عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 12-11-2007, 08:58 PM
سمير السكندرى سمير السكندرى غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

باب المياه


"المياه"


باب المياه:
بدأ الشيخ حفظه الله كتاب الطهارة بباب المياه ذلك أن الماء آلة التطهر الأصلية، فإذا فُقد أو تعذر استعماله كان التراب هو البديلَ عنه، وقد ذكر الشيخ في هذا الباب ثلاث مسائل.
المسألة الأولى:
(كلُّ ماءٍ نزلَ من السماءِ أو خرجَ من الأرضِ فهو طَهورٌ)
طَهورٌ، أي: طاهر مطهر، ثم شرع الشيخ يستدل على طهـورية ماء السماء فقال: (لقول الله تعالى {وأنزلنا من السماء ماء طهورًا})
وقال مستدلا على طهـورية ماء البحر والبئر:
(ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في البحر (هو الطهور ماءه الحل ميتته))
(ولقوله صلى الله عليه وسلم في البئر (إن الماء طهور لا ينجسه شيءٌ))
إذن الأصل في المياه النازلة من السماء أو الخارجة من الأرض الطهـورية، وهذه هي المسألة الأولى في باب المياه.
المسألة الثانية:
(وهو باقٍ على طهوريته وإن خالطه شيءٌ طاهر ما لم يخرج عن إطلاقه)
معنى هذا الكلام: أن الماء الذي نزل من السماء أو خرج من الأرض لا يزال طهورًا، وإن خالطه شيءٌ طاهرٌ: كالمِسك مثلا، ما لم يخرج عن إطلاقه: أي ما لم يزل اسمه ماء، فإن خالطه شيءٌ طاهرٌ ولكن اسمه تغير باسم هذا المخالط لم يكن حينئذ ماء أصلا.
وأما إذا تغير بعضُ أوصاف الماء فقط فلا يضر، لأنه يصدق عليه أنه ماء.
ودليل هذا الكلام ما ذكره الشيخ:
(لقوله صلى الله عليه وسلم للنسوة اللاتي قمن بتجهيز ابنته (اغْسِلْنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافورًا أو شيئا من كافور))
ووجه الدلالة من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهن بوضع السِّدر -ورق شجر النبق وكان يستخدم في التنظيف كالصابون الآن- مع الماء، ولا شك أن السدر سيغير الماء، ولكنه لا يخرجه عن إطلاقه.
المسألة الثالثة:
قال الشيخ: (ولا يحكم بنجاسة الماء وإن وقعت فيه نجاسة إلا إذا تغير بها)
عندنا ماء وقع فيه شيء من البول فلا يخلو من حالتين:
الأولى: يتغـير الماء بهذا البول، فحينئذ يكـون الماء نجسًا ولا يجوز استعماله.
الثانية: لا يتغير الماء بهذا البول، فيبقى الماء على ما هو عليه مـن الطهورية.
فائدة: ما هو حد تغير الماء بالنجاسة؟
الجواب: يعد تغير الماء بتغير أحد أوصافه الثلاثة (لونه، طعمه، ريحه) فإذا تغير أحد هذه الأوصاف بشيء نجس حُكم بنجاسة الماء، وقد ورد في رواية أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الماء طهور لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على طعمه أو لونه أو ريحه) رواها ابن ماجه، وهي رواية ضعيفة، ولكن الفقهاء رحمهم الله أجمعوا على صحة هذا المعنى.
قال الشيخ موضحًا الدليل على أن الماء إذا وقعت فيه نجاسة لا يعد نجسًا إلا إذا تغير بها: (لحديث أبي سعيد قال: قيل يا رسول الله، أنتوضـأ مـن بئر بُضاعة؟ وهي بئر يلقى فيها الحِيَضُ ولحومُ الكلابِ والنتنُ، فقال صلى الله عليه وسلم: (الماء طهور لا ينجسه شيء))
الحِيَضُ: الخرق التي يستعملها النساء في نظافة مكان الحيض، ولا شك أنها متنجسة وكذلك لحوم الكلاب والنتن.
إذن أفاد هذا الحديث أن الماء الطهور إذا وقعت فيه نجاسة ليس بنجس ما لم تغير أحد أوصافه الثلاثة، فإن غيرتِ النجاسة أحد أوصافه حكمنا على هذا الماء بالنجاسة، والدليل على أن الماء إذا تغير بالنجاسة صار نجسًا إجماع الفقهاء رحمهم الله، والإجماع أحد الأدلة المعتبرة، ولأنه إذا تغير بالنجاسة صار نجسًا ولا يحل مباشرة النجاسات، وقد ورد في كتاب ربنا تبارك وتعالى الإشارة إلا أن كل نجس محرم في قوله تعالى بعض أن ذكر لحم الخنزير {فإنه رجس} [الأنعام: 145] أي: نجس.
وبهذا انتهى باب المياه، وقد أجاد الشيخ حفظه الله في عرضه على أكمل وأوجز وجه فجزاه الله خيرًا.

رد مع اقتباس