عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 09-30-2010, 03:29 PM
أبو عبد الله الأنصاري أبو عبد الله الأنصاري غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

أن عدي بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أم قتال بنت أبي العِيص ، فولدت له غلاماً بمكة فكنت أسترضع له ، فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه ، فلكأني نظرت إلى قدميك ."عرفه من قدميه ، كان مابين الواقعتين ، واقعة أنه ناوله إلى أمه وهو يرضع وما بين هذه الحكاية خمسون سنة ، فالولد وهو يرضع تكون رجله صغيرة ، ولما يكبر تكون قدمه كبيرة ، فلما نظر إلى ظاهر قدميه بعد خمسين عامًا عرف أن هذا بن عدي بن الخيار من نظرة واحدة نظرها إلى قدميه وهو صغير وهو يناوله أمه ، وهذا ذكاء مفرط قل أن تجد مثل هذا الذكاء .ولذلك تعرف كيف قتل حمزة ، كان رجلاً حبشيًا يضرب بالحربة على عادة أهل الحبشة ، المعروف أنه كان أفضل من يرمي بالحربة آنذاك هم أهل الحبشة وتذكرون حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين لما كانت تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد واستأذنت النبي- صلي الله عليه وسلم- أن تنظر إلى لعب الحبشة . قال " فكشف عبيد الله عن وجهه ,ثم قال ألا تخبرنا بقتل حمزة ، قال: نعم إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر فقال لي مولاي جبير بن مطعم إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر ، قال: فلما أن خرج الناس يوم عينين،_ وعينين جبل بحيال أحد "وهذا العام هو الذي حدثت فيه غزوة أحد ,"بينه وبينه واد ."أي بين جبل عينين وجبل أحد وادي قال:" خرجت مع الناس إلى القتال فلما اصطفوا للقتال خرج سباع فقال: هل من مبارز ، قال: فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فقال: يا سباع يا ابن أم أَنمَار مُقَطِعة البُظُور أَتُحَادِ الله ورسوله ,ومقطعة البظور: هي المرأة الخاتنة . والبظر: هو الجلدة التي تقطع من فرج المرأة عند الختان, ولم يقل له يا بن الخاتنة ، إنما قال يا بن مقطعة البظور إشارة إلى ذمه والقدح فيه . " أَتُحَادِ الله ورسوله" .وأصل المحاددة أن تكون في حدٍ وأن يكون الله عز وجل- في حد ، مثل المشاققة﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى﴾(النساء:115)، يُشَاقِقِ: أي كان في شق والرسول في شق ، ﴿وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ ﴾ ، فيشاق هنا مثل يشاقق ، هذا في شق وهذا في شق ، فالانشقاق والمحاددة أمر واحد , قال:" ثم شد عليه فكان كأمس الذاهب" .أي صيره عدم ، أول ما شد عليه وكان حمزة شجاعًا وكان يلقب بأسد الله عز وجل- وأسد رسوله , قال:" وكمنت لحمزة تحت صخرة فلما دنا مني رميته بحربتي.
الحافظ بن حجر في شرح الحديث يقول: إن حمزة رأى وحشيًا لكنه ما احترز منه ، لماذا ؟ لأنه مولى ، عبد وأنظر إلى قول بن الجوزي: ( وكَم مِن شُجَاعٍ في صَف الحَربِ اغتِيلفَأتَاهُ ما لم يَحتَسب ممَِن يَأنَفُ النَّظرُ إلِيهِ )، أي لا ينظر إليه احتقارًا له وازدراءً من شأنه وفي رواية محمد بن إسحاق روايته أقوى من رواية البخاري وفيها تف"صيلات أكثر من رواية البخاري.
