عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 06-12-2010, 09:57 AM
هجرة إلى الله السلفية هجرة إلى الله السلفية غير متواجد حالياً
رحمها الله رحمة واسعة , وألحقنا بها على خير
 




افتراضي


الدرس الواحدوالعشرون
الحشر
م / ( ويحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً بهماً ) .
---------------------
· تعريف الحشر :
لغة الجمع .
واصطلاحاً : جمع الخلائق يوم القيامة لحسابهم والقضاء بينهم .
· والحشر ثابت بالكتاب والسنة والإجماع .
قال تعالى (قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ . لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) .
وقال تعالى ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) .
وقال تعالى (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) .
وقال تعالى (وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) .
وقال تعالى (وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) .
وقال تعالى ( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفْراء كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد ) متفق عليه .
· ويحشر كل شيء حتى البهائم ودل على حشر البهائم عدة أدلة :
أ- قوله تعالى (وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) .
ب_ قوله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) .
ج_ وحديث أبي ذر .( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شاتين ينتطحان فقال : يا أباذر أتدري فيما ينتطحان ؟ قال : قلت : لا ، قال : لكن الله يدري وسيقضي بينهما ) رواه أحمد .
د- وحديث ( مانع صدقة الإبل والبقر والغنم وأنها تجيء يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها وتطأوه
بأظلافها ) متفق عليه .
هـ- الآثار الواردة في قوله تعالى ( يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً ) وأن الله تعالى يجمع الوحوش ثم يقتص من بعضها لبعض ، ثم يقول لها : كوني تراباً ، فتكون تراباً ، فعندها يقول الكافر ( يا ليتني كنت تراباً )
· كيف يحشر الناس ؟
يحشرون حفاة عراة غرلاً .
لحديث عائشة . قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً ، قالت : يا رسول الله ! الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض ؟ قال : يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض ) متفق عليه .
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إنكم تُحشرون حفاة عراة غُرلاً ، ثم قرأ ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين ) وأول من يُكسَى يوم القيامة إبراهيم ) متفق عليه .
حفاة : جمع حاف وهو من ليس عليه نعال .
عراة : جمع عار وهو من ليس عليه ثياب .
غرلاً : أي غير مختونين .
· أول من يكسى إبراهيم .
للحديث السابق ( وأول من يكسى إبراهيم عليه السلام ) .
والحكمة في ذلك :
قيل : لم يكن في الأولين والآخرين لله عز وجل عبد أخوف من إبراهيم فتعجل له كسوته أماناً له ليطمئن قلبه .
وقيل : لأنه أول من أمر بلبس السراويل إذا صلى مبالغة في التستر .
وقيل : أن الذين ألقوه في النار جردوه ونزعوا عنه ثيابه على أعين الناس ، فلما صبر واحتسب وتوكل على الله جازاه على ذلك بأن جعله أول من يدفع عنه العرى يوم القيامة ، وهذا أحسنها .
· أرض المحشر الشام .
عن سهل بن سعد . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ، ليس فيها معلم لأحد ) رواه البخاري .
عفراء : أي ليس بياضها ناصع . كقرصة النقي : الدقيق الخالص من الغش .
ليس فيها معلم لأحد : أي : شيء من العلامات التي يهتدى بها في الطرقات كالجبل والصخرة والبناء .
· ذلك اليوم رهيب عظيم فمما يكون فيه : دنو الشمس من الخلائق .
عن سُليْم بن عامر عن المقداد بن الأسود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
( تُدنَى الشمسُ يوم القيامة من الخلق ، حتى تكون منهم مقدار ميل ) قال سليم بن عامر : فوالله ! ما أدري ما يعني بالميل ، أمسافة الأرض ، أم الميل الذي الذي تُكتحل به العين ) رواه مسلم .
