عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 08-28-2009, 04:06 AM
نسيم الفجر نسيم الفجر غير متواجد حالياً
قـــلم نــابض
 




افتراضي


سم الله الرحمن الرحيم .

تفريغ العقيدة 5 للفرقة 3 و 4 بفضل الله تعالى .

من أول المحاضرة إلى الدقيقة 30 .



الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

وبعد ،

فقد وقفنا إلى قول المؤلف ـ رحمه الله ـ :
خلق الخلْق بعلمه وقدر لهم أقدارا . فضرب لهم آجالا . لم يخْفَ عليه شيء قبل أن يخلقهم .وعلم ما هم عالمون قبل أن يخلقهم . وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته . ومشيئة تفذ لا مشيئة للعباد إلا ما شاء لهم . فما شاء لهم كان . وما لم يشأ لم يكن . يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلا . ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلا . وكلهم يتقلبون في مشيئته بين فضله وعدله . وهو متعال عن الأضداد والأنداد .

هنا بدأ المؤلف ـ رحمه الله ـ في الحديث عن القدر . سبق الحديث عن القدر بأن قال : خلقَ الخلقَ بعلمه . سيأتي معنا أن القدر له مراتب وأركان أربعة . وهي التي لابد أن نعتمد عليها في فهم هذا الباب . وإذا فُهمت جيدا ، فُهم الباب جيدا . وهي المجموعة في قول القائل :
علمٌ كتابةُ مولانا مشيئتُه وخلقه وهو إيجاد وتكوينُ

إذن أربعة : علم ، كتابة ، مشيئة ، خلق .
هذه هي الأربعة التي سنعتمد عليها في فهم هذا البند . وهي أفضل ما يعرف بها الإمام على القدر على ما سيأتي بإذن الله تعالى .
والمؤلف ـ رحمه الله ـ في هذا الباب ، فرق عبارات كثيرة في أماكن متفرقة . سأحاول أن أجمع لكم هذه العبارات على ما جاء في ترتيب المؤلف ـ رحمه الله ـ .

فبداية ب " خلق الخلق بعلمه " بعد ذلك " كل شيء يجري بتقديره" بعد ذلك " يهدي من يشاء ويعصم ويعافي " . ثم بعد ذلك قوله " ونؤمن باللوح والقلم " . ( تنظر في المتن عند قول المؤلف الأخير . كي تعلِّم عليها أنها من ضمن مباحث القدر . لأنها عندما ستأتي فيما بعد ، سنمر عليها مرورا يوضح المعنى فقط ، على ما سبق بيانه في هذه المحاضرة والتي تليها بإذن الله تعالى في الكلام على مباحث القدر .
فعند قول المؤلف " ونؤمن باللوح والقلم وبما جميع ما فيه قد رُقِم . فلو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائن ليجعلوه غير كائن لم يقدروا عليه . ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه ليجعلوه كائنا لم يقدروا عليه . جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة . وما أخطأ العبدَ لم يكن ليصيبه ، وما أصابه لم يكن ليخطئه " .

ثم قول المؤلف " وإن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلْق " . هذا أيضا مما يُضاف على مبحث القدر .
وأيضا قول المؤلف " وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة وعدد من يدخل النار جملة واحدة " ... ( وصلتم إليها في المتن ؟ ... ) جئت بها وجمعتها متسلسلة في أوراق . لو أن أحدا معه المتن يصل إليها بسهولة ويسر) .
المهم يمكن أن تكتبوا فقط أوائل العبارات . ثم بعد ذلك تذهبوا إلى المتن حتى لا يضيع الوقت .

ثم بعد ذلك " وكل مُيسَّر لما خُلق له والأعمال بالخواتيم والسعيد من سعد بقضاء الله والشقي من شقي بقضاء الله . والخير والشر مقدران على العباد " .

ثم قول المؤلف " والاستطاعة التي يجب بها الفعل من نحو التوفيق الذي يجوز أن يوصف المخلوف به فهي مع الفعل ".

"ولم يكلفهم الله تعالى إلا بما يطيقون " إلى " وهو غير ظالم أبدا " .

ثم العبارة التي تليها " وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمه في كل كائن من خلقه " إلى " وكان أمر الله قدرا مقدورا " .

ثم بعد ذلك " وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه " .

ثم بعد ذلك " والتعمُّق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان " .

ثم " فهذا جملة ما يحتاج إليه من هو منوَّر قلبه من أولياء الله تعالى وهي درجة الراسخين في العلم . لأن العلم علمان " .

ثم قوله " فويل لمن صار لله في القدر خصيما ( وفي بعض النسخ " سقيما " ) .
فقط هذه هي العبارات التي تتعلق بمباحث القدر . فقط هذه فائدة لأنه ستتكرر معنا هذه العبارات . فكل مرة نأتي عندها نتكلم عن القدر . فأنا أربط لك المتن بعضه ببعض لأنه غير مرتب.
وإن شئتم مشينا على قول المؤلف وانتهينا . لكن أنا أحب أن أيسِّر .

