عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 06-19-2016, 07:48 PM
أبو أحمد خالد المصرى أبو أحمد خالد المصرى غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده.. صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وبعد..

ماسبق كان مدخلا لصلب موضوعنا، وهو الدروس المستفادة من رمضان؛ لاسيما بعد انقضائه.. نتعرف عليها بأمر الله تعالى فيما هو آت..

لكن دعونا أولًا نقف مع أهم الدروس المرتبطة بشهر رمضان ذاته، ألا وهي
نية العمل في أيام وليالي شهر رمضان،
فالنية عليها مدار أعمال العبد كلها، والدرس الذي أعنيه هو كيفية استقبال رمضان لمن انتظر قدومه؛
فهناك من يأتي عليهم هذا الشهر المبارك، أعوام عديدة، ولا يشعرون به!
وهناك آخرون ينتظرونه عاما بعد عام ويخططون له بالاجتهاد في الأعمال الصالحة، وكيفية اغتنام أوقاته جيدا،
ثم تجدآخرون برغم انتظارهم لرمضان؛ إلَّا أنهم يبدأونه بفتور، فينقضي منهم مسرعًا وهم على حالهم!

فهؤلاء جميعًا اشتركوا معًا في انتظارهم لشهر رمضان وترقُّب حلوله؛ لكن نواياهم قد اختلفت -والله أعلم بما في الصدور-.
فالفارق كبير بين نية اللهو وإضاعة الوقت فيما لا يفيد وينفع، بل يضر ويؤذي صاحبه لا محالة!!
وبين نية اغتنام الأوقات في العبادات والطاعات والتقرب إلى لله رب العالمين.

إذن
فهناك من يُضيِّع الشهر تماما بلا مبالاة، وهؤلاء قد خسروا -كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-،
و
هناك من يُضيِّعه فتورا وتضييعا للوقت، يريدون فعل الخيرات؛ لكن مُلهيات الدنيا تأخذهم، وهؤلاء أيضًا قد خسروا؛
لأنَّهم عملوا دون اجتهاد يُذكر -كأصحاب الهمم العالية-، وصاروا بين بين ، فضاعت منهم خيرات عظيمة!!
و
هناك من يقضون أيام رمضان ولياليه في عبادة مستمرة وتقرب إلى الله تعالى، وهؤلاء يجعلهم الله من الفائزين بتوفيق منه سبحانه.

جعلنا الله وإياكم من الفائزين برضائه في جناته يوم العرض عليه..

إنَّها دروس غالية يتعلمها ويستفيد بها كل من فاته الخيرات؛ ندمًا وحسرةً على ما ضاع منه!!
إنَّـهـــــا
-
دروس مستفادة لمن ضيَّع رمضان فيما مضى بالاستعداد له جيدًا فيما هو آت بإذن الله؛ إذا مد الله له في عمره،
- و
دروس مستفادة لمن اجتهد في العبادة ورأى في نفسه تقصيرًا، فينوي التزود أكثر ومقاومة نفسه أكثر فيما هو آت؛ إذا أذن الله له بالعيش.

إنَّـهـــــا دروس لا يجب أن تغيب عن أذهاننا أبدًا ما حيينا

ثم نتطرق الآن إلى الدروس المستفادة من شهر رمضان بعد انقضائه

و
أساس هذه الدروس قائم على ازدياد المسلم في طاعة الله تعالى -تقربا إليه سبحانه-؛
بالمحافظة على ما كان يفعله في رمضان؛ فقد تربَّى في شهر الصيام وهو صائم، وربَّته الصلوات، وتربَّى على مائدة القرآن،
فعلِم وتعلَّم كيف يُراقب ربه، وكيف يبتعد عن الذنوب والمعاصي، فأدرك قوله تعالى:
{إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت:45].


فالصيام طاعة وصلاح للنفس، فهو يُبعد المرء عن الذنوب والمعاصي،
ولذلك نجد الله تبارك وتعالى في كتابه بعد أن بيّن لنا وجوب الصيام، وبيّن بعض أحكامه، أَتْبَع ذلك بقوله :
{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة:188]،
فذكر هذه الآيات بعد آيات الصيام؛ لأن الصائم لا يأكل أموال الناس بالباطل، والمُصلِّي لا يأكل أموال الناس بالباطل..

