عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 01-26-2008, 11:03 PM
أبو عمر الأزهري أبو عمر الأزهري غير متواجد حالياً
الأزهر حارس الدين في بلاد المسلمين
 




افتراضي











والمشاهد لحال التاريخ وأوضاعه ومافيه من تغيرات ، يلاحظ بوضوح أن المرأة لم تسلم من هذه التغيرات .
فمع كل انتقال من مرحلة تاريخية للتى تليها ، تتغير نظرة أهل ذاك العصر للمرأة طبقا للأحوال والظروف المحيطة بواقعهم . فى خضوع شديد للظروف المكانية والزمنية والمعيشية ، وبإسقاط دقيق لكل هذه الأحوال والظروف إسقاطا مباشرا على المرأة المعاصرة لكل حقبة تاريخية من تلك الحقب .

وكذلك مع كل اعتقاد دينى سائد فى عصر من العصور ، لابد أن تنصبغ المرأة بالصبغات الملازمة لهذه العقيدة أو تلك المفاهيم والأفكار .. وقد يشتمل الحال الواحد أو المعتقد الواحد أو الفترة الزمنية الواحدة على أكثر من حال للمرأة .. فتتبدل أحوال المرأة وتتبدل النظرة الشاملة إليها فى غضون فترة زمنية واحدة أو معتقد سائد واحد .

فحال المرأة نراه متناسبا تناسبا طرديا مع حال كل عصر ، فكلما زادت الظلمات فى عصر وفكر زاد اضطهاد المرأة وازدراؤها .

وفى هذا الفصل سنحاول نبش بضع صفحات من صفحات الماضى .. والنظر لحال المرأة فى كنف ذلك الماضى ، الذى هو وإن كان اليوم بالنسبة لنا تاريخا ماضيا ،، فقد كان فى حينها واقعا معاصرا تعايشه المرأة وتخضع لكل ملابساته من خير أو شر .

فالمرأة على مرِّ العصور والأزمنة كانت تمرّ بمراحل مختلفة من القهر والظلم ، وكانت كل مرحلة من تلك المراحل تنتهى ولكن لاينتهى الظلم الواقع على المرأة ؛ بل يستمر اضظهاد المرأة وينتقل معها للمرحلة التى تليها وقد تزداد وطأته شدة وقسوة .







[ لقد تعرضت المرأة منذ القديم للتنقيص من قدرها حتى تحول دعاء الآباء في الصلوات في بعض الديانات إلى أن يُرزقوا بأبناء ذكور.



فإذا جاءت البشرى بولادة البنت فإنها تعني سواد الوجه وكآبة وحسرة لا يزيلها إلا أن تدفن تلك البنت وهي حية، فإن نجت من الوأد فالكآبة باقية وعلى البنت أن تعيش كسقط المتاع تـُملك ولا تـَملك محجورٌ عليها في تصرفاتها قليلة الحيلة عديمة الرجاء مكسورة البال تبيح بعض الشرائع بيعها كما تباع البهيمة أو يترفق بها فتؤجر لتعود بالأجرة بعد مدة .

