عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 05-06-2010, 04:04 AM
عبد الملك بن عطية عبد الملك بن عطية غير متواجد حالياً
* المراقب العام *
 




افتراضي

شبهات " مصطفى حسني " حول أدلة المنع

الدليل الأول قول الله : " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ " [سورة لقمان-6] .

قال الشيخ عبد العزيز الطريفي حفظه الله في محاضرته ( أحكام الغناء – التفريغ ) :
من نظر إلى تأويل السلف من الصحابة وغيرهم؛ وجد أن ثمّة اتفاقاً على أن الغناء داخل في جملة المعاني التي تأتي على هذا الآية,واتفقت تفاسير الصحابة على هذا.
يقول الحاكم في " مستدركه ": في أوائل كتابه التفسير: ( وتفسير الصحابي الذي شهد الوحي هو عند الشيخين– يعني البخاري ومسلم – كالحديث المسند ) .
وقال في موضع آخر: ( إنه في حكم المرفوع ) .
وقد روى ابن جرير الطبري والبيهقي في " سننه " وغيرهم من حديث سعيد بن جبير عن أبي الصهباء عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال في تأويل هذه الآية : ( واللهِ الذي لا إله إلا هو إن لهو الحديث لهو الغناء ) ثم ذكرها ثلاثاً .
وابن مسعود وهو من أعلم الصحابة بالتفسير، إن لم يكن أعلمهم على الإطلاق.
وروى البخاري ومسلم من حديث ‏الأعمش ‏عن ‏مسلم ‏عن‏ ‏مسروق ‏‏عن ‏ ‏عبد الله‏ ‏قال: ‏((والذي لا إله غيره‏ ‏ما من كتاب الله سورة إلا أنا أعلم حيث نزلت, وما من آية إلا أنا أعلم فيما أنزلت, ولو أعلم أحداً هو أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لركبت إليه ))‏.
بل قال مجاهد بن جبر، إمام المفسرين من التابعين, ومن قد عرض القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة، كما روى الترمذي بسند صحيح عن ‏سفيان بن عيينة ‏عن ‏الأعمش‏ ‏قال: قال‏ ‏مجاهد:‏ ‏لو كنت قرأت قراءة ‏ابن مسعود ‏لم أحتج إلى أن أسأل ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏عن كثير من القرآن مما سألت.
كيف وقد أقسم- مع ذلك- ابن مسعود على هذا التفسير، وهو يتلو : ((وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ )) ( الزمر:60).
وجاء ذلك عن عبد الله بن عباس، كما رواه البخاري في " الأدب المفرد " وابن جرير الطبري, وكذلك ابن أبي شيبة وغيرهم, من حديث عطاء عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس قال : (( نزلت في الغناء وأشباهه)).
وروي تأويل ذلك عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه حيث رواه ابن جرير الطبري من حديث قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن جابر بن عبد الله أنه قال:(( هو الغناء )) .
وكذلك رواه ابن جرير الطبري من حديث ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد بن جبر أنه قال:(( هو الغناء )) .
وروي تفسير ذلك بـ ( أنه الغناء ) عن جماعة من السلف من المفسرين وغيرهم.
فقد روي تفسير ذلك عن مكحول وعكرمة وعطاء الخراساني وقتادة وسعيد بن جبير وميمون بن مهران وعمر بن شعيب وعلي بن بذيمة وعن غيرهم، كلّهم قالوا ( أنه الغناء ) .
ا.هـ

قلتُ : تفسير " لهو الحديث " بالغناء ثبت عن عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن مسعود ، وعكرمة ومجاهد ، وهم أئمة التفسير .. [ راجع تخريج الآثار في " تحريم آلات الطرب " صـ 142 ] .