وعندما يشتد البلاء ، ويطول وقوفهم في ذلك المحشر ، والناس يريدون النجاة من هذا الموقف العظيم ، يبحث العباد عن أصحاب المنازل العالية ليشفعوا عند ربهم ، كي يأتي لفصل القضاء بينهم وتخليصهم من كربات الموقف وأهواله وشدائده :
ولهذا قال المصنف :
الشفاعة العظمى للفصل بين الناس
م / حَتَّى يَشْفَعَ فِيهِمْ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٍ
صلى الله عليه وسلم
-----------------------
أي يشفع صلى الله عليه وسلم في أهل الموقف ليقضى بينهم بعد أن يتراجع الأنبياء عنها ، فيذهبون للرسول e فيشفع عند رب العالمين فيقضى بينهم ، وهذه هي الشفاعة العظمى التي اختص بها نبينا e .
عن أبي هريرة ، قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً بلحم ، فَرُفِعَ إليه الذراع وكانت تعجبه ، فنهس منها نهسة فقال : أنا سيد الناس يوم القيامة . وهل تدرون بم ذاك ؟ يجمع الله يوم القيامة الأولين والآخرين في صعيد واحد ، فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر ، وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ، وما لا يحتملون ، فيقول بعض الناس لبعض : ألا ترون ما أنتم فيه ؟ ألا ترون ما قد بلغكم ؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم ؟ فيقول بعض الناس لبعض : ائتوا آدم ، فيأتون آدم : فيقولون : يا آدم ! أنت أبو البشر ، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا ؟ فيقول آدم : إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله . وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته ، نفسي، نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى نوح . فيأتون نوحاً فيقولون : يا نوح ! أنت أول الرسل إلى الأرض ، وسماك الله عبداً شكوراً ، اشفع لنا إلى ربك . ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم : إن رب قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله . وإنه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي . نفسي نفسي . اذهبوا إلى إبراهيم عليه السلام . فيأتون إبراهيم فيقولون : أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض . اشفع لنا إلى ربك . ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم إبراهيم : إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله . وذكر كذباته ، نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى غيري ، اذهبوا إلى موسى فيأتون موسى عليه السلام فيقولون : يا موسى . أنت رسول الله فضلك الله برسالاته وبتكليمه على الناس . اشفع لنا إلى ربك . ألا ترى إلى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم موسى عليه السلام : إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله . وإني قد قتلت نفساً لم أؤمر بقتلها . نفسي . نفسي . اذهبوا إلى عيسى عليه السلام . فيأتون عيسى فيقولون : يا عيسى ! أنت رسول الله وكلمت الناس في المهد ، وكلمة منه ألقاها إلى مريم ، وروح منه ، فاشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ؟ ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فيقول لهم عيسى عليه السلام : إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله . ولم يذكر له ذنباً ، نفسي ، نفسي ، اذهبوا إلى غير . اذهبوا إلى محمدٍ صلى الله عليه وسلم فيأتوني فيقولون : يا محمد ! أنت رسول الله وخاتم الأنبياء ، وغفر الله لك ما تقدم من ذلك وما تأخر ، اشفع لنا إلى ربك ، ألا ترى ما نحن فيه ، ألا ترى ما قد بلغنا ؟ فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجداً لربي ، ثم يفتح الله علي ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه لأحد قبلي ، ثم يقال : يا محمد ! ارفع رأسك ، سل تعطه ، اشفع تشفع ، فأرفع رأسي فأقول : يا رب ! أمتي ، أمتي ، فيقال : يا محمد ! أدخل الجنة من أمتك ، من لا حساب عليه ، من باب الأيمن من أبواب الجنة . وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ، والذي نفس محمد بيده ! إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر ، أو كما بين مكة وبصرى .
الحديث فيه فوائد كثيرة أذكر أهمها :
· أولاً : أن الرسول سيد البشر وأفضل المرسلين .
· ثانياً : أن يوم القيامة يوم شديد رهيب ، أهواله كبيرة .
ولذلك وصفه الله بأوصاف كثيرة :
يوم الفرار .
قال تعالى (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ(وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ) .
يوم التغابن .
قال تعالى (ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ ) .
سمي بذلك : لأنه يظهر فيه غبن الكافر بتركه الإيمان .
