عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 04-05-2011, 03:29 PM
أ جنة الرحمن أ جنة الرحمن غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي

ما هي أكبر مشكلة تواجهك في هذا المشروع؟
إن المشكلة الكبرى والتي ربما يجهلها كثيرون هي أن للقرآن أسلوباً فريداً لا يوجد في أي كتاب آخر، وهذا أمر طبيعي لأن كلام الله لا يمكن أن يكون مثل كلام البشر، فنحن تعودنا في البيئة التي عشنا فيها على كلام من حولنا من البشر، ولكن لابد أن نتعود على هذا الأسلوب الجديد تماماً، وهذا يعني أنك ستستغرق وقتاً لتألَف هذا الأسلوب، وذلك حتى تتفاعل كل خلية من خلايا جسدك مع كلام الله تعالى، يقول تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 23].
ويمكن أن أحدثكم عن شيء كان يحدث معي وهو في مرحلة متقدمة من حفظ القرآن كنتُ كلما سمعتُ القرآن تدمع عيني وأحس بلذة لا يمكن أن توصف أو تعادلها لذة أخرى.
أخي المؤمن ... أختي المؤمنة: إن تجاوز هذه المرحلة هو الأهم في مشروع حفظ القرآن، ومعظم الذين يبدؤون بحفظ القرآن ثم يتركون هذا العمل لاحقاً ولا يستمرون فيه إنما سبب ذلك هو أنهم لم يألفوا أسلوب القرآن فتجدهم يحسون بصعوبة الحفظ ويحسون بضيق وثقل ولا يعلمون سبب ذلك.
إنك أخي القارئ إذا علمت كيف يتم تخزين المعلومات في دماغك، سوف تكون هذه العملية أسهل بكثير. فقد يمر شهر كامل حتى تحفظ صفحة واحدة في البداية، ولكنك بعد ستة أشهر سوف تحفظ هذه الصفحة خلال ساعتين!!!
وهذا كلام علمي لأن تخزين المعلومات في خلايا الدماغ يتم وفق نظام تراكمي متسارع، فالصفحة الأولى تحتاج زمناً طويلاً، والصفحة الثانية تحتاج زمناً أقل وهكذا حتى تصل إلى مرحلة يكون فيها الحفظ عملية ممتعة جداً وسهلة جداً. ولذلك يقول تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر: 17].
ميزات هذه الطريقة
أخي المؤمن! إن الطريقة الجديدة التي ستتعلمها معنا لها ميزات متعددة:
1- إنها طريقة عملية وسهلة جداً، ولا تحتاج لشيخ أو معلم أو مقرئ، بل تعتمد على التعليم الذاتي، وقد جربتها قبلك وآتت ثمارها.
2- إن حفظ القرآن بهذه الطريقة لا يعني مجرد الحفظ، بل ستوسع أفق المعلومات لديك، وقد تساعدك على استنباط بعض عجائب القرآن بنفسك.
3- هذه الطريقة لا تحتاج لوقت معين أو نظام محدد، بل تستطيع تطبيقها في أي وقت تشاء، وفي أي كيفية تكون فيها.
4- إن هذه التجربة التي ستعيشها، أي تجربة حفظ القرآن، ستكون أجمل تجربة في حياتك، وسوف تكتسب قدرات ليس على حفظ القرآن فقط، بل على حفظ أي معلومات تحتاجها في حياتك، ولا تعجب إذا قلت لك إن هذه الطريقة جعلتني أكثر قدرة على اتخاذ القرارات المهمة في حياتي!
لقد جعلتني هذه الطريقة أكثر قدرة على التعامل مع المواقف الصعبة، فهي بحق إعادة شاملة لبرمجة الدماغ ونزع كل ما هو سلبي، واستبداله بأشياء إيجابية.
كيف أبدأ بحفظ القرآن؟
إن أول خطوة على طريق حفظ القرآن بإتقان، هي أن تعتقد بأن هذا المشروع هو أهم مشروع في حياتك! وأن هذا المشروع لن يأخذ من وقتك شيئاً!!! لأن الله سيبارك لك في الوقت وسوف تجد بأن بقية أعمالك لن تتعطل، بل ستزدهر وتصبح أكثر تيسيراً من قبل، وهذا ما حدث معي قبلك.
