عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 11-02-2010, 07:48 PM
أم حُذيفة السلفية أم حُذيفة السلفية غير متواجد حالياً
اللهم إليكَ المُشتكى ,وأنتَ المُستعان , وبكَ المُستغاث , وعليكَ التُكلان
 




افتراضي

السلام عليكُن ورحمة الله وبركاته
هُنا رابط الموضوع

لكن هناك فارق بين الأعمال القلبية وأعمال الجوارح ..
فأعمال القلوب : هي مُراد الرب - عز وجل أولاً - وإذا صلح القلب صلحت الجوارح تبعاً له والعكس صحيح كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم " أَلا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً ، إِذَا صَلَحَتْ ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذَا فَسَدَتْ ، فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ ، أَلا وِهِيَ الْقَلْبُ "
إذا وُفِّقنا إلى أن تصلح هذه القلوب بالأعمال الصالحة التي هي التوحيد, وأتينا بالأعمال على مُرَاد الله عز وجل وعلى ما يريده الله - سبحانه وتعالى - ويحبه ويرضاه ثقي أن الجوراح ستنقاد لهذا القلب بالأعمال التي أُمِرنا بها تبعاً، وستكف هذه الجوارح عن ماذا ؟ عن المعاصي التي نُهِينا عنها .
إذاً علينا أن نشتغل حقيقة بإصلاح هذه القلوب فإن هذه المضغة إذا صلحت أعان الله ويسر ووفق بأن تنقاد الجوارح لها ولابد

إن صلاح الجوراح هذه معقود بصلاح القلب وفسادها بفساده

ونحن نتناول بالحديث عمل قلبي مهم جداً. أقول لكم إن لم يكن هو أُسّ الأعمال التي تدفعك إلى كل خير ، فلاأدري مايكون؟!
هذا العمل يكاد يكون أساس الأعمال القلبية كلها بل - سبحان الله - نحتاجه في كل عمل قلبي ونحتاجه في كل أعمال الجوارح وهو المراقبة فالمراقبة من أعمال القلوب ، ومنزلةمن منازل السائرين إلى الله تعالى, نريد أن نصل إليها ونحقق بذلك منطوق الحديث أن" تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .

طبعا هذه المادة ( المراقبة ) مأخوذة من راقب,يراقب دليل على الانتصاب
مثله مثل الإنسان الذي ينتصب ويرفع رقبته ليراعي الشيء و يراقبه
فالرقيب ينتصب ، لو أنّ شخصاً نُصِّبَ رقيباً على غيره, تجدينه ينصب رقبته ويبدأ يلتفتُ بهايَمْنَةً ويَسْرَة ، يرقُب الشيء ويراعيه
قال ابن منظور : راقب الله تعالى في أمره أي خافه ، ورقب الشيء يرقبه :حرسه
وتبسيطاً للمعنى وتقريباً له بحيث يعينناذلك على التطبيق العملي للمراقبة ..
المراقبة من معانيها : أن الإنسان يكون في حالة من اليقظة و من الحراسة ، بحيث يقوم بدور الحارس المراقب اليقظ ، إذنالأمر يحتاج إلى يقظة لاإلى نوم ولا إلى إلى غفلة ، ويحتاج إلى حراسة لاإلى إهمال, لأن الحارس لابد أن يكون يقظاً لأنه لو نام عن حراسته فسَيُسْرَق منه وسَيُعْبَثُ بماذا ؟ بالأمانات التي اؤتُمِن عليها
إذاًالأمر يحتاج منه إلى مراقبة حتى يراعي الأمانات التي ائتمنه الله عز وجل عليها ، عليه أن يكون ماذا ؟
رقيباً حارساً أميناً لا يرقد ولا يغفل عن المهمة التي أُوكِلَت إليه

قالوا المراقبة في الاصطلاح : هي التعبد لله عز وجل باسمه الرقيب .. الحفيظ .. العليم .. السميع .. البصير.. الخبير .. الشهيد ، هذا كلام العلماء في معنى المراقبة
التعبد لله ، يعني إذا أردت أن تراقب وتحقق مقام المراقبة ,عليك أن تتعبد لله بمقتضى هذه الأسماء فإنك إذا عرفت معانيها وتعبدت لله عز وجل بمقتضياتها واستشعرت هذه المعاني الجليلة ( معاني أسماء الرب عز وجل ) وماذا يجب عليك حينما تؤمن بها فإنك ستصل إلى مرحلة المراقبة .... هذا سنشرحه إن شاء الله

