عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 11-01-2010, 10:01 PM
أم حُذيفة السلفية أم حُذيفة السلفية غير متواجد حالياً
اللهم إليكَ المُشتكى ,وأنتَ المُستعان , وبكَ المُستغاث , وعليكَ التُكلان
 




افتراضي







بسم الله الرحمن الرحيم


إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونَسْتَعينُهُ ونَسْتَهديه ونَسْتَغفِرُه ، ونعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، من يهدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ومَن يُضْلِل فلا هاديَ له ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُه ، بلَّغ الرسالة وأدَّى الأمانة ونصَحَ لهذه الأمّة وجاهَدَ في اللهِ حقَّ جهادِهِ وتركَنا على البَيْضاء ليلُها كنهارِها لا يَزيغُ عنها إلا هالِك ؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبِهِ وسلَّم تسليماً كثيراً ....


أما بعد ،،


أحبتي في الله ...
لا شك ونحن ننظر في أحوالنا هذه الأيام ، ننظر أمراً عجباً ، وأحوالاً عجيبة, ذلك أنّ الغفلة قد استحكمت والقلوب قد شُغِلت وقسَت .
و المنكرات أصبحت تدخل إ بيوتنا بكل سهولة ويسر، وأصبح أحدنا يستطيع أن يَهْتـِك سِترَ الله - عز وجل - بين يديه دون أن يخاف رقابة أحد من الناس . ويزداد الإنسان أَشَراً وبَطَراً حينما يظن أنّ الله - عز وجل - بما أسْبَلَ عليه من سِتْر - وحَلُمَ عليه ؛ يظن أن ذلك عدم عِلْم من الله - عز وجل به - أو أنّ الله عز وجل لا يراه { أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى }العلق !!.
صدقاً ..نحن نحتاج للحديث عن مثل هذا الموضوع ..
و أن نوجد تلك العين التي ترقُبنا في حركاتنا وسكناتنا . عَينٌ داخلية ، رقابةٌ ذاتية ، نستشعر بها معِيَّة الله - عز وجل - عينُ المؤمنِ البصيرة المتيَقِّظة التي استشعرت أن الله معها وحققت قول ذلك التابعي الذي ربى في نفس غلام صغير هذه المعاني الجليلة ... "استشعار معية الله عز وجل ".



نحن نحتاج للحديث عن مثل هذا الموضوع لأن القلب قسَى وبَعُد وغَفُل واغْتَرَّ بما عنده .حينما يرى الإنسان أنّه يُسرِف على نفسه في سرِّه وعلانيتِه بالمعاصي والله - عز وجل - لا يعاقبه ولايعجّل له في الجزاء!
ومسكين هذا المعاقب وهو لايشعر ظاناً أنّ العقوبة لا بد أن تكون شيئاً محسوساً مادياً , وما يدري المسكين أنّ قسوة قلبه هذه أكبر عقوبة يعاقب بها لو يدري!
يغضب الله – عز وجل – بها على قلبِ أحدنا ، ما نشعر به من قسوة .
نحن نحمل صخوراً في صدورنا لو تعلمون ! نتمنى أن يسيل الدمع ويجري ولكن أنّى لقلوب ٍأجدبت أن تجود بمائها إلا أن يرحمها ربها سبحانه وتعالى.، نتمنى أن تقشعر الأبدان ، و أن تهزنا المعصية قبل أن نُقدِم عليها فنرجع من أجل الله عز وجل !و نتمنى أن نكف عن أن نهتِكَ ستراً لله - عز وجل - طَوَاعِيَةً لله !
كم نتمنى أن نقبل على الله طاعة ننشط لها من أجل الله - عز وجل - ، وكم نتمنى أن نترك شهواتنا من أجل الله عز وجل !.