يقول محمد بن إسحاق: فهززت حربتي فلما رضيت منها رميته" ، فلما رضيت منها رميتها: أي رضي عن الحربة وعن الهزة التي هزها ، رأى أنها مرنة وتصيب الهدف ، فرماها .قال:" رميته بحربتي فأضعها في ثنته حتى خرجت من بين وركيه ."والثنة: هي العانة أو المثانة ، فخرج السهم من الجهة الأخرى .قال:" فكان ذاك العهد به ".مات ، وفي رواية أبي إسحاق أن حمزة أراد أن يقوم فما استطاع "فلما رجع الناس رجعت معهم فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام ، ثم خرجت إلى الطائف فأرسلوا إلى رسول الله- رسولا ",وبدأ في هذا العام بدأت القبائل أو الوفود تفد أو ترسل وفودًا إلى رسول الله- ، فذهب عروة بن مسعود الثقفى ، الذي أتى النبي يوم الحديبية وصار بينه وبينه كلفًا ، فأسلم ن ثم رجع إلى قومه ثقيف يدعوهم إلى الإسلام فقتلوه ثم ندموا على ذلك وخرج وفد منهم إلي النبيلما بدأ الناس يدخلون في الإسلام خاف وحشيٌ من عملته هذه ، فأراد أن يذهب إلى الشام ، فخشي أن يذهب إلى الشام أن يتعقبوه ن قال كما في رواية البخاري ." فقيل لي: إنه لا يهيج رسولا" .أي لا يؤذي الرسل ولا يقتلهم ، وهذا كان سنة النبي، أي لو كان بينك وبين قومٍ عهد وميثاق وأرسلوا إلينا سفيرًا ، الرسل مثل السفراء الآن ، فإنه لا يجوز قتل الرسل ولا قتل السفراء ، إذا جاءنا رسول منهم مهما كانت العداوة بيننا وبينهم فإنه لا يجوز قتل الرسل ، فلما قالوا له ذلك فاطمأن قلبه وذهب إلى النبي -. " قال فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله فلما رآني قال: آنت وحشي ، قلت: نعم ، قال: أنت قتلت حمزة ؟ قلت: قد كان من الأمر ما قد بلغك ".وهذا الجواب فيه حكمة ، لماذا ؟ لأنه عندما يقول نعم كأنما استحضرنا الحادثة ، وهو لا يريد أن يثير قلب النبي - - فيقول له: الأمر ما قد بلغك ، حتى لا يستحضر الواقعة ، فقال له النبي له: "قال: فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني قال فخرجت ". في رواية بن إسحاق أنه قال:" فكنت أتعمد ألا يراني ،"وطبعًا هذه كانت أكبر محنة عرضت لوحشي ، أن الرسول مع ما يكره به من احتمال الأذى وحسن الخلق يقول غيب عن وجهك فلا أراك وأنا لا أعلم أن النبيقال هذه ولا حتى لعبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول,بل إنه فعل مع عبد الله بن أبي بن سلول ما قد يعجب منه من لا يقبل الخبر وهو أنه كان يتلطف بل أنه صلى عليه بل ولفه في قميصه وجعله فيه ، كفنه في قميصه، ونزل قبره ودفنه بنفسه ، ونحن نعلم الكلام في عبد الله بن أبي بن سلول وأنه كان رأس النفاق وكان النبي يعلم ذلك ، وحتى أن عمر بن الخطاب لما أراد النبي يصلي وقف بين الجثة وبين النبي ، وكيف تصلي عليه ، قال نحي عني يا عمر ، وطبعًا هذا لحكمة بالغة ، الإنسان إذا تأملها علم أنه إذا سلك سبيل الحكمة لسقطت كثير من المشاكل,وكونه يلفه بثوبه وهذا الثوب كان يحرص عليه بعض أفاضل الصحابة ، كما حدث أن النبي- - طلب منه أحد الصحابة ثوبه الذي يلبسه فأعطاه إياه ، فلامه الصحابة وقالوا له: أنت تعلم أنه لا يقول لا ، وهذا ثوبه الذي يلبسه ، فقال: والله ما أخذته لألبسه إنما أخذته ليكون كفني حتى أكفن فيه ، ثوب لامس بدن النبي - صلي الله عليه وسلم- .
فطبعًا أنا لما قرأت الحديث هذا قديمًا أنا قلبي رق رثاءً لوحشي النبي- صلي الله عليه وسلم- يقول: له لا أراك ، غيب عني وجهك فلا أراك ، فلم ينعم بمصاحبته وإن كان نعم بصحبته .
