04-13-2011, 06:37 AM
|
|
تعقيب على مقال خالد صلاح : الإسلام هو دين الحرية والدولة المدنية (أصلا) .
اقتباس:
هل جرّبت هذه المشاعر من قبل..؟
أن يقتحم ضباط الأمن المركزى منزلك الصغير، ويدخلوا إلى حجرة نوم زوجتك، ويلقوا الرعب فى قلوب أطفالك، وينتزعوك من فراشك فجرا، ويسحبوك كحفنة من الذئاب تختفى بفريستها بعيدا، ثم يهددوك بهتك عرض أمك وأخواتك البنات، لكى تعترف بجريمة لم ترتكبها أبدا؟
هل جربت هذه المشاعر من قبل..؟
أن يدخلوك عاريا إلى غرفة التحقيق إلا بما يستر السوءات، ويلقوا الماء البارد على جسمك المرتعش، ويستخدموا تقنيات التعذيب المتطورة من الصعق بالكهرباء، والضرب بالكرابيج، وتعليقك فى سقف الحجرة كالذبيحة حتى تنطق بما تكره، أو حتى تتمنى الموت لتنجو من الطغيان والاستبداد وسحق الكرامة؟
إن كان الله قد عفا عنك ولم تجرب هذه المشاعر، فاعلم أن التيار الإسلامى فى مصر بكل فصائله (السلفى والجهادى والإخوانى والدعوى)، لم يكن يلقى سوى هذه المعاملة فى سجون النظام السابق، وأعرف أن هذا التيار كان يلجأ إلى العنف الشديد كرد فعل على هذه الحرب اللاإنسانية التى يتعرض لها فى السجون، دون أن تنتصر له منظمات حقوق الإنسان، أو يشعر به الشارع، أو يحصل على حقه الكامل فى محاكمة مدنية عادلة.
التيار الإسلامى فى مصر تعرّض لحرب ضروس، أدت به إلى البحث عن قوة مضادة، يواجه بها هذا البطش الذى انتهجه النظام السابق وأجهزته الأمنية، فالإسلاميون فى مصر بدأوا مسارهم بالدعوة بالحسنى، ثم انجرفوا نحو العنف جبرا وقهرا، بعد أن واجهوا تعذيبا وحشيا فى السجون، وقطيعة كاملة للحوار بينهم وبين السلطة، ومن ثم لا نستطيع الآن أن نصدر حكما استباقيا على التيار الإسلامى، تحت زعم أنه لن يؤمن بالدولة المدنية، أو أنه سينقلب على الحريات، فى حين تغيّرت الظروف السياسية المحيطة بالعمل الدعوى، والعمل السياسى للإسلاميين فى مصر.. ولا نستطيع أيضا أن نحكم بحرمان هذا التيار من العمل، أو إطلاق المخاوف من حوله، فى حين أن أبناء الحركات الإسلامية إن أمنوا على أنفسهم من بطش السلطة، أو غدر أجهزة الأمن، فإنهم قد يقدمون نموذجا مشرفا فى المشاركة الاجتماعية والسياسية فى البلاد.
لا أريد لنا أن نقع فى الخطأ نفسه الذى وقع فيه مبارك عمدا، ووقعت فيه الحكومات السابقة، بأن نعزل جزءا من نسيجنا الوطنى بعيدا عن المشاركة، تحت شعارات الخوف من الدولة الدينية، ولا أريد لنا أن نستخدم منهج الإقصاء والإبعاد نفسه، فى الوقت الذى تجرى فيها دماء الحرية فى عروقنا جميعا للمرة الأولى على هذا النحو غير المسبوق.
الإسلاميون فى مصر بتياراتهم المختلفة، كانوا أبرز ضحايا نظام مبارك تعذيبا وترهيبا وإذلالا، ولذلك لا نستطيع أن نقول لهم بكل بساطة، إنهم من أهل العنف لأن سلوكهم السياسى تأسس على مواجهة حاكم ظالم، خرج عن كل المواثيق والأعراف والقوانين، وانتهج مسارا عنيفا فى مواجهة قطاع كبير من أبناء شعبه، فكيف نحاكمهم بأثر رجعى هنا، وهم لم يحصلوا على الفرصة للمشاركة المدنية والليبرالية من الأساس.