كــل هذا لـمـ لا يكون ؟؟



هذا السؤال نريد أن نطرحه على أنفسنا, ونريد أن نرى كيف يكون ؟ أو ما هو المحرك لهذا كله ؟ وما هو المانع من هذا كله ؟ سؤال نسأله لأنفسنا .. لماذا نجْتَرِئ على حُرُمات الله عز وجل ؟ لماذا نلبِس لِبَاس أهل الإيمان أمام الناس ثم إذا خلونا بمحارم الله انتهكناها ؟ لماذا نجد قسوة في قلوبنا ؟ لماذا نحن مستمرون على ما نحن عليه لا نُـغَـيِّر ولا نُبَدِّل ولا يزداد حالنا حسناً ؟ لماذا لا نشعر برقة في قلوبنا ؟ لماذا تستحكم هذه الغفلة يوماً بعد يوم ؟.
مع أنرصيدنا في العلم يزداد - و يُسّرت لنا أسبابه ، ولكننا نزدادُ سوءاً وجهلاً وبُعداً وغفلة ورَقْدة – وتعلق وتمسك بالدنيا.- سبحان الله ! ما أعجب الحال!
لهذا نحن نحتاج أن نربي في أنفسنا مثل هذا الشيء..ألا وهو مراقبة الله عزوجل فهو صمام أمان لنا في دنيانا .


، دعوني أذْكُر لكم هذه القصة لسهل بن عبد الله التَّسْتُرِيّ وكيف ربى خاله معنى الرقابة في نفسه وهو طفلٌ صغير عبد الله بن سِوَار ..
يقول : أنني كنت غلاماً ثلاث سنوات أو أربع سنوات من العمر وكنت أنام عند خالي عبد الله بن سِوَار وكنتُ أقوم في الليل فأجده يصلي ( كان يجد خاله عبد الله بن سوار يصلي ) فيقول أقوم أنظر إليه وهو يصلي ثم إذا انتهى من صلاته أتاني وقال لي :
يا سهل قل : " اللهُ مَعِي .. اللهُ شاهِدي .. اللهُ ناظِري "
ثم أقولها ثم يقول : كرِّر، فأكررها ثلاثاً ، ثم في اليوم الثاني يقول : كرِّرْها سبعاً ، وفي اليوم الثالث إحدى عشر مرة ، وكان يكرر عليّ مثل هذا الأمر مدة طويلة وهو كلما بِتّ عنده كان يُعَلِّمني مثل هذا الأمر،
يا سهل قل : " الله مَعِي .. الله يَرانِي .. الله ناظِري .. الله شاهِدي " ، ويكرر مثل هذا الأمر .



لاشك أنّ الخال لم يكن مقصوده العدد ، وإنما تَلْقِين الطفل مثل هذا الأمر لعلَّه في يوم من الأيام يَتَفَكَّر أن لهذا مَغْزَى حينما ينضج ويكمل عقله ، وحقيقة كان يريد أن يُربِّيه شيئاً فشيئاً ، وغالب ما تكون نربيتنا لأبنائنا في أول نشأتهم تلقينهم بعض الأمور
فالأمر بدايته يكون تلقيناً ثم يعوا مثل هذه المعاني ، حينما يكبرون ، فيُبنى في نفوسهم شيئاً عظيماً وهذا ماسلكه رسولنا صلى الله عليه وسلم مع ابن عباس رضي الله عنه عندما كان غلاماً صغيراً وقال له:"احفظ الله يحفظك"فعقل عنه هذه الوصية رضي الله عنه .