شبهة (1) قال إن ابن مسعود يتكلم عن ( الغناء ) ، لكنا اليوم نتكلم عن ( المعازف ) .
وهذا صواب ، فمن المسائل التي خلطَ فيها بعض المتأخرين ، وكثيرٌ من المعاصرين .. عدم التفريق بين المصطلحات المستخدمة عند الأقدمين ، وتنزيل كلامهم على ما عُرف في العصور المتأخرة ، وهذا يورث نتائج خاطئة ..
وسبب هذا الخلط – غالبا – هو أنَّ الغناءَ يطلق على الصوت المقترن بالمعازف ، لكنه عند المتقدمين لا يلزم منه هذا الاقتران . والله أعلم .
فليته سكت وانتقل إلى شيء آخر ، لكنه أخذ يلقي شبها عن هذه الآية ، بما يدعو إلى تكلف ردها ، كما سيأتي إن شاء الله .

شبهة (2) : سماع النبي صلى الله عليه وسلم غناء الجاريتين .
قال (وبعدين انتوا عارفين إن النبي في أحاديث البخاري ومسلم استمع لغناء الجواري وهما في بيته مع السيدة عائشة ) ..
وسيأتي نسف استدلاله الباطل بهذا الحديث في موضعه إن شاء الله ، في الرد على شبهات الإباحة التي ذكرها .

شبهة (3) تقييد الغناء الذي أقسم عليه ابن مسعود بالفاحش منه .
قال (. مايكونش سيدنا عبد الله بن مسعود يقصد الغناء الفاحش؟ يعني اللي هو كلامه بيضل عن سبيل الله؟؟.. يعني اللي هو لما تسمعه شهوتك تستثار؟؟ أو تسمع كلام عكس اللي ربنا بيقوله ) ..
وهذا الكلام من كيس " مصطفى حسني " ، ولم يقله ابن مسعود ، والسبب أنه لا يعرف الفرق بين الغناء الذي فيه تطريب زائد ونحوه ، والحداء الذي هو تلحين الشعر .
قال ابن رجب رحمه الله في " السماع " : ( وقد روي عن بعض السلف من الصحابة وغيرهم ما يوهم عند البعض إباحة الغناء، والمراد بذلك هو الحداء والأشعار ) ا.هـ وبالعكس : ورد عنهم ما يمنع الغناء .
لو أن جارية تغني شيئا ، أتظنه يكون فاحشا ؟! قد أنكر ابن عمر على جارية تغني ، ولم يُذكر أنها كانت تقول شيئا به عيب ، فقد روى البخاري في " الأدب المفرد " والبيهقي في " السنن " من طريق عبد العزيز الماجشون,عن عبدالله بن دينار قال: مر ابن عمر بجارية صغيرة تغني,فقال:لو ترك الشيطان أحدا ترك هذه. [ صححه الألباني في صحيح الأدب المفرد ] .

شبهة (4) زعمه تضعيف البخاري لهذا الأثر .
قال : (. قالولهم: انتوا مش عارفين إن البخاري إماام الدنيا في الحديث ضعف الكلام ده؟؟ ، انتوا مش عارفين إن البخاري ضعف إن ابن مسعود بيقول إن الغناء هو اللي فيه مشكلة!!!
يقول الإمام ابن حجر في فتح الباري.. قال: وذكر ابن بطال – ابن بطال ده أول واحد ، من أوائل الناس اللي شرحوا البخاري - ، قال: وذكر ابن بطال أن البخاري استنبط تقييد اللهو في الترجمة – الترجمة يعني العنوان اللي البخاري حط عليه الكلام اللي هايقوله ده - : من مفهومه قوله تعالى: ( لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ) ، فإن مفهومه أنه إذا اشتراه لا ليضل عن سبيل الله لم يكن مذموما. يعني لو واحد استمع اللهو مش علشان يضل عن سبيل الله ده مش مذموم
) .
ثم قال : (فخد بالك.. البخاري بيقول.. يقول ابن بطال: قال وكأنه رمز إلى ضعف ما ورد في تفسير اللهو في هذه الآية بالغناء. ) ..

