الموضوع: بشرى للاخوات
عرض مشاركة واحدة
  #24  
قديم 12-28-2013, 10:57 PM
هنوود هنوود غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

إيثارك سبب فلاحك
ومواقف الإيثار فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم والصحابة
أختاه .. أنتِ صاحبة دعوة ورسالة، ويراد منكِ أن تربي لنا أُمة وأن تبني لنا رجال دولة الإسلام،
يراد منكِ أن تجاهدي لإعلاء مبادئ الدعوة باذلة في سبيلها مالك وراحتك ووقتك وهمتك ومواهبك ودمك ..
فإن كنتِ ممن يسهل عليه العطاء ولا يؤلمها البذل فأنتِ سخية، وإن كنتِ ممن يعطي الأكثر ويبقي لنفسه شيئًا يسيرا فأنتِ جوادة، أما إن كنتِ ممن يعطي الآخرين مع حاجتكِ لما أعطيتِ فأنتِ قدمتِ غيرك على نفسك، فقد وصلتي إلى أعلى المراتب، إلى مرتبة "الإيـثـار".
الإيثار: أن يقدم الإنسان حاجة غيره من الناس على حاجته برغم حاجته لما يبذله، فقد يجوع ليشبع غيره، ويعطش ليروى سواه، وهي أعلى المنازل والمقامات الإيمانية.
ذكر البيهقي في الشعب أن ابن حسن علي بن أحمد البوشنجي سُئِل عن الفتوة، فقال الفتوة عندي في آية من كتاب الله وخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأما الآية فقول الله تبارك وتعالى {يُحِبُّونَمَنْهَاجَرَإِلَيْهِمْوَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ }[الحشر:9] وأما الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقوله "لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير " [صحيح، الألباني، صحيح الجامع(7085)] ويكره لأخيه ما يكره لنفسه، فمن اجتمع فيه هاتان الحالتان فله الفتوة، وبالتالي يبلغ أعلى المنازل وأعلى المقامات الإيمانية.
مواقف الإيثار في حياة النبي والصحابة والصالحين::
إنني أحدثكِ اليوم عن خلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم القدوة والأسوة لكِ ..
** في البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن"امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم ببرده منسوجة فيها حاشيتها، أتدرون ما البردة؟ قالوا الشملة، قال نعم، قالت نسجتها بيدي فجئت لأكسوكها..."
المرأة هذه جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قماش من أفضل أنواع الأقمشة ليتخذها النبي صلى الله عليه وسلم ..
قال ".. فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتاج إليه .." وهنا محل الشاهد، أن الإيثار: أن الإنسان يعطي الآخر شيء هو في احتياج إليه، إنما الجود أن يعطي الآخر شيء يعتبر زائد عنده، فيعطيه له ويبقي لنفسه حاجة. فهذا هو الفرق ما بين الإيثار وما بين الجود..فالنبي صلى الله عليه وسلم أخذها محتاجًا إليها ..
قال".. فخرج إلينا وإنها إزاره، فحسنها فلان، فقال اكسنيها ما أحسنها .."أحد الصحابة أعجب بها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سُئل عن شيء لم يرده، لو أحد سأله عن شيء النبي صلى الله عليه وسلم لم يرده أبدًا، ".. قال القوم: ما أحسنت، لبسها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها ثم سألته وعلمت أنه لا يرد، قال إني والله ما سألته لألبسه إنما سألته لتكون كفني.." [صحيح البخاري(1277)]
محل الشاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما سُئل عن شيء رغم احتياجه لهذا الشيء النبي صلى الله عليه وسلم آثر غيره على نفسه.
هذا الخلق خلق أمكِ عائشة قدوتكِ وأسوتكِ؛ ...
** الأثر في حلية الأولياء (عن أم ذرة وكانت تغشى عائشة – كانت تدخل على بيت أمنا عائشة– قالت بُعث إليها بمال في غرارتين أراه ثمانين أو مائة ألف درهم، قالت فدعت بطبق وهي يومئذ صائمة فأمست وما عندها من ذلك درهم) ظلت تقسم عليهم فلانة تأخذ كذا، الجارة فلانة تأخذ كذا، أم فلانة تأخذ كذا، الصحابية الفلانية تأخذ كذا... فوزعت في يوم واحد مائة ألف وما عندها منها شيء .. قالت (فلما أمست قالت يا جارية هلمي فطري – احضري الفطار- فجائتها بخبز وزيت، فقالت لها أم ذرة أما استطعتِ مما قسمتِ اليوم أن تشتري لنا لحمًا بدرهم نفطر عليه؟ قالت لا تعنفيني لو كنتِ ذكرتيني لفعلت) هكذا تجود بمالها التي هي في أمس الحاجة إليه إيثارًا للناس على نفسها.
هذه المرتبة مرتبة الإيثار هذا الخُلق الذي ندر في الناس اليوم، هي المنزلة التي بلغ بها الصحابة مبلغهم ..
فلو أنتِ حقًا تريدين أن تكوني على هدي السلف الصالح .. لو أنتِ حقًا تريدين أن تكوني امرأة مسلمة حقيقية .. لو أنتِ حقًا تريدين الإيمان ... ليس الإيمان أو الالتزام الهش! التزام الغشاشين والغشاشات التي هي مناظر وأشكال ولكن لا محتوى لا قلب لا إيمان راسخ !! ... لو أنتِ تريدين أن تصلي إلى هذه المنزلة فلابد أن تتعلمي هذا الخُلق ولابد أن تطبقيه في حياتك..
مواقف الإيثار عند الأنصار::
ربنا سبحانه وتعالى وصف الأنصار بذلك وهناك من المشاهد في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم الشيء الكثير مما يدلل على مرتبة الإيثار عند الأنصار خاصة.
