عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 07-03-2013, 01:56 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متواجد حالياً
كن كالنحلة تقع على الطيب ولا تضع إلا طيب
 




افتراضي

¿ النوم من أكثر القاطعات للأوقات في رمضان، من أكثر المثبطات.
لا تطع نفسك. أول مرة تفتح عينك فيها لا تغمضها مرة أخرى، لأنك بمجرد أن تغمضها انتهى الموضوع! كم منا في رمضان يفتح عينه فيجدها التاسعة مثلا، ثم لا يفتحها مرة أخرى إلا ويجدها 12:30 أو 1 ظهرًا؟! أليس هذا الذي يحدث؟ فمن الساعة التاسعة لا تغمض عينك مرة أخرى، وبما أن الناس نائمون فالحمد لله، لنستغل هذا الوقت. لا تشعر أنك تهرب بالنوم عن الصوم! ألا تعلم بأن الملائكة تستغفر لك وأنت صائم؟! وسيأتينا من فضائل هذا الشهر أن الملائكة تستغفر للصائمين، وطبعا الصائمين مختلفين، هناك صائمون نائمون، وصائمون محتسبون، وصائمون ذاكرون، وصائمون يشعرون أنهم يتعبّدون ويتقربون لربهم، وصائمون يفتحون أعينهم وهم كسالى! مَن هذا الذي قام الساعة الواحدة وشعر أنه نشيط؟! كم ستخسر وأنت نائم؟ ستخسر صلاة الضحى، ووقتا هادئا لقراءة القرآن، ومع هذا كله ستخسر نشاطا يرزقك الله إياه نتيجة مجاهدتك لنفسك.


فلا تظن أن مطاوعتك لنفسك ستخرجك بنتيجة، نحن نقول: (دعني أنام قليلا لأستيقظ نشيطا)، وفي النهاية ونحن طوال الوقت نشعر أننا دائخون ومحتاجون للنوم! فلا تستسلم لهوى نفسك، وقبل سنوات لما كانت الدوامات كان الناس يقومون ويذهبون بأبنائهم إلى المدارس، يذهبون ويعودون ويعيشون حياتهم طبيعية، فهل من أجل أن أعطانا الله فرصة للاستمتاع بالطاعة نتركها ونذهب للنوم؟!

على كل حال، من جهة المأكولات أحْسِن ما استطعت لنفسك وللخلق بأن لا تزيد في هذه المسألة، من جهة النوم اعلم أنه أحد الأعداء الذي يقطع عليك وقتك، ثم اعلم أن الله -عز وجل- لما شرع هذه الشريعة من أجل أن تقاوم شهوات نفسك وليس لأجل أن تستسلم لها! فالنوم والأكل والشرب من أعظم الشهوات المثبطة للإيمان، من أعظم الشهوات التي لو استسلمت لها ضيعت عمرك الذي هو رأس مالك.


إن الله سبحانه وتعالى اختص شهر رمضان من بين الشهور بفضائل عديدة، وميّزه بميزات كثيرة، وكل ميزة ستقابلها عبادة عظيمة.

o الميزة الأولى: إنزال القرآن فيه لأجل هداية الناس من الظلمات إلى النور، وتبصيرهم بالحق من الباطل.
ما العبادة التي ستقوم بها؟ التلاوة، لكن بشرط أن تحقق التلاوة المقصود. ما المقصود؟ أن تبصّرك، أن تزيدك إيمانا. كل يوم ستسأل نفسك: ماذا فهمت مما قرأت؟ ولذلك ننصح الذين يصلون في المساجد وليس في بيوتهم بأن يقرؤوا الجزء الذي سيقرؤه الإمام في الصلاة في بيوتهم، لماذا؟ ليستحضروا في عقولهم المفهوم، لأنك لما تقرأ بنفسك وتتقدم فتنسى أنت في أي قصة، ومَن هو الرسول، أو المقصود بهذا مَن، تعود مرة أخرى لتعرف أنت تقرأ عن مَن. فكونك تقرأ بنفسك وتركز وتفهم ثم تعاد عليك نفس الآيات تسبّب لك استقرارا في الفهم. ليس المقصود أن تسارع إنما المقصود أن تزيد إيمانا وتفهم القرآن، وهذا الكتاب أنزله الله أهم مقاصده {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}[1]

والتدبر سبب زيادة الإيمان وعظم أجور الإنسان، فيعظم أجرك على قدر تدبرك. ولا تظن أن المسارعة بقراءة الحروف أولى من فهم القرآن، لا نريد فهما دقيقا ولا بلاغيا، نريد فهما إجماليا، ولهذا أول ما أثنى الله على هذا الشهر قال:
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}[2] فهو أحد أهم المقاصد، وكلما استطعت أن تأخذ من هذا المعين أكثر كان لك الحظ الأوفر من الانتفاع بهذا الشهر.