إياك أن تظن بأن حفظ القرآن يحتاج لأي وقت، فمهما أمضيت من وقتك في قراءة القرآن وتدبره وحفظه، فلن ينقص الوقت لديك بل سيزداد. وسوف أضرب لك مثالاً لتقريب هذا الأمر.
إذا كان لديك وقت تخصصه للدراسة من أجل النجاح في الامتحان، وأخذت منه شيئاً في حفظ القرآن، فما هي النتيجة؟
النتيجة الظاهرية: سوف تتأثر دراستك سلبياً لأن عدد الساعات المخصص أصبح أقل، ولذلك لا يمكن إنجاز الدروس بشكل كامل، أي أن الدراسة ستتعطل، وقد تؤثر على نتيجة الامتحان النهائي في المدرسة أو الجامعة.
ولكن هل هذا حقيقي؟ بالطبع لا! لأن حفظ القرآن سيطور المدارك لديك ويوسع آفاق التفكير ويكسبك قدرة هائلة على الحفظ والفهم والاستيعاب أكثر بكثير من ذي قبل. وعندما تحفظ شيئاً من القرآن وتتقن هذا الحفظ سوف تلاحظ بأنك تستطيع حفظ دروسك خلال زمن أقل بكثير من الماضي، وهذا ما حدث معي تماماً.
فقراءة الصفحة من أي مقرر وفهمها كان يستغرق معك مثلاً نصف ساعة، ولكن بعد إتقانك للقرآن سوف تجد بأنك خلال نصف ساعة ستنجز ثلاث أو أربع صفحات وبكفاءة أعلى من السابق، أي أن أداءك الدراسي سيتحسن كثيراً بعد حفظ القرآن.
سوف يتحسن أداؤك أثناء الامتحان أيضاً، لأن حفظ القرآن يمنحك الاستقرار النفسي والذهني، ويمنحك الثقة بأن الله تعالى هو من سيحدد نتيجة امتحانك وليس جهدك وعملك. وهذا الاستقرار وهذه الثقة وهذا الاستقرار أثناء الامتحان هو نصف النجاح.
لنبدأ معاً هذا المشروع الرابح...
أرجو منك عزيزي القارئ أن تبدأ بسماع القرآن المرتل لأطول فترة ممكنة، ولكن لماذا هذه الخطوة؟ إن الحاجز كما أخبرتك والذي يقف عائقاً بينك وبين حفظ القرآن هو عدم استجابة دماغك لهذا القرآن بسبب الأسلوب المميز للقرآن والذي يعتبر غير مألوف بالنسبة إليك.
ويمكنك أن تسمع القرآن بواسطة جهاز الكمبيوتر، أو بواسطة التلفزيون أو بواسطة آلة التسجيل، وجميعها وسائل هيأها الله لنا لنستفيد منها وننتفع بسماع القرآن من خلالها. ويمكنك أن تركز في البداية على السور القصيرة في آخر المصحف وتستمع إليها عدة مرات كل يوم، وبخاصة بعد الاستيقاظ من النوم، وقبل النوم مباشرة.
وإذا كنت تستطيع أن تنام على صوت القرآن المرتل فهذا الأمر له أثر كبير في تخزين القرآن في عقلك الباطن! وهذا يؤدي إلى حفظ دائم لآيات القرآن، أي أن العقل الباطن لديك يخزن هذه الآيات وتستطيع أن تسترجعها في أي وقت تريد.
يجب أن تكرر سماع السورة ذاتها مرات عديدة، وذلك لتصبح مألوفة بالنسبة إليك، أما الكلمات التي تسمعها للمرة الأولى ولا تفهمها، فسوف تجد نفسك عندما تكرر سماع السورة أنها أصبحت مألوفة وقريبة لك، وكأنك تفهمها.