فأنت يا من صمت لله عن الطعام والشراب وهو حلال؛
كيف تأكل الحرام؟
بَــــلْ
كيف تأكل أموال اليتامى؟
وكيف تسرق أموال الناس؟
وكيف تسرق بيت مال المسلمين؟
وكيف تأخذ الرشوة؟


فالمسلم لا يأكل الحرام؛ لأنه يعرف أن له رباً سيحاسبه، وأن الدنيا زائلة، فيبقى الإثم، وتبقى حقوق الناس في ذمتك لا تسقط،
فلا يأكل الإنسان الحرام: { وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ
تأتي هذه الآية بعد آيات الصيام لتقول: يا صائمين! اتقوا الله واتركوا هذه الأعمال المحرمة.


وليست المسألة فقط أن تصوم ثم بعد ذلك تفطر على ما حرم الله، وتأكل أموال الناس بالباطل،
ففعل الخير يحدك من الشر، ويبعدك عنه، وهذه هي التقوى،
فلا تغتب الناس، ولا تنمهم، ولا تقع في أعراضهم، ولا تأكل أموالهم، ولا تهتك أعراضهم؛ لأنك تخشى الله تبارك وتعالى،
وأنتم تعلمون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (
لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمنٌ ، ولا يسرقُ السارقُ حين يسرقُ وهو مؤمنٌ) [1].


فالله تبارك وتعالى إذا كان حاضراً في قلوبنا في شهر الصيام وفي غير شهر الصيام، فهذا يجعل المسلم في مراقبةٍ دائمة لله،
فلا تمتد يده إلى الحرام، وعينه إلى الحرام، وأذنه لا تسمع الحرام، ورجله لا تمشي إلى الحرام، ويده لا تأخذ الحرام،
كل ذلك وهو مستقيم على طاعة الله تبارك وتعالى، وهذا هو الإحسان، بأن يبلغ المسلم القمة،
بأن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.



وهذا هو
الــدرس الأول من الصيام، ألا وهو التقوى.. تقواه سبحانه وتعالى..

فالتقوى وصية الله للأولين والآخرين من عباده، قال عزَّ وجلّ:
{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا} [النساء:131].

ومعنى التقوى: تقوى العبد لربه: أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضبه وسخطه وقاية تقيه من ذلك بفعل طاعته واجتناب معاصيه.

إنه مفهوم عظيم كبير للصائم في رمضان؛ فقد كان مُستشعِراً لهذا المعنى أثناء صيامه،
فمبدأ التقوى هو السرّ الحقيقي في الصوم، كما قال الله تعالى:
{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة: 183.

يجب علينا أن نستشعر مفهوم التقوى في جميع مناحي الحياة؛ في رمضان وبعد رمضان،
فالتقوى ليست محصورة في أيام أو في عبادات معينة؛ بل التقوى شاملة لحياة المسلم كلها..

فالتقوى تكون مع نفسك بأن تلزمها الحق وتكفها عن الباطل، قال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُو ابِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد:28].

والتقوى مع أولادك بأنْ تُجنِّبهم مواطن الردى، كما قال تعالى:
{
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} التحريم: 6،

ثم إنَّ التقوى مع غيرك أن تعاملهم بما يُرضِي الله.

فالمسلم الذي يتقي ربه تكون تقوى الله ومراقبته حاضرة معه في كل مكان؛ في بيته، وفي عمله،
مع نفسه، ومع زوجته، ومع أولاده، ومع زملائه،
حينما يكون مع الناس، وعندما يخلو بنفسه لا يراه إلا رب الناس.




أما ثــانــي الــدروس، وهو بالأهمية بمكان، ألا وهو درس الإرادة،

فالمسلم في رمضان يخالف عاداته ويتحرر من أسرها، ويترك مألوفاته التي هي مما أحل الله لعباده،
فتراه ممتنعا عن الطعام والشراب والشهوة في نهار رمضان امتثالا لأوامر الله عز وجل،
وهكذا يصبح الصوم عند المسلم مجالا رحبا لتقوية الإرادة الجازمة؛
فيستعلي على ضرورات الجسد، ويتحمل ضغطها وثقلها إيثارا لما عند الله تعالى من الأجر والثواب.

