[العبّادي]

 

ميدان التحرير ..

كان فيه لمصرَ سببٌ ممدودٌ .. وشملٌ جامع
وكان فيه للحريةِ يومٌ مشهودٌ .. ومنظرٌ رائع
وكان فيه للوطنيةِ لواءٌ معقودٌ .. ومُجْتَلَى فخمٌ
وكان فيه للسياسةِ شعبٌ محشودٌ .. وأمرٌ ضخم
وكان فيه للقوميةِ أملٌ منشودٌ ..
وعملٌ صالح !

جرى كلُّ أولئك على أروع ِ مايقع في الذهن ويتمثّلُ في الخاطر ..
لشعور الناس بألق الجيش ..
ويقظةِ العدل ..
وفوز ِالحرية ..
وشمول ِالإخاء ..

كانت النفوسُ في عهد مبارك قد تغشّاها من الدّخائل السود قتامٌ وسُحُب ..
فلاتكاد ترى على حواشي الأفق الضّيق ِ المحدودِ إلاّ : جنود الرهبة ..وقيود الذّلةِ ..
وسجون القهر !
ثم تنفسَ بها الزمن البطيء على هذه الحال الأليمة ..
فقنعتْ بالدون ..
ورضيتْ بالهُون ..
وذهلت عمّا وراء الأفق !

فلما انتصرت ثورةُ الشعبِ .. وتهتكت الحُجُبُ عن وجه الحق ..وتفككت الأغلالُ عن حرية الشعب :
فسعَى غير مقيّد ..
وعمِلَ غير مُراقَب ..
وقالَ غير مُتّهم ..
عادَ الناس فوجدوا شعورَ الكرامة ..وأنفة الحي المريد ..وعزة المتصرّف المطلق ..

كانت الملايين في الميدان- والتلفاز المصري يعلن تخلي مبارك - أشبه بالأسُراءِ فكَّ أغلالَهم النصرُ
أو السجناءِ كسرتْ أقفالهم الثورةُ ..
فراحوا يتعانقون على السّلامةِ بعد البلاء ..
ويتصافقون على الجماعةِ بعد الفرقة ..
ويتنادرون بالباغي وجلاّديه وسُجّانه وقد أصبحوا اليوم في السجون بتهمة سرقة المليارات من المال العام ..
وتصدير الغاز إلى العدو الصهيوني بأقل من ثمن التكلفة .. وقتل ثمانية مئات من المحتجين !

تباركتَ يا الله ..
فقد تغيرت - بفضلكَ - الأوضاعُ ..
وتبدّلت - بقدرتكَ - الطِّباعُ ..