هذه الآية نزلت ولها قصة نزول مشهورة ..
** كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أنه " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني مجهود. فأرسل إلى بعض نساءه فقالت والذي بعثك بالحق والله ماعندي إلا ماء! ثم أرسل إلى أخرى فقالت مثل ذلك، حتى قلن كلهن مثل ذلك: لا والذي بعثك بالحق ما عندي إلا ماء. فقال: من يضيف هذا الليلة رحمه الله؟ فقام رجل من الأنصار فقال أنا يا رسول الله..-وتبادرها الرجل وهو لا يدري ماذا في بيته إنما هو كرم وجود وإيثار- فانطلق به إلى رحله فقال لامرأته: هل عندكِ شيء؟ قالت لا إلا قوت صبياني. قال فعلليهم بشيء –لاعبيهم حتى يناموا- فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج وأريه أنَّا نأكل–ضعي الأكل وأطفئي النور وكأننا معه ونجلس معه وليأكل هو مثلما يريد – فإذا هوى ليأكل فقومي إلى السراج حتى تطفئيه. قال: فقعدوا وأكل الضيف. فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد عجب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة"[صحيح مسلم(2054)]
العجب في موقف هذه المرأة التقية السخية المؤثرة، وأعجب منه بيت النبوة، بيت العز والكرم، بيت الهدى والنور، منزل الوحي ومهبط البركات، هذا البيت العامر بالذكر الحافل بالعلم، يعيش أهله في هذه الحال..
هل أنتِ من الممكن أن تقبلي أصلاً أن تتزوجي هكذا وتعيشي هكذا ؟! أم ستقولي شر حياة وشر عيشة ولماذا أنا فهناك أخوات يعيشون وسعداء ويحضر لهم ويفعل لهم !!
بالله عليكِ هل تستطيعي أصلاً أن تربي نفسك هكذا ؟؟!!
أنتِ لابد أن تفعلي هذا ..
جربي نفسك كل أسبوع يوم، يوم واحد ليكن يوم مثل الأثنين أو الخميس، تفطري فيه على تمر وماء ولا تأكلي شيئًا آخر، ونيتك تكون أن تربي نفسك، وتزكي تفسك، وألا تكوني عابدة لشهواتك، عابدة للطعام والشراب والحياة والعيشة ووو مما أفسد دين الناس اليوم..
فلا تكوني عابدة للدنيا، لا يكون فيكِ "تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة والخميصة" [صحيح البخاري(2886)] وما على شاكلتها من أمور الدنيا..
تربي نفسك مثلما أمهات المؤمنين رباهم الله ورباهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
الدنيا لا تشغلكِ .. الدنيا ليست أكبر همك ..
إذا نافسكِ أحد في أمر الدنيا فألقيها في نحره ..
يا دنيا غري غيري ..
**ومن المواقف أيضًا للأنصار في الإيثار؛ أشهر هذه المواقف موقف سعد بن الربيع مع عبد الرحمن بن عوف، لما قدم المهاجرون المدينة وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، فقال سعد لعبد الرحمن إني أكثر الأنصار مالاً ....
نحن في هذه الأيام نخاف الحسد .. إنما هؤلاء كانوا يفهمون ما معنى قول الله { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَفَحَدِّثْ }[الضحى:11] كانوا يفهمون لأن الدنيا لم تكن في قلوبهم، ولأنهم لم يكونوا يتفاخرون كما نتفاخر نحن بالدنيا ...
فليس أن تذهبي أنتِ أمام البنات وتتفاخري بالشبكة وكذا .. وتتفاخري بهذا الحطام .. حطام الدنيا..
إنما قال سعد: إني أكثر الأنصار مالاً فاقسم مالي نصفين ..
من يستطعيها ؟؟!!
هل تستطيعي أن تفعلي هذا ؟؟
إذا وجدتي أخت من أخواتك ستتزوج، وأنتِ ربنا وسع عليكِ وتزوجتي وزوجك أحضر لكِ شبكة مثلاً بعشرة آلاف أو عشرين ألف جينه، هل تستطيعي أن تقولي أعين أختي وتعطي لها نصفها لتزوجي هذه اليتمية أو هذه الأخت في الله .. ماذا سأفعل بالشبكة وبالفرحة بها!! هل تقدري على هذا ؟؟!!
هذه هي الاختبارات الحقيقية للإيمان ..
دعكِ من كم تحفظ الأخت من القرءان والأخت تصوم والأخت تقوم .. كل هذا شأن نفسك، إنما الإيمان الحق يظهر في المعاملة، يظهر في هذه الاختبارات الدقيقة ..
قال ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فسمها لي ..
وهذا من أعجب ما يكون .. كان مثلاً من الممكن أنه يحب واحدة أكثر من الأخرى فيقول له هذه زوجتي التي أحبها فمن الممكن أن أطلق الثانية وتتزوجها أنت ..
إنما قال : فسمها لي أطلقها فإذا انقضت عدتها تزوجها أنت..
فقال عبد الرحمن – العفيف – بارك الله لك في أهلك ومالك أين سوقكم؟ دلني على السوق.
فهذا من أعجب أعجب قصص الإيثار في التاريخ ..
أن يقسم الواحد ماله نصفين وبالإضافة إلى ذلك الزوجة التي هو يسكن إليها ويأوي إليها .. لديه استعداد أن يعطيها لأخيه لتقر عينه وتعفه
الدنيا عنده لا تساوي شيئًا كما لا تساوي عند الله جناح بعوضة ..
من درس "الإيثار " للشيخ / هاني حلمي
رد مع اقتباس