إنَّ هذا الدرس العظيم يقودنا لمعرفة حقيقة النفس البشرية بأنها قادرة -بعد توفيق الله سبحانه- بإرادتها وعزيمتها عن الابتعاد عن الحرام،
وعليه فمدرسة رمضان تُعدُّ درساً مجانياً لترك العباد كل الآفات الضارة لهم؛ إذا قرروا ذلك، وسألوا قبل ذلك وبعده العون من الله سبحانه.



ونأتي إلى
الــدرس الثــالــث، وهو المداومة على الطاعة..

فشهر رمضان موسم تنوع الطاعات والقربات؛
فالمسلم في هذه الأيام الفاضلة يتقلب في أنواع من الطاعات والعبادات وهو مع ذلك كله حريص عليها،
فإذا كان رب رمضان هو رب جميع الشهور كما نعلم، فحري بالمسلم أن يخرج من مدرسة رمضان بإقبالٍ على الطاعات والمداومة عليها،
حري بالمسلم أن يجعل من نموذج حياته في رمضان منهج حياة له يداوم عليها،


قال الله تعالى : {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} الفرقان: 62.

أَيْ يَخْلُف كُلّ وَاحِد مِنْهُمَا صَاحِبه يَتَعَاقَبَانِ لَا يَفْتُرَانِ؛ إِذَا ذَهَبَ هَذَا جَاءَ هَذَا، وَإِذَا جَاءَ هَذَا ذَهَبَ ذَاكَ،
وفائدة هذا الأمر كما ذكر ربنا جل جلاله؛ ( لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا )
أَيْ جَعَلَهُمَا يَتَعَاقَبَانِ تَوْقِيتًا لِعِبَادَةِ عِبَاده لَهُ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَمَنْ فَاتَهُ عَمَل فِي اللَّيْل اِسْتَدْرَكَهُ فِي النَّهَار، وَمَنْ فَاتَهُ عَمَل فِي النَّهَار اِسْتَدْرَكَهُ فِي اللَّيْل.


وهكذا تمضي بنا وتتوالى الأيام والليالي، والشهور والأعوام -بقدر ما لنا من عيش في الدنيا-، فتهُلَّ علينا أيام المواسم والنفحات وتنقضي؛
لذا يجب علينا اغتنامها جيدًا والسير على ذات الطريق بعينه.. لا نحيد عن عبادة ربنا أبدًا بتوفيق منه سبحانه.

إذن.. فـ
الــدرس الثــالــث، وهو المداومة على الطاعة؛ يجب أن نلتزم به تمامًا في العمل الجادّ الذي نتزود به من الدنيا للآخرة،
وأبواب العمل الصالح كثيرة، وأبواب الخير كثيرة وليست باباً واحداً، منها على سبيل المثال:

1-
الاهتمام بالصيام بعد شهر رمضان
ينقضي شهر الصيام ولكن الصيام لا ينقضي، فقد شرع الله تبارك وتعالى صيام أيامٍ فيها أجر عظيم، وفضل كبير،
ومن ذلك صيام ستة أيام بعد رمضان في شهر شوال،

ومن الأيام الفاضلة التي صيامها يُكفِّر الذنوب ويمحو الخطايا ويرفع الدرجات؛ صيام يوم عرفة،
وكذلك صيام عاشوراء، وهو اليوم العاشر من شهر المحرم، وهو يكفر ذنوب وخطايا سنة ماضية، إلا أنه يُستحب أن يصام يوم بعده أو يوم قبله.

وهناك صيام الإثنين والخميس، وثلاثة أيام من أول كل شهر أو من أوسط كل شهر،
فإذا أحب الإنسان أن يزداد من الحسنات صام يوماً وأفطر يوماً، أو صام يوماً وأفطر يومين، كل ذلك شيء طيب.


2- الاعتناء بالصلاة في أوقاتها في الجماعات

الصلاة من أعظم ما يقرب إلى الله تبارك وتعالى، وخاصة الصلاة في وقتها، والصلاة في جماعة بالنسبة للرجال أجرها عظيم، وثوابها جزيل،
فهي تحط الخطايا والذنوب، وتغسل الإنسان من أدرانه، وتقربه إلى الله تبارك وتعالى.


وكما نرى المساجد عامرة في الليل وفي النهار في شهر رمضان؛ يجب أن نرى ذلك بعد رمضان وكل أشهر العام.