وهذه مجتمعات وثنية كانت الأسرة إذا ولد لها بنات كثير وصادفت الأسرة الصعاب في إعالتهن تركتهن في الحقول ليقضي عليهن صقيع الليل أو الحيوانات الضارية دون أن تشعر الأسرة بشيء من وخز الضمير.
فحينئذ لا تسل عن تعليمهن وتثقيفهن فذاك لم يكن يخطر على بال.
حتى إذا حان زواجها زوجت بمن لا ترتضه في أنواع من أنكحة الشغار (وهو النكاح الخالي من المهر) والبدل والاستبضاع (وهو أن يرسل الرجل امرأته لغيره رغبة في نجابة الولد) فضلاً عن بيع بعضهن واستلام بدل عنهن، وماذا يكون ثمن المرأة في تلك المجتمعات؟! إنه عدد من الثيران يقدم للأب على أنه ثمن لابنته .
فكيف تعيش مع من اشتراها ودفع الثيران ثمناً لها ؟!
عليها أن تقوم بالوظيفة من الخدمة وحمل الماء من الأنهار والقيام بشؤون البيت ولا مانع مع هذا كله أن تتجر هي وزوجها وإذا غضب عليها زوجها تركها معلقة فلاهي ذات زوج ولا تستطيع الزواج.
حياة مريرة تعيشها المرأة بعيداً عن شرع الله حتى قال أحد الضالين في شريعته الوضعية: " الرجل رئيس فعليه أن يأمر، والمرأة تابعة فعليها الطاعة ".
ألا ساء مايحكمون.
وإذا كان هذا حال كثير من الزوجات فكيف بالمكرهات منهن على البغاء.
فعفوك ربي عفوك ممن لا يرجون لله وقاراً.
ولك أن تتصور امرأة في مجتمع من المجتمعات جالسة تنتظر الحرق وهي حيَّة.. أما الجريمة التي ارتكبتها فلا شيء سوى أن زوجها قد مات فعليها أن تلحق به طيعة راضية حتى أحرقوا نحواً من ستة آلاف امرأة في عشر سنين.
كل تلك المظالم كان رسل الله كلما أرسلوا دعوا إلى رفعها فالله لا يحب الظالمين ولكن محرفوا شرع الله لم ينفكوا عن تدنيس المرأة بدنسهم حتى حُرِّفت التوراة ونُسب فيها إلى المرأة من الخزي والعار ما شرع الله بريء منه كل البراءة،وقل مثل ذلك في تحريف الإنجيل حتى إذا كان القرن الخامس الميلادي اجتمع مجمع ماكون الذي يقدسه النصارى ليبحث في شأن المرأة، وماذا تراه يكون البحث؟!
لقد اجتمعوا ليبحثوا في حقيقة المرأة هل هي جسم بلا روح أو أن لها روح كالرجال؟ وكان القرار أن لها روح .
ولكن ماذا؟ لم ينتهي الأمر بعد, لقد قرروا أن لها روحاً شريرة غير ناجية من العذاب فيما عدا أم المسيح فإنها وحدها ذات روح ناجية من عذاب النار.
كم وكم تحملت المرأة.
حتى أذن الله لشمس الإسلام أن تُشرق فتنورت الأرض بشرع الله ونوره وهداه ] ( 1 ) .





ولتعلمى أختاه أنى فى هذا الفصل لست أسرد مجموعة من الحكايات المسلية أو أقصّ الأقاصيص من باب الترويح ، وإنما لكِ أن تدققى نظرتك بموضوعية فيما ستمرين عليه من كلمات .. وتتصورينها كأنكِ معاصرة ً لها .. وترَيْن مقدار الذل والهوان الذى عاينته المرأة وقاست من ويلاته وظلماته وتجرعت قهره قبل أن ينقذها الإسلام العظيم .
وبعد هذا فحينما ستقرئين عن حال المرأة فى الإسلام ، لابد لكِ أن تتذكرى حالها قبل الإسلام ، وتعقدى المقارنة المنصفة العادلة ... المقارنة التى تقارن وتفاضل بين نور وظلمة ، بين عدل وقهر ، وبين جمال وقبح .





المرأة عند الآشوريين ( 2 ) ، ( 3 )



(1814 – 626 ق.م.)
والمرأة كانت تعيش فى كنف هذه الدولة كجارية ليس إلا .
فكانت تابعة لزوجها ( سيدها ) فى كل شىء تقريبا ، وليس لها مخالفة أمر من أوامره ولا حتى يقبل منها مجرد التفكير فيه .
فإن ذهب زوجها يوما إلى القاضى وقال فقط أن زوجته تتسم بالتبذير أو الإهمال لشؤون بيتها يتم صدور الحكم فورا دون الإستماع لها ودون سؤالها عن صحة هذا الإدعاء من عدمه . ويكون الحكم هو ( القتل بالغرق فى الماء ) .
وإن غضب الرجل منها فى شىء فله الحق أن يخرجها من بيته ، وحينئذ تفارق حريتها إلى الأبد وتصير فى عداد الإماء وملك اليمين .





المرأة عند الصينيين ( 4 )



وأول مايطالعنا عن حال المرأة فى هذه الدولة .. هو مصطلح ( الــفـــو ) . وهذا يعنى فى اللغة الصينية القديمة ( الخاضعة ) .
وهذا المصطلح كان هو ماتتسمى به المرأة فى بلاد الصين من قديم الزمان .