¿ فهمنا للقرآن واعتكافنا عليه في شهر رمضان له آثار إيمانية تزيد عن بقية الشهور.
هذا القرآن نزل في شهر رمضان فأصبح لرمضان ميزة أنه نزل فيه القرآن، سيأتينا بعد ذلك ميزات أن الشياطين تصفد وأنك صمت وأنك بعيد عن شهوتك، فهُيِّأ لك جو في رمضان من أجل زيادة الانتفاع بالقرآن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} لو سألنا: قراءتي للقرآن وفهمي له في بقية الشهور هل هي مثل قراءتي للقرآن وفهمي في رمضان؟
الجواب: لا. اجعل رمضان مصدرا لفهمك طوال السنة، أنت هُيِّأت لك الظروف ليزيد فهمك للقرآن، كأنك تقول: هذا الشهر غنيمة لفهم القرآن، غنيمة للزيادة من علاقتي بالقرآن، أمْيَزْ ما يميز شهر رمضان أنه شهر القرآن، نزل فيه القرآن، من ثم هُيِّأت لك كل الظروف في رمضان لتزداد فهما. وكم منا يقول لما يقرأ في رمضان ويفهم: هذه الآية كأني أول مرة أقرأها! ألا يتكرر علينا هذا الشعور في رمضان؟ ما السبب؟ هُيِّأت لك ظروف كثيرة، الفهم في رمضان ليس كغيره ولا حتى في الحج. رمضان شهر القرآن، تُهيَّأ ظروف عظيمة من أجل زيادة فهمه.
على ذلك كل شخص منا أعطاه الله فراغا من أجل قراءة القرآن لا ينبش لنفسه عن مسؤوليات لا داعي لها! لا تنبش من هنا وهنا عن أفكار تمليها عليك نفسك، لا تتذكر وأنت تقرأ القرآن أن المفروض اليوم تطبخ هذه الطبخة! لا تتنبّه وأنت تقرأ القرآن أن عليك أن تفعل كذا وكذا من أمور الدنيا. كلما سَارَعَت نفسك بإشغالك أسكتها. لابد أن تفهم بأن هناك عدوا لكن بين جنبيك، وليس في الخارج (الشيطان)، إنما داخلك، يأتي لك بأفكار من تحت الأرض من أجل أن تنشغل عما أنت فيه، فهذه نفسك وابتلاك الله بها ليكون جهادك لنفسك أحد أسباب دخولك للجنة، فَمقْتها وشعور أنك تبغض هذه الأفكار من نفسك هذا بنفسه عبادة.
ماذا يعني مقت النفس؟ يعني يكره هذه الأفكار والكلام الذي تقوله له نفسه: مأكول ومشروب والناس والأنس بهم، قُل لنفسك: اليوم أجد شخصا أأنس به، غدا لما أدخل قبري أأنس بمَن؟ هذه فرصتي أن أصوم في النهار وأقرأ القرآن فأجدهما يؤنساني في قبري. وهذا لمَن عنده علم اليقين أنه سيدخل قبره وحده، وسيكون في ظلمة، وأن لا أنيس إلا هذا الذي يقرؤه ويفعله هنا، فلابد أن يصبح عندنا علم اليقين.

{أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}، ولما تسأل نفسك تجد نفسك تعيش التكاثر، هل لن نستفيق إلا {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ}؟! والله هيّأ لنا كل الأسباب لنستيقظ. فَاعتن أن تكون عامرًا مع القرآن ما استطعت لذلك سبيلا، وهذا الدليل أمامك: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} أي: مِن أجل أن تحقق الغاية من اقتران شهر رمضان بالقرآن لابد أن يكون لك القرآن هدى، ويكون بيّنًا لك، فاحسب حسابك: ماذا بيّنَت لي هذه القراءة؟ وكلما قرأت القرآن كلما زاد الفرقان في قلبك بين الحق والباطل، واجتهد فليس كل شيء يأتي مرة واحدة، وليس مِن أول يوم أريده هدى وبيان وفرقان، لا تعرف كيف يعطيك الله النتائج، أنت عليك البذرة والله يضاعف لمن يشاء.
[1]ص:29.

[2]البقرة:185.
التوقيع


تجميع مواضيع أمنا/ هجرة إلى الله "أم شهاب هالة يحيى" رحمها الله, وألحقنا بها على خير.
www.youtube.com/embed/3u1dFjzMU_U?rel=0


التعديل الأخير تم بواسطة أم عبد الله ; 07-03-2013 الساعة 02:00 PM
رد مع اقتباس