06-20-2010, 10:38 AM
|
|
قاعدة جليلة
النعم كلها من الله
قد فكرت في هذا الأمر فاذا أصله أن تعلم أن النعم كلها من الله وحده : نعم الطاعات و نعم اللذات , فترغب اليه أن يلهمك ذكرها و يوزعك شكرها , قال تعالى : "و ما بكم من نعمة فمن الله ثم اذا مسكم الضر فاليه تجأرون "النحل : 53 , و قال :"فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون " الأعراف : 69 , و قال :"و اشكروا نعمت الله ان كنتم اياه تعبدون" النحل:114 , و كما أن تلك النعم منه و من مجرد فضله فذكرها و شكرها لا ينال الا بتوفيقه.
و الذنوب من خذلانه و تخليه عن عبده و تخليته بينه و بين نفسه, و ان لم يكشف ذلك عن عبده فلا سبيل له الى كشفه عن نفسه , فاذا هو مضطر الى التضرع و الابتهال اليه أن يدفع عنه أسبابها حتى لا تصدر منه , و اذا وقعت بحكم المقادير و مقتضى البشرية فهو مضطر الى التضرع و الدعاء أن يدفع عنه موجباتها و عقوباتها فلا ينفك العبد عن ضرورته الى هذه الأصول الثلاثة , و لا فلاح له الا بها: الشكر و طلب العافية و التوبة النصوح.
ثم فكرت فاذا مدار ذلك على الرغبة و الرهبة , و ليسا بيد العبد بل بيد مقلب القلوب و مصرفها كيف يشاء , فان وفق عبده أقبل بقلبه اليه و ملأه رغبة و رهبة , و ان خذله تركه و نفسه و لم يأخذ بقلبه اليه و لم يسأله ذلك , و ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن .
ابن القيم : الفوائد
تكملة الفائدة السابقة وهى : محبة الله تعالى
|