يوم الجمع .
قال تعالى (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ) .
سمي بذلك : لأن الله يجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد .
يوم تكشف فيه صحائف الأعمال .
قال تعالى (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ ) .
يوم الدين .
قال تعالى (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) .
أي يوم الجزاء والحساب .
يوم الفصل .
قال تعالى (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً) .
سمي بذلك : لأن الله يفصل فيه بين الخلائق .
يوم الوعيد .
قال تعالى (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ) .
يوم عقيم .
قال تعالى ( حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) .
سمي بذلك : لأنه لا يوم بعده .
فائدة : أسباب النجاة من أهوال يوم القيامة :
منها : التنفيس عن المسلمين .
لحديث الباب ( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب القيامة ) .
ومنها : إنظار المعسر أو الوضع عنه .
قال e ( من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينظر معسر أو يضع عنه ) رواه مسلم
ومنها : الوفاء بالنذر ، وإطعام الطعام لله .
قال تعالى ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً . وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً . إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً )
· ثالثاً أن في الحديث فضائل آدم وهي :
أبو البشر – خلقه الله بيده – نفخ الله فيه من روحه – أسجد له ملائكته – علمه أسماء كل شيء .
· رابعاً : أن الأنبياء المذكورون بالحديث هم أولوا العزم من الرسل .
وقد ذكرهم الله في موضعين من كتابه :
الموضع الأول / في سورة الأحزاب .
قال تعالى ( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِـنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَـذْنَا مِنْهُـم مِّيثَاقاً غَلِيظاً ) .
الموضع الثاني / في سورة الشورى .
قال تعالى (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ) .
· خامساً : أن نوحاً أول الرسل .
لقوله ( فيأتون نوحاً فيقولون : يا نوح ! أنت أول الرسل إلى الأرض ) .
ومن الأدلة أيضاً قوله تعالى (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ) .
· سادساً : الحكمة في إلهام الناس أن يسألوا أولاً آدم ومن بعده من الرسل ، ولم يلهموا سؤال نبينا محمد e من أول مرة ؟
قال النووي : إظهار فضيلة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنهم لو سألوه ابتداء لكان يحتمل أن غيره يقدر على هذا ويحصله ، وأما إذا سألوا غيره من رسل الله تعالى وأصفيائه فامتنعوا ثم سألوه فأجاب وحصل غرضهم فهو النهاية في ارتفاع المنزلة وكمال القرب وعظيم الإدلال والأنس .
· سابعاً : إثبات الشفاعة العظمى للنبي e
· ثامناً : يجب الإيمان أنه لا يقضى بين الناس يوم القيامة إلا بشفاعة النبي e
· تاسعاً : فضل منزلة العبودية ، فقد جاء في رواية ( قال عيسى : اذهبوا إلى محمد عبداً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) .
الحساب
م / وَيُحَاسِبَهُمْ اَللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى .
· تعريف الحساب :
لغة : العدد .
وشرعاً : اطلاع الله عباده على أعمالهم ، وتقريرهم عليها .
· وهو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع .
قال تعالى : (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ . ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ) .
وقال تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ . فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً) .
وأما من السنة :
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في بعض صلاته : ( ... اللهم حاسبني حساباً يسيراً ) فقالت عائشة : ( ما الحساب اليسير ؟ قال : ( أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه ) . رواه أحمد ، وقال الألباني : إسناده جيد .
وأجمع المسلمون على ثبوت الحساب يوم القيامة .
· يستثنى من الذين لا يحاسبون من يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب .
كما جاء في الصحيحين . أن النبي صلى الله عليه وسلم غا قال ( عرضت عليّ الأمم ....الحديث وفيه : ورأيت أمتي ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب ، وهم الذين لا يسترقون ، ولا يكتوون ، ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون ) .
· يشمل الحساب حتى الجن .
لأنهم مكلفون مأمورون كالإنس .
ولذلك الجني الكافر يدخل النار بالاتفاق .
كما قال تعالى (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ... ) .
وقال تعالى (قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ ).