الإيمان بالقضاء والقدر

القضاء لغة ، كما يقول ابن فارس ، وأنت تعتمد على ما يقوله ابن فارس في "مقاييس اللغة "والمُجمَل لأشياء كثيرة . لأنه يأتي بالكلمة بعد تجريدها صرفيا ثم يقول لك مدار هذه الكلمة .
إما تكون على أصل الواحد أو اثنين أو ثلاثة . وهو كتاب مفيد جدا ومن أهم كتب الغريب .
هو يقول : القاف والضاد والحرف المعتل . يعني أنها " قضى " أصل صحيح يدل على إحكام أمر وإتقانه وإنفاذه لجهته .
والدليل على ذلك ، قال الله تعالى :
{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}فصلت12
أي أن الله تبارك وتعالى أحكم أمر خلق السماوات والأرض . وأنفذ هذا الخَلْق على أحسن صورة. القضاء هو من قضى يقضي وهو قاضي إذا حكم وفصل وأمضى وقطع وأتم . هذه المعاني ستأتي معنا أيضا في الكلام عن القدر ، والربط بين الكلمتين .

وإطلاقات القضاء في القرآن الكريم كثيرة . أولا يأتي القضاء في القرآن الكريم بمعنى الوصية والأمر . قال الله تعالى :
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ}الإسراء23
أي أمر ووصى . وهذه هي قراءة ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ . وهنا القضاء ، كما في قراءة ابن مسعود أنه أمر ووصى ، لا نقول أن هذا القضاء كوني إنما هو شرعي . أي أن الله تبارك وتعالى أمر العباد أمرا شرعيا أن يفعلوا أنهم لا يشركوا بالله شيئا . وأن يبروا الوالدين . لكن قد يستجيب العباد وقد لا يستجيبوا .

ثم يأتي أيضا يمعنى الإخبار في القرآن الكريم . قال الله تعالى :
{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً }الإسراء4
أي أخبرناهم أنهم سيفسدوا في الأرض مرتين .

وأيضا يأتي بمعنى الفراغ . قضيت . أي فرغت من كذا . قال الله تعالى :
{فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً }
أي إذا فرغتم من مناسككم .

وقول الله تعالى :
{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ} أي انتهيتم وفرغتم من الصلاة .

والأمر الرابع الفعل . قال الله تعالى ، في قول السحرة ، قالوا :
{فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ} .. طبعا نقول السحرة على سابق ما كان . هم لم يموتوا على هذا الفعل .
لكن نقول هذا فقط من باب يُعرف لنا . قالوا هذا بعدما آمنوا . فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا }طه72
يعني ، إفعل ما أنت فاعل .

ثم بعد ذلك يأتي بمعنى الوجوب والحتم . قال الله تعالى :
{َقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ } أي ووجب الأمر وحُتِم .

وأيضا قول الله تعالى :
{قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ }يوسف41
أي ، تمَّ .

ثم يأتي أيضا القضاء في القرآن الكريم بمعنى الكتابة . كل هذه ستفيدك في تفهم معنى كلمة القضاء . سنتكلم كذلك على القدر بنفس هذه المباحث .

يأتي أيضا بمعنى الكتابة :
{وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً }مريم21
أي ، مكتوبا .

وكذلك يأتي بمعنى الإتمام . أن يكون هناك عمل ثم يتمه .
{فَلَمَّا قَضَى مُوسَىالْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ }
قضى هنا بمعنى ، أتمَّ الأجل .

وكذلك {أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ} .. أتممت .

ويأتي أيضا بمعنى الفصل . قال الله تعالى :
{وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ} .. هنا أي ، فُصِل بينهم بالحق والعدل .

وأيضا تأتي بمعنى الخَلق . قال الله تعالى :
{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}..أي خلقهن .

وأحيانا في القرآن يأتي بمعنى القتل {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} .. بمعنى أنه قتله .

هذه هي الإطلاقات التي ترد في القرآن الكريم غالبا . قد يكون هناك إطلاقات أخرى . لكن هذه أغلب الإطلاقات التي ترد في القرآن الكريم .

ثم بعد ذلك القدر . وهو من القاف والدال والراء .
قال ابن فارس :القاف والدال والراء أصل صحيح يدل على مبلغ الشيء وكنهه ونهايته .
مبلغ الشيء أن تقول هذا قدره ومقامه وملبغه عال .
يُقال : قدره كذا ، أي : مبلغه كذا .

ثم قال ـ رحمه الله ـ : وكذلك القدَر . وقدَرت الشيء أقدِره وأقدُره . من التقدير ( الذي تستطيع أن تعرف به ماهية الشيء وتعريفه وكنهه ومن أين يبتدئ وإلى أين ينتهي ) .
والفرق بين القدَر والتقدير ، يقول أبو هلال العسكري أن التقدير يُستعمَل في أفعال العباد .
ولا يُستعمَل القدر إلا في أفعال الله . (هذه كعبارة لفظية . لما تقول :هذا قدَر أي : هذا فعْل الله عز وجل) .

ثم بعد ذلك نتكلم عن إطلاقات القدَر في القرآن الكريم .

أولا ، التضييق .
التوقيع

كروت أمنا هجرة تغمدها الله برحمته