تَعْرِيْفُ الْصَّحَابِيِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصُّحْبَةِ وَالْمُصَاحَبَةِ,:هل تعلم الفرق بين العبارتين ، نعم هو نعم بالصحبة ، لأن الصحبة ، إثبات الصحبة أو العلماء يعرفون ,الصحابي هو: كل من رأى النبي، أو سمعه ولم يره لعارض كالعمي مثلاً ، ولو صاحبه لحظة من الزمان ومات النبي وهو مسلم ، وهذا الرجل مسلم ، كما قلنا ولو رآه برهة من الزمان فهذا معدود من الصحابة ، فيكون ثبتت له الصحبة ولكنه لم ينعم بالمصاحبة .فيكون رعاية لوصية النبيكما في رواية بن إسحاق كانت يتوارى عن النبي ويتحاشى أن يراهقال:" فخرجت فلما قُبض رسول الله فخرج مسيلمة الكذاب ، فقلت لأخرجن إلى مسيلمة لعلي أقتله فأكافئ به حمزة ".يريد أن يكفر عن هذه العملية بالرغم أنه لما قتل حمزة كان كافرًا والإسلام يجب بما قبله﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ (التوبة:38) فهو أيضًا مسألة النبي - يقول له: غيب عني وجهك ، لماذا ؟ لأن حمزة كان له موقع خاص من النبي -. أولًا: كان عمه وكان أخاه من الرضاع أيضًا ، لأن ثويبة مولاة أبي لهب أرضعت النبي- وأرضعت حمزة أيضًا ، ولما دخل النبي - مرة المدينة علي نسوة يبكين علي ميت بعد زمان من مقتل حمزة- رضي الله عنه- ، قال: لكن حمزة لا بواكي له ، أيضًا تذكر عمه ، فكان له في قلب النبي- مكانة ، لاسيما أن حمزة أسلم قديماً وكان له موقف شجاع وذب عن الله ورسوله مع ما ذكرته من الأئر عمه وفي نفس الوقت أخوه من الرضاعة ، فهو لأجل هذا الكلام الذي قاله رسول اللهأراد أن يكفر عن قتل حمزة.قال: "فخرجت إلي مسيلمة لعلي أقتله وأكافئ به حمزة ، قال فخرجت مع الناس فكان من أمره ما كان ".فكان من أمر مسيلمة ما كان من الانشقاق عن المسلمين ومحاربة الصحابة .قال:" فإذا رجل قائم في ثلمة جدار ".الثلمة:أي الشق في الجدار ."كأنه جمل أورق ثائر الرأس "الأورق:الذي هو لونه لون الغبار ، رجل مغبر ثائر الرأس متطاير الشعر .قال:"فرميته بحربتي فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه ، قال: ووثب إليه رجل من الأنصاري فضربه بالسيف على هامته ."في رواية بن إسحاق قال: "والله أعلم أينا قتله" ، لأن هو لما ضربه بين ثدييه فخرج السهم من الجهة الأخرى ، قد لا يكون هذا كفيلاً بقتله في الحال ، لكن ممكن يترك فترة فيجود بروحه ويموت ، لكن انقض عليه رجل من الأنصار مباشرة ، فهو يقول لا أدري أينا قتله . "قال عبد الله بن الفضل فأخبرني سليمان بن يسار أنه سمع عبد الله بن عمر بن الخطاب يقول: فقالت جارية على ظهر بيت وأمير المؤمنين قتله العبد الأسود " وهذا فيه شهادة أن الذي قتل مسيلمة الكذاب هو وحشي أيضًا ، وقول المرأة وأمير المؤمنين هذا في ظن المرأة لأنها كانت جاريه ، وتكلمت علي ظنها ، لأن بعض الناس ممكن أن يتكلموا في الأوائل ، أوائل أي شيء ، مثل الأوائل للعسكري ، أو الأوائل للسيوطي يقول لك: أول من فعل فلان ، وأول من صافح فلان ، وأول من قعد فلان ، وأول من نام علي ظهره فلان ، أول أي شيء ، كانوا يجمعوا أول من فعل أي فعل من بني آدم علي عادة العلماء المبتكرين الذين لديهم أفكار جديدة .
فأنهم يتكلمون عن لقب أمير المؤمنين من أول من لقب بأمير المؤمنين ؟ فبعض الناس أخذ من رواية البخاري أن أول من لقب بأمير المؤمنين هو مسيلمة الكذاب وليس عمر بن الخطاب ، لأن في ناس تقول أن أول من تلقب بأمير المؤمنين هو عمر بن الخطاب ، فالذي قال أن أول من تلقب بأمير المؤمنين مسيلمة أخذها من رواية البخاري وطبعًا هذا المَنزِع فيه نظر ، لماذا ؟. لأن هذا ظن جارية ، ومسيلمة كان يدعي أنه نبي ، فطالما أنه نبي يكون هو رأس القوم ، فرأس القوم هو أميرهم فتكون المسألة تمشي هكذا ، ليس أنه أمير المؤمنين ، لأن أمير المؤمنين هنا الذين آمنوا به ، ليس مفروض أن يكونوا مؤمنين ، هم كلهم يدورون ما بين كافر علي قول من يقول بردتهم جميعًا ، أو علي قول من يقول أنهم كانوا متأولين وغير ذلك ، فلا يحكم بردتهم ، فعلي أي حال ليس في هذا الخبر ما يدل علي أن أول من لقب بأمير المؤمنين هو مسيلمة الكذاب ,يكون كلام بن الجوزي أن الإنسان قد يكون نابهًا ثم يأتيه الشر من مكمن الأمن من ما لم يتصور أبدًا أن يأتيه الخطر منه ، وهذه المسألة تحتاج إلي النظر في التجربة وأنا أقلب كتاب سيد الخاطر وجدت كلامًا لأبن الجوزي في هذه المسألة ، أيضًا يكتب هذا المعني .