عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 04-14-2008, 05:20 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

الأدب الخامس
ترك الذنوب


خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى
واصنع كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى.


العلماء يقولون ( والله إنا لنحسب الرجل ينسى العلم بالخطيئة يعملها).
أحد السلف كان يسير مع أصحابه، فبينما هو في الطريق انقطع شسع نعله، فالتفت إلى أصحابه وقال ( والله لم ينقطع إلا بمعصية عملتها وقد تأخرت عن صلاة الفجر).
يقال أن الإمام الشافعي -رحمه الله- جلس بين يدي الإمام مالك -رحمه الله-، فقال له الإمام مالك: يا محمد إني أرى الله سبحانه قد قذف في قلبك نورا وأرى فيك ذكاء وفطنة فلا تطفئها بمعصية الله عز وجل.
وهو الذي قال:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وقال اعلم أن العلم نور *** ونور الله لا يأتى لعاص.


الأدب السادس
وهو أن يكون نقي القلب، سليم الصدر، لا يحسد ولا يحقد ولا يغش.
يقول صلى الله عليه وسلم:[ تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً، فأيما قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأيما قلب رفضها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تصبح القلوب على قلبين: على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مرباداً ، كالكوز مجخياً لا يعرف معروفا ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه ].

وحتى يكون القلب نقيا والسريرة صافية فإن من أعظم الأمور أن يجتنب طالب العلم ثلاثة أمور:
1- أن يجتنب العوائد: هي الأمور التي اعتادها الناس وجعلوها بمنزلة الشرع وهي بعيدة عن كتاب الله تعالى وعن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

2- أن يجتنب العوائق: التي تعيق القلب في سيره إلى الله سبحانه وتعالى ويجمعها ثلاثة:
- الشرك بالله تعالى.
- البدع.
- المعاصي.

3- أن يجتنب العلائق: وهي التعلق بالدنيا وشهواتها وملاذها وغير ذلك.

هي الدنيا أقل من القليل *** وعاشقها أذل من الذليل
تصم بسحرها قوما وتعمي *** فهم يتبخترون فيها بلا دليل.


الأدب السابع
محاسبة النفس
قد يغفل بعض طلبة العلم عن أن يجلس الواحد منه ليحاسب نفسه:
- يحاسب نفسه في العلم الذي تعلمه هل هو لله سبحانه.
- يحاسب نفسه هل هو يعمل بهذا العلم أم لا.
- يحاسب نفسه ماذا قدم لأمته؟.
- يحاسب نفسه في العلم الذي يقدمه هل هو علم صحيح.
وهذا الذي جعل مثل الإمام الشافعي -رحمه الله- يكون له مذهبين: قديم وجديد، وبعض العلماء يكون له فتاوى قديمة ويقال في آخر حياته تراجع عن هذا القول.

الأدب الثامن
أن يكون دائم الذكر لله سبحانه وتعالى.
العلماء دائما ما يحثون الناس وطلبة العلم على الإكثار من ذكر الله تعالى، ودائما ما تجد في سيرهم وتراجمهم أنهم يُثنى عليهم بأنهم يُكثرون من ذكر الله عز وجل.
الذكر هو تحصين لطالب العلم من شياطين الإنس والجن، فإذا أكثر الإنسان من ذكر الله عز وجل فهذا دليل على محبته لله.
وكما يقول العلماء(من أحب شيئا أكثر من ذكره).
ويقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-(الإقبال على الله تعالى والإنابة والرضا بما كتبه سبحانه والسرور الذي يجده الإنسان في قلبه فهذه بشرى للمؤمن في هذه الحياة وتعجيل من الله سبحانه وتعالى للخير الذي أعده له في جنات النعيم).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-(إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة).
وقصة ذلك الصحابي الجليل لما أتى وقال: يا رسول الله إن شعائر الإسلام قد كثرت علي وشكا إلى النبي عليه الصلاة والسلام حاله، قال صلى الله عليه وسلم:[ لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل ].
الإمام ابن القيم -رحمه الله- قال وهو يتحدث عن ابن تيمية -رحمه الله-(كان ما يقول وهو في سجن القلعة بدمشق: ما يصنع أعداء بي، أنا جنتي وبستاني في صدري، أينما أذهب فهي معي، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة).
يقول الإمام ابن القيم -رحمه الله-( وعلم الله ما رأيت أحدا أطيب عيشا منه، مع ما كان فيه من ضيق العيش لأنه كان دائم الذكر لله عز وجل).
يقول-رحمه الله-( حضرته يوما بعد صلاة الفجر وهو يذكر الله سبحانه وتعالى إلى قريب من منتصف النهار ثم التفت إلي وقال: هذه غدوتي إذا لم أتغذى انهارت قواي).
وهذا أحد الأوجه الذي فُسِّر بها قول النبي صلى الله عليه وسلم:[ إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني ].

