، ولا يستلزم هذا القول محبة هذا أو ذاك .
فالمدح هو إخبار مجرد ، وقيل المدح هو ذكر المحاسن بمقابل وبدون مقابل ، والمدح يكون بذكر الجميل الإختيارى وغير الإختيارى ..أما الحمد فهو الذكر بالجميل الإختيارى أى ذكر المحاسن دون إحسان ، وهو ذكر الله بصفات الكمال ، وقيل هو ذكر المحمود بصفات الكمال بمعنى ذكر صفات الكمال لله سبحانه وتعالى وإن لم يبدو سبباً لذلك لأن الله عز وجل مستحق لذلك أعطى أو منع فإنك تحمد الله إذا أعطاك ووهبك من نعمه ، وتحمد الله إذا أصابتك مصيبة ، والحمد يكون على الصفات الذاتية وعلى العطاء ، والله هو مستوجب الحمد ومستحقه ، المحمود على كل حال ، وهو الذى لا يحمد على مكروه سواه ، وقيل الحمد هو ذكر أوصاف الجلال والكمال ، والله سبحانه وتعالى قد حمد نفسه بنفسه من قبل أن يحمده أحد من خلقه ، فهو الحميد لنفسه أزلاً وبحمد عباده له أبداً ، إنه الحميد المطلق الذى لا حميد سواه ، المحمود على كل حال .. وفى الآيات التالية الحمد على نعمائه : قال تعالى : { الحمد لله الذى وهب لى على الكِبَـر إسماعيل واسحاق } إبراهيم 39 ، وقوله { فقال الحمد لله الذى نجانا من القوم الظالمين } المؤمنون 28 ، وقوله { وقالوا الحمد لله الذى صدقنا وعده وأورثنا الأرض } الزمر 74 ..
أما فى الآيات التالية : قال تعالى { الحمد لله فاطر السموات والأرض } فاطر 2 ، وقوله تعالى { وقل الحمد لله الذى لم يتخذ ولياً ولم يكن له شريك فى المُلك } الإسراء 111 ، { الحمد لله رب العالمين } الصافات 182 ، فهنا الحمد على صفاته الذاتية سبحانه وتعالى .
ملحوظة : إن المدح والحمد لغةً يشتركان فى نفس الحروف ولكن بترتيب مختلف وتبايُن فى المعنى ، وهذا يسمى فى اللغة ( إشتقاق أوسط ) والمدح أعم من الحمد لأن المدح يكون بذكر الجميل الإختيارى وغير الإختيارى كأن تقول : مدحت اللؤلؤ لصفاته ، فهنا الممدوح ليس مختاراً لصفاته ، والحمد أخص لأنه يكون بذكر الجميل الإختيارى فقط .