وكان دورها عندهم أيضا لايعدو كونها تابعة مملوكة ، منعدمة الحقوق مطالبة فقط بتأدية الواجبات . فكان لزوجها من الحقوق مايصل لإمكانية عرضها للبيع فى الأسواق والممرات حسبما شاء ليقبض المال مقابل بيعها .
وإلى جانب هذا فقد كان للزوج الحق إن غضب على امرأته أن يقوم بدفنها حية .

وإن مات زوج المرأة الصينية كانت تمنع من الزواج بعده بأى حال ولأى سبب . فبموت زوجها انتهت حياتها تماما لتجلس تنتظر اللحاق به فقط .
إلى جانب أنها فى هذه الحالة ( موت زوجها ) تكون أشبه بالميراث ، فيمكن لأهل الزوج أن يتملكوها لتقوم بخدمتهم إلى آخر عمرها لأنها من ممتلكات ولدهم التى آلت إليهم بموته .

وكانت الصورة العامة للمرأة الصينية أنها مخلوق قاصر عن الفهم ليس له عقل يمكنه من التفكير .
فكانت موضعا للإحتقار والإمتهان من ذكور مجتمعها كافة .





المرأة عند الفراعنة ( 5 )



ويكفى فى وصف حال هذه المرأة كدليل على امتهانها ، تقديم المرأة قربانا رغبة من المصريين وقتها فى جلب النماء وتحصيل الأرزاق وتنمية الزروع والثمار ، فكانوا فى كل عام يقومون بقذف إحدى الفتيات فى مياه النيل دون أن تقترف أى ذنب أو خطأ فتموت غرقا ، بحجـة أن يرضَ النيل عنهم ويفيض عليهم بمياهه فيجلب لهم الخير .

وبصورة عامة فلم يكن حال المرأة فى هذه العهود الظالمة أفضل حالا من حال المرأة فى الدول الأخرى .
وقد يـُـشكل هذا على البعض ويتساءل فى نفسه ، أن كيف نقول هذا رغم أن هناك من النساء من اعتلت كرسى الحكم فى هذه الفترات ؟؟
ولكن من السهل جدا أن تعلم الفارق الطبقى الذى كانت تضعه مثل هذه الدول بين أفراد الشعب ، فبنات الأسر الحاكمة لهن معاملة مختلفة عن معاملة بنات العمال أو الفلاحين أو غيرهن من بنات أى طبقة من طبقات الشعب الأخرى . فالتكريم يقتصر على بنات الكهنة والملوك والأمراء والوزراء ، وفى المقابل يكون الإمتهان لبنات طبقات الشعب العامة .
ومن أراد أن يُــقـَـيِّـم فترة من الفترات فلا يستخدم المقاييس السارية على الخاصة ،، وإنما يكون الحكم مبنيا على حال العامة .








المرأة عند الـهــــنـــــود



والمرأة الهندية لاقيمة لها بدون زوجها البتة ، فإذا مات زوجها كان يستوجب على المرأة أن تتمدد بجوار زوجها حينما يحرقون جثته لتحرق حية مع زوجها الميت فى مراسم جنازته المعروفة عند الهنود بأنهم يقومون فيها بإحراق جثث الأموات .
فكل امرأة فى التراث الهندى كان موت زوجها بمثابة صدور حكم عليها بالإعدام حرقا رغم أن الحياة مازالت تدب فى أوصالها .

بل كانت المرأة عندهم ينظر إليها نظرة الإمتهان والإحتقار فى كل وقت ، حتى بلغ الحال بأحدهم أن قال أن : " الموت والحجيم والسم والأفاعى ليسوا أسوأ من المرأة " .

فالمرأة عندهم إحدى المصائب التى لاتعلو عليها مصيبة أخرى ، وإلا لما كان لأحمق كهذا أن يصفها بأنها أسوأ من الموت ومن الحجيم ومن كل هذه الكوارث .
وهذا إن دل فإنما يدل على ازدراء المرأة والجنس الأنثوى فى مجتمع قيلت فيه مثل هذه المقولة أو سادت فيه مثل تلك العادات .






المــرأة عند الإغريق والرومان ( 6 )




كانت المرأة فى هذه العصور أيضا كائنا تابعا مجردا من أحقيته فى أى شىء ؛ حتى فى التفكير . فلم يكن لها حق فى استخدام العقل كسائر البشر باعتبارها كائن قاصر لايسمح له عقله بالقدرة على التفكير أو التأمل نظرا لما يعتريه من طيش .
ولذلك فقد كان مجرد اتصاف الإنسان بالأنوثة يكفى لحجب الأهلية عنه . فيكون محجورا عليه فى ماله وفى تصرفاته وفى كل جوانب حياته . فكل امرأة كانت تخضع لمثل هذا لمجرد كونها أنثى .