وقد تعجب أخي الحبيب إذا أخبرتك بأنني بعدما حفظت القرآن أصبح أجمل شيء عندي هو سماع القرآن المسجل بصوت عذب من أحد القراء. وقد تعجب أكثر إذا أخبرتك بأنني كنت أمضي معظم وقتي في سماع الأغاني بل كنت أعزف على بعض الآلات الموسيقية، ولكنني بعدما بدأت بسماع القرآن لفترات طويلة، لم يعد يطربني أي شيء إلا كلام الله تعالى!
ولكن هنالك حديث شريف يجب أن تتعلمه وهو قول الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام: (من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه)، بعدما سمعتُ هذا الحديث قررتُ أن أترك كل وسائل اللهو عن ذكر الله، فعوضني الله بالقرآن، فهل تترك يا أخي ما يلهيك عن ذكر الله وتسأل الله تعالى أن يبدلك خيراً منه؟!
ما هي الخطوة الثانية؟
يمكنني أن أخبرك عزيزي القارئ بأن القرآن قد غير حياتي بالكامل، فلماذا لا تغير حياتك وتقرر منذ هذه اللحظة أن تقوم بهذا المشروع الرابح وتبدأ بأول خطوة نحو حفظ القرآن وهي اتخاذ القرار بذلك؟
هنالك بعض التساؤلات التي تخطر ببال كثير ممن يرغبون بحفظ القرآن، ولا بد من الإجابة عنها قبل البدء بالخطوة التالية في حفظ القرآن الكريم.
ومن هذه الأسئلة: كيف يكون سماع القرآن المرتل، وهل نستمع لسورة كاملة مرات عديدة في اليوم؟ وما هي الأوقات المناسبة لسماع القرآن؟
كيف يكون سماع القرآن المرتل؟
اعلم أخي المؤمن أن جميع الأوقات مناسبة لسماع القرآن، فالمؤمن يذكر الله في جميع حالاته، واقفاً وجالساً وعلى جنبه وقبل أن ينام وعند الاستيقاظ، وعندما يكون في عمله، وعندما يمشي في الشارع، بل وعندما يكون بين أصدقائه وأهله، المؤمن يذكر الله في كل الأوقات، وكذلك سماع القرآن ليس له وقت، إنما ينبغي على من يود الحفظ أن يستمع إلى القرآن المرتل قدر المستطاع. يقول تعالى: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ) [آل عمران: 191].
هل نستمع لسورة كاملة مرات عديدة في اليوم؟
وأنا أفضل أن أكرر سماع السورة ذاتها مرات عديدة كل يوم حتى تصبح ألفاظها مألوفة للسامع. فمثلاً إذا أردت أن تحفظ سورة النمل فيجب عليك أن تستمع لهذه السورة بصوت أحد القراء عدة مرات كل يوم، ولعدة أيام. وبالتالي ستصبح عملية الحفظ بعد ذلك سهلة جداً، وقد اتبعتُ هذه الطريقة وآتت ثمارها وقد حفظتُ القرآن من دون أن أبذل جهداً كبيراً لأنني كنتُ أستمتع بسماع القرآن.
ما هو الزمن المثالي لحفظ القرآن كاملاً؟
ينبغي أن نعلم بأن الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام قد حفظ القرآن في 23 سنة!!! وهي المدة التي نزل خلالها القرآن. ومن خلال الأحاديث النبوية الشريفة فإنه لا يوجد زمن محدد للحفظ، بل يمكنك أخي القارئ أن تحفظ ما ييسره الله لك من كتابه، وتنوي نية صادقة أن تتم حفظه.
لا تيأس إذا لم تتوافر الظروف المناسبة للحفظ، أنت فقط اسأل الله تعالى أن يهيئ لك الظروف المناسبة وسوف يستجيب الله لدعائك، فقد تتمكن من حفظه في أشهر وقد تستغرق سنوات، ولكن المدة التي أجدها مناسبة لمن أحب أن يضع برنامجاً زمنياً هي سنتان.