الأدب التاسع
الحذر من مجالسة السفهاء
يجب على طالب العلم أن يترفع عن مجالسة السفهاء إلا أن يكون داعيا لهم إلى الله سبحانه وتعالى لأن السفيه لا يقدر العالم حق قدره وقد يوقعه في إحراج يكون طالب العلم في غنى عنه.
يقول نصر بن علي الجهضمي قال‏(
‏ كان في جيراني رجل طفيلي فكنت إذا دعيت إلى مدعاة ركب لركوبي فإذا دخلنا الموضع أكرم من أجلي فاتخذ جعفر بن سليمان أمير البصرة دعوة فدعيت فيها فقلت في نفسي‏:‏ والله إن جاء هذا الرجل معي لأخزينه.‏
فلما ركبت ركب لركوبي ودخلت الدار فدخل معي وأكرم من أجلي فلما حضرت المائدة قلت‏:‏ حدثنا درست بن زياد عن أبان بن طارق عن نافع عن ابن عمران عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏[ من مشى إلى طعام لم يدع إليه مشى فاسقا وأكل حراما ‏]، قال‏:‏ فقال الطفيلي‏:‏ استحييت لك يا أبا عمرو مثلك يتكلم بهذا الكلام على مائدة الأمير ثم ما ها هنا أحد إلا وهو يظن أنك رميته بهذا الكلام ثم لا تستحي أن تحدث عن درست ودرست كذاب لا يحتج بحديثه عن أبان بن طارق وأبان كان صبيان المدينة يلعبون به ولكن أين أنت مما حدثنا به أبو عاصم النبيل عن ابن جريج عن الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏[ طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة ]‏.‏
قال نصر بن علي‏:‏ فكأني ألقمت حجرًا فلما خرجنا من الدار أنشأ الطفيلي يقول‏:‏
ومن ظن ممن يلاقي الحروب *** بأن لا يصاب لقد ظن عجزا
).

الأدب العاشر
الصدق
من القبيح أن يكون طالب العلم كذابا.
قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن جبانا؟ قال:[ نعم ]، أيكون المؤمن بخيلا؟ قال:[ نعم ]، أيكون المؤمن كذابا؟ قال:[ لا ].
قال عليه الصلاة والسلام:[ عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ].
يقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }[التوبة:119].
العلماء يقولون أن الكذب يجوز في مواضع، لكن مواضع لمصلحة شرعية وليس في كل وقت.

الأدب الحادي عشر
النهي عن المراء والجدال
إذا أراد الله عز وجل بعبده خيرا فتح له باب العمل وأغلق عنه باب الجدل، وإذا أراد بعبده شرا فتح له باب الجدل وأغلق عنه باب العمل.
الإمام مالك -رحمه الله- كان يكره كثرة السؤال في المسائل التي لا تفيد الناس.
هناك أسئلة في القرآن الكريم لم تتم الإجابة عنها يقول الله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}[الإسراء:85].
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:[ أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء ولو كان محقا ].
هذا ليس معناه أن طالب العلم لا يناقش ولا يسأل ولكن بشرط أن لا يكون فيه مراء وأن يكون في النهاية استسلام لأمر الله وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام.

الأدب الثاني عشر
الدعوة إلى الله تعالى
أيهما نقدم الدعوة أم طلب العلم الشرعي؟
الدعوة إلى الله تعالى من أعظم الأعمال التي يقوم بها طالب العلم، بل هي العمل للدراسة التي كان يدرسها، وهي وظيفة الأنبياء عليهم السلام، فهي من خير الوظائف وأعظمها وأكرمها، وهي من العبادات العظيمة والجليلة التي يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى.
ويقول عليه الصلاة والسلام:[ ومن كتم علما ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة ].
بعض طلبة العلم يقول: أنا لا أدعو إلى الله تعالى لأني أخاف من الرياء.
نقول: في الأصل من تمام الإخلاص لله عز وجل في طلب العلم أن ينوي به رفع الجهل عن الآخرين.
وعلى طالب العلم أن يسير بالأمرين إلى أن يغادر هذه الحياة:
- أن يستمر في العلم كما قال الإمام أحمد -رحمه الله-(من المهد إلى اللحد).
- وأن يستمر في الدعوة إلى الله تعالى.


نسأل الله عز وجل أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يأخذ بنواصينا إلى البر والتقوى.
كما نسأل الله تعالى بمنه وكرمه التوفيق والسداد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



وباق المحاضرات تأتي تباعا بحول الله تعالى.
رد مع اقتباس