عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 02-24-2008, 08:36 PM
أبو سيف أبو سيف غير متواجد حالياً
اللهم يامُقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
 




افتراضي

أحسن النية .. لوجه الله ..
جعلت أتأمل أساليب تعامل بعض الأشخاص .. وعشت معهم سنين .. لا أذكر أني رأيت منهم ابتسامة .. بل ولا حتى مجاملة بضحك على طرفة .. أو تفاعل مع متحدث .. كنت أظن أنهم نشأوا هكذا ولا يستطيعون غيره ..
ثم تفاجأت برؤيتهم في مواطن معينة .. ومع بعض الناس ــ من الأغنياء وأصحاب النفوذ تحديدًا ــ يحسنون الضحك والتلطف .. فأدركت أنهم ما يفعلون ذلك إلا لمصلحة .. فيفوتهم بذلك أجر عظيم ..
إذ إنَّ المؤمن يتعبد لله تعالى بأخلاقه ومهارات تعامله .. مع جميع الناس .. لا لأجل منصب أو مال .. ولا لأجل أن يمدحه الناس .. ولا لأجل أن يزوج أو يسلف مالاً ..
وإنما ليحبه الله ويحببه إلى خلقه .. نعم .. من اعتبر حسن الخلق عبادة .. صار يتعامل بأحسن المهارات مع الغني والفقير .. والمدير والفراش ..
لو مررت يومًا بعامل مسكين يكنس الشارع .. ومد يده إليك مصافحًا ؟ ودخلت يومًا آخر على مسئول كبير فمد يده .. هل هما متساويان ؟ في احتفائك بهما .. وتبسمك وبشاشتك ؟ لا أدري !!
أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانا عنده متساويين في الاحتفاء والنصح والشفقة .. وما يدريك لعل من تزدريه وتتكبر عليه يكون عند الله خيرًا من ملء الأرض من مثل الذي تكرمه وتقبل عليه ..
قال صلى الله عليه وسلم : إن من أحبكم إلى وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا ( ) ..
وقال للأشج بن عبد قيس : إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله .. فما هما الخصلتان : قيام الليل ! صيام النهار ؟ ..
استبشر الأشج رضي الله عنه وقال : ما هما يا رسول الله ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : الحلم .. والأناة ( ) ..
وسئل صلى الله عليه وسلم عن البر ؟ .. فقال : البر حسن الخلق ( ) ..
وسئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال : تقوى الله وحسن الخلق ( ) ..
وقال صلى الله عليه وسلم : أكمل المؤمنين إيمانًا أحاسنهم أخلاقًا الموطؤون أكنافًا الذين يألفون ويؤلفون ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ( ) ..
وقال صلى الله عليه وسلم : ما شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق ( ) ..
وقال صلى الله عليه وسلم : إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار ( ) ..
ومن حَسُنَ خلقه ربح في الدارين ..
وإن شئت فانظر إلى أم سلمة رضي الله عنها .. وقد جلست مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فتذكرت الآخرة وما أعد الله فيها ..
فقالت : يا رسول الله .. المرأة يكون لها زوجان في الدنيا .. فإذا ماتت وماتا ودخلوا جميعًا إلى الجنة .. فلمن تكون ؟ فماذا قال ؟ تكون لأطولهما قيامًا ؟ أم لأكثرهما صيامًا ؟ أم لأوسعهما علمًا ؟ كلا ..
وإنما قال : تكون لأحسنهما خلقًا .. فعجبت أم سلمة .. فلما رأى دهشتها قال صلى الله عليه وسلم : يا أم سلمة .. ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة ..
نعم ذهب بخيري الدنيا والآخرة .. أما خير الدنيا فهو ما يكون له من محبة في قلوب الخلق .. وأما خير الآخرة فهو ما يكون له من الأجر العظيم .. ومهما أكثر الإنسان من الأعمال الصالحات .. فإنها قد تفسد عليه إذا كان سيء الخلق ..
ذُكر للنبي صلى الله عليه وسلم حالُ امرأة .. وذكر له أنها تصلي وتصوم وتتصدق وتفعل .. لكنها تؤذي جيرانها بلسانها .. ( يعني سيئة الخلق ) .. فقال صلى الله عليه وسلم : هي في النار ..
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة .. في كل خلق حميد .. كان أكرمَ الناس .. وأشجعَهم .. وأحلمَهم .. كان أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها .. كان أمينًا صادقًا .. يشهد له الكفار بذلك قبل المؤمنين .. والفساقُ قبل الصالحين ..
حتى قالت خديجة رضي الله عنها أول ما نزل عليه الوحي .. لما رأت تغير حاله .. قالت : والله لا يخزيك الله أبدًا .. ( لماذا ؟؟ ) ..
إنك لتصل الرحم .. وتحمل الكل .. وتكسب المعدوم .. وتقري الضيف .. وتعين على نوائب الحق .. وتصدق الحديث .. وتؤدي الأمانة ..
بل أثنى الله عليه ثناء نتلوه إلى يوم القيامة .. فقال : ( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) .. وكان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن .. نعم خلقه القرآن .. فإذا قرأ (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) .. أحسن .. نعم أحسن إلى الكبير والصغير .. والغني والفقير .. إلى شرفاء الناس ووضعائهم .. وكبارهم وصغارهم .. وإذا سمع قول الله : (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا ).. عفا وصفح .. وإذا تلا : ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ) .. تكلم بأحسن الكلام ..
فما دام أنه صلى الله عليه وسلم قدوتنا .. ومنهجه منهجُنا .. تأمل حياته صلى الله عليه وسلم .. كيف كان يتعامل مع الناس .. كيف كان يعالج أخطاءهم .. ويتحمل أذاهم .. كيف كان يتعب لراحتهم .. وينصب لدعوتهم ..
فيومًا تراه يسعى في حاجة مسكين .. ويومًا يفصل خصومة بين المؤمنين .. ويومًا يدعو الكافرين .. حتى كبرت سنه .. ورق عظمه .. ووصفت عائشة حاله فقالت : كان أكثرُ صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعدما كبر جالسًا .. ( لماذا ؟؟ ) ..
بعدما حطمه الناس .. نعم .. حطمه الناس ..
وإذا كانت النفوس كبارًا
تعبت في مرادها الأجسام

بل بلغ من حرصه صلى الله عليه وسلم على الخلق الحسن .. أنه كان يدعو الله فيقول : اللهم كما أحسنت خَلْقي فأحسن خُلقي ( ) ..
وكان يقول : اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت ( ) ..
فنحن نحتاج إلى أن نقتدي به صلى الله عليه وسلم في أخلاقه .. مع المسلمين لكسبهم ودعوتهم .. ومع الكافرين ليعرفوا حقيقة الإسلام ..



إشارة ..
أحسن النية ..
لتكون مهارات تعاملك مع الآخرين عبادة تتقرب بها إلى الله
..
رد مع اقتباس