وانظري إلى هذا الرجل البارّ الـمُربِّي ماذا قال لابن أخته بعد مدة من التلقين ؟ وكان يلقنه يوماً بعد يوم يقول :
قل : " الله مَعِي .. الله يَراني .. الله شاهِدي .. الله ناظِري "
ثم بعد مدة , قال له : يا بُنَـيّ من كان الله معه ومن كان الله ناظره وشاهده ويراه أفيعصيه ؟!
أفيعصيه ؟ من كان الله معه ومن كان الله ناظره ومن كان الله شاهده ومن كان الله يراه . أفيعصيه ؟؟ فترك الدرس معلقاً في نفس هذا الغلام .يُبنى الإيمان والخشية شيئاً فشيئاً مع توالي الأيام والسنين



- كيف أصبح هذا الغلام الصغير سهل بن عبد الله التَّسْتُرِيّ فيما بعد ؟ لقدكان من الزهّاد العبّاد الذين وَعَوْا هذه المعاني الجليلة ، فطبقها في حياته سراً وعلانية ..فكان مدرسة في التقوى وخشية الله
كيف نستشعر مَعِيَّةَ الله - عز وجل - بحيث نراقبه سراً وعلانية -في خلواتنا وجلواتنا, فيتحقق فينا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما أتاه جبريل - عليه السلام - وسأله عن معنى الإِحْسَان فقال " الإِحْسَان : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ "


أنا على يقين أنّ الجميع يقول هذا كلام نعرفه ، ونعرف أننا نحتاج إلى أن نراقب الله عز وجل ، ونعلم أن هذه المنزلة عظيمة ، لكنها ليست زراً نضغط عليه ثم تأتي المراقبة مباشرة في أنفسنا ، كل نفس تتوق إلى أنها تحسن مع الله ، ولكن هيهات هيهات أن تصل لهذا المراد مباشرة فالأمر دونه مفازات فلابد من معرفة طبيعة الطريق الذي نسير فيه حتى لايخذلنا الشيطان فنقعد عن السير من أول عثرة نعثرها.!


وأنا أقول هذه بشارة لكِ ولكل من سار على هذا الطريق ،: كل عمل نريد أن نتقرب فيه إلى الله - عز وجل - ونحسن فيه ونأتي به على الوجه المأمور به, لا يأتي بضغطة زر يا أخوات فإياكن ّأن تشعرن باليأس أو الإحباط أو العجز!.


كل عمل كان ظاهراً أو باطناً لا تظنين أن عمل يمارسه الإنسان ويتعبَّد به الله - عز وجل - مُمْتَثِلاً لأمر الله - عز وجل - أي عمل من الأعمال سواء كان عملاً قلبياً أو كان عملاً بالجوارح أو باللسان ، ثقي أن هذا العمل يحتاج إلى علم أولاً ، يحتاج إلى جهد ، يحتاج إلى حسن امتثال ، يحتاج إلى صبر، يحتاج إلى مداومة .. ولا يأتي بضغطة زر أبداً!.
ولكِ أن تنظري في جميع الأعمال التي فرضها الله - عز وجل - علينا ليس هناك عمل من الأعمال نستطيع أن نقول أنه يأتي بضغطة زر ، وإنما يحتاج إلى مجاهدة وكذلك على رأس الأعمال .. الأعمال القلبية .






يتبع ..
التوقيع

اللهم أرحم أمي هجرة وأرزقها الفردوس الأعلى
إلى كَم أَنتَ في بَحرِ الخَطايا... تُبارِزُ مَن يَراكَ وَلا تَراهُ ؟
وَسَمتُكَ سمَتُ ذي وَرَعٍ وَدينٍ ... وَفِعلُكَ فِعلُ مُتَّبَعٍ هَواهُ
فَيا مَن باتَ يَخلو بِالمَعاصي ... وَعَينُ اللَهِ شاهِدَةٌ تَراهُ
أَتَطمَعُ أَن تـنالَ العَفوَ مِمَّن ... عَصَيتَ وَأَنتَ لم تَطلُب رِضاهُ ؟!
أَتـَفرَحُ بِـالذُنـوبِ وبالخطايا ... وَتَنساهُ وَلا أَحَدٌ سِواهُ !
فَتُب قَـبلَ المَماتِ وَقــَبلَ يَومٍ ... يُلاقي العَبدُ ما كَسَبَت يَداهُ !

رد مع اقتباس