وفي رده على الخلف في زعمهم أن آيات الصفات من المتشابه الذي لا يعلم معناه إلا الله ، يذكر ابن القيم أن التشابه والإحكام نوعان ، تشابه وإحكام يعم الكتاب كله وتشابه وإحكام يخص بعضه دون بعض ، فإن أردتم بتشابه آيات الصفات النوع الأول فنعم هي متشابهة غير متناقضة يشبه بعضها بعضا ، وكذلك آيات الأحكام ، وإن أردتم أنه يشتبه المراد بها بغير المراد ، فهذا وإن كان يعرض لبعض الناس ، فهو أمر نسبي إضافي ، فيكون متشابها بالنسبة إليه دون غيره ، ولا فرق في هذا بين آيات الأحكام وآيات الصفات ، فإن المراد قد يشتبه فيهما بغيره على بعض الناس دون بعض ، وقد تنازع الناس في المحكم والمتشابه تنازعا كثيرا ولم يعرف عن أحد من الصحابة قط أن المتشابهات آيات الصفات بل المنقول عنهم يدل على خلاف ذلك ، فكيف تكون آيات الصفات متشابهة عندهم ، وهم لا يتنازعون في شيء منها ، وآيات الأحكام هي المحكمة ، وقد وقع بينهم النزاع في بعضها ؟ (1) .
والمقصود أنه لا يجوز أن يكون الله أنزل كلاما لا معنى له ، و لا يجوز أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم وجميع الأمة لا يعلمون معناه كما يقول ذلك من يقوله من المتأخرين وهذا القول يجب القطع بأنه خطأ ، سواء كان مع هذا تأويل القرآن لا يعلمه الراسخون أو كان للتأويل معنيان يعلمون أحدهما و لا يعلمون الآخر (2) .
__________
(1) لسابق 3/921 بتصرف .
(2) لسابق 3/922 بتصرف .
|