ولذلك فد كان ممنوعا على المرأة أن تكون مالكة لشىء خاص بها ، أما ماتكسبه من أى وجه فلاتملكه وإنما يتم تمليكه لأسرتها التى تحيا فى كنفها سواء كان بيت أبيها أم زوجها .

بل لقد كان الرومان قديما يعتقدون أن المرأة كائن ليس له روح كسائر البشر أو حتى الحيوانات ، فكان بإمكان الرجل إن غضب عليها أن يذيقها العذاب ألوانا وألوانا ، فتارة يسكب عليها الزيت المغلى فتنسلخ وتموت . وتارة يربطها فى الأعمدة الخشبية أو جذوع النخل ويتركها مقيدة هكذا حتى تهلك ، وأحيانا كان يقوم بربطها فى ذيل خيله ثم يسرع بالخيل إلى أقصى درجة ممكنة حتى تموت تلك المرأة من شدة العذاب .







المـــرأة فى إسْـــــبَــــــرْطـَـــة ( 7 ) ، ( 8 )





وقد كانت هذه الدولة إحدى دول اليونان القديمة فى الفترة مابين عامى ( 700 : 338 ق.م ) .

وما سأحكيه من نظرة مثل هذه الدولة للمرأة ، إنما هو سبيل لكى تتأمل كل أخت مسلمة إلى ماتصير إليه المرأة إذا خضعت وارتضت بقوانين من صنع البشر .. فمما هو معلوم أن تشريعات البشر لابد أن يدخلها القصور ويعتريها الضعف والوهن وتشوبها قلة الحكمة أو انعدامها .

وقد كانت دولة ( إسبرطة ) هذه تسير على وفق تشريع محدد شرعه لها رجل اسبرطى يسمى ( ليكرجس ) فـسَــنّ لها القوانين والتشريعات التى تسير عليها وتكون لها دستورا .

فما هو حال المرأة فى ظل هذه القوانين ؟؟؟

كان هذا المجتمع ينظر للمرأة على أنها ليست إلا وعاء للولادة فحسب .. فدور المرأة وقتها كان قاصرا على الإنجاب .. ولهذا فقد كانت الفتيات الصغيرات يتربين مع أمهاتهن فى المنازل بشكل طبيعى جدا ، ثم :
يتم تقسيمهن إلى قطعان للتدريب الرياضى العنيف البالغ الخشونة ، ويجمعونهن فى الساحات العامة أمام الملأ جميعا ( عــــــــــــــــاريات تمــــــــــاما ) .

فلابد لكل فتاة تخطت مرحلة الطفولة وبدأت تتضح أنوثتها ، أن تتعرى أمام العامة من الرجال وترقص وتهرول وتتدرب أمامهم .

ويبررون مثل هذا التشريع بأنه لابد منه ؛ لكى تتخلى النساء عن حيائهن وخجلهن كصفات ذميمة لايصح تواجدها فى الإنسان السليم .. وبأنه لابد للمرأة الإسبرطية أن تتخلى عن أنوثتها وتنساها ... فالمرأة الإسبرطية عليها أن تنجب رجالا أقوياء فقط ..

وكان هذا هو السبب الوحيد الذى من أجله أوجبوا على الفتاة أن تتدرب على فنون القتال وتحمل الأشياء الثقال ، حتى تتغير معالمها من معالم الأنوثة ، إلى معالم ومظاهر الخشونة التامة ، واعتقدوا أن هذا سيكون سببا لأن يتميز الذكور الذين ستنجبهم بالقوة والصلابة .

فكانت فائدة التدريب نفسه ليست لقصد إفادتها ، بل كانت المرأة لديهم سلما وواسطة للوصول إلى جيل قوى من الرجال ، حسب اعتقادهم .

فكانت المرأة فى هذا العصر عبارة عن كائن متجرد من صفات أنوثته التى خلقه الله عليها ؛ فكانت قاسية الطبع ، منعدمة الحياء ، لاتعرف شيئا يسمى الخجل ، وهذا مضاد لفطرة المرأة السوية .