سؤال : يخلط كثير من الناس بين الحمد والشكر : فهل الحمد هو الشكر ؟

الإجابة : لكى نعرف الإجابة لابد أن نعرف ماهو الشكر أولاً حتى نستطيع أن نعرف هل هما شئ واحد أم بينهما إختلاف ؟ فهيا نتعرف على الشكر ...
الشكر لغةً : فيه معنى الزيادة ، تقول : شكرت الأرض إذا كثر فيها النبات ، وتقول : هذه دابة شكور إذا أظهرت من السِمن فوق ما تُعطى من العلف ، فهو ظهور أثر الغذاء فى أبدان الحيوان ، وفى حديث يأجوج ومأجوج : " وإن دواب الأرض تسمن وتشكر شكراً من لحومهم " أى تسمن وتمتلئ شحماً حيث أن الله يرسل عليهم ديدان تقتلهم فتأكل الدواب لحومهم حتى تسمن سِـمناً عظيماً ، والشكور من الدواب ما يكفيه العلف القليل ، ويُقال اشتكرت السماء إذا إشتد مطرها – اشتكر الضرع إذا إمتلأ لبناً ، ويقال أشكرت الشاه إذا سمنت وأمتلأ ضرعها لبناً ، ودابة شكور أى مظهرة بسمنها إسداء صاحبها إليها ، وقيل عين شكرى أى ممتلئة .. فهذه معانى الشكر وهى تدل على الزيادة والنماء .
والشكر شرعاً : هو الثناء على المحسن بما أعطاك وأولاك فتكون شكرته وشكرت له ، والثانى أفصح .
وهو الوصف الجميل على جهة التعظيم والتبجيل على النعمة من اللسان والجنان والأركان ( جامع العلوم فى اصطلاحات الفنون – تأليف محمد على الفاروقى – تحقيق د. لطفى عبد البديع ج 2 ص 222 ) ، وهو تصور النعمة وإظهارها ، وهو مقلوب من الكشر أى الكشف ويضاده الكفر وهو نسيان النعمة أو سترها ( المفردات للراغب ص 265 )
وهو فعل يُشعر بتعظيم المُنعم بسبب كونه مُنعماً وذلك الفعل إما فعل القلب أى الإعتقاد بإتصاف المحمود بصفات الكمال والجلال ، وإما فعل اللسان أى ذكر ما يدل عليه ، وإما فعل الجوارح وهو الإتيان بأفعال دالة على ذلك ، وهذا هو شكر العبد لله ( اصطلاحات الفنون ص 112 ج 3 ) .
وهو الإعتراف للمُنعم بالنعمة على وجه الخضوع . وقيل هو استفراغ الطاقة فى الطاعة ، وقال ابن منظور فى ( لسان العرب ) : الشكر هو معرفة الإحسان ونشره .
والشكور صيغة مبالغة من شكر ، وإسم الفاعل منه شاكر ، قال تعالى { ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور } فاطر 30 ، قال تعالى { وقالوا الحمد لله الذى أذهب عنا الحَزَن إن ربنا لغفور شكور } فاطر 34 وقال تعالى { إن يشأ يُسكنِ الريح فيظللن رواكد على ظهره إن فى ذلك لآيات لكل صبّـار شكور } الشورى 33 ، قال تعالى { إن تُقرضوا الله قرضاً حسناً يُضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم } التغابن 17 .
قيل الشكور : معناه أنه يزكو عنده القليل من أعمال العباد فيُضاعف لهم الجزاء ويُجازى على يسير الطاعات كثير الدرجات .
وقيل : هو الذى يدوم شكره ويعم فضله فيُجازى على كل صغير أو كبير من الطاعة كثير من النِعَم ، هذا فى حق الله سبحانه وتعالى . فما الفرق بين الشاكر والشكور فى حق العبد لربه ؟

سؤال : ما الفرق بين الشاكر والشكور فى حق المخلوق ؟

الشاكر الشكور
هو الذى يشكر على الموجود هو الذى يشكر على المفقود
هو الذى يشكر على العطـاء هو الذى يشكر على البـلاء
هو الذى يشـكر على النفـع هو الذى يشكر على المنـع
والشكر نصف الإيمان ، قال صلى الله عليه وسلم :" الإيمان نصفان : نصف صبر ونصف شُكر " أخرجه البيهقى فى شُعب الإيمان عن أنس رضى الله عنه ، قال تعالى { إن فى ذلك لآيات لكل صبّـارٍ شكور } والله سبحانه وتعالى سمى نفسه شاكراً وشكوراً ، وسمى الشاكر من عباده بهذين الإسمين فأعطاهم من وصفه وسماهم بإسمه وحسبك بهذا محبة للشاكر وفضلاً ( تهذيب مدارج السالكين ) .

