عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 07-01-2008, 01:19 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

النـاســخ و المنـســوخ

القاعدة الأولى : مراد السلف بكلمة ( النسخ ) ليس هو المراد عند المتأخرين

قال ابن القيم في إعلام الموقعين ( 1/35 ) : مراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ رفع الحكم بجملته تارة وهو اصطلاح المتأخرين ، ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر وغيرها تارة إما بتخصيص أو تقييد أو حمل مطلق على مقيد وتفسيره وتنبيه فالنسخ عندهم وفي لسانهم هو : بيان المراد بغير ذلك اللفظ بأمر خارج عنه ، ومن تأمل كلامهم رأى من ذلك فيه ما لا يحصى ، وزال عنه إشكالات أوجبها حمل كلامهم على الاصطلاح الحادث المتأخر . انتهى .
وقال الشاطبي في الموافقات ( 3/108 ) : النسخ عندهم في الإطلاق أعم منه في كلام الأصوليين ، فقد يطلقون على تقييد المطلق نسخاً ، وعلى بيان المجمل والمبهم نسخا ، كما يطلقون على رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر نسخاً ، لأن جميع ذلك مشترك في معنى واحد . انتهى .

القاعدة الثانية : النسخ يثبت بدليل ولا يثبت بالاحتمال

الأصل في الدليل أنه محكم غير منسوخ .
وإذا جاء نصان ظاهرهما التعارض فلا يقال بنسخ أحدهما لمجرد التعارض لأن القول بالنسخ لمجرد التعارض هو احتمال ، والنسخ لا يثبت بالاحتمال .
ومما يعجب له : القول باحتمال نسخ الحديث لمخالفته لقول إمام من الأئمة ، فهذا القول بطلانه لا شك فيه ، وقد بين ابن حزم أن النسخ لا يثبت بالاحتمال في كتابه الإحكام فقال ( 1/497 ) : لا يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول في شيء من القرآن والسنة : هذا منسوخ إلا بيقين .. ، ومن استجاز خلاف ما قلنا فقوله يؤول إلى إبطال الشريعة كلها ، لأنه لا فرق بين دعواه النسخ في آية ما أو حديث ما ، وبين دعوى غيره النسخ في آية ما أو حديث ما ، وحديث آخر ، وكل ما ثبت بيقين فلا يبطل بالظنون ، ولا يجوز أن تسقط طاعة أمر أمرنا به الله تعالى ورسوله إلا بيقين نسخ لا شك فيه . انتهى .

القاعدة الثالثة : لا يدخل النسخ في الأخبار أو القواعد الكلية

استقرأ العلماء الأدلة الدالة على النسخ فوجدوا أن النسخ يدخل في الأحكام الشرعية الجزئية ، ولا يدخل في الأخبار أو القواعد الكلية ، قال الشاطبي في الموافقات ( 3/78 ) : النسخ لا يكون في الكليات وقوعا وإن أمكن عقلا ، ويدل على ذلك الاستقراء التام وأن الشريعة مبنية على حفظ الضروريات والحاجيات والتحسينات ، وجميع ذلك لم ينسخ منه شيء ومن استقرى كتب الناسخ والمنسوخ وجد تحقيق هذا المعنى ، فإنما يكون النسخ في الجزئيات منها . انتهى .
وقال الخطيب في الفقيه والمتفقه ( 1/85 ) : والنسخ لا يجوز إلا فيما يصح وقوعه على وجهين كالصوم والصلاة وغيرهما من العبادات ، وأما مالا يجوز إلا أن يكون على وجه واحد مثل التوحيد وصفات الله تعالى فلا يصح فيه النسخ وكذلك ما أخبر الله عنه من أخبار القرون الماضية والأمم فلا يجوز فيها النسخ وهكذا ما أخبر عن وقوعه في المستقبل كخروج الدجال وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم إلى الأرض ونحو ذلك فإن النسخ فيه لا يجوز . انتهى .


يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس