عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 11-06-2011, 01:18 AM
أبو أسلم المنصوري. أبو أسلم المنصوري. غير متواجد حالياً
عضو فضى
 




افتراضي

فصل
في ذكر إجماع العلماء على تكفير من ترك حكم الله ورسوله
وتحاكم إلى القانون الوضعي

وليس هذا الذي ذكرناه ونقلناه من أقوال بعض العلماء السابقين واللاحقين يُعبّر عن فقه قائليه فحسب، أو أنه يمثل أحد الأقوال التي ذُُكرت أو قِيلت في المسألة، أو أنه يمثل اجتهاد طائفة من العلماء؛ وإنما هو تعبير عما عُلِم من دين الإسلام، واستقر عند المسلمين كافة، وها هو ذا
الحافظ ابن كثير -رحمه الله-

يذكر لنا هذا الإجماع، حيث يقول: «فمن ترك الشرع المُحكم، المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء، وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر! فكيف بمن تحاكم إلى إلياسا وقدّمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين» (1) .
فابن كثير -رحمه الله- يبين في هذا الكلام أن التحاكم إلى إلياسا (القوانين الوضعية) وتقديمها على شريعة الإسلام كفرٌ بإجماع المسلمين.


وقد نص على هذا الإجماع -من قَبْل ابن كثير- شيخُه،شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث يقول: «ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوَّغ اتباع دين غير الإسلام، أو اتباع شريعة غير شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر» (2) . يماثل قول الحافظ ابن كثير: «فمن ترك الشرع المحكم على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع..». وقد بيَّن شيخ الإسلام أن صاحب هذا القول معلوم بالاضطرار من دين المسلمين، وباتفاق جميع المسلمين أنه كافر، بل بيَّن شيخ الإسلام أن هذا القول يستوي مع تسويغ اتباع دين غير دين الإسلام، حيث يقول: من سوَّغ اتباع دين غير الإسلام، أو اتباع شريعة غير شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم

ويقول -أيضاً- شيخ الإسلام -في هذا الموضوع-: «والإنسان متى حلّل الحرام المجمع عليه، أو حرّم الحلال المجمع عليه أو بدَّل الشرع المجمع عليه؛ كان كافراً مرتدّاً باتفاق الفقهاء، وفي مثل هذا نزل قوله على أحد القولين: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة: 44]. أي: هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله» (3) .

ومن قبل ابن تيمية أبو محمد علي بن أحمد المعروف بابن حزم حيث يقول: "لا خلاف بين اثنين من المسلمين أن هذا منسوخ وأن من حكم بحكم الإنجيل مما لم يأت بالنص عليه وحي في شريعة الإسلام فإنه كافر مشرك خارج عن الإسلام" (4)

ومثل هذا الإجماع الذي ذكره العلماء القدامى يحكيه أيضاً بعض المعاصرين من أهل العلم،يقول الشيخ عبد العزيز ابن باز -حفظه الله-: «وكل من استباح ما حرَّم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة؛ كالزنى، والخمر، والربا، والحكم بغير شريعة الله؛ فهو كافر بإجماع المسلمين» (5) .

ويقول الشيخ الدكتورعمر الأشقربعد أن نقل كلام الشيخ محمد ابن إبراهيم (6) -رحمه الله-: «ومن خلال هذا التفصيل يتبين لنا أن صنفين من الناس وقعا في الكفر الذي لا شك فيه:
الأول:الذين شرعوا غير ما أنزل الله: وهؤلاء هم الذين وضعوا القوانين المخالفة لشرع الله، حيث يلزمون بها العباد، والإجماع على كفرهم لا شك فيه، وهم الشركاء الذي عناهم ربّ العزّة، بقوله: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) [الشورى: 21]. وهم الذي عناهم الله بقوله: (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ) [الأنعام: 137]. أي: زيَّنوه بما شرعوه من الشرائع، وما سنُّوه من القوانين. ومنهم أحبار اليهود، ورهبان النصارى الذين اتخذهم اليهود والنصارى أرباباً من دون الله (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) [التوبة: 31]. فهؤلاء الأحبار والرهبان الذين شرعوا غير تشريع الله كفرة، لا شك في كفرهم فقد بدَّلوا دين الله وشرعه.
الثاني:الذين أطاعوا المبدِّلين المغيِّرين لشرع الله مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل»
رد مع اقتباس