وإن كان المعنى معلوما والكيف مجهولا ، كان النص محكم المعنى متشابه الكيف ، وإذا قيل في عرف السلف هذا النص متشابه ، فيحمل على هذا المعنى ، أي أنه متشابه باعتبار الكيف لا المعنى ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله (ت:241هـ) : ( فإن احتج مبتدع أو زنديق بقول الله عز وجل : { كل شيء هالك إلا وجهه } (1) ، ونحو هذا من متشابه القرآن ) (2) .
وكما روى أبو القاسم بسنده عن سليمان بن يسار ، أن رجلا من بني غنيم يقال له صبيغ بن عسل ، قدم المدينة وكانت عنده كتب ، فجعل يسأله عن متشابه القرآن ، فبلغ ذلك عمر ، فبعث إليه ، وقد أعد له عراجين النخيل ، فلما دخل عليه جلس ، قال : من أنت ؟ ، قال : أنا عبد الله صبيغ ، قال عمر : وأنا عبد الله عمر ، وأومأ عليه فجعل يضربه بتلك العراجين ، فما زال يضربه حتى شجه وجعل الدم يسيل عن وجهه ، فقال : حسبك يا أمير المؤمنين ، فقد والله ذهب الذي أجد في رأسي (3) .
ويقول ابن بطة العكبري (ت: 378هـ) : ( فالجهمي ينكر أن المؤمنين يرون ربهم في القيامة ، فإذا سئل عن حجته في ذلك نزع بآيات من متشابه القرآن ) (4) .
__________
(1) لقصص: من الآية 88 .
(2) حمد بن حنبل : أبو عبد الله الشيباني ، (1408هـ) ، العقيدة رواية أبي بكر الخلال ، تحقيق عبد العزيز عز الدين السيروان ، دمشق ، نشر دار قتيبة ، ص77.
(3) للالكائي : شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة 4/635 .
(4) بن بطة : أبو عبد الله عبيد الله بن محمد العكبري الحنبلي (1418هـ) ، الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة ، تحقيق د.عثمان عبد الله آدم الأثيوبي ، الرياض ، نشر دار الراية 3/70 .
|