ولكِ ياأخيتى أن تفهمى مما سبق نظرة هؤلاء للمرأة . فهم جاءوا على أنوثتها وحـرموها منها ، وأوجبوا عليها تضحية لم يكن لها فيها اختيار ... فجـعـلوها تضحى رغما عنها من أجـل قوة النسل .. وفى المقابل لكِ أيتها الأخت أن تتفهمى من هذا مدى ازدراءهم لمعنى الأنوثة ذاتها ؛ فالأنوثة عندهم بهذا المفهوم ليست إلا أمرا مشينا معيبا يلحق النقص بصاحبته . وكأنَّ الإناث عار عليهم يخجلون منه . هذا بالطبع إلى جانب إيجاب التخلى عن الحياء والخجل لكل امرأة .








المرأة فى العصور الأوروبية الوسطى ( 9 )






وكانت هذه الفترة هى الفترة الزمنية مابين عامى ( 476 م : 1453 م ) .
وهذا العصر فى أوروبا كان من العصور التى تدين فيها أوروبا بالنصرانية ، وكان أكبر نفوذ للدولة فى هذا العصر هو نفوذ ( النـظـام البـَـا بَــوى ) ، فكان من يتم تنصيبه لمنصب ( البابا ) عند النصارى فى هذا العصر ، يكون هو رأس النظام السياسى الحاكم ، فكان صاحب هذا المنصب أعلى رتبة من أى حاكم سياسى فى هذا العصر . وكانت سياسة الكنيسة وقتها تقوم على النظام الإقطاعى مما وفــّـرَ لها دخولا ثابتة تغنيها عن الخضوع للحكام بقدر ماتعطيهم نفوذا يربو على نفوذ الحكام الرسميين .

أما عن المرأة فى هذا العصر فقد كان دورها ثانويا منعدما بالفعل ، فلم يكن أحد ليعيرها اهتمامه وقتها ..
فالكنيسة من جهة ، تعتبرها شريكة آدم التى حرضته على المعصية والخطيئة ، ولذلك فهى تستحق كل إهانة ومذلة . ويجب الحذر منها ومن شرورها وأخطارها .
حتى وصل الأمر بالكنيسة أن كانت تنصح رجالها بعدم الزواج ، على اعتبار أن المرأة عامل من عوامل الغواية حتى لو كانت زوجة للرجل .
[فقد كانوا يرون أنها شيطان رجيم، وأنها منبع الخطيئة، ومصدر الشر، وأن من خطرت في قلبه صورة امرأة أو تعلق بها أو اشتهاها، فإنه قد يطرد من ملكوت الله؛ لأنه بذلك يفكر في الدنس والخطيئة ( 10 ) ] .

ومن جانب زوجها ، فقد كانت المرأة تابعة لزوجها ، لاتتمتع بأى حقوق تجاهه .. فهو سيدها الذى له عليها كل الحقوق وهى المملوكة المنعدمة من أى حقوق يعطيها لها الزوج . ولقد وصل هذا الأمر إلى أن تبارى كـُـتـَّـاب هذا العصر فى إطلاق الحرية للرجل فى ضرب الزوجة وإهانتها بالقدر الذى يرتضيه ، كما تركوا له حرية إيذائها بأى صنف من صنوف الإيذاء .
وهذا يثبت حد الإمتهان الذى صاحب المرأة فى نظر وعقول المفكرين والعامة فى هذه العصور المظلمة .
[ فقد كان فلاسفة اليونان يكتبون -وكتاباتهم موجودة إلى اليوم- ويتساءلون هل المرأة إنسان أم لا؟! وهل للمرأة روح أم ليس لها روح؟! ( 11 ) ] .

واقتصر دور الكنيسة إزاء هذه القضية فى شىء واحد فقط ،، وهو : ( تحديد حجم العصا التى ستضرب بها هذه الزوجة التعيسة ) .

كما كان للزوج وقتها الحق فى أن يبيع زوجته إن شاء ووقتما شاء .