وما كانت ثوراتهم المتعاقبة أو حتى جموحهم فى استخدام القوة إلا بشعور فياض.. أنهم يحققون مصالح أمتهم؟.. حتى إن أخطأوا السبيل إلى ذلك.
نحن فى حاجة إلى أن نكف عن المحاسبة بأثر رجعى مع تيار الإسلام السياسى، وفى حاجة أيضا إلى أن نفتح قلوبنا لمشاركة الجميع، دون إطلاق حملات التخويف التى أرى كثيرا منها يصل إلى حد التضليل وإطلاق المزاعم على غير الحقيقة.
حتى ملف الأضرحة، الذى قد تفكر فيه الآن، فقد تفجّر على نحو مفاجئ، وجرى استخدامه لتعطيل عملية دمج السلفيين فى العمل العام، والواقع يؤكد وجود مبالغات غير منطقية فى القصص المروية عن عمليات هدم الأضرحة، كما أن رموزا كبارا من قيادات ودعاة الحركة السلفية والجهادية، أعربوا عن إدانتهم لعمليات هدم محدودة، جرت فى بعض الأضرحة، مما يؤكد أن النوايا فى أساسها طيبة، وأن الأمر لا يخرج عن كونه جموحا لعدد محدود من الأفراد، لا ينبغى أن يدفع ثمنه تيار الإسلام السياسى بالكامل، كما لا ينبغى أن تتحمل عواقبه الحركة السلفية المعروف عنها الالتزام والبعد عن العنف.
ضع إلى جوار كل ذلك هذه المخاوف القبطية التى أطلت برأسها من بين التفاصيل، فالأقباط أظهروا جرأة كبيرة فى انتقاد المادة الثانية من الدستور، فيما كانوا يلتزمون الصمت التام إزاء هذه المادة فى عصرى السادات ومبارك، لا أنكر هنا حق الأقباط فى أن يطرحوا ما يشاءون من أفكار، ولكننى أذكرهم هنا بأن السلفيين والإسلاميين الجهاديين والإخوان المسلمين، لم يضعوا بأنفسهم المادة الثانية فى متن الدستور، بل وضعها رؤساء لمصر، زعموا عن أنفسهم أنهم مدنيون، ويحكمون بالديمقراطية، ولا يجوز هنا أن نلصق بقاء المادة الثانية فى الإعلان الدستورى باعتبارها فعلا سلفيا أو نتيجة ضغوط الإسلام السياسى، فى محاولة لمزيد من التخويف وإثارة الذعر.
إن كنا قد فتحنا قلوبنا للجميع، فلا يجوز هنا أن نجعل قلوبنا غلفًا فى مواجهة الإسلام السياسى وفق ميثاق الدولة المدنية التى نبتغيها جميعا، ولا يشك عاقل أيا ما كان دينه.. مسلما أو مسيحيا، أو غير ذلك، بأن الإسلام فى نسخته المحمدية، وتطبيقه فى دولة يثرب، كان نموذجا لهذا الفكر المدنى القائم على التعايش أصلا، فالنبى محمد صلوات الله وسلامه عليه، انتهج مسار التعايش والمواطنة منذ اللحظة الأولى لوجوده فى المدينة، ولولا الخيانات التى أقدم عليها يهود بنى قريظة، وبنى النضير لكان اليهود جزءا من الدولة المدنية حتى يومنا هذا، الخيانة فقط هى التى دفعت النبى صلى الله عليه وسلم إلى تطبيق حدود الله، فى وقت كانت فيه قبائل الجزيرة قبل الإسلام تعض الأنامل من الغيظ كلما استقر حلم الدولة الإسلامية فى المدينة المنورة.
