الموضوع: سوء الخاتمة
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-03-2010, 11:22 AM
دنيا السلام دنيا السلام غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 




افتراضي سوء الخاتمة

 

من يعتبر ؟!

ينقضي هذا العامُ وكأن أيامه لم تكن شيئاً مذكوراً .
اثنا عشر شهراً ، بدأ هلالُ الواحدِ منها ضعيفاً ثم أخذ يكبر حتى صار بدراً ، ثم أخذ في الضعف حتى تلاشى ، ثم تبعته الشهور الأخرى حتى تم ميقاتها ، وانقضى أجلها ، وتمت السنة !!

الله أكبر ، ما أسرع الأيام !
وما أكثر العصيان !
وما أقل الاعتبار !
والإنسان يمضي في هذه الدنيا كما مضت تلك الشهور .

لو سألت الشيخ الكبير عن شبابه وطفولته لحدثك عنها ، وأخبرك أنها مرت سريعاً ، وتجد أن أمله لا يزال طويلاً .
والشاب نسي طفولته وأمّل في مزيد من العيش ، وإن طال به العمر ليبكين شبابه . وهكذا الدنيا .. ولكن أين العقلاء والمعتبرون ؟!

هل يكفي طول العمر ؟

إن العبرة ليست بطول العمر ، وإنما هي بحسن العمل .
هل صحب الجاهُ أهلَ الجاه إلى قبورهم ؟
وهل كان المال مع أهل المال في لحودهم ؟!

با لفوز من صلح ظاهره وباطنه ، فختم له بحسن عمله .
ويالخسارة من فسد باطنه فختم له بالسوء .
ذلك أن من مات على شيء بعث عليه كما روى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يبعث كل عبدٍ على ما مات عليه ) رواه مسلم 2878
وفي قصة الرجل الذي سقط عن راحلته في عرفة أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام أنه يبعث يوم القيامة ملبياً ، وأخبر أن الشهيد يبعث يوم القيامة وجرحه يدمى : اللون لون الدم ، والريح ريح المسك .
وما كان موت الفجأة مذموماً إلا لأنه يفجأ صاحبه قبل التوبة من المعاصي


خوف السلف من سوء الخاتمة :

لقد كان خوف السلف من سوء الخاتمة عظيماً .

بكى سفيان الثوريُ ليلة إلى الصباح ، فقيل له : أبكاؤك هذا على الذنوب ؟
فأخذ تبنة من الأرض وقال : الذنوب أهون من هذه ؟ إنما أبكي خوف الخاتمة . [ العاقبة في ذكر الموت والآخرة للأشبيلي 175 ]

وقال عطاء الخفاف : ما لقيت سفيانَ إلا باكياً فقلت : ما شأنك ؟
وقال : أتخوف أن أكون في أم الكتاب شقياً [ السير7/266]

وقال سهل التستري : خوف الصديقين من سوء الخاتمة عند كل خطرة وعند كل حركة وهم الذين وصفهم الله إذ قال ( وقلوبهم وجلة ) .


أسباب سوء الخاتمة :

أعظم سبب لسوء الخاتمة فسادُ القلب بفساد الاعتقاد حتى ولو صَلَح الظاهر ، وأقبح ذلك التلبسُ بالشرك أو شيء منه أو الاستمرار على البدعة .
والشركُ منع عمَّ النبي صلى الله عليه وسلم أبا طالب أن يشهد شهادة الحق حالَ احتضاره ، وكم من مبتدع ختم له بالسوء .

ومقارفة الكبائر ، والإصرارً على الذنوب مفسدٌ للقلب ، مؤذنٌ بشؤم العاقبة ، وسوء الخاتمة .

والمحتضر يردد حال احتضاره ما كان يكثر من قولٍ وعمل خيراً كان أم شراً .
وواقع المحتضرين يدل على ذلك ؛ فأهل الصلاح يختم لهم في الغالب بصالح أعمالهم ، وأهل الفساد يختم لهم بفسادهم .
وكم من عاص مات وهو يغني أو وهو يشرب الخمر أو انعقد لسانه عن شهادة الحق فلم يستطع نطقها عوذاً بالله من ذلك .

قال مجاهد رحمه الله تعالى : ما من ميت يموت إلا مُثّل له جلساؤه الذين كان يجالسهم [ الكبائر للذهبي 100 ] .

وقد ذكر العلماء أن سوء الخاتمة على رتبتين إحداهما أعظم من الأخرى :
1 – فأما الرتبة العظيمة الهائلة فهي أن يَغلبَ على القلب عند سكرات الموت وظهور أهواله إما الشكُ وإما الجحود ؛ فتقبض الروح على تلك الحالة فتكون حجاباً بينه وبين الله تعالى أبداً ، وذلك يقتضي البعدَ الدائم والعذاب المخلد .

2 ـ والثانيةُ وهي دونها : أن يغلبَ على القلب عند الموت حبُ أمر من أمور الدنيا أو شهوة من شهواتها ، فيتمثلُ ذلك في قلبه ويستغرقه حتى لا يبقى في تلك الحالة متسعٌ لغيره .
فمهما اتفق قبضُ الروح في حالة غلبة حب الدنيا فالأمر مخطر ؛ لأن المرء يموت على ما عاش عليه وعند ذلك تعظم الحسرة [ انظر : إحياء علوم الدين 4/162]

فيا ترى : كم مقدارُ الدنيا في قلوبنا ؟! وماذا قدمنا لآخرتنا ؟!

التعديل الأخير تم بواسطة د. حازم ; 05-03-2010 الساعة 12:13 PM سبب آخر: حذف الصور يارحمك الله
رد مع اقتباس