عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 03-25-2008, 02:52 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




Islam الإعراب




باب الإعراب



تعرفنا في اللقاء الماضي على أقسام الكلمة (اسم ، فعل ، حرف) وتناولنا العلامات التي يتميز بها كل قسم عن الآخر ، واليوم نذهب مستعينين بالله تعالى إلى [ الإعراب ] الذي هو موضوع علم النحو في الأساس ، وقد كنا ننوي أن نجعل هذا اللقاء لقاءً عاماً شاملاً ندرج فيه بعض المتفرقات من علم النحو ، ولكن آثرنا تأجيل هذا اللقاء بعض الوقت ، ونكمل اليوم مع فقرة أخرى من فقرات متن المقدمة الآجرومية ، وهي عن (الإعراب) .

كما ذكرنا في أول لقاءاتنا أن علم النحو يهتم بضبط أواخر الكلمات ، يعني نتعرف من خلال النحو على كيفية ضبط الحرف الأخير من كل كلمة ، وهذا يسمى إعرابٌ .



قال المؤلف رحمه الله : [ الإعراب هو : تغيير أواخر الكَلِمِ لاختلاف العوامل الداخلة عليها لفظاً أو تقديراً ] .
[ تغيير أواخر الكَلِمِ ] معناه كما ذكرنا حركة الحرف الأخير من كل كلمة ، هل يكون الحرف مفتوحا أم مضموماً أم مكسوراً .
فلو قلنا (القلب) ، هل نقولها : (القلبُ) أم (القلبَ) أم (القلبِ) ؟
فهذا كما ذكرنا هو مفهوم الإعراب ، أن نعرف الحرف الأخير من الكلمة ماهي الحركة المناسبة له . ولكي نعرف الحركة المناسبة هذه ، لابد أن تكون هذه الكلمة موضوعة في سياق جملة من الجُمل .
وهذا الذي يعنيه المؤلف في باقي التعريف حيث يقول :
[ لاختلاف العوامل الداخلة عليها ] أي أن أواخر الكلمات يحدث فيها تغييرٌ يكون سببه اختلاف العوامل الداخلة على الكلمة ، فهذا يحدث بالطبع إن كانت الكلمة واردة في جملة مفيدة ، فيتأثر إعرابها بالعوامل المحيطة بها في هذه الجملة ، ولذلك تتغير حركة الحرف الأخير من الكلمة بسبب تغير موقعها من الإعراب .
فكلمة (القلب) التي ذكرناها ، لو تأملناها في ثلاث جُملٍ وأبدلنا موقعها الإعرابي في كل جملة ، لرأينا اختلافا وتغييرا في حركة حرفها الأخير .
نقول : ( القلبُ مضغةٌ في الجسد )
ونقول : ( إنَّ القلبَ مضغة ٌ في الجسد )
ونقول : ( شعرَ محمدٌ بآلامٍ في القلبِ )
ففي الجملة الأولى جاءت الكلمة في موقع المبتدأ والمبتدأ يستحق الرفع ، فصار الحرف الأخير مضموماً ، وفي الجملة الثانية وقعت في موقع اسم (إنَّ) ومعروف أن (إنَّ) آداة تنصب المبتدأ فصار الحرف الأخير مفتوحاً ، وفي الجملة الثالثة سُبقتْ بحرف الجر (في) فصارت مجرورة وصار الحرف الأخير منها مكسوراً .
وهكذا فهذه المواقع الإعرابية وهذه الأدوات التي تدخل على الكلمة هي عواملٌ تؤثر في إعرابها وفي حركة حرفها الأخير .
فكل هذا يسمى ( الإعراب ) .


