وهؤلاء لم يفهموا مراد السلف بقولهم لا يعلم تأويل المتشابه إلا الله ، فإن التأويل في عرف السلف ، المراد به الحقيقة التي يؤول إليه الكلام ، كالتأويل في مثل قوله تعالى : { هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق } (1) ، وكقوله تعالى : { وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا } (2) ، فتأويل الكلام الطلبي هو نفس فعل المأمور به والمنهي عنه ، تأويله تنفيذه ، كما قالت عائشة رضي الله عنها : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن ) (3) .
وأما تأويل ما أخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الآخر فهو وقوعة ، وهو نفس الحقيقة التي أخبر الله عنها ، وذلك في حق الله هو كنه ذاته وصفاته التي لا يعلمها غيره ، ولهذا قال مالك وربيعة : ( الاستواء معلوم والكيف مجهول ) (4) .
__________
(1) لأعراف:53 .
(2) وسف:100.
(3) واه البخاري في كتاب الأذان باب التسبيح والدعاء في السجود برقم (784) 1/281 .
(4) بن القيم : الصواعق 3/921 بتصرف .
|