12-12-2007, 07:18 AM
|
|
((( ذهبية )))
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله تعالى ـ :
فهذا ونحوه ، هو الذي أشار إليه الأئمة كالشافعي في قوله : خلفت ببغداد شيئاً أحدثه الزنادقة يسمونه التغبير ، يصدون به الناس عن القرآن .
فيكون ذو النون هو أحد الذين حضروا التغبير الذي أنكره الأئمة وشيوخ السلف ، ويكون هو أحد المتأولين في ذلك ، وقوله فيه كقول شيوخ الكوفة وعلمائها في النبيذ الذين استحلوه ، مثل سفيان الثوري ، وشريك بن عبد الله ، وأبي حنيفة ، ومسعر بن كدام ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أب ليلى ، وغيرهم من أهل العلم ، وكقول علماء مكة وشيوخها فيما استحلوه من المتعة والصرف ، كقول عطاء بن أبي رباح ، وابن جريج وغيرهما ، وكقول طائفة من شيوخ المدينة وعلمائهم فيما استحلوه من الحشوش ، وكقول طائفة من شيوخ الشاميين وعلمائها فيما استحلوه من القتال في الفتنة لعلي بن أبي طالب وأصحابه ، وكقول طوائف من أتباع الذين قاتلوا مع علي من أهل الحجاز والعراق وغيرهم في الفتنة .
إلى أمثال ذلك مما تنازعت فيه الأمة ، وكان في كل شق طائفة من أهل العلم والدين .
فليس لأحد أن يحتج لأحد الطرفين بمجرد قول أصحابه ، وإن كانوا من أعظم الناس علماً وديناً ، لأن المنازعين لهم هم أهل العلم والدين .
وقد قال الله تعالى : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر } [ النساء : 59 ] .
نعم ، إذا ثبت عن بعض المقبولين عند الأمة كلام في مثل موارد النزاع ، كان في ذلك حجة على ما تقدم التنازع في ذلك ، وعلى دخول قوم من أهل الزهد والعبادة والسلوك في مثل هذا ، ولا ريب في هذا .
لكن مجرد هذا لا يتيح للمريد الذي يريد الله ، ويريد سلوك طريقه ، أن يقتدي في ذلك بهم مع ظهور النزاع بينهم وبين غيرهم ، وإنكار غيرهم عليهم ، بل على المريد أن يسلك الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، ويتبع ما دل عليه الكتاب والسنة والإجماع ، فإن ذلك هو صراط الله الذي ذكره ورضي به في قوله { وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله } [ الأنعام : 153 ] .
وهذا أصل في أنه لا يحتج في مواضع النزاع والاشتباه بمجرد قول أحد ممن نوزع في ذلك .
اهــ ( 1 / 218 ، 219 )
|