مع اليأس تمضي
مَـعَ الـيَـأسِ تَــمْــضِـــي
حَبِيسٌ بِدَارِي شَرِيدٌ طَرِيدْ
وَقَدَ أقْسَمَ الْفَرْحُ ألا يَعُودْ
يُصَاحِبُنِي اليَأْسُ في طُولِ لَيْلِي
وَفِي الصُّبحِ يَلْحَقُ بِي مِنْ جَدِيدْ
أَرَى اليَأْسَ صَارَ خَلِيلاً وَفِيًّا
فَلا تَعْجَبُوا؛ إِنَّ يَأْسِي عَؤُودْ
يُلازِمُنِي دَائِمًا في نَهارِي
يُنَادِي: أَنِ اسْمَعْ، سَأَتْلُو نَشِيدْ
مَعَ الْيَأْسِ تَمْضِي مَعَ الْيَأْسِ تَأْتِي
مَعَ الْيَأْسِ لَوْ كُنْتَ خَلْفَ السُّدُودْ
سَنُرْضِعُكَ الْهَمَّ مِنْ ثَدْيِ يَأْسٍ
فَبِئْسَ الرَّضَاعُ وَبِئْسَ النُّهُودْ
وَلِي وِحْدَةٌ شَرِبَتْ مِنْ دِمَائِي
وَصَارَتْ تُنَادِي: أُرِيدُ الْمَزِيدْ
أَرَاهَا كَوَحْشٍ قَدِ اعْتَادَ أَنْ
تُزِيلَ ظَمَاهُ دِمَاءُ الْوَرِيدْ
لَقَدْ ألْبَسَتْنِي ثِيَابَ الْمَنَايَا
وَبِتُّ كَكَهْلٍ هَزِيلٍ قَعِيدْ
أُنَاجِي نُجُومَ السَّمَاءِ وَلَكِنْ
كَأَنِّي أُكَلِّمُ لَوْحَ الْجَلِيدْ
ظَلَلْتُ أُنَادِي فَلَمْ أَلْقَ مِنْهَا
جَوَابًا مُفِيدًا وَرَأْيًا سَدِيدْ
أَفِي النَّجْمِ عَيْبٌ؟ أَمِ انْسَدَّ حَلْقِي؟
أَمِ الصَّوْتُ قَدْ تَاهَ بَيْنَ الرُّعُودْ؟
سَأَرْحَلُ يَاوِحْدَتِي فَاسْمَعِينِي
سَأُلْقِي عَلَيْكِ كَلامًا أَكِيدْ
لَقَدْ ذُقْتُ مِنْكِ زَمَانًا مَرِيرًا
وَفَارَقْتُ أَيَّامَ عُمْرٍ رَغِيدْ
وَقَدْ كَبَّلَتْنِي حِبَالُ هُمُومِي
وَقُلْتُ رِثَاءً لِمَجْدِي التَّلِيدْ
سَأَقْتُلُ نَفْسِي لِكَيْ تَسْتَرِيحِي
وَأَتْرُكُ دَمْعِي وَشِعْرِي شُهُودْ
يَمُوتُ الأَدِيبُ وَيَبْقَى الأَدَبْ
فَإِنْ مِتُّ يَبْقَى كَلامِي فَرِيدْ
وَإِنْ مِتُّ فِي عُنْفُوَانِ الشَّبَابِ
سَيَحْيَ كَلامِي لِعُمْرٍ مَدِيدْ
يُرَدِّدُهُ النَّاسُ فِي كُلِّ جَمْعٍ
وَتَنْسَابُ مِنْهُ دُمُوعُ الْوُفُودْ
يَقُولُونَ قَدْ كَانَ ذَا مُفْرَدَاتٍ
تُعَمِّرُ بِالشَّيْبِ رَأْسَ الْوَلِيدْ
إِذَا مِتُّ يَاوِحْدَتِي سَوْفَ يَبْقَى
لِذِكْرِي شُمُوخٌ كَذِكْرِ الأسُودْ
سَيَبْقَى لِفَارُوق بَيْنَ الْعِظَامِ
مَكَانٌ وَذِكْرٌ يَفُوقُ الْحُدُودْ
سُمُوٌّ تَرَاهُ بِكُلِّ الْقَصَائِدْ
كَشِعْرِ جَرِيرٍ وَشِعْرِ لَبِيدْ
وَلَكِنْ أَعُوذُ بِرَبِّي مِنَ الْمَوْتِ
إِنْ كَانَ مَعْصِيَةً لِلْمَجِيدْ
إِذَا مِتُّ قَاتِلَ نَفْسِي بِجَهْلٍ
فَأَرْضُ الكِنَانَةِ تَحْتِي تَمِيدْ
بِكُلِّ الْخُشُوعِ سَأَدْعُو إِلَهًا
يَدِينُ الصَّغِيرُ لَهُ وَالرَّشِيدْ
وَفِي يَوْمِ وَعْدٍ إِذَا يَتَجَلَّى
تَخِرُّ الْجِبَاهُ لَهُ بِالسُّجُودْ
إِلَهِي أغِثْنِي وَفَرِّجْ كُرُوبِي
فَأنْتَ الْكَرِيمُ الرَّحِيمُ الْحَمِيدْ
إِلَهِي أعِنِّي وَفُكَّ قُيُودًا
غَدَتْ حَوْلَ جِيدِي كَطَوْقٍ حَدِيدْ
إلَهِي أغِثْنِي أقِلْ مِنْ عِثَارِي
وَدَاوِ بِعَطْفٍ فُؤَادِي الْمَرِيضْ
كتبَها أخوكم الفقير إلى عفو الله (أبو عمر).
شعبان 1430هـ _ أغسطس 2009م
التعديل الأخير تم بواسطة أبو عمر الأزهري ; 03-14-2010 الساعة 01:17 PM
|