هكذا كان المسلمون الأوائل طيلة العام، فقد كانوا ملتزمين بطاعة الله تبارك وتعالى. عن عبدِاللهِ بن مسعود رضي الله عنه؛ قال:
((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ؛ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى،
وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ؛ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ،
وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً،
وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ
)) [2].


قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم:

[مَعْنَى يُهَادَى أَيْ يُمْسِكُهُ رَجُلَانِ مِنْ جَانِبَيْهِ بِعَضُدَيْهِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمَا ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى:إِنْ كَانَ الْمَرِيضُ لَيَمْشِي بَيْنَ رَجُلَيْنِ.
وَفِي هَذَا كُلِّهِ تَأْكِيدُ أَمْرِ الْجَمَاعَةِ ، وَتَحَمُّلُ الْمَشَقَّةِ فِي حُضُورِهَا ، وَأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ الْمَرِيضُ وَنَحْوُهُ التَّوَصُّلَ إِلَيْهَا اسْتُحِبَّ لَهُ حُضُورُهَا
].


3-
ملازمة الدعاء في كل وقت وفي كل حين
إنَّ الدعاء مرتبط بالصوم ارتباطًا وثيقًا؛ فالصوم من العبادات المفروضة، وكذلك الدعاء أيضًا فإنه من العبادات المفروضة،
كما ذكر ذلك ربنا تبارك وتعالى في آيات كثيرة متعددة، منها على سبيل المثال قوله تعالى:

{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } غافر:60
فهذا من لطفه سبحانه بعباده، ونعمته العظيمة،حيث دعاهم إلى ما فيه صلاح دينهم ودنياهم، وأمرهم بدعائه، دعاء العبادة، ودعاء المسألة،
ووعدهم أن يستجيب لهم، بل إنَّ هذا أمرٌ مباشرٌ من الله تعالى لعباده بالدعاء له جلَّ وعلا وهو الغنيّ عنهم؛
أمرٌ بالدعاء ووعدٌ بالإجابة، وكل ما علينا هو الامتثال لأمره سبحانه واليقين في تحقيق وعده سبحانه جلَّ في عُلاه..


ثم قوله تعالى:
{ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } الأعراف:55
الدعاء يدخل فيه دعاء المسألة، ودعاء العبادة، فأمر بدعائه { تَضَرُّعًا } أي: إلحاحًا في المسألة، ودُءُوبا في العبادة،
{
وَخُفْيَةً } أي: لا جهرًا وعلانيةً، يُخافُ منه الرياء، بل خفية وإخلاصا للّه تعالى.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله في كل أحواله، وعلى كل أحواله؛ وكان يدعو ربه تضرعاً وخفية آناء الليل وأطراف النهار.


وقد علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛

أولًا: أنَّ الدعاء عبادة لله، فعن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ " ، ثُمَّ قَرَأَ: { وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }. [3]

ثانيًا:آداب الدعاء وشروط قبوله ومواضع الدعاء الأكثر فيها قبولًا،
كما علمنا أيضًا من الأدعية المشروعة ما ذخُرت به الأحاديث الصحيحة المروية عنه صلى الله عليه وسلم.
فنحن اليوم بحاجة شديدة إلى الدعاء، وحاجتنا المَاسَّة
والضرورية في الحقيقة هي الدعاء الحيِّ النابِض، لا الدعاء الميت الجامد.


4-
المداومة على تلاوة القرآن وتدبر آياته والعمل به
ومن الدروس الهامة جدًا والعِبر من صيام شهر رمضان والازدياد من الأعمال الصالحة فيه هو تعاهدنا للقرآن الكريم.

و لعللكم تتفقون معي بأنَّ تكـثـيــــف تلاوتنا للقرآن الكريم في شهـر رمضــان يجعلنا نجني فضــائــل كثيـرة جدًا في هذا الشهر المبــارك،
أهمها على الإطلاق مدى القرب الذي نشعر به من الله تعالى ونحن نقرأ بتدبر وخشوع تاركين الدنيا خلف ظهورنا ولا يشغلنا سوى رضا الله علينا،
وتقبل أعمالنا الصالحة في مثل هذه الأيام والليالي المليئة بالنفحات الطيبة المباركة.


