ولما غضب الإمام مالك على السائل ، غضب لأنه جاء يسأل عن كيفية الاستواء الغيبية التي تخرج عن إدراك أجهزة الحواس البشرية ، ولا يمكن للإمام مالك رحمه الله أن يخترع له جوابا يصف فيه الكيفية التي عليها استواء الله على العرش ، لعلمه أن ذلك قول على الله بلا علم ، وقد قال الله عز وجل : { ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا } (1) ،
وقال أيضا : { قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } (2) .
أما لو جاء السائل مالكا يسأله عن معنى الاستواء في لغة العرب التي خاطبنا الله بها ، أو سأله عن الآية : { الرحمن على العرش استوى } (3) ، ما الذي تضيفه للمسلم في موضوع الإيمان بالله ؟ لما غضب عليه مالك ، إذ أن حق السائل على أهل العلم ، البيان والفهم ، وأن يدرك معاني نصوص القرآن والسنة ، وقد أمره الله بذلك فقال : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } (4) .
__________
(1) لإسراء:36 .
(2) لأعراف:33 .
(3) ه:5 .
(4) لنحل:43 .
|