وأما عن المرأة وقتها كفتاة مرغوبة للزواج ،، فكان المعيار المتفق عليه والمعروف عند الجميع هو المعيار المادى فقط ، فكان لابد للرجل أن يراعى فى اختياره للزوجة أن تكون وريثة قطاع أو على أقل تقدير تكون وريثة مساحة كبيرة من الأراضى .. وكان من حق الزوج بالطبع أن يستملك منها هذا الميراث نظرا لأنه مالك لها ومالك لما لديها .. وبعد الزواج كان من الواجبات على الزوجة أن تلد مولودا ذكرا ؛ فإن أخفقت الزوجة فى هذه المهمة كان من السهل جدا على زوجها أن يتفق مع الأسقف على أن يفسخ زواجه منها ، مقابل بعض المال الذى يقدم للأسقف كرشوة أو مقابل أى شىء يتم إغراء الأسقف به ، وذلك بالطبع لأنهم كان من دينهم أنه لايوجد شىء اسمه الطلاق أو الإنفصال .

ومن ناحية الميراث هذا ففى الأصل لم يكن للمرأة الحق فى أن ترث أباها أو أمها إلا فى حالة عدم وجود إخوة لها من الذكور ،، ولكن إن كان لها أخ ذكر فليس لها حق فى الميراث ويستحوذ أخوها على الميراث وحده .

فحال النساء فى هذا المجتمع لم يكن أفضل حالا من حال مثيلاتها فى المجتمع اليونانى القديم رغم التفاوت الزمنى الكبير بين المجتمعين واختلاف الديانة .

فالمرأة عند هؤلاء القوم مجرد تابعة ومملوكة لزوجها .. عليها لزوجها كل الحقوق . وليس لها عند زوجها أى حق ، ومن جانب آخر هى رمز الغواية والضلال وسبب الخطيئة ، فهى الكائن الذى لابد من التحذير منه مخافة الوقوع فى الغواية والفساد . وأيضا ليس للمرأة أن ترث إلا حين انعدام وجود الوارث الذكر ، مما يفقدها أحقيتها البشرية والإنسانية كإنسان له حق فى مجتمعه . ومن جانب آخر يمكن للرجل فى أى لحظة أن يخالف اعتقاده ويتبرأ من هذه المرأة فى أى لحظة بمباركة رجال الدين .

فهل تظن الأخت المسلمة أن هذه الصورة فيها جانب واحد مضىء ؟؟
فلله الحمد على نعمة الإسلام .







المرأة عند العرب قبل ظهور الإسلام





والمرأة فى هذه المرحلة تبدأ رحلتها منذ ولادتها . فحينما تولد تكون مهددة بالقتل ، فيما يسمى بــ ( وأد البنات ) .
كما أخبرنا القرآن بذلك فى قوله تعالى : [ وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ{8} بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ{9} ] [ التكوير ] .
فمجرد أن يُـرْزق الرجـل بمولودة أنثى كان هذا هو العار بعينه .. فكانت ولادة الأنثى تمثل فى نظر أبيها قدوم الفقر معها .
كما جاء فى القرآن الكريم : [ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ{151} ] [ الأنعام ] .
وكذلك فولادة الأنثى كانت تستصحب بالخوف من المستقبل الذى سيعانيه الأب منها ، فهى فى نظره عالة لاتفيد فى شىء وإنما على العكس تماما ، ستكلفه وتثقل عاتقه بالأعباء ويكون مطالبا بالإنفاق عليها طيلة حياتها .

وبهذا كان شعور من رُزق بمولودة يومها شعورا مختلطا بين الخوف من العار والفضيحة التى ستجلبها له ، وبين عدم نفعها ، فضلا عن تكلفتها بدون جدوى ولا فائدة ، إلى جانب الخوف من الفقر المقبل مع ولادة البنات . فيتسبب هذا فى تعاسة الأب وخجله حتى يظهر ذلك عليه ويتوارى خجلا من قومه .. ويرى السبيل الوحيد لذلك هو وأد هذه المولودة بدفنها حية فى التراب .

كما قال تعالى :
[ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ{58} يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ{59} ] [ النحل ] .


ثم مايوضح حال المرأة كذلك فى تلك الحقبة الزمنية ، يمكن أن يُـستفاد مما كان يلحق بالمرأة من جراء هجوم إحدى القبائل على قبيلتها فى غارة خاطفة ، فتكون المرأة وقتها مملوكة كأمة من الإماء عند أحد أفراد هذه القبيلة المعتدية ، فرغم ماكان عند العرب وقتها من كرامة وعزة برغم جاهليتهم ، إلا أنهم لم يعالجوا شيئا مثل هذا فلم يتعارفوا مثلا فيما بينهم على الإبتعاد عن النساء وسط الحروب صيانة لهن ، وإنما سرى أمر مثل هذا على الجميع ، فعاشت المرأة فى الأصل فى انعدام أمن سواء فطنت لذلك أو لم تفطن .

وكذلك فى تصوير أوضاع المرأة عند العرب فى تلك الفترة لايمكن بحال من الأحوال إغفال السوء الموجـود فى ثنايا أنواع النكاح وقتها ، وهو الذى رواه الإمامان البخارى فى صحيحه وأبو داود فى سننه ( رحمهما الله ) من حديث أم المؤمنين أم عبد الله عائشة ( رضى الله عنها ) ، حيث أشار الحديث لأنواع من النكاح تبين مدى الوضاعة والإنحطاط لحال المرأة فى كنف مثل ذاك المجتمع .

وكذلك كانت المرأة لاترث فى هذا العصر الجاهلى ، فقد كانوا يقولون وقتها : [ لايرثنا إلا من يحمل السيف ويحمى البيضة ] .
بل كانت المرأة نفسها ميراثا يُوَرّث كسقط المتاع ، وكان معروفا وقتها أن الرجل من حقه إن مات أبوه أن ينكح امرأة أبيه . إلى أن نهى القرآن عن هذا ، قال الله تعالى : {وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاء سَبِيلاً }النساء22

وكان على المرأة إذا مات زوجها أن تبقى فى بيتها عاما كاملا ، لاتلبس ثوبا حسنا ولا تمشط شعرها ولا تقلم أظافرها ، وكذلك لاتمس الطيب .






حــــــــاشية الـفــصــــــل





( 1 ) جزء من محاضرة للشيخ [ أيمن سامى ] .

( 2 ) الدولة الآشورية تتراوح مدتها مابين عامى (1814 – 626 ق.م.) وقد بدأت بمجموعة من القوم الذين كانوا يقطنون جنوب العراق ، ثم هاجروا إلى القسم الشمالى منها وأقاموا فيها دولتهم الآشورية . واستمدوا هذا الإسم من عقيدتهم حيث كانوا يعبدون مايسمى لديهم بـــ ( آشــور الإله ] .

( 3 ) ، ( 4 ) ، ( 5 ) ، (6 ) منقول بتصرف واختصار من رسالة [ المرأة فى الإسلام والنصرانية واليهودية ] للأخ [ مسلم عبد الله أبو عمر ] .

( 7 ) إسبرطة : دولة قامت على أرض اليونان فى قديم الزمان . حيث كانت اليونان تنقسم وقتها إلى دوَيلات صغيرات ومن أشهرها ( أثينا ، اسبرطة ) وكان ذلك فى الفترة مابين ( عام 700 : عام 338 قبل الميلاد ) . وكانت هذه المدينة تقع فى ظروف جغرافية جبلية أشبه ماتكون بمجتمعات البدو والبادية ، حيث كانت عبارة عن منطقة وعرة تحيط بها الجبال من كل اتجاه . وكانت هذه الدولة من الدول الظالمة التى تعتمد على القوة فى كل شىء .. فكانت تفرض سيطرتها وتسلطها على العشائر المجاورة لها وتجمع منهم الضرائب بالقسر والقوة .

( 8 ) ماكتبته من كلمات عن حال المرأة فى ( إسبرطة ) كان اختصارا لما قرأته عن تاريخ هذه الدولة ونُـظم معيشتها السياسية والإجتماعية والإقتصادية فى كتاب [ تاريخ التربية ونظام التعليم فى مصر ] لأعضاء هيئة التدريس بقسم الإدارة والتخطيط والدراسات المقارنة _ كلية التربية _ جامعة الأزهر ،،، صــــ ( 47 : 54 ) .

( 9 ) وحديثى عن المرأة فى ( العصور الأوروبية الوسطى ) منقول اختصارا أيضا من فوائد قراءتى لهذه المرحلة التاريخية العامة بجوانبها كاملة فى ( المصدر السابق ) صــــ ( 89 : 132 ) .

( 10 ) من محاضرة [ قضية المرأة ] للشيخ [ سفر بن عبد الرحمن الحوالى ] حفظه الله .

( 11 ) المصدر السابق .







التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر الأزهري ; 01-30-2008 الساعة 07:18 AM
رد مع اقتباس