عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 09-04-2010, 11:14 AM
عبد الملك بن عطية عبد الملك بن عطية غير متواجد حالياً
* المراقب العام *
 




افتراضي

تابع : ( تجديد وثورة الوهابية تمت بهدم بيت رسول الله وبيت أبى بكر ودار الأرقم وطمس كل مقابر البقيع!! )
كان يُمكن أن يُقال إن الحركة قامت بإزالة تلك الآثار ، وهذا تعبير صحيح ، أما أن يُقال إن ( التجديد ) و ( ثورة الحركة ) قد ( تم ) بهذا ، فهو تعبير يُراد به الإجحاف والذم !
إن طمس الدعوة لهذه الآثار من خير أعمالها وفضلها ، إذ ليس في الدين فضل لها ولا أمر بالمحافظة عليها ، بل ورد ما يدل على المنع من زيارتها سدا للذريعة ، وهذا المنع يدل عليه عمل السلف الصالح وعلى رأسهم الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فعن المعرور بن سويد رحمه الله قال : " خرجنا مع عمر بن الخطاب فعرض لنا في بعض الطريق مسجد فابتدره الناس يصلون فيه فقال عمر : ما شأنهم ؟ فقالوا : هذا مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر : أيها الناس إنما هلك من كان قبلكم باتباعهم مثل هذا حتى أحدثوها بيعا فمن عرضت له فيه صلاة فليصل ومن لم تعرض له فيه صلاة فليمض " ( أخرجه ابن وضاح في كتابه البدع والنهي عنها وصححه ابن تيمية في المجموع 1/281 ) .
قال شيخ الإسلام - رحمه الله - معلقا على هذه القصة : ( لما كان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد تخصيصه بالصلاة فيه ، بل صلى فيه لأنه موضع نزوله رأى عمر أن مشاركته في صورة الفعل من غير موافقة له في قصده ليس متابعة ، بل تخصيص ذلك المكان بالصلاة من بدع أهل الكتاب التي هلكوا بها ، ونهى المسلمين عن التشبه بهم في ذلك ، ففاعل ذلك متشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصورة ، ومتشبه باليهود والنصارى في القصد الذي هو عمل القلب ، وهذا هو الأصل فإن المتابعة في النية أبلغ من المتابعة في صورة العمل " ( مجموع الفتاوى 1/281 )
وورد في قصة أخرى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغه أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بها فقطعت ( أخرجه ابن وضاح في كتابه البدع والنهي عنها ، وابن أبي شيبة في مصنفه 2/375 ، وصحح إسناده ابن حجر في فتح الباري 7/448 ، وقال الألباني رحمه الله : رجال إسناده ثقات ) ، قال ابن وضاح القرطبي رحمه الله : ( وكان مالك ابن أنس وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان المساجد وتلك الآثار للنبي صلى الله عليه وسلم ما عدا قباء وأحدا ) ( البدع والنهي عنها ص43 ) والمراد بقوله أحدا : زيارة قبور شهداء أحد .
قال شيخ الإسلام - رحمه الله - : ( ولهذا لم يستحب علماء السلف من أهل المدينة وغيرها قصد شيء من المزارات التي بالمدينة وما حولها بعد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم إلا مسجد قباء لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقصد مسجدا بعينه يذهب إليه إلا هو ) ( مجموع الفتاوى 17/469 ) .
ولو سلمنا جدلا عدم وجود اعتقاد فضيلتها عند زيارتها فإن زيارتها ذريعة إلى ذلك وإلى حدوث ما لا يشرع ، وسد الذرائع مما جاءت به الشريعة كما لا يخفى بل إن العلامة ابن القيم - رحمه الله - ذكر تسعة وتسعين وجها يدل على هذه القاعدة ثم بعد أن ذكر الوجه التاسع والتسعين قال : " وباب سد الذرائع أحد أرباع التكليف ، فإنه أمر ونهي ، والأمر نوعان أحدهما : مقصود لنفسه ، والثاني : وسيلة إلى المقصود ، والنهي نوعان أحدهما : ما يكون النهي عنه مفسدة في نفسه ، والثاني : ما يكون وسيلة إلى المفسدة ، فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام أحد أرباع الدين " ( إعلام الموقعين 3/143 )
والله أعلم .

ومن إضافته في التدليس على القارئ هو مدحه ما قام به " إبراهيم باشا " ، حيث كتب د.خالد منتصر : ( ولولا هجوم إبراهيم باشا لطالت نار الهدم والتخريب باقى الآثار الإسلامية ) ، وطبعا هذا مجرد رجم بالغيب ، وجهل بالدافع إلى طمس هذه الآثار ، وهو حفظ جناب التوحيد .
وليتَه إذا ذكر " إبراهيم باشا " أن يذكر ما فعله بالدرعية ، وأنه خالف صلحا بينه وبين أتباع الدعوة ، فنقضه وهاجمهم وسوَّى الدرعية بالأرض ، وتركها خرابا ، وصادر مخطوطاتها الكثيرة التي حوتها مكتبتها ، وأحرق بعضها !
وليتَه كذلك لا يتغافل عن فرح الإنكليز بهذه الجريمة التي ارتكبها " إبراهيم باشا " ، ومباركتهم لها ، ويحاول تفسير التناقض بين هذا وما زعمه من أن الدعوة نشأت في أحضانهم !
جاء إبراهيم باشا إلى بلدة الدرعية وحاربها ستة أشهر حتى تمكن منها ، فهدم حصونها وأسر وقتل حاكمها وعلماءها ، ثم مكث بها تسعة أشهر حتى تأكد من القضاء التام على الدولة السعودية . فهل هذا يُمدح ؟!
رد مع اقتباس