عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 05-15-2010, 04:24 PM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي

الدرس الخامس عشر
القضاء والقدر
وَمِنْ صِفَاتِ اَللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ اَلْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ لَا يَكُونُ شَيْءٌ إِلَّا بِإِرَادَتِهِ, وَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ عَنْ مَشِيئَتِهِ, وَلَيْسَ فِي اَلْعَالَمِ شَيْءٌ يَخْرُجُ عَنْ تَقْدِيرِهِ, وَلَا يَصْدُرُ إِلَّا عَنْ تَدْبِيرِهِ, وَلَا مَحِيدَ عَنْ اَلْقَدَرِ اَلْمَقْدُورِ, وَلَا يَتَجَاوَزُ مَا خُطَّ فِي اَللَّوْحِ اَلْمَسْطُورِ, أَرَادَ مَا اَلْعَالَمُ فَاعِلُوهُ, وَلَوْ عَصَمَهُمْ لَمَا خَالَفُوهُ, وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُطِيعُوهُ جَمِيعًا لَأَطَاعُوهُ, خَلَقَ اَلْخَلْقَ وَأَفْعَالَهُمْ, وَقَدَّرَ أَرْزَاقَهُمْ وَآجَالَهُمْ, يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ بِرَحْمَتِهِ, وَيَضِلُّ مَنْ يَشَاءُ بِحِكْمَتِهِ, قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ) وَقَالَ تَعَالَى: (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) وَقَالَ تَعَالَى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا) وَقَالَ تَعَالَى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ) رَوَى اِبْنُ عُمَرَ أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم(( مَا اَلْإِيمَانُ? قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاَللَّهِ, وَمَلَائِكَتِهِ, وَكُتُبِهِ, وَرُسُلِهِ, وَالْيَوْمِ اَلْآخِرِ, وَبِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ" فَقَالَ جِبْرِيلُ صَدَقْتَ )) رَوَاهُ مُسْلِمٌ, وَقَالَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم (( آمَنْتُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ, وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ )) وَمِنْ دُعَاءِ اَلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلماَلَّذِي عَلَّمَهُ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ يَدْعُو بِهِ فِي قُنُوتِ اَلْوِتْرِ (( وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ )) .
من عقيدة أهل السنة والجماعة الإيمان بالقضاء والقدر .
القدر : ما سبق به العلم وجرى به القلم مما هو كائن إلى الأبد ، وأنه عز وجل قدر مقادير الخلائق وما يكون من الأشياء قبل أن تكون في الأزل ، وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وعلى صفات مخصوصة ، فهي تقع على حسب ما قدرها .
الأدلة :
قال تعالى : ( وخلق كل شيء فقدره تقديراً ) .
وقال تعالى : إنا كل شيء خلقناه بقدر ) .
وقال تعالى : ( وكان أمر الله قدراً مقدوراً ) .
وقال صلى الله عليه وسلم( إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة ) رواه مسلم .
· والإيمان بالقدر لا يتم إلا بأربعة أمور :
أولاً : الإيمان بعلم الله الشامل .
معناه : الإيمان بأن الله تعالى قد علم بعلمه الأزلي الأبدي ما كان وما يكون من صغير ، وكبير ، وظاهر ، وباطن مما يكون من أفعاله أو أفعال مخلوقاته .
دليل هذه المرتبة :
قال تعالى : ( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة ) .
وقال تعالى : ( لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً ) .


ثانياً : أن الله كتب في اللوح المحفوظ كل شيء .
ومعناه : الإيمان بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ، فما من شيء كان أو يكون إلا وهو مكتوب مقدر قبل أن يكون .
ودليل هذه المرتبة :
قوله تعالى ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها ) .
عن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء ) . رواه مسلم .
وهناك آية فيها دليل لكلا المرتبتين :
قال تعالى ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ) .
ثالثاً : كل شيء بمشيئة الله .
ومعناه : الإيمان بمشيئة الله وأنها عامة في كل شيء ، فما وجد موجود ، ولا عدم معدوم من صغير ، وكبير ، وظاهر ، وباطن ، في السموات والأرض إلا بمشيئة الله سواء كان ذلك من فعله تعالى أم من فعل مخلوقاته .
ودليل هذه المرتبة :
قوله تعالى ( ويفعل الله ما يشاء ) .
رابعاً : أن الله خالق كل شيء .
ومعناه : الإيمان بخلق الله تعالى ، وأنه خالق كل شيء من صغير ، وكبير ، وظاهر ، وباطن ، وأن خلقه شامل لأعيان هذه المخلوقات وصفاتها وما يصدر عنها من أقوال وأفعال وآثار .
دليل هذه المرتبة :
قال تعالى : ( وخلق كل شيء فقدره تقديراً ) .
وقال تعالى ( والله خلقكم وما تعملون ) .
· الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان لا يتم الإيمان إلا به .
لقوله صلى الله عليه وسلم لجبريل لما سأله عن الإيمان ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره ) رواه مسلم
· أنواع الكتابة :
أولاً : الكتابة العامة في اللوح المحفوظ .
وقد كتب الله فيه كل شيء .
كما سبق في حديث ( إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق ... ) .



