عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-05-2008, 03:52 AM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي معنى الطاغوت لغة و شرعا

 

السلام عليكم

الإخوة الأفاضل أنقل لكم كلاما نفيسا عن معنى الطاغوت مقتطف من كتاب الشيخ عبد المنعم مصطفى حليمة{أبو بصير الطرطوسي} 'الطاغوت'





الطاغوت .

ـ التحقيق اللغوي : طغى يطغى طغْياويطغو طغيانا : جاوز القَدْرَوارتفعَوغَلا في الكفر.وكل مجاوز حدَّه في العصيان طاغ.
و طغى الماءوالبحر : هاجت أمواجه،وكل شيء جاوز القَدْرَ فقد طغى كما طغى الماء على قوم نوح،وكما طغت الصيحة على ثمود.
و الطاغوت : يقع على الواحد،والجمع،والمذكر،والمؤنث، وزنه فعَلوت إنما هو طغيوت، قدمت الياء قبل الغينوهو مفتوحةوقبلها فتحة، فقلبت ألفا، فصار طاغوت.
و جمع الطاغوت : طواغيت،وفي الحديث : "لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطوغي،وفي الآخر :ولا بالطواغيت"، فالطواغي جمع طاغية،وهي ما كانوا يعبدونه من الأصناموغيرها ،ومنه : هذه طاغية دَوْسوخثعَم أي صنمهمومعبدهم،ويجوز أن يكون أراد بالطواغي من طغى في الكفر وجاوز الحدَّ،وهم عظماؤهموكبراؤهم

ـ أقوال أهل العلم في الطاغوت :
1ـ ابن جرير الطبري:والصواب من القول عندي في "الطاغوت"، أنه كل ذي طغيان على الله، فقبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبده،وإما بطاعة ممن عبده له، إنسانا كان ذلك المعبود، أو شيطانا، أو وثنا، أو صنما، أو كائنا ما كان من شي.
و أرى أصل "الطاغوت"، الطغووت من قول القائل : طغا فلان يطغو، إذا عدا قدره فتجاوز حده

2ـ ابن تيمية : الطاغوت فعلوت من الطغيان،والطغيان : مجاوزة الحدوهو الظلموالبغي. فالمعبود من دون الله إذا لم يكن كارها لذلكطاغوت،ولهذا سمى النبي e الأصنام طواغيت في الحديث الصحيح لما قال : "و يتبع من يعبد الطواغيت الطواغيت".
و المطاع في معصية الله،والمطاع في اتباع غير الهدىودين الحق سواء كان مقبولا خبره المخالف لكتاب الله، أو مطاعا أمره المخالف لأمر الله هو طاغوت،ولهذا سمى من تحوكم إليه من حاكم بغير كتاب الله طاغوت،وسمى فرغونوعاداً طغاة

3ـ ابن القيم : الطاغوت كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله ، فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم عدلوا من عبادة الله إلى عبادة الطاغوت،وعن التحاكم إلى اللهوإلى الرسول إلى التحاكم إلى طاغوت، وعن طاعتهومتابعة رسوله إلى طاعة الطاغوتومتابعته
قلت : هذا حال الناس في عهد ابن القيم - رحمه الله - قبل أكثر من سبعمائة عام، فكيف لو رأى ابن القيم الناس في زماننا، فماذا تراه يقول..؟!

4ـ القرطبي : الطاغوت الكاهن،والشيطان،وكل رأس في الضلال

5ـ النووي : قال الليث،وأبو عبيدة،والكسائي،وجماهير أهل اللغة : الطاغوت كل ما عبد من دون الله تعالى

6ـ محمد بن عبد الوهاب : الطاغوت عام في كل ما عبد من دون اللهورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله فهو طاغوت

7ـ الشنقيطي :والتحقيق أن كل ما عبد من دون الله فهو طاغوت،والحظ الأكبر من ذلك للشيطان، كما قال تعالى : )ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان(

8ـ عبد الرحمن، بابطين : الطاغوت يشمل كل معبود من دون الله،وكل رأس في الضلال يدعو إلى الباطلويحسنه،ويشمل أيضا : كل من نصبه الناس للحكم بينهم بأحكام الجاهلية المضادة لحكم اللهورسوله، ويشمل أيضا : الكاهن،والساحر،وسدنة الأوثان الداعين إلى عبادة المقبورينوغيرهم، بما يكذبون من الحكايات المضلة للجهال..وأصل هذه الأنواع كلهوأعظمها : الشيطان، فهو الطاغوت الأكبر،والله سبحانه وتعالى أعلم