يقول المؤلف [ لفظاً أو تقديراً ] يقصد بهذا أن التغيير الذي يلحق بآخر حرف من الكلمة يكون تغييراً لفظياً أو أحيانا لا يكون لفظياً وإنما يكون مقدراً . ولتوضيح هذا فلننظر إلى الأمثلة التالية :
( إذا دعوتَ إنساناً إلى الهُدَى فلم يستجبْ فلا تيأس ، واعلم أن الهُدَى هُدَى الله )
فكلمة ( الهدى ) وردت في الجملة في ثلاثة مواقع إعرابية كما نرى ، فهل رأينا تغيراً في حركة الحرف الأخير منها ؟
لا ، هناك تغيرا ولكنه غير ملفوظ ، الكلمة الأولى جاءت مسبوقة بحرف الجر (إلى) فاستحقت الجر ، ولكن لم تظهر الكسرة على حرفها الأخير ، والكلمة الثانية وقعت إسم (أنَّ) فاستحقت النصب ، ولكن لم تظهر الفتحة على حرفها الأخير ، والكلمة الثالثة وقعت خبر (أنَّ) فاستحقت الرفع ، وأيضا لم تظهر الضمة على حرفها الأخير .
إذن فالتغيير الذي حدث للحرف الأخير يسمى تغييرٌ مُقدَّرٌ ، أي أننا لانتلفظ به ولكن نكون على علم بأنه يستحق التغيير . بخلاف كلمة (القلب) في الأمثلة الأولى قد ظهرت عليها علامة الإعراب فكن التغير لفظاً أي أننا تلفظنا بهذا التغيير في كلامنا .

ولعل القارئ الكريم يقع في بعض الحيرة الآن بالنسبة للكلمات التي لايظهر عليها التغيير ، ولتوضيح هذا نتناول سريعا نوعين من الأسماء يسمى أحدهما [الاسم المقصور] ويسمى الآخر [الاسم المنقوص] .


فـ [الاسم المقصور] هو الاسم المُعرَب الذي آخره ألف لازمة يسبقها حرف مفتوح .
أي أنه ينتهي بألف ملازمة له دائما ويسبقها حرف مفتوح .
مثل الكلمة التي ذكرناها في المثال السابق ، وهي كلمة (الهُدَى) ، فهذه الكلمة اسم يستحق الإعراب ، ولكن الحرف الأخير منها هو حرف الألف ((هو ألف ولكن ترسم فقط بشكل الياء)) وقد جاء الحرف السابق له مفتوح وهو حرف (الدال) فهذا يسمى [اسم مقصور] .
ومثاله أيضا أسماء ( فتى ، عصا ، رضا ، مستشفى ، مَلهَى )
فكل هذه أسماء مقصورة تنتهي بحرف (ألف) مسبوق بحرف مفتوح ، فلا تظهر عليها علامة الإعراب أبدا من أجل التعذر ، وإنما تكون العلامة مُقدرّةً ، فالاسم المقصور تُقدر عليه كل علامات الإعراب من أجل التعذر .

وكأمثلة على كيفية إعراب الاسم المقصور ، نقول :
(نجحَ مصطفى بتفوق شديد)
فكلمة (مصطفى) كما نرى ، اسم مقصور انتهى بحرف بألف لازمة سَبقها حرفٌ مفتوحٌ ، فحينما نعرب كلمة (مصطفى) نقول :
فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة مَنعَ مِنْ ظهورها التعذر .
(ضربْتُ مصطفى على رأسه)
مفعولٌ به منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة منعَ من ظهورها التعذر .
(سلمتُ على مصطفى)
اسم مجرور بـ على وعلامة جره كسرة مُقدرة منع مِن ظهورها التعذر .
فهذا هو الاسم المقصور ، وهذه هي كيفية إعرابه .