فإن الإنسان العادي يمكنه أن يدرّب نفسه على أسلوب القرآن من خلال سماعه وتأمل آياته ومعانيها ومحاولة الخشوع وفهم معاني الآيات التي يستمع إليها، ثم تثبيت الحفظ من المصحف مباشرة، ومن خلال هذا الأسلوب أي أسلوب الاستماع إلى السورة مرات عديدة ثم قراءة هذه السورة من المصحف وتكرارها حتى يتم تثبيتها في الذاكرة، في هذا الأسلوب يمكن أن يحفظ الإنسان العادي في الشهر الأول 10 صفحات، فهو الشهر الأصعب بين أشهر الحفظ الـ 24 ثم في الشهر الثاني يتحسن الأداء فتجد أنك أخي القارئ تحفظ 15 صفحة، وفي الشهر الثالث يصبح أسلوب القرآن مألوفاً بالنسبة لك فتحفظ 20 صفحة، وهكذا خلال سنتين تجد نفسك حافظاً لكتاب الله تعالى بكل سهولة ويسر.
سألني أحد القراء كم استغرقتَ في حفظ القرآن؟
بالنسبة لتجربتي في حفظ القرآن وكم استغرقتُ من زمن لحفظ كتاب الله تعالى أقول بأنني لم أفكر أبداً أثناء حفظي لكتاب الله تعالى بالزمن أو كم حفظتُ، بل كل همِّي كان إرضاء الله عز وجل، وكنتُ أقول دائماً إنني أريد الأجر الكبير من الله والقرب منه سبحانه، وكنتُ أعلم بأن المؤمن قد يحفظ سورة (قل هو الله أحد) ويكون عند الله في أعلى الدرجات بسبب إخلاصه وصدقه مع ربه، وهذا ما يجعل المؤمن أكثر حفظاً لكتاب الله لأن الله يعينه على الحفظ.
وريما سمعنا بقصة ذلك الصحابي الجليل الذي كان يقرأ بـ (قل هو الله أحد) في كل صلاة، فقال له النبي الأعظم ما الذي حملك على ذلك، فقال إني أحب هذه السورة لأن فيها صفة الرحمن، فأخبره النبي الكريم أن الله يحبه أيضاً!
أما الذي يريد حفظ القرآن ليفتخر به ويحصل على شهادة أو إجازة يظهرها للناس، فهذا ولو حفظ القرآن فإن ثوابه سيكون قليلاً، وربما جميعنا يعلم ذلك الرجل الذي أول من تسعّر به النار يوم القيامة، وهو رجل حفظ القرآن وقرأه ليقال عنه قارئ ويفتخر بحفظه أمام الناس ولا يريد وجه الله تعالى، فهذا أخذ الأجر في الدنيا، وليس له في الآخرة من شيء.
إذن أخي الكريم وأختي الكريمة أقول دائماً: إن القليل من الحفظ مع الإخلاص خير من الكثير من الحفظ من دون إخلاص.
كيف أحفظ سورة من القرآن؟
تعتمد الطريقة الجديدة في الحفظ على ثلاثة مراحل:
1- مرحلة سماع القرآن المرتل.
2- مرحلة التفهم والتدبر والتعمق في الكلام الذي نسمعه.
3- مرحلة تثبيت الحفظ من المصحف.
تناولنا فيما سبق أهمية سماع القرآن، والاستماع إلى القرآن له الأثر الأكبر في الحفظ الطويل الأمد. وهذه الطريقة ليست جديدة أو مبتكرة بل هي طريقة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم!
فقد كان الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يحفظ القرآن بسماعه من جبريل عليه السلام، إذن المرحلة الأولى هي الاستماع وتكرار هذه العملية.
مرحلة تفهم وتدبر والتعمق في الكلام الذي نسمعه
المرحلة الثانية وهي مرحلة مهمة جداً في تسهيل عملية الحفظ وجعلها عملية مشوقة وممتعة، فعندما تتدبر ما سمعته من آيات القرآن وتفهم هذه الآيات بشكل جيد، فإن ذلك سيرسخ هذه الآيات في ذاكرتك لوقت أطول، وسوف تكتشف أشياء جديدة في دلالات الآيات.