يقول: ( مما أفادتني تجارب الزمان أنه لا ينبغي لأحد أن يظاهر بالعداوة أحد ما أستطاع ) هذا كلام نفيس وكلام رجل مجرب ، ولكن بعض الكلمات قد تكون مجملة تحتاج إلى بيان وأنا سأبين بعض ما أبهم فيها . يقول: (مما أفَادتنِي تَجَاربِ الزمَانِ أنَّه لا يَنبَغِي لِأَحدٍ أن يُظَاهِرُ بِالعدَاوةِ أحَدًا مَا استَطَاع فَإِنَّه رُبمَا يَحتَاجُ إِلَيهِ مَهمَا كَانت مَنزِلَتَهُ وإنَّ الإِنسانَ رُبمَا لا يَظُنُ الحَاجةَ إلى مِثلهِ يَومًا مَا كَمَا لا يَحتَاجُ إلى عُوَيدٍ مَنبُوذٍ لا يُلتَفتُ إِلَيهِ) .العويد:تصغير عود،منبوذ:مرمي. والدنيا كلها ترى العود ولا أحد فكر أن يأخذ هذا العود لحقارته ولوجود عيدان أجود منه .يقول: ( لَكِن كَم مِن مُحتَقَرٍ احتِيجَ إِلَيهِ فَإِذَا لَم تَقَع الحَاجَةُ إِلى ذَلِكَ الشَّخصِ فِي جَلبِ نَفعٍ وَقَعَت الحَاجَةُ فِي دَفعِ ضُرِ ولَقَد احتَجتُ في عُمرِي إلى مُلَاطَفَةِ أَقوَامٍ مَا خَطَرَ لي قَطُ وِقُوعِ الحَاجَةِ إلى التَّلَطُفِ بِهِم ).مع ما كان فيه بن الجوزي من الحشمة الأدبية من جهة كونه كان عالمًا ، ومن جهة كونه كان واعظًا خريتاً ماهرًا ، ومن جهة كون الخليفة كان يصلي خلفه فحشمته جاءت من وجوه متعددة ، ومع ذلك يقول انه احتاج إلى ملاطفة أقوام ما ظن في يوم من الأيام أن يلاطفهم ، وهذا كله إنما يستفيد منه صاحب الحكمة والتجربة . وأنا أقول لكم: ما من بر تفعله إلا ينتظرك مثله أو أعظم منه غدًا ، لا يوجد إنسان يفعل البر وينتظر الجزاء الآن ، لا ، ممكن تجازى بعد سنين ,أنا أذكر أول ما أتيت إلى البلد سنة سبعة وثمانون ، وأنا ذاهب إلى البلد وأنا من عادتي لما أركب السيارة بمفردي أي واحد بلوح لي وأنا في طريقي ، أحمله معي إلى النقطة التي سينزل فيها ، إما يواصل معي الطريق ، وإما ينزل في أقرب مسافة .فأخذت واحد أو أخذت ناس معي ، بعد حوالي ثلاث سنين ، انتهت رخصة السيارة وذهبت لأجدد الرخصة وكان الزحام شديدًا جدًا وأنا أقف في الصف لكي أصل إلى الشباك وأنا في ظني أني لن أصل ، حتى أصل سيكون الموظف أنهى العمل ، فوجدت واحد ينادي علي ، موظف ، فذهبت إليه ، فقال لي: أنت ماذا تريد ؟ قلت له: أنا أقف لكي أجدد رخصة السيارة ، فقال لي: هات ورقك ، المهم أخذ الورق ثم قال لي ألا تعرفني ؟ قلت له: لا ، قال أنا منذ ثلاث سنين كنت أذهب إلى الرياض وأشرت إليك وأنت وقفت لي ،قلت له: والله يا أخي أنا أحسدك على الذاكرة ، أنا لا أذكر ، فهو يقول من ثلاث سنين أنت أخذتني مرة في الطريق ، وأنهى المعاملة سريعة ، وأنهيت المسألة وانصرفت .وأنا في عودتي أخذت أفكر في هذه المسألة ، هذه بركة الامتثال لكلام النبي- - ، النبي - يقول:" من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له " ، معك فضل ظهر كالسيارة مثلاً ، وأنت تمشي بمفردك ولا أحد معك وهذا إنسان يقف ، لماذا لا تأخذه معك ، ألا تذكر قول الله عز وجل-:﴿ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ(النساء:94) ، أنت في يوم من الأيام كنت تتمني أن يأخذك أحد ليس لأن توفير للأجرة أو مثل ذلك لأنك كنت محتاج الوقت ، تحتاج أن تمشي الآن ، وقد يكون هو ذاهب إلى منتهي المسافة التي أنت تذهب إليها ، فالإنسان إذا ذكر هذا وكان عنده نية أنه يمتثل للنبي- عليه الصلاة والسلام- يقف إليه هذا الفعل ، أنت نسيته فعلاً ، نسيت هذا الفعل ، لكن البر ينتظر صاحبه دائمًا ,وأنا سمعت بعض مشايخي وهذا مما استفدته أيضًا منه ، هو الذي لفت نظري إلى الحديث ابتدءًا ,يقول: أنه كان يمشي بسيارته في يوم من الأيام فوجد واحد قسيس ، فوقف له وأخذه معه ، فأراد أن يعرفه لماذا وقف له ، فقال له: أتعرف لماذا وقفت لك ؟ ، فقال له: أنت صاحب ذوق وشكلك طيب وحسن ، فقال له: أنا لم أقف لك لأجل ذلك ، قال له: فلماذا وقفت لي ؟ قال: لأن النبي- صلي الله عليه وسلم قال وأوصانا: " من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له " فأنا أحببت أن أمتثل كلم النبي - .أعجبتني هذه اللفتة جدًا ، لماذا ؟ لأن فيها دعوة ، وقد يسلم الرجل بهذه الكلمة ، والإنسان حياته قد تتغير بكلمة أنا ما قصدته بها ، لكن كان مقتضى قلبه مفتوحًا لهذه الكلمة .