و لعلكم تتفقون معي أيضًا أننا نزداد تدبرا للقرآن ونحن نتلوه آناء الليل وأطراف النهار، ذلك الفضل من الله الذي يوفق عباده لفتوحات
يرزق بها مَن يشاء مِن عباده، فنجد أننا نستشعر كل المعانٍ أو أغلبها، بداية من آيات الرحمة والعذاب، ثم نجد أنفسنا نلجأ إلى الله تعالى
ونحن خاشعين له سبحانه ومُتذللين له عزَّ وجلَّ، وراجين رحمته وغفرانه، فنلجأ إلى الله تعالى ندعوه ونرجوه عند آيات العذاب ألَّا يعذبنا،
ونعوذ به سبحانه من النار ومن كل عمل يقربنا إليها،
ونلجأ إلى الله تعالى فندعوه ونرجوه عند آيات الرحمة والبشرى للمؤمنين بدخولهم الجنة،
فنرجوه أن يجعلنا منهم وأن يحشرنا معهم، برحمته سبحانه الرحمن الرحيم
. [4]

كل ذلك وأكثر يلازمنا في أيام وليالي رمضان؛ في يقظاتنا وفي منامنا، فتُلازمنا أيِ الذكر الحكيم، وقد نتلوها عند منامنا؛
كل ذلك يحدث بتوفيق الله لنا في شهر رمضان.
فهل نهجره بعد رمضان؟!!


قال الشيخ عبد العزيز السلمان رحمه الله:
يُسْتَحَبُّ حِفْظُ القُرْآنِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، وَالإِكْثَارُ مِنْ تِلاوَتِهِ كُلَّ وَقْت لأَنَّ تِلاوَتَهُ مِنْ أَفْضَلِ العِبَادَاتِ وَأَعْظَمِ القُرُبَاتِ وَأَجَلِّ الطَّاعَاتِ
وَفِيهَا أَجْرٌ عَظِيمٌ وَثَوَابُ جَسِيمٌ مِنْ الْمَوْلَى الكَرِيمْ وَلاسِيَّمَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ،
قَالَ الله تَعَالى آمِرًا رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتِلاوَةِ كِتَابِهِ العَزِيزِ وإبْلاغِهِ إلى النَّاسِ:
{وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ} الكهف: 27.
وَأَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الذين يَتْلُونَ كِتَابِهِ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ مِنْ إِقَامِ الصَّلاةِ وَالإِنْفَاقُ مِمَّا رَزَقَهُمْ اللهُ تَعَالى فِي الأَوْقَاتِ الْمَشْرُوعَةِ؛
لَيْلاً وَنَهَارًا سِرًّا وَعَلانِيَّةً، فقَالَ:
{إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ *
لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ
} فاطر: 29 ، 30.

وَعَنْ عُثْمَانٍ بنِ عَفَّانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَن النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَمُسْلِم. أ.هـ [5]


وأسأل نفسي وأوجه لكم نفس السؤال
لماذا بعد انقضاء هذا الشهر المبارك تقل عزائمنا ويقل عملنا، وبخاصة مداومة التلاوة كما كنا نفعل في شهر رمضان؟!!
فلا شك أنني وكثير من العباد نخرج من هذا الشهر ونشعر بفراغ كبير في حياتنا، ونشعر أيضًا أن هناك واجبات علينا أن نؤديها؛
لكن الشيطان يعترض طريقنا وينأى بنا عن طريق الخير؛ فقد ظلَّ شهرا كاملًا لا يستطيع الاقتراب من عباد الله الصائمين القائمين الليل،
والمتعاهدين للقرآن ليلًا ونهارًا.. فلماذا نقع فريسة له من أول أيام عيد الفطر، وننساق وراء وسوسته؟!!


أقول هذا الكلام لنفسي أولا، ثم لغيري ممن يفعلون مثلي ويهجرون القرآن مباشرة بعد انقضاء شهر رمضان؛ باستثناء أهل الخيرات من أمثالكم،
وهم كثرُ بفضل الله تعالى، ولا نزكي على الله أحدا، أعزَّكم الله بالإسلام وبطاعته على الدَّوام؛
لكن هناك من يقع في المحظور ويبعد نفسه عن رحمة ربه الغفور.. عافانا الله وإياكم أن نكون منهم.





