الامتثال هو الأدب .. (ذكر الشيخ أبو إسحاق الحويني حفظه الله و أطال الله بقاءه في طاعته، أن من بين أبرز فوائد زيارته للعلامة الألباني -رحمه الله-، أن هذا الأخير تغيب يوما عن صلاة الصبح، و كان من المفترض أن يكون لقاء العلامة الألباني بالشيخ الحويني بعد صلاة الصبح، فلم يرد الشيخ الحويني أن يدع هذا اليوم دون استفادته منه خصوصا و أن أيامه معدودات في الأردن. فسأل تلاميذ الشيخ هل يذهب إلى منزله للإطمئنان عليه، فقالوا له لا ننصحك بذلك، خصوصا و أنك جديد مع الشيخ، ربما زيارتك تزعج الشيخ، فالأفضل لك أن لا تفعل. و كان الشيخ أبو إسحاق الحويني لا يهمه ذلك و تذكر ما وقع لابن حبان مع شيخه ابن خزيمة رحمة الله عليهما أن ابن حبان أكثر مجالسة ابن خزيمة حتى جاء يوما و قد أزعجه ابن حبان فقال له "تنحى عني يا بارد" فقام ابن حبان و كتب ما قاله ابن خزيمة و كان يقول لا أدع شيئا عن الشيخ إلا كتبته. فقال الشيخ أبو إسحاق فإذا قال لي الشيخ الألباني تنحى عني يا بارد لجعلتها من فوائد اليوم. إلا أن اليوم كان أفضل أيام الرحلة على الإطلاق حيث ذهب إلى منزل الشيخ مع رفيقه، فرحب بهما في حديقة منزله و كان وقت الفطور، فكان كلما الشيخ يأتي بطعام، قام الشيخ أبو إسحاق لكي يخدم العلامة الألباني و يأخذ منه الطبق، لأنه رأى من قلة الأدب أن يخدمه الشيخ، فكان يقول له "اجلس"، تكرر ذلك ثلاث مرات حتى قال في الثالثة "اجلس" بصوت عال و كما قال الشيخ أبو إسحاق "كأنه نهرني فاستحيت و لم أستطع رفع رأسي" بعد ما جلس العلامة الألباني رحمه الله، قال للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله: "الامتثال هو الأدب بل خير من الأدب." بعد هذا المجلس قال الشيخ أبو إسحاق الحويني: أصبحت محبا للسنة بعدما كنت محبا للحديث... رحم الله العلامة محمد ناصر الدين الألباني و حفظ الله الشيخ أبا إسحاق الحويني...) منقول من هنـا . بعض الصوفية يقولون أن الأدب مقدم على الأمر ، وذلك لترويج بدعتهم في إحياء المولد ويستدلون لذلك بحادثة أبي بكر لما أم الناس للصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يصلح بين حيين من بين عوف فأتى النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخل أبو بكر في الصلاة وقد صفق الناس لأبي بكر فأراد أن يرجع فأشار له النبي أن اثبت مكانك فلم يثبت ورجع ، فلما انصرف من صلاته قال: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله ،فهو قدم الأدب على الأمر ومع ذلك لم يعنفه النبي صلى الله عليه وسلم. يقول الشيخ عبد الرحمن السحيم : هؤلاء قوم قارئ : فَخَر عليهم السقف مِن تحتهم !! لا دِين ولا عقل ! هذا في أغلب الصوفية الطُّرُقية . وما للصوفية وما للعِلْم ؟! حدّ القوم هَزّ وتمايل كما يقول ابن القيم رحمه الله : ثقُل الكتاب عليهم لَمَّا رأوا **** تقييده بشرائع الإيمان واللهو خفّ عليهم لما رأوا **** ما فيه مِن طَرب ومِن ألحان أما مسألة الأمر والأدب ، فنحن نحتاج إلى الأدب في تنفيذ الأمر . وأين هذا عند أرباب التصوّف ؟! فالصوفية لم يُراعوا الأدب مع الله عزَّ وَجَلّ قبل ذلك ، ولا مع مقام النبوة ، ولا حظّ لهم في الأمر ! فأين الأدب مع الله وهم يَزعمون أن الأقطاب يُديرون الكون ويُدبِّرون أموره ؟! وأين الأدب مع مقام النبي صلى الله عليه وسلم وهم جَعلوا الوليّ فوق النبي ؟!! وأين هو الأدب مع مقام النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتقدوا أن هناك من يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ؟! أليسوا يعتقدون أن بعض الناس يَصِل إلى درجة اليقين – بِزعمِهم – فتسقط عنه التكاليف ؟!! وأين الأدب مع مقام النبي صلى الله عليه وسلم وهم يهجرون سُنته بل وأوامره ، ثم لا يذكرون ذلك إلاّ في أيام موالِد معدودات ! وربما تجرأ دارويش الصوفية على ارتكاب ما حرّم الله بِاسْم إحياء الموالد ! فتُضرب الطبول وربما يُشرب الخمر ! ويكثر بينهم الْمُرْدَان ! أكُلّ ذلك بحجة الأدب ؟!! إذا كان هذا هو الأدب .. فكيف تكون قِلّة الأدب ؟!! قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ولقد حَدّثني بعض المشايخ أن بعض ملوك فارس قال لِشيخ رآه قد جَمَع الناس على مثل هذا الاجتماع ( مجالس السماع ) : يا شيخ إن كان هذا هو طريق الجنة فأين طريق النار ؟!! والله تعالى أعلم . ا.هـ في هذا المقطع ( مدته 12 دقيقة ) يرد الشيخ أبو إسحق حفظه الله على هذه الدعوى ، فتوكل على الله ، وحمله من هنـا .