الموضوع
:
::: مشروع بين يدي رمضان لهذا العام :::
عرض مشاركة واحدة
#
20
06-28-2009, 12:01 PM
أمّ ليـنة
« رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ »
:::رسائل الإستعداد لرمضان :::
الرسالة السابعة عشر
:
نظارة الحب
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد ...
أحبتي في الله ..
كيف حال حبكم لله تعالى ؟
أحببتموه أكثر ، تقربتم له بما يحب ، لعله يرضى ، حبه يملأ عليكم حياتكم ، حبه بدأ يزداد في قلوبكم .
والله الذي لا إله غيره ، نحتاج إلى جرعات
حب لله تعالى
نتداوى بها .
نحتاج إلى بلسم
المحبة
لتطهر قلوبنا من آثار الذنوب والمعاصي ، وتزكو أنفسنا من آفاتها ، وإذا وقع
الحب
في القلب ، فك أسير الشهوات من أغلاله ، وعوفي مدمن المعاصي من غفلاته .
نريد اليوم أن نلبس "
نظارة الحب
"، وننظر إلى الأمور بشكل مختلف ، هذا سيعمق الحب في قلوبنا ، لأن القلوب كثيرًا ما تبتعد من سوء ظنها بربها أو عدم فهمها عنه .
تعالوا نتأمل هذه الكلمات الذهبيات لابن القيم :
يقول : "
وكلُ ما منه إلى عبده المؤمن يدعوه إلى محبته ، مما يحب العبد ويكره ، فعطاؤه ومنعه ، ومعافاته وابتلاؤه ، وقبضه وبسطه ، وعدله وفضله ، وأماتته وإحياؤه ، ولطفه وبره ، ورحمته وإحسانه ، وستره وعفوه ، وحلمه وصبره على عبده ، وإجابته لدعائه وكشف كربه ، وإغاثة لهفته ، وتفريج كربته من غير حاجة منه إليه ، بل مع غناه التام عنه من جميع الوجوه ، كلُّ ذلك داعٍ للقلوب إلى تألهه ومحبته
"
هل ما زلت لا تعرفه ؟ هل لا زلت لا تحسن الظن به ؟
يقول ابن القيم : "
بل تمكينه عبده من معصيته ، وإعانته عليها ، وستره حتى يقضي وطره منها ، وكلاءته وحراسته له ، ويقضي وطره من معصيته ، وهو يعينه !! ويستعين عليها بنعمه : من أقوى الدواعي إلى محبته ، فلو أنَّ مخلوقا فعل بمخلوق أدنى شيء من ذلك ، لم يملك قلبه عن محبته ، فكيف لا يحب العبد بكل قلبه وجوارحه من يحسنُ إليه على الدوام بعدد الأنفاس مع إساءته ، فخيره إليه نازل ، وشره إليه صاعد ، يتحبب إليه بنعمه وهو غني عنه ، والعبد يتبغض إليه بالمعاصي وهو فقير إليه ، فلا إحسانه وبره وإنعامه عليه يصده عن معصيته ، ولا معصية العبد ولؤمه يقطع إحسان ربه عنه ، فألأم اللؤم تخلف القلوب عن محبة من هذا شأنه ، وتعلقها بمحبة سواه
"
هل تتخيل ؟!!
تعصيه ...
فلم يحل بينك وبين ما تشتهي
تخالف أمره ...
فلم يعاجلك بعقوبة ولم يهلكك ، ولم يفضحك ، بل تركك تقضى غايتك من هذه المعاصي وفيها سخطه ، ولو شاء لجعلك هباءً منثورًا ، لكن أمهلك وتحبب إليك ...
يا لكرم الله !!
ثمَّ يضيف ابن القيم من هذه المعاني الغالية عن جوده وكرمه سبحانه المستوجب لمحبته فيقول : "
وأيضا فكل من تحبه من الخلق أو يحبك إنما يريدك لنفسه وغرضه منك ، والرب سبحانه وتعالى يريدك لك ، كما في الأثر الإلهي : "
عبدي كل يريدك لنفسه وأنا أريدك لك
" فكيف لا يستحيي العبد أن يكون ربه له بهذه المنزلة ، وهو معرض عنه مشغول بحب غيره ، وقد استغرق قلبه محبة ما سواه
"
ويأبى الله إلا أن يفهمنا هذا الدرس ولكن لجهلنا لا نفهم ، فمن منَّا لم يعرف هذه الحقيقة المرة ، أنَّ كل النَّاس بلا استثناء ، ولو كانا أبويك أو زوجتك أو عيالك أو إخوانك أو أصدقائك من منهم لم تعرف أنَّه لا يعاملك إلا لمصلحته ومنفعته ؟! إن كنت لا تدري فتلك مصيبة ، وإن كنت تدري ثمَّ لا تؤثر ربك فالمصيبة أعظم !!
ألم تفهم ؟
كلهم لن ينفعوك ، كلهم يريدك له ليس إلا ، أمَّا هو سبحانه فيريدك لك ، يريد مصلحتك ومنفعتك .
أليس في القلوب حياة ؟
والله كلمات تتفطر لها القلوب القاسية
فما بال قلوبنا لا تتحرك !!!
واجبنا العملي :
(1) افهم عن الله من الآن ، واقرأ كل شيء من خلف نظارة الحب ، تتغير حياتك .
(2) استمعوا لهذه المحاضرة لترسيخ هذه المعاني :
http://www.manhag.net/droos/details.php?file=162
(3) عش في رياض اسمه "
الستير
" واسمه "
الحليم
" واستدعي حمرة الخجل والحياء منه سبحانه .
(4) الهج
بهذا الثناء لترقيق قلبك ، وتحبب إلى ربك .
كان يحيى بن معاذ يقول في مناجاته :
إلهي ما أكرمك !! إن كانت الطاعات فأنت اليوم تبذلها ، و غدا تقبلها ، وإن كانت الذنوب فأنت اليوم تسترها ، و غدا تغفرها ، فنحن من الطاعات بين عطيتك و قبولك ، و من الذنوب بين سترك و مغفرتك .
[ شعب الإيمان ]
اللهم عصينا فسترتنا ، وخالفنا أمرك فأمهلتنا ، ونحن أهل العصيان وأنت أهل التقوى وأهل المغفرة ، فارحم ذلنا الآن بين يديك ، واغفر لنا ما كان منَّا ، ولا تحرمنا ما عندك بسوء ما عندنا .
أمّ ليـنة
مشاهدة ملفه الشخصي
البحث عن المشاركات التي كتبها أمّ ليـنة