5-
وخلاصة القول في الدروس المستفادة من رمضان وبعد انقضائه هو:
استمرار العبودية لله تعالى


فبعض العبادات تكون في فترة من الزمان كالصيام وكالحج، وبعضها مستمر كالصلاة، ثم تأتي بعد ذلك النوافل؛
فالعبودية لله تبارك وتعالى مستمرة.. منذ أن يعقل الإنسان إلى أن تخرج روحه من بين جنبيه، وسيجد أثر ذلك عندما يقدم على الله تبارك وتعالى.


إذن فالدرس الأساسي والهام، بل والأهم الذي نخرج به من شهر رمضان؛ هو استمرار العبودية لله تعالى
وتحقيق ذلك يكمُن في المحافظة على كل ما هو عبادة وطاعة لله.




فائدة هامة:

في آخر الآية 186 من سورة البقرة، قوله تعالى:{ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }
وهذا توجيه منه سبحانه إلى ما يجعل الدعاء مرجو القبول والإِجابة.
والاستجابة: هي الإِجابة بعناية واستعداد ، والسين والتاء للمبالغة.
والرشد: هو الاهتداء إلى الخير وحسن التصرف في الأمر من دين أو دنيا،
يٌقال : رشد ورشد يرشد ويرشد رشدًا ، أي اهتدي .

ولنقف عند معاني الرُشد أكثر وأكثر..
رشَدَ يَرشُد ، رُشْدًا ، فهو راشِد ، رَشَدَ الرَّجُلُ : أَصابَ ، اِهْتَدَى ، اِسْتَقامَ ، عَرَفَ طَريقَ الرَّشادِ.
ومن مرادفات كلمة رُشْد:
إِدْراك ، إِسْتِقامَة ، حِكْمَة ، رَزَانَة ، رَشَاد ، رَصَانَة ، سَدَاد ، نُضْج ، هُدًى ، هِدايَة ، يَقَظَة.


والقرآن هُدى للناس، بل إنه هدى للثقلان؛ الإنس والجن، ولما استمع الجن إلى القرآن قالوا: { إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا } الجن: 1
ووصفوا القرآن بأنه: { يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ } ، فقالوا: { فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا } الجن: 2

الجن لما استمعوا للقرآن فطنوا وفهموا جيدا أن هذا القرآن يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ، أى: إلى الخير والصواب والهدى، وقالوا: فَآمَنَّا بِهِ إيمانا حقا،
لا يُخالطه شك أو ريب وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً، أى: فآمنا بما اشتمل عليه هذا الكتاب من دعوة إلى إخلاص العبادة لله تعالى وحده،
ولن نشرك معه في العبادة أحدا كائنا من كان.

والمتدبر لهذه السورة الكريمة، يراها قد أعطتنا صورة واضحة عن عالم الجن، فهي تحكى أنهم أعجبوا بالقرآن الكريم،
وأن منهم الصالح ومنهم غير الصالح، وأنهم لا يعلمون الغيب، وأنهم أهل للثواب والعقاب، وأنهم لا يملكون النفع لأحد،
وأنهم خاضعون لقضاء الله تعالى فيهم.


والمتدبر لهذه السورة الكريمة وغيرها في وصف القرآن وتأثيره على سامعه يوقن تماما بأهمية معاهدته دائما في جميع الأوقات وجميع الأيام والليالي؛
سواءً كان ذلك في شهر رمضان أو في سائر أشهر العام؛ وإلَّا وقع في المحظور وكان في زمرة من يهجرون القرآن، وفي زمرة من شكاهم إلى ربِّه،
سيدنا وإمامنا ومعلمنا محمد رسوله الله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى:
{ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } الفرقان: 30


بالله عليكم.. هل يليق بنا أن نهجر القرآن بعدما تعاهدناه في شهر رمضان؟!!
بالله عليكم.. ألسنا نأمل الرُشد والرَشَاد والاستقامة في حياتنا؟!!
بالله عليكم.. كيف نُكثِّف تلاوتنا للقرآن في شهر القرآن، ثم نهجره بعد رمضان؟!!