ثانياً : الكتابة العمرية :
كمل في حديث ابن مسعود . قال : حدثنا الصادق المصدوق ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ) متفق عليه .
فهذه كتابة عمرية لأنها مقيدة بالعمر ، أي تكتب مرة واحدة ، ولا يعاد كتابتها .
ثالثاً : الكتابة الحولية .
وهي في ليلة القدر ، ففيها يكتب من أم الكتاب ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر .
قال تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين . فيها يفرق كل أمر حكيم . أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين ) .
وهي كتابة ما قدر للإنسان وهو جنين في رحم أمه إذا تم له أربعة أشهر .
· ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر :
أولاً : الطمأنينة والراحة النفسية بما يجري عليه من أقدار الله .
ثانياً : الاعتماد على الله سبحانه ، عند فعل الأسباب بحيث لا يعتمد على السبب نفسه ، لأن كل شيء بقدر الله .
ثالثاً : أن لا يعجب المرء بنفسه عند حصول مراده ، لأن حصوله نعمة من الله ، بما قدره من أسباب الخير .
· ما المراد بقوله ( وبالقدر خيره وشره ) هل في القدر شر ؟
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله : ليس في القدر شر ، وإنما الشر في المقدور ، يعني ليس فعل الله وتقديره شراً ، الشر في مفعولات الله لا في فعله ، والله لم يقدر هذا الشر إلا لخير .
كما قال تعالى ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ) هذا بيان سبب الفساد .
وأما الحكمة فقال ( ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ) ، إذاً هذه مصائب مآلها الخير .
المخالفون لأهل السنة :
الطائفة الأولى : الجبْرية :
قالوا : إن العبد مجبور على عمله ، وليس له إرادة ولا قدرة .
واستدلوا بقوله تعالى ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) .
قالوا : إن الله نفى عن نبيه الرمي ، وأثبته لنفسه سبحانه ، فدل على أنه لا صنع للعبد .
واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم( لن يدخل الجنة أحد بعمله ) متفق عليه .
قالوا : إن الجزاء غير مرتب على الأعمال ، فدل على أنه لا صنع للعباد فيه .
والرد عليهم :
أن استدلالهم بقوله تعالى ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) دليل عليهم وليس لهم ، لأنه تعالى أثبت لرسوله e رمياً بقوله ( إذ رميت ) .
وأما استدلالهم بحديث ( لن يدخل الجنة أحد بعمله ) فهذا قول باطل ، لأن ( الباء ) هنا ، باء العوِض ، وهو أن يكون العمل كالثمن الذي يستحق صاحبه أن يدخل به الجنة ، بل دخول الجنة بفضل الله ورحمته .
الطائفة الثانية : القدرية :
وقالوا : إن العبد مستقل بعمله ، وليس لمشيئة الله وقدرته فيه أثر .
والرد عليهم :
أن الله تعالى خالق كل شيء ، وكل شيء كائن بمشيئته ، وقد بين الله تعالى أن أفعال العباد تقع بمشيئته فقال تعالى ( ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات .. ) وقال تعالى ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها .. ) .
ومن العقل : إن الكون كله مملوك لله تعالى ، والإنسان من هذا الكون ، فهو مملوك لله ، ولا يمكن للمملوك أن يتصرف في ملك المالك إلا بإذنه ومشيئته .
وَلَا نَجْعَلُ قَضَاءَ اَللَّهِ وَقَدَرَهُ حُجَّةً لَنَا فِي تَرْكِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيه, بَلْ يَجِبُ أَنْ نُؤْمِنَ وَنَعْلَمَ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيْنَا اَلْحُجَّةَ بِإِنْزَالِ اَلْكُتُبِ, وَبِعْثَةِ اَلرُّسُلِ قَالَ اَللَّهُ تَعَالَى: (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ )
البعض يحتج بالقدر على فعل المعصية ، وليس في ذلك حجة لأمور :
أولاً : أن الله أضاف عمل العبد إليه وجعله كسباً له فقال ( اليوم تجزى كل نفس بما كسبت ) ولو لم يكن له اختيار وقُدرة عليه ما نسب إليه .
ثانياً : أن الله أخبر أنه أرسل الرسل لقطع الحجة ( لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) ، ولو كان القدر حجة للعاصي لم تنقطع بإرسال الرسل .
ثالثاً : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار أو من الجنة ، فقال رجل من القوم : ألا نتكل يا رسول الله قال صلى الله عليه وسلم: لا ، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ) رواه البخاري .
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالعمل ونهى عن الاتكال على القدر .
رابعاً : أننا نرى الإنسان يحرص على ما يلائمه من أمور دنياه حتى يدركه ، ولا يعدل إلى مالايلائمه ، ثم يحتج على عدوله بالقدر ، فلماذا يعدلُ عما ينفعه في أمور دينه إلى ما يضره ثم يحتج بالقدر ؟ أفليس شأن الأمرين واحداً ؟
نكمل المرةالقادمة ان شاء الله
واجب اليوم
على الفاضلة نصرة مسلمة ان تقوم بجمع الفوائد على هذا الدرس
ووضعه في الموضوع الخاص بذلك في المواضيع المثبتة
ونرجو من الجميع قراءة الفوائدعلى الدرس السابق بالموضوع المختص بذلك
في المواضيع المثبتة
جزاكم الله خيرا