أركــان الشـكر : الشكر من العبد لربه يدور حول ثلاثة أشياء :

(1) إعتراف العبد بنعمة الله عليه على وجه الخضوع .
(2) الثناء عليه سبحانه وتعالى بهذه النعم ، أى الثناء على المحسن بذكر إحسانه .
(3) الإستعانة بهذه النعم على مرضاة الله وأن لا يستعملها فيما يكره .
فالشكر هو الإعتراف بإنعام الله عليك على وجه الخضوع ، فمن لم يعرف النعمة لا يشكرها ، ومن عرف النعمة ولم يعرف المُنعم كيف يشكره ؟ ومن عرف النعمة والمُنعم لكن جحدها فقد كفرها ، ومن عرف النعمة والمُنعم وخضع للمُنعم وأحبه وأستعمل النعمة فى طاعته فهذا هو الشاكر حقاً .. وهذا هو التعريف الشامل لشكر الله .
والشكر هو الغاية التى خلق الله الخلق لها ، قال تعالى { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون } فلأى شئ أخرجهم من بطون أمهاتهم ؟ لعلهم يشكرون .
والله قسّـم الناس الى قسمين : إما شاكر وإما كافر ، قال تعالى { فأذكرونى أذكركم وأشكروا لى ولا تكفرون } وهو أول وصية وصّى الله بها الإنسان قال تعالى { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أُمه وهناً على وهن وفصالُه فى عامين أن اشكر لى ولوالديك إلىّ المصير } ، وقال تعالى { ولقد ءاتينا لقمان الحِكمة أن اشكر لله } وكان النبى صلى الله عليه وسلم سيد الشاكرين وإمامهم ، كان يعبد الله ليكون شكوراً كما جاء فى الحديث الصحيح عن المغيرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قام حتى تورمت قدماه ، فقيل : غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر . قال : " أفلا أكون عبداً شكوراً " . وجاء مثله أيضاً فى صحيح البخارى عن عائشة رضى الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل حتى تتفطّـر قدماه . فقالت عائشة : لِمَ تصنع هذا يارسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : " أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً "..