هناك بعض إخواننا ممن أحب الدعوة السلفية ، وأنت تعرف لماذا هو أحب الدعوة ؟ ، وذلك لحاجة لم تخطر على بالك ، لا له ولا للفاعل ، أنه ذهب إلى بعض الشيوخ الفضلاء ، وهذا الكلام من حوالي عشرين سنة ، فلما ذهب إليه وأراد أن يقول له مشكله معينة وضع الشيخ يده على كتفه ، وجلس يسمع له بالرغم من أن صاحبنا هذا أكبر من الشيخ في السن ، إلا أنه لما ضع يديه على كتفه أحس بحنا ودفء غير عادي ، فأحال بهذا الاتجاه كله بهذه المسألة ، لماذا ؟لأن النفوس والقلوب صناديق مغلقة لا تدري متى تفتح ، لذلك لا تترك سبيلاً من سبل البر إلا طرقته ، وهذه فيها عبرة لكل من تصدر للدعوة أنه ينبغي أن يكون حليمًا ، وأن صدره يسع الناس ، إذا كان صدره ضيق يعتزل الدعوة نهائيًا ويريحنا ويريح الناس ، ويعتزل الدعوة ويكون فرد من الناس .
لِأَنَّ الْنَّاسَ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ ، إِذَا لَابِسٌ الْخَلْقِ:* إما أنه لا يصبر على أذاهم ولا ما يري من المنكرات فيصرخ ويرعد ويبرق فيحدث من الفساد أعظم مما أراد أن ينكره ، لا يستطيع أن يتحمل المخالفات الذي يراها ، فهذا يريح نفسه ويريح الناس ويعتزل . * أو رجل ضعيف جدًا كلما لابس الناس ورأى أهل المناكير أخذ منهم ، لا يستطيع أن يقاوم نفسه ، هذا أيضًا يعتزل .فهاتان الطائفتان لا ينفعان في دعوة الخلق بقدر ما يوجد عندهم من الضعف ,فابن الجوزي يقول: ( احتَجتُ في عُمرِي إلى مُلَاطَفَةِ أَقوَامٍ مَا خَطَرَ لي قَطُ وِقُوعِ الحَاجَةِ إلى التَّلَطُفِ بِهِم) .وأنت تعرف أنه لا يخدمك إلا الذي ليس له منصب ، وكلما المرء علا منصبه لا يخدمك ، مثلاً تريد أن تذهب إلى مصلحة معينة ، رئيس المصلحة أو نائب رئيس المصلحة لا يخدمك أبدًا ، لكن الذي يخدمك الساعي ، وهذه من العجائب ، كلما دنت مرتبته الوظيفية يخدم أكثر من باب سيسخطون القرد فماذا سيصير ، قرد ، لا يوجد تحت القرد شيء ، إنما الرجل إذا كان منصبه عالي يخاف ، يقول لا ربما ينم علي أحد أعزل أو أفضح ، لأنني أصبح رجلاً معروفًا والدنيا كلها تعرفني .فلما يطلع ويقول فلان الفلاني حرامي ، أو يقول فلان الفلاني مرتشي فهذه تكون مصيبة عندي ، لكن الإنسان الذي وظيفته تحت جدًا ماذا سيفعلون به؟ أقصى شيء يفعلونه به أن ينقلوه من مكان إلى مكان أو يأخذوا منه ثلاثة جنيه الحافز أو ما شابه ذلك . يقول: (واعلم أن المُظَاهَرةَ بالعداوةِ قَد تَجلِبُ أَذىً مِن حَيثُ لَا يَعلمُ لَأَنَّ المُظَاهِرُ بالعداوةِ كَشَاهِرِ السَّيفِ يَنتَظِرُ مَضرِبًا وقَد يَلُوحُ مِنهُ مَضرِبٌ خَفِيٌ وإِن اجتَهَدَ المُتَدَرِعُ في سَترِ نَفسِهِ فَيَغتَنِمُهُ ذَلِكَ العَدُو) .الإنسان إذا ظاهر الناس بالعداوة فأصبح يوجد أكثر من مضرب ، وإذا اجتمعت النمال على أسد أكلوه ، لو جسد الأسد امتلأ بالنمل ، النمل يأكله وأنت فرد واحد في النهاية ، وأنت تحتاج إلى من يذب عنك حتى لو كنت ملكًا مطاعًا ، أي ملكٌ مطاعًا ما ثبت ملكه إلا بالناس ، فلو تخلوا عنه أو لو خانه بعض أفراد حمايته قتلوه ، فقوته في الحقيقة في قوة من حوله وفي ولائهم له ، فأنت مهما كنت تحتاج إلى من يذب عنك .
