عرض مشاركة واحدة
  #44  
قديم 04-11-2009, 04:52 AM
ابو عبيد الله ابو عبيد الله غير متواجد حالياً
الفقير إلى ربه
 




افتراضي

قيام بشر بن الحارث

هو أبو نصر بشر بن الحارث المشهور بالحافي ، المكتفي بكفاية الكافي، الزاهد العابد الراضي العالم المحدث القدوة شيخ الإسلام المروزي ثم البغدادي .
قال إبراهيم الحربي : ما أخرجت بغداد أتم عقلاً من بشر، ولا أحفظ للسانه ، كان في كل شعرة منه عقل ، ما عرف له غيبة لمسلم ، ما رأيت أفضل منه .
كان بشر بن الحارث رأساً في الورع والإخلاص حتى إنه دفن كتبه خوفاً من الرياء والسمعة ـ قال حمزة بن دهقان : قلت لبشر بن الحارث : أحب أن أخلو معك .
قال : إذا شئت فيكون يوماً . فرأيته قد دخل قبة فصلى فيها أربع ركعات ، لا أحسن أصلي مثلها، فسمعته يقول في سجوده : اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الذل أحب إلى من الشرف ، اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن الفقر أحب إلى من الغنى ، اللهم إنك تعلم فوق عرشك أني لا أوثر على حبك شيئاً ، فلما سمعته أخذني الشهيق والبكاء ، فقال : اللهم إنت أني لو أعلم أن هذا هاهنا لم أتكلم .
وهكذا شأن المخلصين لا يحبون أن يطلع على أعمالهم إنس ولا جن، ولذلك كان يقول : لا تعمل لتذكر، اكتم الحسنة كما تكتم السيئة .
كان بشر من الذين آثروا العبادة على كل شيء حتى أنه لم يتزوج رحمه الله، ويوم مات قالوا لأحمد : مات بشر قال : مات والله وماله نظير إلا عامر بن عبد قيس، فإن عامراً مات ولم يترك شيئاً ثم قال : لو تزوج ـ وكأن الإمام أحمد رحمه الله تمنى لبشر بن الحارث أن يتزوج حتى يتم له أمره، وذلك لأن حال النبي صلى الله عليه وسلم هو أكمل الأحوال، ولو كان من تمام العبادة أن لا يتزوج ما تزوج عليه الصلاة والسلام إلا أنه صلى الله عليه وسلم قال في الحديث المشهور : (أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكنى أصوم وأفطر وأصلى وأرقد وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس منى ) متفق عليه.
فهذه هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن حال العبادة التي غلبت على بشر منعته الزواج والله يغفر له ويرحمه ـ
قيل له مرة : ألا تستريح لك في الليل ساعة ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قام حتى تورمت قدماه، وقطر منها الدم مع أن الله تعالى قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، فكيف أنامُ ولم أعلمْ أن الله غفر لي ذنباً واحداً ـ رحم الله بشراً كأني به يقول :

يا ذا الذي أنس الفؤاد بذكره أنت الذي ما إن سواه أريدُ
تفنى الليالي والزمان بأسره وهواك غضٌّ في الفؤاد جديدُ
ومن كلام بشر بن الحارث رحمه الله قال : ما خلَّف رجل في بيته خيراً وأفضل من ركعتين يصليهما ـ وكان يقول لا تجد حلاوة العبادة حتى تجعل بينك وبين الشهوات سداً.
عاش بشر بن الحارث خمساً وسبعين سنة ملأها بعبادة الله تعالى وخشيته، وصبر على ذلك حتى لقي ربه، وكان رحمه الله يلقب بالحافي لأنه تاب إلى الله تعالى وكان حافي القدمين فلازم هذه الحالة التي تاب فيها ، رحم الله بشر رحمة واسعة ؛؛؛


يتبع ان شاء ربى مع نجوم الثريا
رد مع اقتباس