الإسلاميون فى مصر وفى العالم أجمع يفهمون الفرق بين زمن يعلو فيه الاستبداد السياسى، ويطغى فيه رجال الحكم بالقوة، وزمن آخر يسوده التفاهم والسلام والحرية، وعلينا أن نمد الجسور خطوة بخطوة، ليكشف أبناء الحركات الإسلامية عن أفضل ما فيهم، لا أن نواصل الهجوم الساحق عليهم، فنضع ظهورهم إلى الحائط كما فعل نظام مبارك، ولا أجد- نظريا وعمليا- ما يمنع التيارات السياسية المدنية أن تبادر إلى بناء جسور التواصل مع الشباب الملتزم بتعاليم الدين، وتشجعه على الاندماج فى الحلم الديمقراطى الجديد فى مصر، فبين صفوف تيار الإسلام السياسى نخبة من أرفع العقول العلمية والثقافية التى حاصرها طغاة الحكم، فقادوها إلى الانجراف بعيدا عن المسار الصحيح.
|
مبادرة طيبة من "خالد صلاح " .. يُشكر عليها .
• القول بأن التيارات الإسلامية كانت تلجأ للعنف الشديد كرد فعلٍ -إطلاقٌ لا يصح ، فلم يُعرف عن السلفيين - مثلا - حمل السلاح يومًا ، بل كانت لهم جهود معروفة في مواجهة الفكر التكفيري الذي كان يعصف بمصر في التسعينات وقبلها ، وهذه المواجهات كان من أثرها عمل كثير من هاته الجماعات مراجعاتٍ فكرية . فمنهج السلفيين منذ انتشارهم في مصر معروف وهو : الدعوة ، وتغيير المنكر باللسان . فهذا التعميم فيه ظلم ، وبالتالي لا معنى لهذا الاعتذر المتبتل من الأستاذ خالد عن الإسلاميين .
• استعمال الأستاذ خالد لمصطلح ( الإسلاميين ) فيه أمارة ممايزة بين فريقين ينتسبون إلى الإسلام ، الأول : من اتخذ الإسلامي بشموله ، والثاني : من ترك الشريعة وعزل الدين عن الحياة العامة ، ولأن الثاني قد ضل ضلالا مبينا ، لأن المفترض في المسلم إذا سُئل عن الإسلام كنظام دولة أن يجيب بالموافقة والتأييد ، كون ذلك جزءًا من عقيدته ، ويدخل في إيمانه ، فسمي من بقي على الإسلام بغير انحراف ( إسلاميًا ) .
• ولنا أن نلزمه إذن بقوله ( الإسلام هو دين الدولة المدنية ) بالاعتراف أن في الإسلام دولة ، ثم نتناقش في رسمها وصورتها ، لكن أن نرى من يعترف بوجود دولة في الإسلام ، ثم هو يُعرض عنها ويريد حذف مادة دين الدولة ومصدر التشريعات فهذا تناقض !
• ملف الأضرحة برأت النيابة منه السلفيين ، والإسلاميين بعموم ، بل شهد القائمون على هذه الأضرحة أن بعضها هُدم قبل الثورة بفعل وزارة الأوقاف ، دعكَ من أنهم وجدوا بعض الأضرحة فيها أنبوبة توصيل مياه ، واخرى فيها أشياء من هذا العبث ، فليس فيها ميت ولا يحزنون ، لكن المقصود أنها هُدمت بالفعل قبل أشهر من الأوقاف ، والحادث الصغير الذي حصل كان بفعل بلطجية ليس لهم انتماء ديني كما قالت النيابة .
مع هذا لا يزال رجل "اليوم السابع" يستغفلنا قليلا ، لأن تحقيق النيابة عُرف منذ أسبوع ، ولأن جريدته شنت حملة على السلفيين في الأيام الفائتة وتعمدت تشويه صورتهم ، بنسبة حوادث لا ناقة لهم فيها ولا جمل إليهم ، وغير ذلك من المهازل .
• صحيح أن الإسلاميين ليسوا من وضع المادة الثانية من الدستور ، لكنها لم تفعل تفعيلاً حقيقيا أصلا .. وإن طموح الإسلاميين - لا سيما السلفيون - هو تفعيلها ، بل إن الصيغة الحالية ليست الصيغة المرضية تماما ، لكنها يمكن وصفها بالمقبولة .
فماذا ينبغي أن يُعمل مع الأقباط ؟! لقد عاش الأقباط تحت الحكم الإسلامي قرونًا في تاريخنا كما عاشها غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى ، فتمتعوا بحياة فيها من المزايا ما لم يحلموا به ، ولا تحظى بها أقلية في العالم كله .