سؤال : كيف تكون عبداً شكوراً ؟

الإجابة :
(1) بهذه العبادة التى دلنا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى قيام الليل . مَن مِنا يقوم الليل حتى تتفطر قدماه ؟ بل مَن مِنا يقوم الليل أصلاً ؟!! إنّا لله وإنّا إليه راجعون .
(2) الدعاء : وكان النبى صلى الله عليه وسلم يقول :" اللهم أعنّى ولا تُعن علىّ وأنصرنى ولا تنصر علىّ وأمكر لى ولا تمكر بي وأهدنى ويسر الهُدى لي وأنصرنى على من بغى علىّ وأجعلنى شاكراً – وفى رواية شكّاراً – لك ذكّاراً لك رهّاباً لك مطاوعاً لك مُخبتاً إليك أواهاً مُنيباً ، رب تقبل توبتى وأغسل حوبتى وأجب دعوتى وثبّت حُجتى وأهدِ قلبى وسدد لسانى وأسلل سخيمة صدرى ( فى المسند والترمذى ) ، وعلّم صلى الله عليه وسلم معاذاً دعاءً عظيماً فقال : يا مُعاذ إنى أحبك فلا تنسى أن تقول فى دبر كل صلاة :" اللهم أعنّى على ذكرك وشكرك وحُسن عبادتك " .. قال سليمان عليه السلام " رب أوزعنى أن أشكر نعمتك التى أنعمت علىّ وعلى والدىّ "
(3) العلم بأن الشكر يحفظ النعم ويزيدها ، قال تعالى { ولئن شكرتم لأزيدنكم } ولذلك يسمون الشاكر ( الحافظ ) أى الحافظ للنعمة ، فهو ( الحافظ للنعم الموجودة والجالب للنِعَم المفقودة ) قيل) الشكر قيد الموجود وصيد المفقود ) قال عمر بن عبد العزيز ( طيِّب نِعَم الله بشكر الله ) وقال ( الشكر قيد النِعَم ) وقال مطرف بن عبد الله ( لئن أعافى فأشكر أحب إلىّ من أن أُبتلى فأصبر ) .
(4) التحدث بنعم الله ، قال تعالى { وأما بنعمة ربك فحدّث } وذلك بأن يرى أثر نعمة الله عليك بغير مخيلة ولا سرف . قال صلى الله عليه وسلم " إن الله إذا أنعم على عبدٍ بنعمة أحب أن يرى أثر نعمته على عبده " جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم وهو قشف الهيئة فقال له : هل لك من مال ؟ قال : نعم . قال : من أى المال ؟ قال : من كل المال قد ءاتانى الله من الإبل والخيل والرقيق والغنم . قال : فإذا أتاك الله مالاً فليُـرَ عليك .
قال السلف : [ لا تضركم دنيا شكرتموها ] فإذا أظهرت نعم الله عليك وأنت شاكر فلن يضرك بإذن الله . وقد ذمّ الله الإنسان الكنود قال تعالى { إن الإنسان لربه لكنود } قال المفسرون : هو الذى لا يشكر نعم الله . قال الحسن : إنه الذى يعد المصائب وينسى النعم ، وقيل : من كتم النعمة فقد كفرها ومن أظهرها ونشرها فقد شكرها .
(5) أن تراعى هذا المشهد ، فهذه نعمة تستوجب شكراً آخر . دخل رجل على عمر رضى الله عنه فسلم عليه [ فقال : كيف أنت ؟ فقال : أحمد إليك الله . قال : هذا أردت منك ] وقال رجل لشهل بن عبد الله [ دخل لص بيتى وأخذ متاعى . فقال له : اشكر الله تعالى ، لو دخل الشيطان قلبك فأفسد إيمانك ماذا كنت تصنع ؟ ] وعن ابن عمر قال : [ لعلنا نلتقى فى اليوم مراراً يسأل بعضنا عن بعض ولم يُرد بذلك إلا أن يحمد الله ] أى أن غرض السؤال الدفع لحمد الله . قال أحد السلف [ يارب كيف أطيق شكرك وأنت الذى تُنعم علىّ ثم ترزقنى على النعمة شكر ثم تزيدنى نعمة بعد نعمة ] وقال ابن القيم فى تهذيب مدارج السالكين [ ومن تمام نعمته سبحانه وعظيم بره وكرمه وجوده محبته له على هذا الشكر ورضاه منه به وثناؤه عليه به ومنفعته وفائدته مختصة بالعبد لا تعود منفعته على الله وهذا غاية الكرم الذى لا كرم فوقه يُنعم عليك ثم يُوزعك شكر النعمة ويرضى عنك ثم يُعيد إليك منفعة شكرك ويجعله سبباً لتوالى نعمه وإتصالها إليك والزيادة على ذلك مها .. ]
(6) نسبة النعمة للمُنعم : فلا يقول حصلت عليها بذكائى أو بعملى أو بجهدى ، فلا بد من رد الأمر الى الله ومن هذا وقوع المطر فنجد البعض يقول : هذا لنوة كذا ، فى الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألم تروا ما قال ربكم ؟ قال : ما أنعمت على عبادى من نعمة إلا أصبح فريق منهم بها كافرين يقولون الكواكب وبالكواكب"رواه أحمد ومسلم وغيرهما.قال تعالى{ وما بكم من نعمةٍ فمن الله }
(7) أن يسجد لله شكراً عند تجدد النِعَم ، وهذه عبادة عظيمة يشترك فيها الأعضاء السبعة ، وفى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم إذا جاءه أمر يسُره خرَّ لله ساجداً شاكراً له عز وجل ، ولما جاء الى أبى بكر خبر قتل مُسيلمة : سجد لله شكراً ، فإن سجود الشكر فيه تعبير عن حمد العبد لربه .




الواجب
كم عدد اسماء الله الحسنى ..؟؟


التعديل الأخير تم بواسطة هجرة إلى الله السلفية ; 10-20-2010 الساعة 05:17 AM