و [الاسم المنقوص] هو الاسم المُعرب الذي آخره ياء لازمة يسبقها حرف مكسور .
كأن أقول (القاضِي) فهذه الكلمة انتهت بحرف ياء لازمة مسبوقة بحرف الضاد المكسور ، فتسمى الكلمة بـ [الاسم المنقوص] .
وهذا الاسم ، تقدر عليه علامتان فقط وتظهر علامة واحدة .
حيث تقدر عليه (الضمة ، والكسرة) ولكن تظهر عليه علامة (الفتحة) بشكل طبيعي .
ومثاله أيضا كلمات ( الداعي ، الساعي ، الرامي ، الراعي ، المنادي ، العالي ، الباقي ، الزاني ، الوالي ) فكل هذه أسماء منقوصة .
تقدر عليها (الضمة ، والفتحة) للـثِـقـَل ، وتظهر عليها علامة (الفتحة) .
وكأمثلة أيضا على كيفية إعراب الاسم المنقوص ، نقول :
(جاء القاضي)
فاعل مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة منعَ مِن ظهورها الثِـقل .
(مرَرْتُ بالقاضي)
اسم مجرور بالباء وعلامة جره كسرة مقدرة منعَ مِن ظهورها الثقل .
(رأيتُ القاضيَ )
مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة .
فكما نرى ، حينما استحق الجر والرفع امتنع ظهور الحركات من أجب الثقل ، أي أن النطق سيثقل علينا إن وضعنا الضمة أو الكسرة ؛ ولكن لما جاء منصوبا وضعنا الفتحة بشكل طبيعي جدا وصار الإعراب ظاهرا .

فالاسم المنقوص تقدر فيه الكسرة والضمة وتظهر الفتحة ، أما الاسم المقصور فتقدر فيه كل علامات الاعراب .


ويبقى لنا كذلك من الأسماء التي تقدر عليها علامات الإعراب [الاسم المنتهي بياء المتكلم] ، فحينما أقول (صاحبي ، أستاذي ، شيخي ، صديقي ، كتابي ، قلمي ، عيني ) فكل هذه الكلمات أسماء انتهت بياء المتكلم في آخرها ، فالاسم الذي يضاف إلى ياء المتكلم تقدر عليه كل علامات الإعراب ، وتكون مقدرة من أجل المناسبة .
وكأمثلة على هذا نقول :
( تصفحْـتُ كتابي فوجدته مليئا بالفوائد )
مفعول به منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة منعَ مِن ظهورها المناسبة .
(قرأتُ في كتابي عشر صفحات)
اسم مجرور بـ في وعلامة جره كسرة مقدرة منعَ مِن ظهورها المناسبة .
( كتابي أغلى عندي من أموال الدنيا )
مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة منعَ مِن ظهورها المناسبة .


فهذا هو الإعراب ، وهو تغيير أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها .
والتغيير إما أن يكون ظاهراً ، كما لو قلنا ( القلب ، الكتاب ، النهار ، الليل ) وهكذا ،
وإما أن يكون مقدراً كحال الاسم المقصور ، والاسم المنقوص ، والاسم المنتهي بياء المتكلم ،
(المقصور) تقدر عليه كل علامات الإعراب ، من أجل التعذر .
(المضاف لياء المتكلم) تقدر عليه كل علامات الإعراب ، من أجل المناسبة .
(المنقوص) تقدر عليه الضمة والكسرة ، من أجل الثقل _ وتظهر عليه الفتحة .


الأسئلة
الكلمات الملونة باللون الأزرق فيما يلي ، منها ماتظهر عليه علامة الإعراب ومنها ماتقدر ، فقم بتبيان الظاهر والمقدر منها مع بيان سبب التقدير في ماتقدر عليه علامته :

(1) قال تعالى : {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }الأحقاف31
(2) قال تعالي : {تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى }النجم22
(3) قال تعالى : {وَالضُّحَى }الضحى1
(4) قال تعالى : {وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ}هود34
(5) قد يُدرك المتأني بعض حاجته .:. وقد يكون مع المستعجل الزلل .
(6) فكل مالاقيته مغتفرٌ .:. في جنب ماأسأره شحط النَّـوَى .

**** إجابة الأسئلة بقسم الإقتراحات كما نعلم .



وهكذا نكون قد انتهينا من الحديث عن الإعراب ، وفي اللقاءات القادمة نتناول أنواع الإعراب ومواضع ظهور علاماته إن شاء الله ، ونسأل الله العظيم أن يوفقنا وإياكم إلى مايحبه ويرضاه وأن يجنبنا وإياكم الفتن ماظهر منها وما بطن .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .



التعديل الأخير تم بواسطة أبو يوسف السلفي ; 12-31-2009 الساعة 01:32 AM سبب آخر: التنسيق
رد مع اقتباس