للرد على هذا الكلام نقول :
قال ابن بطال في شرحه على صحيح البخاري : ولذلك ترجم البخارى باب كل لهو باطل . وأما قوله : ( إذا شغل عن طاعة الله ) فهو مأخوذ من قوله تعالى : ( ليضل عن سبيل الله ( فدلت الآية على أن الغناء وجميع اللهو إذا شغل عن طاعة الله وعن ذكره فهو محرم . ا.هـ
ونقله الحافظ ابن حجر بمعناه ، فقال : وذكر ابن بطال أن البخاري استنبط تقييد اللهو في الترجمة من مفهوم قوله تعالى ليضل عن سبيل الله فان مفهومه انه إذا اشتراه لا ليضل لا يكون مذموما وكذا مفهوم الترجمة انه إذا لم يشغله اللهو عن طاعة الله لا يكون باطلا لكن عموم هذا المفهوم يخص بالمنطوق فكل شيء نص على تحريمه مما يلهي يكون باطلا سواء شغل أو لم يشغل وكأنه رمز إلى ضعف ما ورد في تفسير اللهو في هذه الآية بالغناء أ.هـ

أولا : قال ابن حجر بعد كلام ابن بطال مباشرة : لكن عموم هذا المفهوم يخص بالمنطوق فكل شيء نص على تحريمه مما يلهي يكون باطلا سواء شغل أو لم يشغل . ا.هـ وهذا أخفاه الأخ " مصطفى " ، وقرأ ما بعده ؛ لأن الغناء جاء تحريمه بنصوص أخرى كذلك ، دون تقييد بكونه يضل عن سبيل الله ، وهذا يخالف ما يريد الأخ إثباته ، ولا يخدم ما يقوله للناس مخادعا ، فهذا تدليس قبيح منه هداه الله .
ثانيا : الزعم بأن البخاري ( ضعف هذا الكلام ) فيه تدليس ، فالبخاري لم ينطق بكلمة ، إنما هو استنباط من ابن بطال على ترجمة البخاري .
ثالثا : ولو فرضنا أن البخاري رحمه الله اعترض على تفسير هذه الآية بالغناء ، هل يُوضع كلامه حجة على قول ابن مسعود رضي الله عنه صاحب رسول الله ؟!
كيف وابن مسعود أقسم على هذا ؟!
قال الشيخ الطريفي في محاضرته : " وابن مسعود وهو من أعلم الصحابة بالتفسير، إن لم يكن أعلمهم على الإطلاق.
وروى البخاري ومسلم من حديث ‏الأعمش ‏عن ‏مسلم ‏عن‏ ‏مسروق ‏‏عن ‏ ‏عبد الله‏ ‏قال: ‏((والذي لا إله غيره‏ ‏ما من كتاب الله سورة إلا أنا أعلم حيث نزلت, وما من آية إلا أنا أعلم فيما أنزلت, ولو أعلم أحداً هو أعلم بكتاب الله مني تبلغه الإبل لركبت إليه ))‏
. ا.هـ
رابعا : فكيف وهذا التفسير جاء عن غير ابن مسعود من المفسرين ؟! هل يُعارض هذا بتضعيف البخاري ؟! فضلا عن كون البخاري لم يقل شيئا إنما هو فهم بعض الشراح .
خامسا : عسى يرجع صاحبنا إلى " باب سنة العيدين لأهل الإسلام " في شرح ابن بطال على البخاري ، وغير هذا الموضع ، ليعلم ما يراه ابن بطال من الغناء المباح ، فلن يخرج عما نقرره في ردنا هذا .
وكتب صاحبنا على اللوحة التي بجانبه عن أثر ابن مسعود : ( والأثر لا يصح ) ، فإن كان يقصد الاستدلال بالأثر ، فقد رددنا عليه ، وإن كان يقصد صحة الأثر ، فهذا باطل ، بل هو صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه .

أما التفصيل في حكم الغناء ، فارجع إلى : مسألة (1) حكم الغناء بدون معازف .

التعديل الأخير تم بواسطة عبد الملك بن عطية ; 05-06-2010 الساعة 05:02 AM
رد مع اقتباس