وَأَنَا أَتَذَكَّرُ مِمَّا أَفَادَتْنِيِ الْتَّجَارِبُ فِيْهِ ،:كان فيه واحد صاحب صنعة وأطلق لحيته وكانت اللحية في هذا الزمان أي واحد يطلق لحيته كان صاحب شهرة ، لأنه كان من النادر أن تجد صاحب لحيته ، والإخوة الذين كانوا معي في ذلك الوقت من تلاميذي وأنل الذي ربيتهم في منزلة الوالد بالنسبة هم ، فهم يبالغون في إكرامي واحترامي ، وإذا أحدهم تكلم معي يتكلم معي بصوت خفيف ومؤدب ، صاحب الصنعة هذا أخلاقه أخلاق الصناع ، وطالما أطلق لحيته أصبحنا زملاء ، ما الفرق بيننا ؟ الفرق بيننا اللحية فقط ، فنحن أصبحنا معًا على نفس الطريق .فذهبت في يوم من الأيام وأنا أمر مررت عليه من باب تأليف قلبه وتثبيته ، فقال يا عم الشيخ أين أنت لم تظهر منذ مدة وإخواننا ينظرون إليه وأنا أنظر إليهم وأجدهم ينظرون إليه بشدة ويتملقونه ، يريدون أن يقولوا له تكلم بأسلوب جيد وأفضل من ذلك ، وأنت فين يا عم الشيخ ، وتعالى يا عم الشيخ ، ويضع يده على كتفي بقوة ، واجلس يا شيخ على هذا الكرسي ، وهات ينسون يا ولد ، وحلبة يا ولد ، وغير ذلك .فكان عنده في المحل رجل يعمل منذ عدة سنوات يحاول معي لكي أزور البلد عنده ، وأنا ليس عندي وقت ، وقال لي: أنت لو حضرت عندي إلى البلد أو البيت أنا سأذبح عجل ، قلت له ليس عندي وقت لذلك ، فأسر إلى أخونا صاحب الصنعة وقال له الشيخ أبي إسحاق أتمنى أن يأتي إلى البلد عندي ولم أجد أحد يقنعه أو يؤثر عليه ، فقال له أنا أجعله يأتي عندك ، وأنا أجلس لأشرب الينسون المحترم ، قال لي أنظر يا عم الشيخ ، قلت له: نعم ، قال لي: الحاج فلان يريد وعد وأنا وعدته أننا سنذهب له يوم الأحد ، فقلت له كيف يكون يوم الأحد ، يجب أن تعرف أولاً يوم الأحد عندي فراغ أم لا ؟ قال: أنا وعدته .فأنا الحقيقة أنا تدبرت في أمري وكان الواحد بيكون حريص تمام على أن واحد ملتحي يتبع السنة يحاول أن يثبته لا أريد أنه يفلت ولا يستسلم أو يقول كسر كلا مي أو جعلني صغير أو غير ذلك ، فأخذت أفكر في هذه المسألة قليلاً وقلت له موافق ، نذهب يوم الأحد ونعمل هناك درس في المسجد .طول الطريق وأنا ذاهب أحاول أفكر كيف أتجنب شر هذا الرجل صاحب الصنعة ، ليس كل يوم يقول لي أنا أعطيت وعد ، وكل ما يذهب إلى مكان أذهب وراءه ، لن ينفع هذا الكلام ، فكيف لا أغضبه وفي نفس الوقت أستخدمه لصالحي ، ظللت أفكر طول الطريق ، ماذا أعمل ؟ ، ماذا أعمل ، وأثناء عودتنا بعد ما أكلنا العجل ، لأن الرجل قال: سأذبح عجل ، قلت له أنظر أنا جعلت منك كبيرًا هكذا ، وهناك أخوة كثيرة حاولوا معي أن أذهب وأنا قلت لهم ليس عندي وقت ، فمعني أنني أوافقك فأنت بذلك تكون عرفت مكانتك عندي ، قال لي: طبعًا أنت رفعت قدري ، قلت له: أنظر أي واحد يطلب منك طلب مثل هذا قل له الشيخ أبو إسحاق ليس متفرغ لكي يحك جلده ، تعرف تقوم بهذه المسألة ، قال أقوم بهذه المسألة ، وانتهت هذه المشكلة تمامًا . كل ما أحد يذهب إليه يقول: له الشيخ أبو إسحاق ليس متفرغ لكي يحك جلده ، كما أنا قلت له بالضبط ، ليس متفرغ ، ليس متفرغ ، هو يريد أن يكون له دور ، نعطيه الدور ولكن ليس الدور الذي هو يريده ، لا ينفع أن يفرض نفسه عليك ، لا ، أنت توظفه فيما أنت تريد إلا أن يجلب لك مصلحة أو يدفع عنك ضرًا ، ممكن يدفع عنك ضرًا يقول هو ليس متفرغ أن يذهب وكما قلنا من قبل ، وبذلك تكون أنت لم تجتلب عداوته وثبته ، وفي