9ـ المودودي : المراد من الطاغوت كل فرد أو طائفة أو إدارة تبغيوتتمرد على الله،وتجاوز حدود العبوديةوتدعي لنفسها الألوهية والربوبية.
و قال :ومعنى الطاغوت في اصطلاح القرآن ، كل دولة أو سلطة،وكل إمامة أو قيادة تبغي على اللهوتتمرد، ثم تنفذ حكمها في أرضهوتحمل عباده على طاعتها بالإكراه أو بالإغراء أو بالتعليم الفاسد.
فاستسلام المرء لمثل تلك السلطةوتلك الإمامةوالزعامة،وتعبُّده لها ثم طاعته إياها، كل ذلك منه عبادة -ولا شك - للطاغوت

10- سيد قطب :والطاغوت صيغة من الطغيان، تفيد كل ما يطغى على الوعيويجور على الحق،ويتجاوز الحدود التي رسمها الله للعباد، ولا يكون له ضابط من العقيدة في الله،ومن الشريعة التي يسنها الله،ومنه كل منهج غير مستمد من الله،وكل تصور أو وضع أو أدب أو تقليد لا يستمد من الله.
إن الطاغوت هو كل سلطان لا يستمد من سلطان الله،وكل حكم لا يقوم على شريعة الله،وكل عدوان يتجاوز الحق،والعدوان على سلطان اللهوألوهيته،وحاكميته هو أشنع العدوان،وأشده طغيانا،وأدخله في معنى الطاغوت لفظاومعنى..وأهل الكتاب لم يعبدوا الأحباروالرهبان ،ولكن اتبعوا شرعهم فسماهم الله عبادا لهم،وسماهم مشركين )اتخذوا أحبارهمورهبانهم أربابا من دون الله(، فهم عبدوا الطاغوت أي السلطات الطاغية المتجاوزة لحقها،وهم لم يعبدوها بمعنى السجود والركوع،ولكنهم عبدوها بمعنى الاتباعوالطاعة،وهي عبادة تخرج صاحبها من عبادة اللهومن دين الله

11- محمد حامد الفقي :والذي يستخلص من كلام السلف رضي الله عنهم : أن الطاغوت كل ما صرف العبدوصده عن عبادة الله وإخلاص الدينوالطاعة للهولرسوله. سواء في ذلك الشيطان من الجن والشيطان من الإنس،والأشجاروالأحجاروغيرها.ويدخل في ذلك بلا شك الحكم بالقوانين الأجنبية عن الإسلاموشرائعهوغيرها من كل ما وضعه الإنسان ليحكم به في الدماءوالفروجوالأموال،وليبطل بها شرائع الله من إقامة الحدودوتحريم الرباوالزناوالخمرونحو ذلك، مما أخذت هذه القوانين تحللهاوتحميها بنفوذهاومنفذيها.والقوانين نفسها طواغيت، وواضعوهاومروجوها طواغيت،وأمثالها من كل كتاب وضعه العقل البشري ليصرف عن الحق الذي جاء به رسول الله e إما قصدا أو عن غير قصد من واضعه، فهو طاغوت

خلاصة ما تقدم نقول : إن الطاغوت هو كل ما عبد من دون الله - وهو راض بذلك -ولو في جزئية أو مجال من مجالات العبادة، فمن يُعبد من جهة الحبوالموالاةوالمعاداة فهو طاغوت،ومن يُعبد من جهة الطاعةوالاتباعوالتحاكم فهو طاغوت،ومن يُعبد من جهة الدعاء والخشيةوالنذروالنسك فهو طاغوت،ومن يُعبد من جهة الإقرار له بخصائص الإلهية أو بعضها فهو طاغوت.
و مما يندرج كذلك في مسمى الطاغوت، الشرائعوالقوانين، والدساتيروالمناهج المضاهية لشرع الله.وكذلك كل إمام في الكفر والفساد والإضلال فهو طاغوت.




التعديل الأخير تم بواسطة أبو الفداء الأندلسي ; 06-05-2008 الساعة 03:56 AM سبب آخر: إزالة الحواشي
رد مع اقتباس