ويدخل مؤمنهم الجنة كما هو مذهب أكثر العلماء :
لعموم قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) .
ولقوله تعالى (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) .
ولقوله تعالى (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) .
· صفة حساب المؤمن :
يخلو به ربه ويقرره بذنوبه ، ثم يسترها ويغفرها .
عن ابن عمر t قال : سمعت رسول الله e يقول ( يُدنَى المؤمن يوم القيامة من ربه عز وجل ، حتى يضع عليه كنفه ، فيقرره بذنوبه ، فيقول : هل تعرف ؟ فيقول : أي رب ! أعرف ، قال : فإني قد سترتها عليك في الدنيا ، وإني أغفرها لك اليوم ) متفق عليه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ”ومع ذلك ، فإنه سبحانه يضع عليه ستره ، بحيث لا يراه أحد ، ولا يسمعه أحد ، وهذا من فضل الله على المؤمن ، فإن الإنسان إذا قررك بجنايتك أمام الناس وإن سمح عنك ، ففيه شيء من الفضيحة ، لكن إذا كان ذلك وحدك ، فإن ذلك ستر منه عليك “ .
· وأما الكفار فيحاسبون حساب تقريع وتوبيخ ، وليس محاسبة حسنات وسيئات .
كما في حديث ابن عمر السابق وفيه ( ... وأما الكفار والمنافقون فيُنادَى بهم على رؤوس الخلائق ، هؤلاء الذين كذبوا على الله ) .
· وهو عسير عليهم .
كما قال تعالى ( الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً ) .
وقال تعالى (مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ) .
وإنما كان الحساب شديداً ، لأنه لا يدع شاردة ولا واردة إلا أتى بها ( أحصاه الله ونسوه ) .
· وأول ما يحاسب عليه العبد من حقوق الله : الصلاة .
لحديث أبي هريرة t قال : قال رسول الله : ( أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة ، فإن صلحت صلح سائر عمله ، وإن فسدت فسد سائر عمله ) . رواه الترمذي
· وأول ما يقضى فيه بين الناس في الدماء .
لقوله e : ( أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ) . متفق عليه من حديث ابن مسعود .
· الذين لا يحاسبون :
السبعين الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب .
كما في الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عرضت عليّ الأمم .... ثم عرضت علي أمتي ومعهم سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ....... هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) .
· يُسأل العبد عن كل شيء ، ومن أهم الأمور التي يُسأل عنها :
أولاً : الكفر والشرك .
كما قال تعالى (وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ . مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ) .
ثانياً : ما عمله في الدنيا .
كما قال تعالى (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ . عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) .
وعن أبي برزة . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم افناه ، وعن علمه فيما عمل به ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه ، وعن جسمه فيما أبلاه ) رواه الترمذي .
ثالثاً : النعيم الذي يتمتع به .
قال تعالى (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (سورة التكاثر: 8).
رابعاً : العهود والمواثيق .
كما قال تعالى ( وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً) .
خامساً : السمع والبصر والفؤاد .
كما قال تعالى (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) .
· قواعد عامة في الحساب :
أولاً : العدل التام في الحساب .
قال تعالى ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة ) .
وقال تعالى ( قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً) .
فتيلاً : هو الخيط الذي يكون في شق النواة نقيراً : النقير النقرة الصغيرة التي تكون في ظهر النواة .
ثانياً : لا يؤاخذ أحد بجريرة أحد .
قال تعالى ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .
وقال تعالى (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) .
أي لتؤخذ نفس بذنب غيرها ، بل كل نفس مأخوذة بجرمها ومعاقِبة بإثمها .
· البهائم لا حساب عليها حساب حسنات وسيئات وإنما يجري بينها القصاص .
عن أبي هريرة . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لتؤدن الحقوقَ إلى أهلها حتى يقادَ للشاة ِ الجَلْحَاء من الشاة القرناء ) متفق عليه .
الجلحاء : بفتح الجيم وسكون اللام وهي التي لا قرن لها .
الحكمة : ليظهر عدل الله حتى في البهائم .