عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 06-23-2008, 12:57 PM
أبو الفداء الأندلسي أبو الفداء الأندلسي غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

القاعدة التاسعة : ما استحب النبي صلى الله عليه وسلمفعله من الأمور العادية فيستحب فعله لمحبة النبي صلى الله عليه وسلمله


يستحب للإنسان أن يستحب ما استحبه النبي صلى الله عليه وسلممن الأمور العادية الجبلية كاستحبابه الدباء واستحبابه الشراب الحلو البارد لما في ذلك من كمال الاتباع فعن أنس بن مالك قال : إن خياطاً دعا النبي صلى الله عليه وسلملطعام صنعه ، قال أنس فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلمإلى ذلك الطعام ، فقرّب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلمخبزاً من شعير ومرقاً فيه دباء وقديد ، قال : فرأيت النبي صلى الله عليه وسلميتتبع الدباء من حوالي القصعة ويعجبه ، قال : فلم أزل أحب الدباء من يومئذ ، فما صنع لي طعام بعد أقدر على أن يصنع فيه دباء إلا صنع .
أخرجه البخاري ( 2092 ) ومسلم ( 2041 ) وبوب عليه النووي : باب جواز أكل المرق واستحباب أكل اليقطين .
قلت : فانظر إلى هذا السيد استحب ما استحبه النبي صلى الله عليه وسلمأفلا يُؤجر على محبة ما يحبه النبي صلى الله عليه وسلم؟! .

القاعدة العاشرة : ما يحتمل من الأفعال خروجه من الجبليِّة إلى التشريع بمواظبته على وجه مخصوص فيستحب التأسي به فيه


هناك بعض الأفعال النبوية هي في الأصل أفعال جبليِّة لكن يحتمل أنها للتشريع وهي الأشياء التي واظب عليها النبي صلى الله عليه وسلمعلى وجه مخصوص دون أن يرغب فيهما كالاضطجاع بعد ركعتي الفجر ، فهذه الأفعال يستحب التأسي فيها لقوله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } [ الأحزاب : 16 ] ، فهذه الآية تدل على أن الأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلماستحباب التأسي به فيها ، إلا إذا اظهرت انها جبلية وهذا قول أكثر المحدثين ( كما في البحر المحيط 6/24 ) .
وقال الشوكاني في إرشاد الفحول ( 56 ) : وفي هذا القسم قولان للشافعي ومن معه يرجع فيه إلى الأصل وهو عدم التشريع أو إلى الظاهر وهو التشريع ، والراجح الثاني ، وقد حكاه الأستاذ أبو إسحاق عن أكثر المحدثين فيكون مندوبا . انتهى .

القاعدة الحادية عشر : ترك النبي صلى الله عليه وسلم لفعل ما مع وجود المقتضي له وانتفاء المانع يدل على أن ترك ذلك الفعل سنة وفعله بدعة


هذه القاعدة تعرف بالسنة التركية ، وهي قاعدة جليلة فيها سد لباب الابتداع في الدين ويشترط لهذه القاعدة شرطان هما :
1 ـ وجود المقتضي . 2 ـ انتفاء المانع .
فإذا لم يوجد المقتضي لذلك الفعل فلا يكون الترك سنة ، كترك الأذان للعيدين فإن المقتضي موجود وهو الإعلام للعيدين ومع ذلك ترك النبي صلى الله عليه وسلمالأذان للعيدين فالترك هنا يدل على أنه سنة وأما مثال : الترك مع عدم وجود المقتضي ، فكترك النبي صلى الله عليه وسلمجمع القرآن ، فلا يكون الترك هنا سنة ، لأن المقتضي لم يكن موجوداً ، ولذلك جمعه عمر بن الخطاب لما دعت الحاجة إليه .
فإن وجد المقتضي لذلك ولم ينتف المانع لم يدل على أن ترك ذلك سنة ، كتركه صلى الله عليه وسلمالقيام مع أصحابه في رمضان ، فإن المقتضي كان موجوداً ، لكن كان هناك مانع موجود وهو خشيته صلى الله عليه وسلمأن يفرض عليهم القيام .
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى ( 26/172 ) : والترك الراتب سنة كما أن الفعل الراتب : سنة ، بخلاف ما كان تركه لعدم مقتض ، أو فوات شرط ، أو وجود مانع ، وحدث بعده من المقتضيات والشروط وزوال المانع ما دلت الشريعة على فعله حينئذ ، كجمع القرآن في الصحف ، وجمع الناس على إمام واحد في التراويح ، وأسماء النقلة للعلم ، وغير ذلك مما يحتاج إليه في الدين ، وبحيث لا تتم الواجبات أو المستحبات الشرعية إلا به ، وإنما تركه النبي صلى الله عليه وسلملفوات شرط أو وجود مانع ، فأما ما تركه من جنس العبادات ، مع أنه لو كان مشروعا لفعله ، أو أذن فيه وَلَفَعَلَهُ الخلفاء بعده والصحابة ، فيجب القطع بأن فعله بدعة وضلالة .
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين ( 2/390 ) : فإن تركه سنة كما أن فعله سنة ، فإذا استحببنا فعل ما تركه كان نظير استحبابنا ترك ما فعله ولا فرق ، فإن قيل من أين لكم أنه لم يفعله وعدم النقل لا يستلزم العدم ؟ فهذا سؤال بعيد جداً عن معرفة هديه وسنته وما كان عليه ، ولو صح هذا السؤال وَقُبِلَ لاستحب لنا مُسْتَحِبّ الأذان للتراويح وقال : من أين لكم أنه لم ينقل ؟ واستحب لنا مستحب آخر الغسل لكل صلاة وقال : من أين لكم أنه لم ينقل ؟ وانفتح باب البدعة ، وقال كل من دعا إلى بدعة : من أين لكم أن هذا لم ينقل ؟! . انتهى .

يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس