عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 02-08-2010, 08:19 PM
دنيا السلام دنيا السلام غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي ما يقعدك عن الجهاد سوى الحرمان

 

ما يقعدك عن الجهاد سوى الحرمان
قال صاحب المشارع رحمه الله: (اعلم أيها الراغب عما افترض عليه من الجهاد الناكب عن سنن التوفيق والسداد؛ أنك قد تعرضت إلى الطرد والإبعاد وحرمت والله الإسعاد بنيل المراد).

ليت شعري هل سبب إحجامك عن القتال واقتحامك معارك الأبطال، وبخلك في سبيل الله بالنفس والمال؛ إلا طول أمل؟ أو خوف هجوم أجل؟ أو فراق محبوب من أهل ومال؟ أو ولد وخدم وعيال؟ أو أخ لك شقيق؟ أو قريب عليك شفيق؟ أو ولي كريم؟ أو صديق حميم؟ أو حب زوجة ذات حسن وجمال؟ أو جاه منيع؟ أو منصب رفيع؟ أو قصر مشيد؟ أو ظل مديد؟ أو ملبس بهي أو مأكل هني؟

ليس غير هذا يقعدك عن الجهاد، ولا سواه يبعدك عن رب العباد.

وتالله ما هذا منك أيها الأخ بجميل! ألا تسمع قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ} [التوبة:38] ؟

أصغِ لما أُملي عليك من الحجج واستمع ما ألقي إليك من البراهين الساطعة ولتعلم أنه ما يقعدك عن الجهاد سوى الحرمان وليس لتأخرك سبب إلا النفس والشيطان.

وأما سكونك إلى طول الأمل وخوف هجوم الأجل والاحتراز من الموت لابد من نزوله، والإشفاق من الطريق الذي لابد من سلوك سبيله، فوالله إن الإقدام لا ينقص عمر المقدمين كما لا يزيد الإحجام عمر المستأخرين؛ {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف:34]، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [العنكبوت:57].

وإن للموت سكرات - أيّها المفتون - وإن هول المطلع شديد ولكن لا تشعرون، وإن للقبر عذاباً لا ينجو منه إلا الصالحون، وإن فيه سؤال الملكين الفاتنين، {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء} [إبراهيم:27].

ثم بعد ذلك الخطر العظيم؛ إما سعيداً فإلى النعيم المقيم، وإما شقياً فإلى عذاب الجحيم.

والشهيد آمن من جميع ذلك لا يخش شيئاً من هذه المهالك، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يجد ألشهيد من ألم القتل إلا كمس القرصة).

فما يقعد بك -أيها الأخ- عن انتهاز هذه الفرصة ثم تُجار في القبر من العذاب وتفوز عن الله بحسن المآب، وتأمن من فتنة السؤال وما بعد ذلك من الشدائد والأهوال، فالشهداء أحياء عند ربهم يرزقزن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون فرحين بما آتاهم الله من فضله مستبشرين، أرواحهم في جوف طير خطر تسرح في عليين، فكم بين هذا الموت الكريم، وبين الموت الأليم.

لئن كانت الأرزاق قسماً مقدرا *** فقلة حرص المرء في الرزق أجمل
وإن كانت الأموال للترك جمعها *** فما بال متروك به المرء يبخل
وإن كانت الدنيا تُعد نفيسة *** فقدر ثواب الله أعلى وأنبل
وإن كانت الأبدان للموت أنشئت *** فقتل إمرئ في الله بالسيف أجمل

قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة:54]، وسياق الآيات يبين أن ذلك بسبب موالاة الكفار والركون إليهم...

فماذا ستفعل يارب؟
{فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54] .

من هؤلاء المصطفون؟ من هؤلاء الكرام الذين يدّخرهم الله لنصرة دينه ورفع رايته حين بنكص الناس وينفض جمع الإيمان؟
{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}[المائدة:54].

ثم ماذا يارب؟
{يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} [المائدة:54].

لكن الله يقرر أن هذا الأمر محض الفضل وخالص الإحسان وليس يناله كل أحد؛
{ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة:54].

فحذار.. حذار.. من التخلف عن ذلك الركب.
واحرص -يا أخ التوحيد- أن تكون من هؤلاء الذين يحبهم الله ويحبونه، فإن القافلة إذا سارت وشُدت الرحال تخلف العاطل، وظهر الحق من الباطل.
اللهم استعملنا ولا تستبدلنا وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
رد مع اقتباس