نفس الوقت اتقيت ما يأتيك من الأذى منه . هذه لا ينفع فيها غير النظر في التجارب ، الإنسان ينظر دائمًا في التجربة ويعرف أن الناس ليست نفوسُا واحدة ، كل إنسان أمة وحده في أخلاقه وصفاته ، فيه الإنسان الذي يستطيع أنه يتلون بالحق وليس بالنفاق ، يتلون مع كل هذه الأنماط ولا يكون له عدو ، وأنت بذلك تعرف قدر الأنبياء ، الأنبياء عاملوا الدنيا كلها ، كيف عاملوا الدنيا كلها وكيف صبروا على كل هذا الأذى ,الحقيقة العلم أعظم معلم مع حكمة الإنسان ، ويولد المرء حكيمًا أو يولد خليقًًا ، هذه الحكمة يولد المرء بها ، حسن الخلق يولد المرء به والعلم هو الذي يثقل التجربة . يقول بن الجوزي: ( المُظَاهِرُ بالعداوةِ كَشَاهِرِ السَّيفِ يَنتَظِرُ مَضرِبًا ).ليضرب ، هل سيظل طوال عمره محترز وقد ترى له خصوم عدة ، لا يعرف أن يحترز ، لابد أنه سيصيبه سهم لاسيما إذا سدد إليه أكثر من سهم إذا أفلت من هذا أو أفلت من هذا أصابه ذلك . يقول: ( فَينبَغِي لِمَن عَاشَ في الدنيا أَن يَجتَهِدَ في أَلَّا يُظَاهِرَ بالعداوةِ أحَدًا لِمَا بَيَنتُ مِن وقُوعِ احتِيَاج الخَلقِ بَعضِهِم إِلَى بَعض وَإِقدَارِ بَعضِهِم عَلَى ضَرَرِ بَعض ، وهَذا فَصلٌ مُفيدٍ تَبِينُ فَائِدَتَهُ للِإِنسَّانِ مَع تَقَلُبِ الزَّمَان) .لكن أحيانًا لابد أن يظهر المرء العداوة خاصة لو كان على ثغر من ثغور العقيدة ، فمثلاً أنا رجل عقيدتي سلفية على مقتضى القرون الثلاثة الأولي وقف في طريقي جهمي أو معتزلي أو واحد من هذه الفرق المبتدعة ، وبدأ يدعو إلى عقيدته في البلد التي أعيش فيها ، فهل أتركه ، لا أنا ما أتركه ، إذا قدرت علي أن أوقفه أو أن أضره لا أتردد في هذا ، إذا كان إضراري إياه سيعود علي أنا بالضرر ، أسكت ، لأن المسألة هنا مسألة مصالح ومفاسد .افترض أن هناك واحد مبتدع في البلد ونشر عقيدته في البلد ، وأنا بدأت أدعو إلى الحق ، لو أن أنا ظاهرته بالعداوة يستطيع أن يقتلني أو يستطيع على الأقل أن يسكتني ، فإذا أسكتني من الذي يعلم هؤلاء .فتكون المسألة عندنا مراحل ، المرحلة الأولي أني أتكلم بهدوء وأتحرك بهدوء حتى يكون هناك طليعة ، لابد أن أربي قاعدة من الناس الذين هم من الممكن أن يحملوا هذا الاعتقاد ثم أبثهم في الناس ، وهذه تحتاج إلى صبر وتحمل أذى أحيانًا الواحد يتجرع العلقم ويتجرعه وهو ساكت ، لماذا ؟ لأن الكلام سيضر أكثر مما تجرع من أجله هذا العلقم ، والدعوة عمومًا تحتاج إلى احتساب ، وتحتاج إلى صبر .وأنا أذكر في الحقيقة ورد على ذاكرتي الآن قصة أحد العلماء الذين قابلتهم في مكة سنة ألف وأربعمائة وعشرة هجرية وكان رجل روسيًا مسلمًا وأنا قابلته في بيت أحد أصحابي في مكة ، وكان حوله حوالي خمسة عشر رجل من تلاميذه ، ولاحظت أن فيه واحد منهم هو المتحدث الرسمي كان سنه حوالي خمسة وأربعين سنة آنذاك ، وتكلم هذا الرجل وكان أستاذًا في الشريعة تكلم عن المحن التي تلقاها المسلمون في ظل الروس أيام الإتحاد السوفيتي ، وأنهم كانوا ما يتركون عالمًا إلا قتلوه ، فأنا سألته طالما أنهم كانوا يقتلون كل عالم كيف نجا هذا ؟ .وكان هذا الرجل في ظني زاد على أكثر من التسعين ، فقلت له كيف نجا هذا من القتل ؟ فتوجه إليه بالسؤال قال له: أنني أسأل كذا وكذا ، فانظر إلي إجابته أثرت جدًا في ، وهو شاب كان يتفق مع أهل قرية من القرى وهذا درس لشبابنا الذي يتأفف أنه ذهب ولم يجد الشيخ أو غير ذلك ، لا ، أنظر إلي الرجل هذا كيف فعل ؟ يتفق مع أهل قرية يأجروا له بيت ويدخل القرية ليلًا ، ويخَرَجوا أطفال القرية لهذا الشيخ في الليل لكي يحفظوا القرآن ، ويعلمهم الخط العربي ، ويعلمهم الحساب ، والفقه وغير ذلك ، يظل في القرية علي حسب ما تحتاج إليه القرية يغيب شهر ، شهرين ، سنة ، سنتين محبوس في البيت لا يخرج أبدًا .ويسربوا الأطفال له حتى يعمل نواة في البلد ، الأطفال الذين هم سن ست سنوات ، سبع سنوات ، ممكن أن يغيب سنتين ، ثلاثة في البلد يعلم الأولاد يحفظهم القرآن ، ثم ينتقل إلي قرية أخري يفعل نفس هذا الفعل ، وظل علي هذه الحال ستين سنة ، ستون عامًا يقبل الحبس الاختياري ، هذا محبوس لا يعرف أن يخرج يدخل بيت لا يخرج منه مطلقًا ، يرضى بالحبس الاختياري في سبيل هذه الدعوة المباركة ، لذلك نجا ، كان هذا سببًا من أسباب نجاته . لكن هذا الرجل علم ألوف في المحافظة التي كان يسكن فيها ، وقال أن كل الذين حوله أساتذة كلهم ، وأساتذة في الشريعة وأصول الدين أخذوا شهادتهم من بلاد إسلامية متفرقة .
فَالدَّعْوَةُ تَحْتَاجُ إِلَيَّ بَذَلَ ، تَحْتَاجُ إِلَيَّ صَبَرَ ، وَتَحْتَاجُ إِلَيَّ حِكْمَةِ :كان النبي- يري رايات الزنا ترفرف علي البيوت وكان يطوف بالكعبة وفيها ثلاث مائة وستون صنمًا وكان يطوف بها ، وظل ثلاث عشر عامًا في مكة يري كل هذا ، وأمر ألا يهيج قريشًا قيل لهم:﴿ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ(النساء:77) . ما بدأ الجهاد إلا عندما هاجر النبيإلي المدينة وصار للإسلام دولة ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير ٌ ( الحج : 39) أُذِنَ: أي كانوا ممنوعين قبل ذلك لماذا ؟ لأن الدعوة تبدأ أولًا بمحاسن الأخلاق ، وتبدأ بالرفق ، أي دعوة في الدنيا لا تأتي أبدًا بالضرب ، ولا تبدأ بالقتال ، ولا غير ذلك ، إنما بعد ما يهيئ القلوب لهذه الدعوة ممكن أن نستخدم الشيء بعد ذلك ، بل أن النبي - - وهو متمكن في دولته قال لعائشة:" لولا حدثان قومك بالكفر لهدمت البيت وبنيته على قواعد إبراهيم " فالذي صده- أن يهدم البيت ما قد يقع في نفوس قريش أن هذا ليس من تعظيم البيت ، برغم أنه لو هدمه ما قال له قائل لماذا فعلت ؟ وهو مُمَكن ولو فعل كما قلت ما قيل له: لا ، ولا قيل له: لما علي وجه الاعتراض .الإنسان متى يظاهر بالعداوة و متى لا يظاهر بالعداوة تحتاج إلي حكمة وكل بلد العلماء الذين فيها أدري بها . لا يأتي واحد مثلًا في أي بلد من بلدان الإسلام يسمع أن نحن في مصر سكتنا عن بدعة ما في البلد التي نحن فيها ، مثل ما حدث بكل أسف ، يبدأ في توجيه الميكرفونات يسلب عرضك ، ويرميك بما ليس فيك ، ويتهمك بأنك رقيق الدين ووضعت يدك في يد المبتدع ، وأنت أضر علي كذا من كذا ويبدأ في الكلام . كل أهل مكة أدري بشعابها نحن نعرف القصة هذه لماذا أنا ساكت ؟ لست أغير على الإسلام مني ، وفي نفس الوقت إن اعترفت لي بالعلم مثلًا ، ينبغي أنت تعلم أني وازنت بين الأمور ، لكن الإنسان يتهم ، لذلك عندما يأتي واحد يقول مثل ما يستفتون ناس من فلسطين أو من أي مكان ، ماذا نفعل نحن في الوضع الحالي ؟ أنا أقول له: العلماء الذين عندك أدري بالفتوى مني لأنه ممكن أن يعطيك المعطيات خطأ ، هو نفسه ممكن أن يعطيك المعطيات خطأ ، تعطي أنت الفتوى علي المعطيات ، فيذهب ويقوم بنشر الفتوى
رد مع اقتباس