ولتتمة الفائدة؛ أُذكِّر نفسي وأُذكِّركُم بهذا الحديث:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ :
"
افْعَلوا الخَيْرَ دَهْرَكُمْ ، وتَعَرَّضُوا لِنَفَحاتِ رَحْمَةِ اللهِ ، فإنَّ للهِ نَفَحاتٍ من رحمتِهِ ، يُصِيبُ بِها مَنْ يَشَاءُ من عبادِهِ ،
وسَلوا اللهَ أنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ ، وأنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ
"
. [6]


دعونا نتأمل في معنى هذا الحديث

فقد
منح الله عباده مواسم وأماكن ضاعف لهم فيها العمل الصالح وفتح لهم فيها أبواب الخير الكثيرة،
يَقبَل من عاصيهم ويعفو عن مُسيئهم ويمنح مُستجديهم.

ونفحات الله المشار إليها هنا: مِنحٌ من خزائن رحمته يصيب بها من يشاء من عباده المؤمنين، من صادف نفحة منها سُعِد سعادة الأبد،
قال علماء السلوك والأخلاق:
التعرض للنفحات.. الترقب لورودها بدوام اليقظة والانتباه من سِنة الغفلة؛ حتى إذا مرَّت نزلت بفِناء القلوب.


وبالتأمل جيدًا في تتابع مواسم مضاعفة العبادات والطاعات، سنجد من أيام النفحات هذه مافيه الحثُّ على استباق الخيرات وتحيُّن الفرص،
كالدعاء يوم عرفة وصومه، وليلة القدر، وفي الثلث الأخير من الليل، وساعة يوم الجمعة، والدعاء حال السفر وفي مواضع السجود؛
وصيام يوم عاشوراء وأيام الإثنين والخميس من كل أسبوع والثلاثة البيض من كل شهر، ... إلخ.
كل هذا يدُلُّ على معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث.

وإذا تأملنا في التعرض لهذه النفحات؛ نجد أنها تملأ قلب العبد بشحنة إيمانية متواصلة، فلا يفتر عن العبادة والتقرب إلى الله تعالى،
ولعل أيام وليالي شهر رمضان المباركة نجد فيها أقوى شحنة إيمانية تدفعنا إلى مواصلة العمل الصالح بتوفيق من الله تعالى لنا.

فكيف بالله عليكم نُكثِّف تلاوتنا للقرآن في شهر القرآن، ثم نهجره بعد رمضان؟!!

تلك فائدة هامة آثرت التعرض لها قبل دخول شهر رمضان وقضاء أيامه ولياليه مع القرآن، ثم انقضاء الشهر وعودة المصاحف إلى أماكنها؛
للحفظ فوق الأرفف، وترك الأتربة تغطيها بطبقة ستشهد علينا لا محالة بأننا هجرنا القرآن وابتعدنا عنه!


فمصحف في بيت يعلوه التراب.. لاشَكَّ أنَّ قلوب أصحابه خراب!!

عافنا الله وإياكم من خراب القلوب والنفوس وكل أنواع الخراب.

اللهم اجعل القرآنَ العظيمَ ربيعَ قلوبنا ونورَ صدورنا وجلاءَ أحزننا وذهابَ همومنا وغمومنا
اللهم ذكرنا منه ما نُسِّينا، وعلمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا
اللهم اجعله لنا في الدنيا قرينا وفي القبر مؤنسا وإلى الجنة دليلًا وإماما
اللهم ارزقنا حفظه وفهمه والتدبر في أمره والعمل بما جاء به، واجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك يا أرحم الراحمين،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.










________________________
المراجع:
- بتصرف شديد من محاضرات مقروءة.. للشيخ عمر الأشقر، المصدر: اسلام ويب.
- بتصرف من مقال للشيخ محمد بن عدنان السمان.
-
بتصرف شديد من مقالات بموقع اسلام ويب.

- التفسير الميسر.
- تفسير الإمام السعدي رحمه الله.
- تفسير الوسيط للشيخ طنطاوي رحمه الله.
الهوامش:
[1] رواه الإمام البخاري (6782).
[2] رواه الإمام مسلم في صحيحه (654).
[3] رواه الإمام الترمذي في سننه(3372)، وقال: حسن صحيح.
[4] للفائدة راجع هذه الفتوى: هنـــا
[5]موارد الظمآن لدروس الزمان، فصل في القرآن الكريم: - مَا وَرَدَ مِنْ الْحَثِّ عَلَى قِرَاءَةِ القُرْآنِ الْكَرِيمِ
[6] حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (1890).
التوقيع



{ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } سورة الطلاق

جَعَلَنَـاَ اللهُ وإيِّاكُم مِنَ المُتَّقِيِـن
رد مع اقتباس