قال ابن القيم رحمه الله : المراقبة دوام علم العبد وتيقنه بإطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه
وهذا التعريف من أجمع التعريفات التي ذكرها ابن القيم
تأملوا معي هذا التعريف
دوام علم العبد : أسألكم سؤالاً .. هل في واحدة منا تشك أن الله عز وجل يعلم سرها وعلانيتها ؟ هل هناك من تشك بذلك ؟
هل هناك واحدة تشك في قول الله عز وجل { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى }العلق- 14
أبداً لايوجد!.. أنا متأكدة وهذا ما يوجبه علينا إسلامنا أن نؤمن بأن الله يرانا, يعلم سرنا وعلانيتنا ,لا تخفى عليه خافية
كلنا يعلم هذا لكن ..
ما مدى يقيني بهذا العلم ؟ ما مدى يقيننا ؟ نحن نعلم علم ذهني حقيقة ولكن أين اليقين ؟
دوام علم العبد وتيقنه بإطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه
لو كنت أتكلم بكلام لا يرضي الله عز وجل ...ولنضرب المثل ( ولله المثل الأعلى )
لنفرض أن هناك شخص له وجاهة وله مكان ،،
مديرتي في العمل آذتني كثيراً وأنا أتيت وبدأت أتكلم إلى فلانة من الناس في مكان ليس فيه أحد سوانا ، ومديرتي هذه بعيدة عني, ستجديني أتكلم بكل طلاقة عن ظلمها و..و..و.. إلى آخره ، لماذا ؟ لأني أنا أعلم أنها لا تراني
دعيني أطرح سؤالاً لو أنّ مديرتي هذه كانت أمامي فهل أستطيع أني أتكلم بكلمة واحدة عليها ؟؟ ... هل أستطيع أني أقول نفس الكلام الذي بحتُ به لفلانة من الناس ؟
طبعاً الجواب:لا أستطيع ..لماذا ؟ لماذا لا أستطيع ؟

.. لماذا لا أستطيع ؟ لأنها موجودة ، لأني متيقنة أنها أمامي وستسمع هذا الكلام ,وهذا الكلام لن يعجبها وهذا الكلام ربما سيستجلب غضبها عليّ وربما يترتب عليه عقوبة ومجازاة أوأشياء أخرى ,ستغضب عليّ مثلاً وستسخط عليّ ولربما طردتني من العمل .. أليس كذلك؟...ولله المثل الأعلى
كم نفعل من الأشياء- الله يعفو عنا ويغفرلنا -وكلنا هذا الشخص-
التي نعلم علم اليقين أنها لا ترضي الله عز وجل ؟
كم من الكلام قلناه ونحن نعلم ونتيقن أنه باطل وأنه لا يرضي الله عز وجل ؟ ورغم ذلك نحن نقوله
رغم أننا نعلم ,ونؤمن بقول الله عز وجل { يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهرَكُمْ } الأنعام 3 – وربك { يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ } البقرة77{ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}الحديد 6{أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى }العلق 14 ....
كثير من الأشياء نفعلها نحتاج إلى أن نتوقف عنها و كثير من الأشياء نقولها نحتاج أن نصمت عنها!
، كم مرة توقفنا وقلنالأنفسنا هذا لا يصلح ؟!

وأنتِ تتكلمين تستمتعين بشهوة الحديث . هل جربتِ مرة تتوقفين عن مواصلة الحديث وتقولينلنفسك:توقفي ! هذا الكلام لا يرضي الله لماذا أنا أتكلمه ؟
لماذا أنا أواصل الكلام هذا ؟ لماذا أنا أتكلم في هذا ؟ هذا الكلام لا يرضي الله
ينبغي أن أتوقف ، ما الذي دعاك إلى التوقف ؟ لا شك أنك استشعرت أن الله رقيب .. رقيب عليك
لكن لو استرسلت لا شك إنك الآن في رقدة ، في غفلة ، لم تستشعري معنى المراقبة... أنتِ تعلمين علم ذهني لكن ليس يقيني أن الله – عز وجل - يراكِ .
هذا الذي نريد أن نصل له وهذا الذي أردت أن أقربه لك


يتبع ..


التوقيع

اللهم أرحم أمي هجرة وأرزقها الفردوس الأعلى
إلى كَم أَنتَ في بَحرِ الخَطايا... تُبارِزُ مَن يَراكَ وَلا تَراهُ ؟
وَسَمتُكَ سمَتُ ذي وَرَعٍ وَدينٍ ... وَفِعلُكَ فِعلُ مُتَّبَعٍ هَواهُ
فَيا مَن باتَ يَخلو بِالمَعاصي ... وَعَينُ اللَهِ شاهِدَةٌ تَراهُ
أَتَطمَعُ أَن تـنالَ العَفوَ مِمَّن ... عَصَيتَ وَأَنتَ لم تَطلُب رِضاهُ ؟!
أَتـَفرَحُ بِـالذُنـوبِ وبالخطايا ... وَتَنساهُ وَلا أَحَدٌ سِواهُ !
فَتُب قَـبلَ المَماتِ وَقــَبلَ يَومٍ ... يُلاقي العَبدُ ما كَسَبَت يَداهُ !

رد مع اقتباس