وقبل ساعات كنتُ راجعًا إلى البيت في سيارة أجرة سائقها نصراني ، فتجاذبنا حديثًا عامًا تطور بطريقة ما إلى الحديث عن الحكم الإسلامي ..
دعونا نقدم شيئًا :
- الإسلام : ينظم الحياة كاملة ، حياة الفرد والمجتمع ، نظام الدولة .
- النصرانية : دين ليس فيه تشريعات .
لذلك لا يجد النصراني أي مشكلة في العيش تحت أي نظام ، شرقي أو غربي ، لأنه لا شريعة في دينه يريد أن يُحكم بها أصلا ، إلا بعض الأمور في تشريعات ألأسرة ونحوه .
فلماذا يُرفض أن يكون الحكم إسلاميًا إذن ، والنصراني لا يجد غضاضة في أي حكم ؟! وهل ذلك إلا عين التحكم استفزازا للغالبية المسلمة ، وإثارة للفتنة النائمة ؟! .
صاحبي - سائق السيارة - كأن حديثي أعجبه ، فأوقف سيارته جانبًا - تاركًا العمل - وتجاذبنا الحديث خمسا وأربعين دقيقة ، انتهى به الأمر إلى عدم الممانعة ألبتة من أن يُحكم بالإسلام ، لماذا ؟
هو لا يجد مشكلة في حكم أي قانون له ، لكنه يريد قانونًا ليس فيه ظلمٌ له أو بغي عليه ، فبشرته بشريعة فيها القسط ، والبر ، والإحسان معه ، بل يتدين أهلها بمعاملته بهذا القسط ، والبر ، والإحسان ! فماذا يريدون إذن ؟
قلتُ له :
- في ديننا أن من آذاك ، فقد ظلم النبي صلى الله عليه وسلم!
- في ديننا أن من ظلمك ، فالنبي صلى الله عليه وسلم حجيجه يومَ القيامة !
- في ديننا " أن تبروهم وتقسطوا إليهم " .
- في ديننا نظام اقتصادي وعسكري واجتماعي وسياسي ..
وبدا - شيئا ما - مندهشا لما أقول ، وكان أحينا يقفز - وهو قاعد - مستغربا من بعض التشريعات الرائعة في نظام الدولة الإسلامية ، فعمدتُ إلى أكثر أمر قد يرفضه هو ، فقلت أتعرف " الجزية " ؟! فتكلمتُ عنها بما زاده دهشة ..
المشكلة هي : تكلم الجهلاء باسم الإسلام ، أو كذب العالمانيين في وسائل الإعلام ، أو تلبيس بعض رجال الكنيسة عليهم ، أو تصرفات بعض من ينتسبون إلى الإسلام معهم ..
ولو عرفوا دين الله : لاختاروه حاكمًا ، إن لم يختاروه دينًا !
• من الجيد ما أشار إليه الكاتب من تطبيق النبي صلى الله عليه وسلم للإسلام كمنهج وتشريع للدولة في المدينة ، وإن كان لا يعجبني تعبيره (الإسلام في نسخته المحمدية، وتطبيقه في دولة يثرب) ، فليقل : الإسلام كما هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وتطبيقه في الدولة الإسلامية ومركزها المدينة المنورة ، فكراهة اسم يثرب ، وعدم وجود دولة تعرف بهذا الاسم ولا اسم ( دولة المدينة ) مثلا ، ونوع ابتذال في ( الإسلام في نسخته المحمدية ) ، فليقل : النبوية ؛ تأدبا ، وليس للإسلام نسخ ، بل هو واحدٌ ، وهو الذي طبقه النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وتبعه عليه أصحابه وسلفنا الصالح ، ومن أنتج نسخة جديدة فقد ذل بقدر ما خالفت نسخته .
• ظن بقاء اليهود إلى اليوم في المدينة لو ما غدروا يحتاج تأملاً ، فمن جهة : هذا من الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ، وهو علم ما لم يكن لو كان كيف يكون ، ومن جهة أخرى : أوصى النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بإخراج غير المسلمين من جزيرة العرب ، وقال "لا يجتمع دينان في جزيرة العرب " .
|