المبحث الأول
موقف السلف والخلف من المحكم والمتشابه وقضية التفويض
المطلب الأول : المقصود بمصطلح السلف والخلف .
السلف :_ لغة هو الماضي ، كقول الله عز وجل : { فمن جاءه موعظة من ربه فانتهي فله ما سلف } (1) ، وقوله : { ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف } (2) ، قال ابن منظور : ( سلف يسلف سلفا ، مثال طلب يطلب طلبا أي مضى ، والقوم السلاف المتقدمون ، سلف الرجل آباؤه المتقدمون ، والجمع أسلاف سلاف ، وقال ابن بري : سلاف ليس بجمع لسلف ، وإنما هو جمع سالف للمتقدم ، وجمع سالف أيضا سلف ، ومثله خالف وخلف ، ويجيء السلف على معان القرض والسلم وكل عمل قدمه العبد ) (3) .
ولما كان كل ماض سلف ، فقد شاع إطلاق مصطلح السلف على الجيل المؤسس الذي أقام الدين وطبق منهج الإسلام ، جيل الصحابة الذي تلقي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم البيان النبوي للبلاغ القرآني ، ثم انضم إليهم من اهتدى بهديهم ، واقتدى بسنة نبيهم ، من التابعين وتابع التابعين ، وأئمة المذاهب الفقهية الكبرى .
ويمكن تحديد من يدخل تحت اصطلاح السلف بصورة أكثر دقة من خلال أمرين أساسيين أو عاملين مجتمعين ، عامل زمني وآخر منهجي :
__________
(1) لبقرة:275 .
(2) لنساء:22 .
(3) بن منظور : محمد بن المكرم الأفريقي ، 1307 هـ ، بيروت ، لسان العرب ، نشر دار صادر ، 9/158، وانظر أيضا : المناوي : محمد عبد الرؤوف ، 1410هـ ، بيروت ، التوقيف علي مهمات التعاريف ، نشر دار الفكر المعاصر 1/412 .
|