ولكن كيف نتدبر القرآن؟ والله تعالى يقول: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) [محمد: 24]. إن الذي يتأمل هذه الآية يدرك على الفور أن كل من لا يتدبّر القرآن فهو مقفل القلب، وكأن هنالك أقفالاً على قلبه المغلق أمام كلام الله تعالى، نسأل الله تعالى ألا نكون منهم.
إن أفضل طريقة لتثبيت الحفظ هي أن تفهم ما قرأته، وسوف أضرب لك مثلاً على ذلك. في سورة النبأ كنتُ غالباً ما أنسى ترتيب الآيات في المقطع الأول من السورة وهو قوله تعالى في أول 16 آية من هذه السورة:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ (1)
عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)
الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3)
كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4)
ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)
أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6)
وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7)
وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8)
وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9)
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10)
وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)
وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12)
وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13)
وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14)
لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15)
وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا) [النبأ: 1-16].
فقد كنتُ أقرأ هذا المقطع من السورة عن ظهر قلب ثم إذا وصلتُ إلى قوله تعالى:
وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9)
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10)
وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11)
كنتُ أخطئ في تسلسل هذه الآيات بسبب تشابهها، ولكن عندما تعمقت في المعنى اللغوي لها أدركتُ أن هنالك تسلسلاً علمياً دقيقاً لهذه الآيات!
فنجد أن النوم يُذكر أولاً ثم الليل ثم النهار، لماذا؟ لأن النوم من الممكن أن يكون في النهار أو في الليل، فالإنسان ينام في الليل وقد ينام في النهار، وهو آية عظيمة من آيات الله ونعمة كبيرة، ثم تأتي بعدها نعمة الليل ثم نعمة النهار، وقد تقدم ذكر الليل على النهار لأن الليل هو الأصل، وغالباً في القرآن يأتي الليل أولاً، أي يأتي ذكر الليل قبل ذكر النهار، وهكذا أصبح ترتيب الآيات الثلاث كما يلي: النوم – الليل – النهار، وأصبحتُ لا أخطئ أبداً في تلاوة هذه الآيات وذلك بسب ربط معنى هذه الآيات بالحقائق العلمية.
كذلك كنتُ أخطئ في ترتيب هذه الآيات أيضاً:
وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12)
وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13)
وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14)
فكنتُ أحياناً لا أعرف ما هي الآية التي سأقرؤها أولاً وما هي الآية التالية، ولكن عندما تعمقتُ في الدلالات العلمية لهذه الآيات أصبحت سهلة الحفظ ولم أعد أخطئ في ترتيبها.
فالآية الأولى (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا) هذه الآية تتحدث عن خلق السموات السبع فهي شديدة البناء ومحكمة، ثم يأتي الحديث عن السراج الوهاج وهو الشمس، لأن الشمس قد ثبُت يقيناً أنها عبارة عن فرن نووي ملتهب يحرق الوقود النووي ويبث الحرارة والضوء تماماً مثل السراج الذي كان القدماء يستخدمونه في الإضاءة.
ثم يأتي ذكر المعصرات وهي الغيوم حيث ينزل الله منها المطر الغزير، وهنا توجد لفتة علمية رائعة، فالشمس هي التي تبخر ماء البحر أولاً ثم يتكثف هذا الماء على شكل غيوم وينزل المطر، ولذلك ذكر الله الشمس أولاً ثم المطر ثانياً: (سِرَاجًا وَهَّاجًا) ثم (مَاءً ثَجَّاجًا) وهذا الترتيب مطابق للواقع العلمي، ولذلك لم يعد هنالك أي احتمال للخطأ في ترتيب هذه الآيات، كذلك فإن هذا الفهم العميق للآيات يسَّر لنا الحفظ وعدم النسيان.
ولذلك يمكنني أن أقول لكم إخوتي وأخواتي: إن أفضل أسلوب لحفظ القرآن وعدم نسيانه وتثبيته هو أن نفهم هذه الآيات بعمق أكبر، وكلما فهمنا الآيات أكثر ازددنا إيماناً بهذه الآيات وازددنا حفظاً لها.

يتبع ..
رد مع اقتباس